ينشر موقع "30 غشت" مقالة صدرت بمجلة أنفاس (عدد 22، نونبر ـ دجنبر 1971) تحت عنوان "الدكتاتورية و الديمقراطية"، و هي هنا مترجمة إلى اللغة العربية عن النص الأصلي بالفرنسية
في بعض أفكار المقالة
إن مفاهيم الدكتاتورية و الديمقراطية تتضمنان الحمولة التاريخية التي ضمنها إياها التطور الرأسمالي بعد تحطيم البرجوازية للبنية الفيودالية، معتمدة في ذلك و بالأساس على القوى "الطبقية الشعبية"ـ
فمجمل الشعارات المرافقة و الممركزة حول شعار "الحرية" التي دعت إليها البرجوازية في سيرورة تحطيمها لتلك البنية، أُدْمِجت فيها ضمنيا ـ داخليا حريتها في استغلال العمال المأجورين ( لم يسلم مطوري "الاشتراكية " الأوائل و معارضي نظام الدولة البرجوازية بانجلترا مثلا، زمن "الثورة الصناعية" في أواخر القرن 18 و بداية القرن 19، من اختراق الأيديولوجية اللبرالية "الكلاسيكية" لأطروحاتهم، و تحديدا إيديولوجية حرية ـ (حق) استغلال الرأسمالي للعمال التي واجهوها بمطلب "حق ـ حرية العامل في اختيار رب المعمل"، حيث اعتقدوا أن هذا المطلب سيحد من تسلط الرأسماليين)ـ
فحق التصويت، الذي أصبح مرادفا و دعامة أساسية للديمقراطية البرجوازية، لم "يمنع العامل أن يكون خاضعا لتعسف رب المعمل" و لا "الفلاح من الاعتماد على الائتمان"، و لا من "إلغاء اللامساواة"ـ
ف "دولة الديمقراطية البرجوازية هي دولة دكتاتورية الطبقة الرأسمالية على مجموع الشعب"، و التي تظهر، حقيقة دكتاتوريتها هذه، خصوصا في مرحلتها الامبريالية، اتجاه المنظمات و التيارات الثورية، كذلك تظهر حين تنتظم الطبقة العاملة تحت قيادة الأحزاب الثورية الحقيقية. كما تبرز علانية حقيقتها الفاشية ـ فاشية الديمقراطية البرجوازية ـ حين تتزايد و تحتد التناقضات الطبقية بين الطبقة الاجتماعية للرأسمال الكبير و عموم الأمة مع تعاظم نضالات الطبقة العاملة (عرتها مثلا الظروف التاريخية في المراكز الإمبريالية 1920 ـ 1930). أو حين التدخل المباشر للقوى الامبريالية في "البلدان الخاضعة للاضطهاد النيولبرالي" بواسطة عملائها و أتباعها من الدكتاتوريات الفاشية
فالدولة، كل دولة، هي دكتاتورية، و التمييز وجب أن يكون بين الدولة البرجوازية؛ دكتاتورية الأقلية على الأغلبية؛ المدعومة إمبرياليا و المرتكزة على فترة طويلة من الاضطهاد والخنوع، و بين الدولة البرولتاريا؛ دكتاتورية الأغلبية على الأقلية. لذا، يجب على "الجبهة الثورية للعمال و الفلاحين أن تمارس دكتاتوريتها لاقتلاع القبضة الامبريالية... لخلق مجتمع جديد، مجتمع اشتراكي"ـ
فدكتاتورية البرولتاريا تسير في اتجاه اضمحلال الدولة عن طريق تعزيز هذه الدكتاتورية ذاتها ضد كل من "يريد" الرجوع نحو الرأسمالية، فبها تختفي كل أشكال الاضطهاد و الاستلاب، لينتظم الناس في أنشطتهم الاجتماعية بدون دولة. هي سيرورة تاريخية طويلة لن تتوطد إلا بتصفية الامبريالية و الرأسمالية، و حيث وجب أن تكون السلطة الحقيقية، لا سلطة بيروقراطية (أنظر الهامش رقم 8 أسفل الوثيقة)، هي "سلطة العمال و الفلاحين المنظمين في لجان ثورية"، لجان موحدة جدليا بالحزب البروليتاري؛ القيادة الإيديولوجية و الإستراتيجية للجبهة. " فالبرولتاريا لا يمكن أن تنتظم من أجل الثورة نفسها، إلا بتجاوزها لمصالحها الطبقية المباشرة"، هذا "التجاوز كطبقة، هو ما يسمح لها بضمان قيادة القوى الثورية".(بصدد الوحدة الجدلية للعمال و الفلاحين بقيادة حزب البرولتاريا، أنظر على موقع "30 غشت"، ما جاء في وثيقة للمنظمة حول "المرحلوية أو النيومنشفية")ـ
درس البرولتاريا في تجاوز المصالح الطبقية المباشرة
بسبب النخر و عمق الاستلاب الإيديولوجي الذي تنوجد تحت سياطه البرجوازية الصغيرة، و بالتحديد ذاك الجزء المتشدق منها أحيانا بالفكر الماركسي اللينيني لغة، و الغارق حتى الثمالة في وحل الطموحات الذاتية اللبرالية المنبع و بقناع الثورة و الاشتراكية و الشيوعية، و قبلهم أصحابهم من آل "الماركسية المنفتحة"؛ على اللبرالية طبعا و إلا فهي "أرتدوكسية"، و لا من سبقوهم من أهل الحقوق الكونية؛ في الملكية الخاصة و الاستغلال لا غير. تعتقد هذه الفئة الشبه "ثورجية" من البرجوازية الصغيرة، أن مسألة تجاوز المصالح الطبقية المباشرة تلك، هي مستحيلة و طوباوية المنطلق، غافلين كل التجارب التاريخية الثورية، رغم قصر فتراتها التاريخية، التي فيها سيدت البرولتاريا بعضا من أهم أفكارها، و ، بالمقابل، التجارب التاريخية التي فيها وجهت البرجوازية الصغيرة و المتوسطة أنظارها إلى بناء الرأسمالية بدعم من الامبريالية، عرت و بالكامل، عجزهم هم، و ليس البرولتاريا، على تجاوزهم لعبوديتهم لرأس المال و ارتباطهم العميق به، و لحقيقة عمق الاستلاب الإيديولوجي اللبرالي الذي ينخر أفكارهم، فبهذا الأخير يسممون أفكار الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء، كي يظلوا رهينتهم في الفكر و الحركة، و حبيسي منطق الفكر اللبرالي الذي و بالكامل سواهم على أرضه
هذا الدرس البرولتاري التاريخي، درس تجاوز المصالح الطبقية المباشرة، هو ما يجب أن يتعلمه الانتهازيون و الوصوليون من البرجوازية الصغيرة، فهو يعكس إلى أي درجة هم مستلبين و ممزقين فكريا، و لن يكون مصيرهم أفضل من مصير من باع كل تاريخ الحركة الماركسية اللينينية المغربية على أول محطة ـ ضربة تلقتها الحركة الثورية، فأصبح و من منطق ذاك الفكر اللبرالي ذاته، زبالة يلقي فيها النظام المتعفن كل قاذوراته المتقادمة، أو على الأقل بقليل، مصيره من مصير من يبيع تاريخ الحركة الثورية المغربية و تضحيات شعبنا المشرقة، بالتقسيط و على مراحل و وفق حجم و توالي الضربات و العروض، باسم الإكراهات و الظروف و التقديرات أحيانا، و أحيانا، و للمهزلة، باسم التكتيك
لقراءة نص الوثيقة، اضغط على العنوان أسفله