Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.
Aller au contenu
" تشكل مهمة بناء حزب البروليتاريا الماركسي ــ اللينيني المهمة المركزية الحاسمة المطروحة على الماركسيين ــ اللينينيين في المرحلة الراهنة، من أجل قيادة النضال الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين و الجماهير الكادحة و القوى الوطنية، لدك الحكم القائم و سيدته الإمبريالية. إن مهمة بناء الحزب هي إذن المهمة المركزية الراهنة لكل الماركسيين ــ اللينينيين : فهي البوصلة التي يجب أن ترشدهم في صياغة مهامهم الأخرى. تلك هي نقطة الانطلاق الضرورية الأولى في تحديد الخط السياسي بالنسبة للماركسيين ــ اللينينيين المغاربة.".
" من أجل خط ماركسي ــ لينيني لحزب البروليتاريا المغربي ".
تقديم:
احتلت قضية الصحراءالغربية موقعا مهما في سيرورة الصراعات الطبقية بالمغرب، خاصة في المرحلة لتي أعقبت انقلابي 10 يوليوز 1971 و 16 غشت 1972. فالنظام جعلها بوابة لتحالفات سياسية جديدة مع الأحزاب الإصلاحية المغربية، و ذلك تحت شعارات مختلفة "الوحدة الوطنية" "المغرب الجديد" "المسلسل الديموقراطي" …
كان النظام يروم تعزيز قاعدته السياسية و إعادة الشرعية المفقودة لنظامه السياسي خاصة بعد المحاولتين الانقلابيتين. و قبلت الأحزاب الإصلاحية اللعبة من موقع مصالحها الخاصة و انخرطت في مسار ما سمي ب "المسلسل الديموقراطي".
و شكل هذا المسلسل المزعوم غطاءا سياسيا لسيرورة تراكم الرأسمال الكمبرادوري الذي زحف نحو مناطق جديدة و قطاعات اقتصادية جديدة، كان من أبرز نتائجها بلترة فئات واسعة من الفلاحين الصغار والفقراء الذين فقدوا أراضيهم و تحولوا إلى جيش من العاطلين و الأيدي العاملة الرخيصة بالمدن وضواحيها. كما أدت سياسات النظام إلى تراكم الدين الخارجي, بشكل لم يسبق له مثيل,مما جعل النظام يطبق سياسة التقويم الهيكلي المملاة من طرف صندوق النقد الدولي.
وقدعرفت سنوات السبعينات و الثمانينات تزايد سياسات النهب و الاستغلال والتفقير و الاضطهاد السياسي، في ظل نظام دكتاتوري واجه كل أشكال النضال والمقاومة بقمع دموي. و شن النظام الكمبرادوري هجوما قمعيا واسعا اتجاه تنظيمات الحركة الماركسية اللينينية المغربية واليسار الديموقراطي التقدمي، فامتلئت السجون و المعتقلات السرية بخيرة مناضلي الشعب المغربي.
كل سياسات النظام لم تكن معزولة عن الاستراتيجيات الامبريالية بالمنطقة، و لم تكن قضية الصحراء بمعزل عن ذلك لموقعها الاستراتيجي و الاقتصادي و الجغرافي. و على هذا الأساس وضعت الحركة الماركسية – اللينينية المغربية على المحك منذ سنة 1970.
ليس بوسعنا هنا سوى تقديم بعض الإشارات فيما يخص المرحلة الممتدة من 1970إلى 1980، عسى ان تساعد على فهم مواقف الحركة و خاصة مواقف منظمة "إلى الأمام" آملين أن نقدم المزيد من التوضيح في مقالات أخرى.
