بــلاغ توضيحي من موقع "30 غشت"
" الحقيقة دائما ثورية "
أصدر موقع "30 غشت" يوم 18 نونبر 2016 أول حلقة لدراسة تحت عنوان : "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام" : الأحداث، السيرورات، الأطروحات، الملابسات و النتائج" ، و قد أثارت الحلقة مجموعة من التفاعلات و التعليقات، أخذ البعض منها شكل بيانات تكذيب، و البعض الآخر انكب على عادته في السب و القذف، محاولا جر النقاش إلى حرب كلامية و شخصنة ( و "فردنة") الصراع حول أحداث تاريخية في محاولة يائسة من أصحابها لتغطية الشمس بالغربال، و تحريف النقاش عن جوهره لصالح أسلوب غارق في الرجعية و التخلف يحاول المس بكرامة الأشخاص و شرفهم.
إن موقع "30 غشت" بعد وقوفه على مختلف التفاعلات يؤكد على ما يلي :
- إن كل الادعاءات المزعومة حول كذب الدراسة في موضوع "لقاء باريس" لا تستند على أي أساس موضوعي يمكن الاعتماد عليه. و تذكيرا لمن تجرؤوا باتهام موقع "30 غشت" بالكذب و البهتان، و الافتراء و الهذيان، فإن تلكم الدراسة (في حلقتها الأولى و ما يليها) موضوع الهجوم، اعتمدت بشكل عام في توثيق معطياتها على المنهجية العلمية المتعارف عليها، من حيث اعتماد الرواية الشفوية المستندة على الشاهدين على الحدث، سواء كان هذا الشاهد هو كاتب النص أو كان هو الراوي، و بطبيعة الحال يتم البحث في التقاطعات و التكاملات بين مختلف الروايات. كما تعتمد الدراسة في القسم الكبير منها على الوثيقة كمصدر أساسي للمعلومة و للواقعة التاريخية.
لقد حاول البعض أن يقدم لنا درسا في منهجية الكتابة التاريخية، بالاعتماد على بعض الكتابات، و نسي أنه أصدر حكما قاطعا على الدراسة حتى قبل الاطلاع عليها، و هذا لعمري قمة التسرع النابع عن قصر النفس البورجوازي الصغير الغارق في الذاتية، و لعل صاحب الاستشهاد لم يقرأ بتأني ما جاء به صاحب كتابه المستشهد به، و لا حتى أعطى لنفسه فرصة للتمعن في إشكالية العلم و النظرية و علاقتهما بالموضوعية، و دون الدخول في عرض مستفيض في الموضوع نذكره بما يلي :
- إن الدراسة ليست نصا تاريخيا بالمعنى الأكاديمي، و لم تدع أنها انخرطت في كتابة تاريخ ما، بل هي دراسة نقدية تحليلية تركيبية لمرحلة من تاريخ منظمة "إلى الأمام"، و لم تعتمد الوقائع التاريخية إلا بما يفيد دعم ذلك التحليل النقدي، و على صاحب هذه الملاحظة أن يتمعن في الفرق المنهجي بين التاريخي و المنطقي، بين الكتابة التاريخية بمنطق سرد الأحداث و بين الدراسة التحليلية التاريخية التركيبية و النقدية، بين التاريخ كعلم بالمنظور الماركسي و بين التاريخ بالمنظور المثالي .
- إن المنهجية العلمية و الموضوعية التي نعتمدها تنهل من الفكر المادي الجدلي و التاريخي الذي أسس له العالمان المناضلان و المعلمان الثوريان، كارل ماركس و فريدريك انجلز، و هذه المنهجية لا علاقة لها بالمنهجية الأكاديمية البورجوازية التي تساوي بين المستغل و المستغل، المضطهد و المضطهد، بالاستماع إلى الرأسمالي و العامل على حد سواء، للوصول إلى "الحقيقة الموضوعية"، ما دام كلاهما حسب بعض الإديولوجيات البورجوازية و البورجوازية الصغيرة، لهما الحق في الوجود، تماما كما فعل البعض عندما ساوى بين ما أسماه أخطاء النظام خلال فترة الانتهاكات الجسيمة و بين أخطاء الضحايا، الذين حاولوا القضاء عليه.
