تقديم:
تميزت منظمة إلى الأمام (و كذلك منظمة 23 مارس) بطرحها لتصور ثوري مغاير بالكامل لموقف النظام السياسي الكمبرادوري المغربي، و كذلك لأطروحات الأحزاب الإصلاحية المغربية التي ساندت موقف النظام الداعي إلى ضم الصحراء الغربية إلى المغرب.
و قد ساهمت المنظمة الماركسية- اللينينية المغربية "إلى الأمام" بتحاليل عديدة من منظور تقدمي و ديمقراطي ثوري حول مسألة الصحراء و مهام القوى التقدمية و الثورية المغربية (الموقف من "اتفاقية مدريد الثلاثية"، "الجمهورية الصحراوية"، "الثورة في الغرب العربي"... ).
و بعض هذه التحاليل تم إصدارها في كتاب يحمل عنوان « طريقان لمعالجة مسألة الصحراء الغربية: طريق برجوازي شوفيني، و طريق وطني ثوري»، صدر في سبتمبر 1974.
و البيان أسفله هو تجسيد لمواقف "إلى الأمام"، أصدرته عقب الإعلان عن تنظيم المسيرة الخضراء سنة 1975. و هو يقدم صورة تعكس وجهة نظر اليسار الماركسي - اللينيني المغربي حول مسألة الصحراء، خلال هذه الحقبة السوداء من تاريخ المغرب.
و عموما، الوثيقة من أشهر إصدارات المنظمة الماركسية - اللينينية المغربية "إلى الأمام" في تلك الحقبة. و قد قام رفاق المنظمة و مناضلوها بتوزيع البيان على أوسع نطاق، في الأحياء الشعبية و العمالية و في الثانويات و الجامعة و في المظاهرات التي نظمتها المنظمة. و لم يكن البيان الوحيد فقد أصدرت المنظمة العديد من المناشير أشهرها منشور"لا للمسيرة الصفراء، لا لإبادة جماهير الصحراء". لكن ميزة البيان أعلاه، هو كونه يؤرخ لانطلاق المعركة السياسية الضارية التي دارت في هاته الفترة الحالكة السواد من تاريخ المغرب المعاصر، و التي وقفت فيها المنظمة الماركسية - اللينينية المغربية "إلى الأمام"، مسلحة بخطها الأممي و الإستراتيجي و بخطها الوطني الديموقراطي الثوري في مواجهة النظام الكمبرادوري الدكتاتوري و القوى الإصلاحية الملتفة حوله، مناهضة للشوفينية و القمع و طمس مطالب الجماهير الكادحة، فما أن وزع البيان أعلاه حتى جند النظام الكمبرادوري و القوى الإصلاحية كل طاقاتهما لمواجهة المنظمة. و دارت معارك سياسية في الجامعة و في الثانويات و سلطت كل أجهزة القمع كل إمكانياتها في محاولة جهنمية لاجتثات المنظمة. و بدورها حاولت القوى الإصلاحية و التحريفية التصدي للمنظمة و طردها من الجامعة و الثانويات و استمرت المعركة معها إلى الثمانينات. و خلال هذه المعركة سيعتقل العشرات من أطر المنظمة و مناضلوها في أكبر حملة قمعية تعرضت لها المنظمة خلال فترة دجنبر 1975- مارس 1976.
بيان منظمة إلى الأمام حول المسيرة الخضراء
19 أكتوبر 1975
منظمة "إلى الأمام" ـ الماركسية - اللينينية المغربية
أعلن الحكم الرجعي العميل عن تنظيم مسيرة "خضراء" يشارك فيها 350000 مواطن ومواطنة لضم الصحراء، بعدما فشل في ضمان أي تأييد جدي على الصعيد العربي و الإفريقي و العالمي. لكن حكم الخيانة الوطنية لا يريد طرد الاستعمار الإسباني من الصحراء لأن الحسن الثاني قال في خطابه: « إن كل حاجز إسباني اعترض طريقنا لن نحاربه».
إن الحكم اللاوطني ليس في صالحه محاربة صديقه الاستعمار الإسباني الذي يحتل سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية، و ينهب ثرواتنا البحرية و الذي يحتل الصحراء و يذيق سكانها و مناضليها أبشع أشكال القمع و الإرهاب.