غالبا ما يشار إلى التقرير - الدراسة الذي نشرته مجلة أنفاس (عدد مزدوج 7- 8 دجنبر 1970 - يناير 1972) تحت عنوان "فلسطين جديدة في أرض الصحراء" (من الصفحة 66 إلى الصفحة 77) كأول وثيقة تؤسس لموقف الحملم من قضية الصحراء. و قد تم توقيع هاته الدراسة - التقرير من طرف هيئة تحرير مجلة أنفاس. في هذه الحقبة كانت مجلة أنفاس تضم هيئة تحرير مشتركة بين تنظيم "أ" ("إلى الأمام" لاحقا ) و تنظيم "ب" (23 مارس لاحقا). و كان أعضاء هيئة التحرير من قياديي المنظمتين و قد حصل الإتفاق بينهم على توقيع ذلك التقرير – الدراسة باسم الهيئة لأسباب أمنية. و الحقيقة التاريخية هي أن النص هو عبارة عن حوارات مفصلة أجرتها المجلة مع الشهيد مصطفى السيد الوالي أحد أبرز مؤسسي الجبهة الشعبية لتحريرالساقية الحمراء ووادي الذهب، الذي كان لا يزال يتابع دراسته الجامعية بالرباط. و كانت الوثيقة عبارة عن تقرير و خلاصات لذلك الحوار حول الصحراء الغربية. (ضم التقرير – الدراسة مجموعة من المحاور و هي: - الموقع السكاني – نبذة تاريخية – الموارد الاقتصادية – التركيب الاجتماعي و تطوره – الحزب المسلم – حوادث يونيو 70 – الأطماع المتنازعة و الاحتمالات الواردة - طريق التحرير).
و تلخص هاته الفقرة المقتبسة من النص أطروحته الأساسية:
"إن من العوامل التاريخية الأساسية التي عرقلت نمو حركة التحرير في الصحراء ضد الاستعمار الاسباني و السيطرة الاقتصادية و العسكرية الامبريالية و ضد الخونة المحليين، هو التدخل المستمر خلال كل الفترة التاريخية الماضية لتطويق و تفريق المبادرات التحريرية في الصحراء، و فرض الوصاية عليها من طرف الرجعية المحيطة بأرض الصحراء، و خاصة منها من جانب الرجعية المغربية. و قد وقع دوما هذا التدخل الرسمي تحت غطاء مغربية الأراضي الصحراوية. و من الواضح أن الإفلاس الملموس للرجعية على صعيد المعركة الوطنية، و تحدد ارتباطاتها و توثق تبعيتها للامبريالية، يجعلها في الصف المعادي عمليا لتحرير الجماهير الصحراوية.
إن تعمق التناقض بين الجماهير الصحراوية و السلطات الاستعمارية يسير بموازاة انكشاف التعامل الرجعي/ الامبريالي على حسابها، و يجعلها بالتالي تنفر من شعار "الانضمام للوطن الأم" في ظل الظروف السياسية و التاريخية الحالية.
من تم يتخذ الدور السياسي المستقل لحركة التحرير الصحراوية طابعه الحاسم في شق الطريق الفعلي الصحيح للكفاح، طريق العنف الثوري المسلح، الذي أكدت حوادث يونيو 1970، حتميته و ضرورته بالنسبة للجماهير الصحراوية المضطهدة. إن شق هذا الطريق تحت شعار محاربة الاستعمار الاسباني و الهيمنة الامبريالية في الصحراء، بالاعتماد أولا على ذات الجماهير الصحراوية، ليتطلب رفض الوصاية السياسية من الرجعية المحيطة بأراضي الصحراء بكل حزم"
خصصت مجلة أنفاس (بالفرنسية) عدد 19 (السنة الخامسة، 1970) ملفا خاصا حول حركات التحرير الإفريقية تحت عنوان: "إفريقيا نفس المعركة الواحدة". و ضم الملف مقالا تعريفيا بالصحراء الغربية من توقيع هيئة التحرير، التي كانت تضم بين صفوفها أبراهام السرفاتي و عبد اللطيف اللعبي و هما من النواة الأولى المؤسسة لمنظمة "إلى الأمام". و هذا المقال يمكن اعتباره باكورة الموقف الذي تبلور في وثيقة "فلسطين جديدة في أرض الصحراء" و ضم المقال في مقدمة تعريفية (الجغرافيا و السكان,و الموارد ...) و مجموعة من الفقرات:
- الصحراء الغربية من الواقع الاستعماري إلى الواقع الإمبريالي.
- الحلول المزيفة.
- الصحراء أرض عربية.
- الثورة العربية.
عموما تبلور الموقف ضمن تصور استراتيجي للثورة في الغرب العربي، و ضمن سياق أوسع هو الثورة العربية. و اول إعلان عن الموقف سياسيا من طرف الحركة الماركسية اللينينية المغربية، كان خلال المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب لما تبنى هذا الأخير في إحدى توصياته صيغة "حق تقرير المصير للشعب العربي في الصحراء".