إننا ببساطة منحازون للمستغلين و المضطهدين، و المنهجية التي نؤمن بها منحازة بوضوح إلى الطبقة العاملة و الكادحين، و الماركسية ــ اللينينية نظرية ثورية في خدمة هؤلاء، أو ليست المادية الجدلية جبر الثورة، و الشيوعية علم تحرر البروليتاريا كما قال انجلز، و المبدأ الأعلى في النظرية الثورية بعبارة ماوتسي تونغ هو الحق في الثورة .
باختصار ليست الدراسة حيادية، و لكنها انحياز واضح لخط الثورة المغربية الذي أسست له الحملم و منظمة "إلى الأمام"، و الثوريون لا يوظفون الكذب للدفاع عن الحق في الثورة و مواجهة من عاداها، و للحديث بقية و إن زدتم زدنا.
عن أي كذبة يتحدثون ؟ و من هم الكاذبون ؟
- و من بين التكذيبات التي استوقفتنا، ذلك التكذيب الصادر في إحدى المدونات الحاملة لاسم حزب النهج و العاملة على الدعاية له تحت عنوان "الرفيق عبد الله الحريف يكذب ما نشر على موقع "30 غشت" " و ذلك بتاريخ 21/22 نونبر 2016 . و بعد نقل الفقرة، موضوع التكذيب، في البيان أعلاه، كتب صاحب البيان ما يلي :
"إن ما جاء أعلاه كذب و بهتان : لم يحدث أبدا أن بعثتنا، أنا و الرفيق عبد المومن الشباري، "لجنة التجميع" (التي نصبها كاتب المقال قيادة تعطي الأوامر للتنظيمات المنخرطة في عملية "التجميع") في أية مهمة، فأحرى في مهمة "إقناع" فرع منظمة "إلى الأمام" بالخارج، بإعلان حل هذه الأخيرة، و توقيف إصدار مجلتها "إلى الأمام" .
لم يتخذ أبدا أي قرار بحل منظمة "إلى الأمام"، و بالتالي فإن كل كلام عن اجتماع خصص لهذا الغرض، فيه من اتفق و من عارض القرار، مجرد افتراء و هذيان" (انتهى "التكذيب") .
ما كان لموقع "30 غشت" أن يقدم ردا على البيان المذكور أعلاه، منذ بداية الدراسة، لولا أن البيان المعني قد اتهم ما جاء في الحلقة الأولى بالكذب و البهتان، بل معتبرا واقعة لقاء باريس مجرد افتراء و هذيان.
و الحالة هذه، أصبح لازما علينا توضيح المعطيات التالية :
ــ أولها، أن عبد المومن الشباري، في لقاء له مع الكاتب في بداية أبريل 2001 و بعد سؤال وجه له حول لقاء باريس لحل منظمة "إلى الأمام"، لم ينكر ذلك، و أعلن أن سبق له أن التقى بمجموعة الرفاق في الخارج، وأنه لم يتخذ قرار حل المنظمة، و أن من أراد أن يستمر فله ذلك. فرغم أن جواب عبد المومن الشباري لم يكن بالوضوح الكامل و الشامل، لكنه لم ينكر أو يكذب أبدا حدث انعقاد لقاء باريس.
و من الملفت للنظر، أن عبد المومن الشباري بالاشتراك مع حسن الصعيب قد أصدرا تحت إعدادهما و تقديمهما كتابا تحت عنوان : "منظمة "إلى الأمام"، النشأة، التطور، الامتداد " ، منشورات الأفق الديموقراطي، الطبعة الأولى 2002، الطبعة الثانية يناير 2003، الدار البيضاء .
و مما جاء في الكتاب في القسم الخاص بالكرونولوجيا ما يلي :
"في صيف 1994، عقد لقاء للأطر القيادية للمنظمة للحسم في التوجه المستقبلي للمنظمة و كذا الانخراط في مسلسل التجميع بالنسبة لعموم اليسار الديموقراطي" .
ــ ثانيها، في أحد اللقاءات مع محمد منفق بمدينة الرباط، بعد عودته من المنفى، و هو أحد المسؤولين السابقين للمنظمة في الخارج، و معتقل سياسي سابق ضمن مجموعة 1977، جرى الحديث عن لقاء في باريس حول موضوع حل المنظمة.