إن المسيرة التي ينظمها الحكم العميل، مسيرة صفراء و ليست خضراء. إنها مسيرة الخداع و النفاق. و هو يهدف من ورائها إلى استعباد سكان الصحراء بالقوة و الدخول في الحرب ضد الجزائر الشقيقة. إنه يريد خلق العداء من جديد بين شعبنا و الشعب الجزائري الذي تجمعنا معه علاقات الأخوة و النضال و الكفاح ضد الاستعمار و الإمبريالية، و يهدف من ورائها إلى ذبح مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية و الوادي و تقسيم الصحراء مع موريتانيا.
إن الحكم العميل يريد تشتيت سكان الصحراء و استعبادهم و تحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية و تقسيم الأرض و الخيرات مع حكم ولد دادة، و ذلك لتوسيع أرباحه و الحفاظ على المصالح الإمبريالية الاقتصادية و العسكرية في الصحراء.
هذا هو الدور الذي يقوم به الملك حسين ضد المقاومة الفلسطينية، و السلطان قابوس العميل ضد الشعب العماني البطل، و الحكم الإثيوبي ضد الثورة في إيرتريا.
إن خطة الحكم العميل تدخل في مخطط امبريالي صهيوني رجعي منسق يشمل كل العالم العربي. و قد ابتدأ هذا المخطط بالاتفاق الأمريكي ـ الإسرائيلي ـ المصري المخزي، و يستمر في عمان و إيريتيريا و الصحراء. إن خدام الإمبريالية يحاولون خنق حركة التحرر الوطني العربية و ترسيم مصالح الإمبريالية و الصهيونية و الاستعمار في وطننا العربي الكبير.
إن جماهير الصحراء التي فرضت إرادتها بالكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني ترفض الالتحاق بالمغرب لأنها تعرف أن الحكم العميل الذي يطبل للتحرير و الوحدة هو الذي قتل مناضلي جيش التحرير في سنوات 57 ـ 58، و هو الذي أغرق منطقة الريف في الدم سنة 59، و هو الذي وجه فوهات الدبابات إلى صدور أبناء الشعب في الدار البيضاء سنة 1965. و لا ينسى شعبنا أن الكولونيل الدليمي الذي يشرف على المسيرة من المسؤولين عن اختطاف و اغتيال المناضل الوطني المهدي بن بركة الذي أكد على حق جماهير الصحراء في تقرير مصيرها.
إن الحكم يعتبر سكان الصحراء مجرد عبيد يجب أن ينتقلوا من خدمة الأسياد الاستعماريين إلى خدمة الأسياد الرجعيين. إنه يرفض أن تتمتع جماهير الصحراء بحقها في الكلام، و بحقها في تحديد مصيرها كما تراه. إنه يفرض عليها الالتحاق بالمغرب تحت تهديد الهراوة و الدبابات.
أما حكم فرانكو الاستعماري الفاشستي، فإن الحسن العميل يصرح أمام العالم بأسره أنه لا يريد محاربته مهما كانت الظروف.
ضد من ستكافح المسيرة ؟ ضد إخواننا في الصحراء، و ضد إخواننا الجزائريين الذين سيحاول الحكم جرهم بكل الوسائل إلى حرب غير عادلة تسمم العلاقات الأخوية و النضالية بين الشعبين المغربي و الجزائري.
نقول لا لهذه الحرب ! و نعم للحرب ضد الاستعمار في سبتة و مليلية و الجزر، نعم لضمها بالقوة، نعم لطرد الاستعمار الإسباني منها، و نعم للمساعدة العسكرية و السياسية لجماهير الصحراء في كفاحها ضد الاستعمار الإسباني، نعم لتصفية القواعد العسكرية الأمريكية بالقنيطرة و سيدي يحيى و بوقنادل.
لماذا سيترك سكان طنجة و تطوان و الناضور، سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية المحتلة من طرف الاستعمار الإسباني، و يتجهون إلى الجنوب لمحاربة إخوانهم الصحراويين؟ هذا هو منطق الحكم اللاوطني الذي لا يهمه من الصحراء إلا فوسفاطها و أسماكها و تجارتها و لا يعطي سكانها حتى حق الوجود .
إن مشكل الصحراء مشكل سياسي يدور حول حق جماهير الصحراء في تقرير مصيرها، و ليس مشكلا قانونيا. إن تاريخ الشعوب و مصائر الشعوب لا تقررها تصويتات قضاة محكمة لاهاي، فلشعبنا علاقات تاريخية مع جماهير الصحراء لا تحتاج إلى تصويت. و هذه العلاقات كانت اقتصادية و سياسية و ثقافية و كفاحية. و قد عمل الاستعمار الإسباني على تخريبها بمساعدة الحكم اللاوطني الذي قضى على جيش التحرير في الجنوب، و لكن إعادة بناء الوحدة بين شعبنا و جماهير الصحراء لا يجب أن تتم على أساس القمع و القهر و الاحتلال، و لكن على أساس كفاح وطني ديمقراطي.