عند خريف 74 لوح النظام بقضية الصحراء و أصبحت تدريجيا النقطة المحورية في الوضع السياسي المغربي. و قد التحقت الأحزاب الإصلاحية و الحزب التحريفي (التحرر و الاشتراكية) بالجوقة مما استدعى إصدار موقف سياسي من طرف منظمة "إلى الأمام" فجاءت افتتاحية جريدة "إلى الأمام" العدد 19 (يناير 74) تحت عنوان : "الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء و مهام الحركة الجماهيرية و قواها الثورية و الديموقراطية" لتعبر عن موقف المنظمة و تحديد مهام القوى الثورية و الديموقراطية. و في شتنبر 1974 أصدرت المنظمة كراسا حول قضية الصحراء تحت عنوان "طريقان لتحرير الصحراء". و قد ضم الكراس إلى جانب رد المنظمة و جهة نظر لأحد قياديي منظمة 23 مارس (الراحل عبد السلام المؤذن) حول "مغربية الصحراء ".
من افتتاحية العدد 19 إلى صدور الكراس وقعت مجموعة من المستجدات، منها :
- انعقاد الندوة الوطنية لمنظمة 23 مارس في ربيع 1974.
من نتائج هاته الندوة انبثاق قيادة جديدة للمنظمة ضمت أغلبية لصالح التوجه القريب من منظمة "إلى الأمام" ( الاتجاه الإيجابي كما كانت تسميه منظمة "إلى الأمام" آنذاك ) و تبنت الندوة موقفا يقر بحق تقرير المصير "لجماهير" الصحراء.
و على إثر هذا التحول أصدر التنظيمان بيانا مشتركا تضمن موقفهما من الصحراء.
- تحسن العلاقات بين التنظيمين أدى إلى عودة "لجنة التوحيد" لمباشرة مهامهما من جديد، و ستصدر هذه اللجنة وثيقة "الخطة التكتيكية المشتركة".
إلى حدود خريف 74 ظلت قضية الصحراء ينظر إليها في أدبيات منظمة "إلى الأمام" ضمن خط استراتيجي يربط بين الخط الأممي و الطرح القومي للثورة العربية بقيادة البروليتاريا و تصور للثورة في منطقة الغرب العربي و هو ما تشهد عليه أهم وثائق المنظمة (و نشير هنا إلى الوثائق التالية : "سقطت الأقنعة لنفتح طريق الثورة "خاصة النقطة 3 التي تحمل عنوان "استراتيجية الثورة"، كما نشير كذلك إلى و ثيقة " الثورة في الغرب العربي في الفترة التاريخية لاندحار الإمبريالية"، كذلك وثيقة "مسودة حول الاستراتيجية الثورة" خاصة النقطة الثالثة و عنوانها "من القواعد الحمراء المتحركة إلى مناطق السلطة الحمراء الدائمة"، و يمكن العودة كذلك إل وثيقة "تناقضات العدو و الأفق الثوري بالمغرب" خصوصا الفصل العاشر و عنوانه "الأفق الثوري بالمغرب").
من خريف 1974 و إلى حدود خريف 1976 ظلت مواقف المنظمة ثابتة، كما عبرت عنها افتتاحية العدد 19 لجريدة إلى الأمام تحت عنوان: "الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء و مهام الحركة الجماهيرية و قواها الثورية و الديموقراطية" و كراس "طريقان لتحرير الصحراء". و لم تخرج أدبيات ومناشير المنظمة لهاته الفترة عن مضمون هاتين الوثيقتين بحيث استعمال صيغة "جماهير الصحراء" بدل "الشعب الصحراوي" و اعتبار كفاح تحرر جماهير الصحراء جزء من الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية بالمغرب، مع حق جماهير الصحراء في تقرير مصيرها. و قد سبق ذكر الأسباب التي أخرت ظهور موقف أكثر وضوحا من القضية لأسباب تكتيكية (مرافقة التطور الذي أصبحت تعرفه منظمة 23 مارس آنذاك من خلال الدعم التكتيكي لتيارها الإيجابي) و كذا بروز خلافات داخل الكتابة الوطنية للمنظمة مما ساهم كذلك في تأجيل الإعلان عن موقف أكثر تطورا.