ــ ثالثهما، و في سياق الاجتماعات التي كانت تنعقد بمدينة الرباط، ضمن الإعداد لاجتماعات "لجنة الدراسات و التكوين"، جرى الحديث و بشكل تلقائي عن لقاء باريس، بحضور سمير بنسعيد، و اتضح أن اللقاء قد تم بالفعل و أن هناك محضر في الموضوع.
رابعهما، منذ سنوات طويلة، أكد الرفيق عبد العزيز لمنبهي، و هو أحد مؤسسي المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام"، و الرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المؤتمر 15، و أحد المعتقلين السياسيين السابقين، حدوث لقاء بباريس سنة 1994، حضره إلى جانب مجموعة من مسؤولي المنظمة آنذاك، و كان هدف اللقاء مناقشة حل المنظمة و توقيف مجلتها "إلى الأمام".
و كما هو في علم المناضلين و القراء و المتتبعين، فقد أصدر الرفيق عبد العزيز لمنبهي بتاريخ 24 نونبر2016 توضيحا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (نقلته بعض المواقع الإلكترونية، "صوت الشعب" نموذجا) أكد فيه و من جديد على صحة حدوث و انعقاد لقاء باريس، و كذب فيه مزاعم من أنكروا ذلك، كما وعد بالعودة إلى الموضوع بتكذيب صريح، و وقف على الأسلوب الذي لجأ و يلجأ إليه التحريفيون عموما، من أجل الهروب من النقاش الحقيقي الذي يتصل بموضوع حل المنظمة من عدمه.
و بالمناسبة نذكر و نؤكد على أن الحلقة الأولى لم تتحدث عن إي إصدار لأي قرار سياسي بحل منظمة إلى الأمام، بل تحدثت عن الحل العملي للمنظمة، و لذلك أهمية كبيرة لمن يفقه في السياسة.
لقد توقفت، بعد هذا اللقاء بباريس سنة 1994، اجتماعات فرع المنظمة بفرنسا، كما توقفت المجلة الصادرة باسمها "إلى الأمام"، و كان آخر ما نشر باسم المنظمة هو بيان الذكرى 24 لتأسيسها، و سيعمل موقع "30 غشت" على نشره في وقت لاحق.
و لوضع المناضلين و القراء في السياق العام لهذا اللقاء، الذي لم يكن سوى تتويجا لمسار إيديولوجي و فكري و سياسي، أدى بأصحاب الخط التحريفي إلى الفشل و الإفلاس، و التخلي النهائي عن الخط الثوري للمنظمة الماركسية ــ اللينينية "إلى الأمام"، و البحث عن صيغ جديدة للعمل السياسي.
ينكر التحريفيون الجدد أي حضور في لقاء باريس و يدعون أن لا وجود كذلك لأي تأثير لمجريات عملية "التجميع" على مواقفهم آنذاك.
لكن بالعودة إلى أرشيف "النهج الديموقراطي" نقرأ ما يلي :
"إذا كانت فكرة تأسيس تيار النهج الديموقراطي، كتيار سياسي، علني، قد تبلورت في خضم النقاشات التي تفجرت في صفوف المناضلين الديموقراطيين، مناضلي اليسار الجديد، في علاقة مع التحولات العالمية و مستجدات الساحة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بالبلاد، من أجل استشراف مستقبل الفعل السياسي لمناضلي اليسار الجديد، و تحويلهم إلى قوة سياسية وازنة في الساحة، عبر تجمعهم في إطار سياسي ينظم فعلهم و يطوره بما يتناسب و التطور السياسي و الاجتماعي بالبلاد، فإن عملية تأسيس تيار النهج الديموقراطي هي بدون شك، خطوة سياسية تأتي من جهة، في سياق تطورات الوضع الدولي و الوطني، و من جهة أخرى، كمبادرة سياسية تتوخى تسهيل عملية التجميع و تأسيس الاختلاف و تبيان نقط التلاقي بين عموم المناضلين الديموقراطيين الجدريين، و التي ستكون أساس فعلهم الجماعي و أدائهم السياسي و الجماهيري الموحد" . من أرشيف النهج الديموقراطي : "مشروع التصور السياسي للنهج الديموقراطي" .