إن الكلمة الأخيرة تبقى لجماهير الصحراء التي تعترف لها منظمتنا بكامل الحق في تقرير مصيرها كما تعترف بذلك جل المحافل الدولية. و واجب شعبنا بعماله و فلاحيه و شبابه و نسائه و جنوده هو مساعدتها ماديا و سياسيا و عسكريا لاقتلاع الجذور المتعفنة للاستعمار الإسباني الخبيث في الصحراء.
إن الأحزاب الشرعية البورجوازية قد ارتمت كلها دفعة واحدة في أحضان الحكم العميل، لأنه يلبي رغبتها في سحق جماهير الصحراء و طليعتها المناضلة الجبهة الشعبية (البوليزاريو)، و في شن الحرب ضد الجزائر الشقيقة، كما يفتح لها الباب لجني بعض المكاسب الضيقة، و تبخرت كل مطالباتها بالديمقراطية. هكذا تغرق الأحزاب البورجوازية بشكل آخر في وحل الخدمة السافرة للحكم العميل و تساعده عمليا في تغليف البؤس و الإرهاب الذي تعاني منه جماهيرنا الشعبية.
إن حكم القمع و النهب يحاول في النهاية عن طريق مسيرته الصفراء، تغطية أوضاع الشعب : فالرشوة أصبحت رسمية في كل الإدارات، و العمال يطردون بالعشرات كما وقع في خريبكة، و الفلاحون يعانون من ثقل الديون و الرشوة و غلاء السماد و كثرة الضرائب، و التجار الصغار تقترب أرباحهم من الصفر في حين يحملهم حكم النهب مسؤولية الزيادة في الأثمان. و مهزلة المهازل، مهزلة التعليم، فالتسقيط خلال سنة التحرير الكاذب وصل درجات خطيرة، و الأطفال الأبرياء يحرمون من حقهم في التعليم و الإفلات من الأمية التي لازال يعاني منها جل آبائهم.
و يتوج حكم القمع هذه السياسة بتشديد المراقبة البوليسية على الجماهير، و بإقامة الحواجز في الطرقات و الشوارع و إشاعة روح الخوف و الإرهاب. و يضيف الحكم البوليسي إلى ملفه الأسود جرائم أخرى في حق شعبنا البطل، فعشرات المناضلين الماركسيين اللينينيين و على رأسهم الرفاق السرفاتي أبراهام و زروال عبد اللطيف و لحبابي عبد الحفيظ، اختطفوا سنة 1974، و لازال بعضهم مجهول المصير.
وأخيرا، و قبل الخطاب الملكي شنت العصابات البوليسية اللاشرعية حملة اختطاف واسعة في صفوف الحركة الماركسية اللينينية المغربية في الدار البيضاء، و عشرات المناضلين الاتحاديين من اتجاه المناضل البصري محمد، يحاكمون بعدما أمضى بعضهم مايزيد على سنتين في الكهوف السرية لبوليس الدليمي.
هذا الواقع، هذه الجرائم، يحاول الحكم و معه الأحزاب البورجوازية المتمرغة في التراب، إخفائها على الشعب و تدويخه لكي لا يناضل من أجل وضع حد لها.
و يتجاهل زعماء المسيرة الصفراء استعمار سبتة و مليلية و الجزر في حين يصول فيها الاستعمار الإسباني و يجول، و يلقى كل التسهيلات من طرف صديقه الحميم الحكم الرجعي ببلادنا.
إن حكم عصابة الحسن ـ عبد الله ـ الدليمي لا يريد محاربة الاستعمار الإسباني. إنه يريد و يهيئ لاستعباد جماهير الصحراء و شن الحرب على الجزائر و تشديد استغلال شعبنا.
ـ لا لاستعباد جماهير الصحراء
ـ لا للحرب ضد الشعب الجزائري الشقيق
ـ لا لتقسيم الصحراء بين حكم الحسن و حكم ولد دادة
ـ الكل لتحرير سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية
ـ كل شيء لمساندة كفاح جماهير الصحراء و طليعتها الجبهة الشعبية
لنناضل من أجل :
ـ تحسين الأوضاع المعاشية للجماهير
ـ إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من السجون و المعتقلات السرية
ـ إطلاق الحريات الديمقراطية، رفع الرقابة عن الصحافة، حرية التعبير و التجمع و التنظيم، إرجاع مشروعية أوطم.