لكن في خريف 1976، و أخذا بعين الاعتبار التطورات الجديدة التي عرفتها الصحراء الغربية (إعلان الجمهورية العربية في الصحراء، و اندلاع الحرب بين النظام و الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب) و في إطار الاستعداد للمحاكمة (محاكمة يناير - فبراير1977) قامت المنظمة من خلال أطرها و قيادتها، التي كانت تشكل مع مجموعة من أطر و قيادة 23 مارس ما كان يسمى بمجموعة 26 التي كانت تقيم في سجن غبيلة (سجن مدني بالدار البيضاء) منذ 16 يناير 1976، بإعادة تقييم الموقف السابق و تدقيقه و معالجة تناقضاته المفاهيمية من قبيل جماهير أو شعب و كذلك إعادة صهر موقف المنظمة في طرحها الاستراتيجي حول الثورة في الغرب العربي، مما استدعى تدقيقا لاستراتيجيتها الثورية في المغرب، الشيئ الذي قام برفع منطقة الجنوب الغربي (سوس و محيطها) إلى مستوى منطقة استراتيجية بالغة الأهمية وساهم في تدقيق مهمة بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة في علاقة مع التطور الحاصل في الطرح الاستراتيجي للمنظمة. هكذا تم استكمال بناء ما سيطلق عليه ب "نظرية الثورة في الغرب العربي".
عرف خريف 76 بروز و ثيقتين أساسيتين و مركزتين تضعان أسس هذه النظرية و هما :
- هل يشكل سكان الصحراء شعبا؟
- الجمهورية العربية في الصحراء انطلاقة الثورة في الغرب العربي.
إشارة لابد منها :
هاتان الوثيقتين تم إصدارهما في كتاب "سيرورة إعادة بناء منظمة "إلى الأمام" جدلية القطيعة و الاستمرار" الجزء الأول، حسن الصعيب، منشورات الأفق الديموقراطي .
و مما جاء في تقديم صاحب هذا الكتاب لهاتين الوثيقتين ما يلي :
"إن النص الذي ننشره هنا و الذي يحمل 12 نقطة هو الذي كون الأساس السياسي لرفاق الحركة الماركسية اللينينية (بما فيهم الأغلبية الساحقة من رفاق 23 مارس) في دفاعهم في محاكمة الدار البيضاء (يناير 1977) "و التقديم "هل سكان الصحراء يشكلون شعبا " هو لمنظمتنا ".
و لتصحيح ما جاء في هذه الفقرة نذكر بما يلي :
إن الوثيقتين اللتين تتحدث عنهما الفقرة هما معا لمنظمة "إلى الأمام". و قد قام بصياغتهما باللغة الفرنسية الرفيق أبراهام السرفاتي (النصان الأصليان إذن هما باللغة الفرنسية و قد تمت ترجمتهما إلى اللغة العربية آنذاك) تتويجا لنقاشات ثنائية و جماعية بين رفاق المنظمة. و قد تم عرضهما على رفاق منظمة 23 مارس( الإتجاه الإيجابي) في إطار اجتماع مشترك جمع أطر المنظمتين حيث تبنى رفاق منظمة 23 مارس الأرضيتين اللتين لم تعرفا أي تغيير في مضمونهما و شكلهما.
كما يجب التذكير ان الوثيقتين قد صدرتا مستقلتين عن بعضهما البعض. و فيما يخص وثيقة "الجمهورية العربية الصحراوية انطلاقة الثورة في الغرب العربي" فإنها معروفة بوثيقة 13 نقطة و ليس 12 نقطة كما جاء على لسان الكاتب.
و من هنا وجب التنبيه ان الوثيقة المنشورة في المصدر المشار إليه أعلاه تعتبر ناقصة لكونها لا تتضمن النقطة 13، و هي النقطة التي تتحدث عن منطقة الجنوب الغربي و دورها في ظل استراتيجية المنظمة آنذاك.
و لعل مرد ذلك يعود إلى اعتبارات أمنية بحيث لا يمكن الاطلاع على النص الكامل، إلا بالنسبة لأطر المنظمة نظرا لخطورة النقطة أمنيا.