بعد الحل العملي للمنظمة، و بالاعتماد على الأطروحات التحريفية التي تبلورت على امتداد 15 سنة، عمد التحريفيون الجدد إلى وضع اللبنات الأولى لتأسيس عملهم السياسي الجديد، مما استدعى تكييف هويتهم الجديدة و مرجعيتهم مع الأطروحات التحريفية السرفاتية، و نقرأ في أرشيف "النهج الديموقراطي" حول هويته الفكرية ما يلي :
"يشكل "النهج الديموقراطي" استمرارا سياسيا و فكريا لتجربة االحملم، أملت بروزه ظروف موضوعية محليا و دوليا، لذلك فهو ينهل على مستوى مرجعيته التاريخية و هويته الفكرية و السياسية، من رصيد فكري و سياسي استمر و تطور خلال ما يزيد عن ربع قرن من الزمان، رغم كل محاولات الاجثات و التلغيم، و الاحتواء و التمييع" .
و بدون توضيح حقيقة 25 سنة المشار إليها أعلاه، الأمر الذي ستقوم به الدراسة لاحقا، نقرأ كذلك بالنسبة للهوية الفكرية للنهج الديموقراطي ما يلي :
"يتبنى "النهج الديموقراطي" الفكر العلمي الذي يرتكز إلى العقلانية و التصورات العلمية للطبيعة و المجتمع، و بالخصوص، الجوهر الحي للماركسية التي لا نعتبر أنها أعطت نماذج أو قوانين جاهزة للتطبيق، كما لا نعتبرها أنها عقيدة، بل منهجا لتحليل الواقع و مبادئ عامة موجهة للممارسة، هذا المنهج و تلك المبادئ، هي نفسها خاضعة للتطور عبر إغنائها في الممارسة النضالية". من أرشيف "النهج الديموقراطي"، وثيقة : "الهوية الفكرية و السياسية لتيار النهج الديموقراطي"
بعد كل هذا تتبين لنا حقيقة مواقف من أصدروا بيان التكذيب، و كذا الذين ساروا على نهجهم و نحوا نحوهم و لفوا لفهم، فهل يمكن لهؤلاء و أولئك أن ينكروا أن مسار تطورهم الفكري و السياسي قد انتهى إلى ضرورة حل منظمة "إلى الأمام" ،و وضع آخر مسمار في نعشها، بعدما تحملوا المسؤولية التاريخية في القضاء عليها .
إن السؤال الأساسي الذي حاول المكذبون التعتيم عليه هو: هل تم حل منظمة "إلى الأمام" أم لا ؟ و إذا تم الحل فبأية صيغة ؟
عبثا سيحاول الباحث و القارئ إيجاد جواب في الأدبيات التي أصدرها "النهج الديموقراطي"، ما عدا الكتاب الذي أشرنا إليه أعلاه، و لحد الساعة يظل هذا السؤال المؤرق للتحريفيين الجدد بدون جواب، و ما التكذيب إلا محاولة يائسة لتغطية الشمس بالغربال، فهل كان الانتقال من "إلى الأمام" إلى "النهج الديموقراطي" محض صدفة ؟
إن الذي لا مراء فيه، هو أن تلكم الإصدارات المتسرعة للتكذيب، ليست إلا زوبعة في فنجان، توخت تحريف النقاش عن القضية الجوهرية لحقيقة تاريخية صارخة، تؤكدها كل المعطيات.
إن جوابنا واضح وضوح الشمس، فقد حصل حل عملي بنية مسبقة، هدفها الانتقال إلى عمل سياسي من نوع آخر، و ما بيانات "الحقيقة" ليست سوى محاولة أخرى لملإ سلة الأكاذيب التي فاضت جوانبها من كثرة ما ملئت بتزييف التاريخ، و لوي عنق الحقائق التاريخية.
و بتعبير الشاعر نقول للمكذبين:
و ليس يصح في الأذهان شيئ إذا احتاج النهار إلى دليل
و للتابعين المتسرعين الذين لا يتقنون سوى لغة السب و القذف، نجيبهم كذلك بقول الشاعر :
و من البلية عذل من لا يرعوي عن جهله و خطاب من لا يفهم.
توقيع
هيئة تحرير موقع 30 غشت
6 دجنبر 2016