و عموما، صدرت الوثيقتان في إطار الإعداد للمحاكمة ضمن نصوص أخرى و هي:
- "لنستعد!"( تحليل سياسي )
- "البرنامج الديموقراطي"
- "ماهي المؤامرة و من هم المتآمرون؟" (تحليل تاريخي لجرائم النظام الكمبرادوري بالمغرب (الجرائم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية من 1956 إلى 1976)
بالإضافة إلى الاستعداد القانوني للمحاكمة من خلال دراسة فصول القانون الجنائي و تهيئ الردود على التهم الموجهة للمعتقلين. كانت هناك وثائق أخرى أهمها وثيقة "في بعض المظاهر الأساسية للخط اليميني وسط الحركة الماركسية-اللينينية المغربية - "المرحلوية" أو "المنشفية الجديدة"-) التي شكلت الأرضية الإديولوجية للرد على الطروحات اليمينية داخل الحركة الماركسية – اللينينية المغربية آنذاك .
و سنعود إلى الموضوع عند التطرق للخلافات التي ظهرت داخل المنظمة، و بالأخص من 1976 إلى 1980 حيث كان الموقف من قضية الصحراء إحدى نقاط الخلاف بين التيار الثوري و التيار اليميني.
تقديم الرفيق فؤاد الهيلالي
الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء
و مهام الحركة الجماهيرية و قواها الثورية و الديموقراطية
افتتاحية جريدة "إلى الأمام" ــ عدد 19- يناير 1974
إن من انساق مع مواقف الأحزاب البرجوازية من قضية الصحراء، قد يعتقد أن تغييرا جذريا قد طرأ على الوضع السياسي في المغرب، و أن كمشة الحسن – عبد الله – الدليمي قد أصبحت بين عشية و ضحاها حكما وطنيا يسعى إلى تحرير الصحراء من قبضة الاستعمار الإسباني. فما هي الأهداف الحقيقية للحكم ؟
منذ وفاة علال الفاسي، كان الحكم يهيئ للدخول في الحوار مع الاحزاب البرجوازية للتخفيف من أزمته السياسية الخانقة . و يستهدف الحكم من الحوار، كما أكدت التجربة ذلك، استرجاع النفس للتمكن من قمع الحركة الجماهيرية و الأحزاب السياسية بسهولة أكبر في مرحلة لاحقة، و أن الخطورة التي وصلتها وضعية الجماهير و نمو الحس الوطني لشعبنا، و تصاعد كفاح الشعوب المستعمرة و سقوط الحكم الاستعماري في البرتغال، قد شكلت فرصة ثمينة استغلها الحكم لتغليف البؤس و التشريد و القمع الذي تعاني منه الجماهير الشعبية لدفع الاستعمار الإسباني إلى قبول اقتسام النفوذ في الصحراء.
هكذا جعل الحكم قضية الصحراء مركز سياسته الداخلية و الخارجية .
إن الحكم لا يرفض السيطرة الاقتصادية و الثقافية و الوجود العسكري للاستعمار الإسباني و الإمبريالية، كما أعلن الحسن ذلك في خطابه الأخير دون خجل، لأن مصالحه ترتبط ارتباطا وثيقا بمصالحها في المنطقة. و هو يسعى إلى دمج رأسماله الكمبرادوري بالرأسمال الإمبريالي الذي يستغل خيرات الصحراء. فمشروع الحكم يستهدف السيطرة على إدارة الصحراء لتقوية مشاركته كطرف في استغلال المنطقة و قمع جماهيرها. أما وسائله فلا تتعدى الضجيج الإعلامي و النشاط الدبلوماسي للسفارات و قادة الأحزاب البرجوازية، لضمان تأييد عالمي لخطته و الضغط على الاستعمار الإسباني للقبول ببعض شروطه.
إن المصالح الاقتصادية و السياسية للطبقة الحاكمة هي المحرك الوحيد لديماغوجية الحكم حول ضرورة تحرير الصحراء. لذلك يطمس كل العراقيل التي تقف حاجزا في تنمية هذه المصالح :
-1- إن الحكم يتجاهل المطامح الحقيقية لجماهير الصحراء، و يبذل كل ما في وسعه لاكتساب عناصر من الصحراء، تقف مع خطته و تخدمها ليقوي وصايته على سكان المنطقة و يفرض تمثيله لها أمام الرأي العام العربي و الدولي.
-2- يعمل الحكم على توسيع ضجته الإعلامية ( راديو ، تلفزة ، صحف ) و نشاطه الدبلوماسي لطمس و قمع استعداد شعبنا للدعم الكفاحي النضالي لجماهير الصحراء.
-3- يشدد الحكم إجراءاته الدكتاتورية ( تطبيق القانون القضائي الجهنمي الجديد ) لقمع كل المبادرات النضالية للجماهير، سواء باتجاه تحسين أوضاعها المعاشية و انتزاع الحريات الديموقراطية، أو باتجاه دعم كفاح التحرر الوطني للجماهير الصحراوية.
-4- يبذل مبعوثو الحسن مجهودات جبارة لإقناع الاستعمار الإسباني و الإمبريالية بأن خطة الحكم لا تعتزم تصفية المصالح الاستعمارية و الإمبريالية في المنطقة، بل تعتزم ترسيخ السيطرة الإمبريالية تحت شكل استعماري جديد .
-5- يقدم الحكم و الأحزاب السياسية هاته الخطة كأن مجموع الشعب و كل الأحزاب و القوى السياسية تتفق عليها. و هاته محاولة يائسة لعزل الحركة الماركسية – اللينينية المغربية التي ترفض هذا الموقف رفضا قاطعا، و تشكل القوة السياسية الوحيدة التي تناضل من أجل فضح الأهداف الحقيقية للحكم و الأحزاب البرجوازية و تطرح قضية الصحراء من زاوية كفاحية ثورية.
إن موقف الحكم يخدم السيطرة الإمبريالية في المنطقة و يسعى إلى إخضاعها لنظام استعماري جديد، لا يناهض مصالح الاستعمار الإسباني في الجوهر.
أما الأحزاب، فإن اتفاقها حول خطة الحكم، لم يتم بمناسبة مشكل الصحراء فقط. فقد كانت قبل ذلك تبحث عن صيغة لاقتسام مناصب الحكومة مع النظام، نظرا لعجزها عن تحقيق مصالحها بتجنيد الجماهير الشعبية. و لم تكن قضية الصحراء إلا القاطرة التي عجلت بوصول عربة الأحزاب إلى محطة الحكم، هكذا دخلت الأحزاب البرجوازية في دعم سياسة الحكم بدون أي شرط، مستندة على الوعود الكاذبة. فكل حزب برجوازي ينتظر من الحكم أن يخفف القمع المسلط عليه، مقابل الخدمات التي يقدمها "عن طيب خاطر".
و موقف الأحزاب البرجوازية من الصحراء يلتقي في جوهره مع موقف حكم عصابة الحسن – عبد الله – الدليمي اللاوطنية. فقد نصبت الحسن مدافعا عن قضية الصحراء و قائدا "لتحريرها" و لم تقم بأي شيء على الإطلاق لتجنيد الجماهير الشعبية، و إطلاق الحريات الديموقراطية لتعبئتها و تحسين شروط معيشتها، و القيام بدعم كفاحي ملموس لنضال الجماهير الصحراوية. فقد أصبحت الأحزاب ذيلية لسياسة الحكم، و تغض الطرف عن سياسة التجويع و التشريد و التجهيل و القمع التي تعاني منها الجماهير الكادحة.
إن فرض وصاية الحكم الرجعي على جماهير الصحراء مهمة رجعية و ليست وطنية. فقد شكلت جماهير الصحراء عبر التاريخ وحدة متينة مع الشعب المغربي، و هذه المسألة بديهية و واضحة تمام الوضوح، لكن الشعب المغربي قد تعرض إلى عملية تقسيم على يد الاستعمار الإسباني، الذي عزل منطقة الصحراء عن باقي المغرب. و قد عمل طوال فترة الاحتلال على تكسير كل الصلات التي تربط المنطقة بالمغرب.
و دخلت الجماهير الصحراوية قهرا في علاقات الاقتصاد الاستعماري، و وجهت كفاحها ضد الاستعمار للتخلص من الاستغلال البشع و القمع الوحشي الذي يسلطه عليها.
و إن تخلف الاقتصاد في المنطقة و السيطرة العسكرية و السياسية و الثقافية الاستعمارية على كل المنطقة، و العمل على فصل الصحراء عن المغرب بكل الوسائل، قد أدى إلى نشوء واقع خاص رغم ارتباط المنطقة تاريخيا بالمغرب.
إن المغرب يختلف كثيرا عن الصحراء، من حيث مستوى الاقتصاد و طبيعة التركيب الاجتماعي، و طبيعة النضال و المهام السياسية، لذلك فإن حركتنا الماركسية ــ اللينينية لا تعتبر الجماهير الصحراوية تشكل شعبا متكاملا مستقلا استقلالا كاملا عن الشعب المغربي. لأن ذلك يترك جماهير الصحراء تجاه الاستعمار الاسباني بمفردها، و يفرض على المنطقة وجودا مستقلا عن المغرب، و ثورة وطنية ديموقراطية في الصحراء لا ترتبط بالثورة المغربية إلا في إطار الثورة العربية. و تعتبر حركتنا الماركسية ــ اللينينية في ذلك رأي جماهير الصحراء التي تكافح ضد فصل المنطقة نهائيا عن الشعب المغربي .
و من جهة أخرى لا تفرض حركتنا الماركسية ــ اللينينية أية وصاية على جماهير الصحراء، بادعاء أن المنطقة مغربية و يجب ضمها إلى المغرب تعسفا، و يبقى رأي جماهير الصحراء و قواها الوطنية في إعادة بناء وحدتها مع الشعب المغربي على أسس نضالية هو الحاسم مهما كان موقف الحكم و الأحزاب البرجوازية.
و تؤكد حركتنا الماركسية ــ اللينينية على أن الوحدة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الكفاحية بين الشعب المغربي و جماهير الصحراء، نظرا لتعرضها للتكسير من طرف الاستعمار الإسباني و الحكم العميل المتواطئ معه، يجب إعادة بنائها و يجب تقويتها و إرساؤها من جديد، و على أساس وطني ديموقراطي، وطني يناهض الاستعمار و الإمبريالية في المغرب و الصحراء، و ديموقراطي يناهض الرجعية العميلة في الصحراء و الحكم العميل في المغرب. فالإطار الصحيح لإعادة بناء هذه الوحدة هو الجمهورية الديموقراطية الشعبية.
و لا يمكن الوصول إلى بناء جمهورية ديموقراطية شعبية على أرض المغرب و الصحراء، إلا بدمج كفاح التحرر الوطني للجماهير الصحراوية بكفاح شعبنا ضد الحكم الملكي العميل، في كفاح واحد و جبهة واحدة و بأهداف مشتركة و موحدة. و يأخذ شعبنا في هذه المسيرة مهمة المساهمة و الدعم لنضال الجماهير الصحراوية، التي تتعرض لأخبث المخططات على أيدي الثالوث الإمبريالي – الاستعماري – الرجعي.
و إن أشكال الدعم الكفاحي يجب أن تكون كفاحية تعتمد على قدرة الجماهير و طاقاتها النضالية العالية. و بما أن الحكم يسلط النهب و الإرهاب على الجماهير الكادحة لشل استعدادها النضالي، فإن الكفاح من أجل دعم نضال جماهير الصحراء يرتبط ارتباطا وثيقا بالنضال من أجل تحسين الجماهير لأوضاعها المعاشية المزرية، و انتزاع الحريات الديموقراطية المهضومة ببلادنا من أجل تعبئتها للنضال بجانب جماهير الصحراء في معركة التحرر الوطني.
إن إفشال مخططات الحكم يتطلب توحيد صفوف كل المناضلين الديموقراطيين المخلصين في جبهة واسعة مناهضة للحكم، تناضل من أجل :
- فرض الحريات الديموقراطية :
* حرية الإضراب
* حرية التنظيم و التعبير
* إطلاق سراح المعتقلين السياسيين
- تحسين شروط معيشة الجماهير :
* رفع الأجور
* توقيف الطرد
* تخفيض أثمان المواد الأساسية
* حذف الضرائب غير المباشرة
* توزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين
- مساندة جماهير الصحراء و النضال بجانبها ضد المشاريع الاستعمارية في جبهة مكافحة.
- مساندة الثورة الفلسطينية
Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.