Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

الحلقة الخامسة ـ الجزء الثالث من دراسة "مسلسل تصفية منظمة "إلى الأمام" " ـ 24 مارس 2017

Pin it!

خ1.gif

يستمر موقع 30 غشت في نشر أجزاء دراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية إلى الأمام " ". فبعد نشر الفصل السادس (بملحقين) من القسم الثاني للجزء الثالث، ينشر الموقع الفصلين السابع و الثامن منهيا بهما هذا القسم الثاني، و هما يحملان على التوالي العنوانين التاليين: " مسألة السرية و العلنية"، "الحركة الماركسية ــ اللينينية : التجربة و الآفاق".

  

 
   
 تنبيه: سيجد القارئ مجموعة من الكلمات ملونة بالأسود وسط النص، و هي كذلك للإشارة إلى أن مكان تلك الكلمات تتواجد هوامش النص التي يكفي وضع المؤشر ( curseur) فوق الكلمة كي يظهر الهامش باللون الأسود(من دون نقر).
 
  مسلسل تصفية المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام":
الأحداث، السيرورات، الأطروحات، الملابسات و النتائج

الجزء الثالث

الفصل السابع:

مسألة السرية والعلنية

يعتبر عبد الرحمان النوضة، أحد العناصر التي كانت معروفة باليسراوية داخل السجن المركزي، لقد انتمى في مراحل مختلفة للتيار الثوري داخل منظمة "إلى الأمام"، و بعد صراعات و خلافات طويلة مع التيار الثوري، حيث اتسمت مواقفه و ممارساته بنزعة يسراوية متطرفة، التحق بمجموعة "إعادة البناء"، و كان أحد اللذين خاضوا، من داخل موقعه الجديد داخل اللجنة الوطنية الجديدة، حربا بلا هوادة ضد مجموعة "الأربعة"، ثم ما لبث أن انقلب على أصحابه الجدد، ليخوض ضدهم حربا أخرى بلا هوادة، كما تشهد على ذلك الوثائق الداخلية لمجموعة "إعادة البناء".

غادر عبد الرحمان النوضة أصحابه بعد انفجار الصراع داخل مجموعة "إعادة البناء"، على إثر الاعتقالات التي تمت سنة 1985، فتبادل الطرفان اتهامات حول مسؤولية الضربة، فكانت القطيعة النهائية بينه و بين أصدقائه.

المقال الذي بين أيدينا، يلخص مجموعة من المراجعات التي قام بها في بداية التسعينات، كجزء من سلسلة مراجعات أخرى، أدت به إلى التراجع نهائيا عن الماركسية. المقال المعني هنا، هو رد للكاتب على من أسماهم بدعاة العمل السري، و دفاع عن العمل العلني و القانوني، و نبذ كامل للعنف الثوري.

في فقرة من مقاله تحت عنوان "تجربة 20 سنة تبين أن السرية كانت سلبية أهم مما كانت إيجابية"، أشار الكاتب في معرض رده على من يمجد العمل السري بالقول:

"لكنهم يتناسون أحيانا، أننا أيضا مارسنا هذه اليسراوية و الستالينية قبلهم خلال سنوات السبعينات و طبقناها إلى أبعد الحدود الممكنة".

"فقد مارسنا السرية و أبدعنا في تطبيقها، و خلاصتنا الإجمالية في هذا الموضوع، هي أن السرية (و بالأسلوب الذي مارسته الحملم) كانت سلبية أكثر مما كانت إيجابية".

و يوضح الكاتب لماذا كانت سلبية، فيقول:

"لأن هذه السرية كانت على المستوى الجوهري و العملي أولا سرية تجاه جماهير الشعب، و كانت ثانيا سرية فيما بين أعضاء نفس التنظيم السياسي، أما اتجاه الأجهزة القمعية (في ظروفنا المجتمعية التاريخية الحالية) فإنها لا تشكل مناعة مطلقة ضدها و لا وقاية كافية منها"

بعد هذه المقدمة ينتقل الكاتب إلى تنظير الانهزامية فيقول:

"و قد أثبتت الكثير من التجارب عبر العالم، أنه بالوسائل و الأساليب الحديثة في القمع، لا يمكن لأي جماعة أن تقوم بعمل جماهيري، دون أن يكون بالإمكان الوصول إلى أسرارها، فحينما تجابه الأجهزة القمعية كدولة شاملة تنظيما سياسيا بكل الإمكانات المادية و البشرية اللازمة التي تتوفر لديها، دون مراعاة لا للقانون و لا للنفقات و لا للوقت فإنها تستطيع في ظرف وجيز نسبيا شل عمل أي تنظيم، أو حتى تصفيته من الساحة السياسية، و في مثل هذه الظروف لا تنفع السرية، بحيث بمجرد أن تحدث بعض الاعتقالات في صفوف التنظيم السري المعني فإنها تتسلسل إلى حد شل أو تصفية هذا التنظيم السري...".

حسب هذه النظرية، فإن العمل السري أصبح مستحيلا في ظل التطور الذي عرفته الأجهزة القمعية، و بالتالي لم يعد من خيار سوى العمل القانوني و الشرعي. لقد انتهت مرحلة العمل الثوري المعتمد على العمل السري، و انفتح عصر العمل السياسي الجماهيري العلني و القانوني.

بهذه الإطلاقية، حكم أحد قادة "إعادة البناء" القدامى، على أحد أركان العمل الثوري بالمغرب، و في العالم، ما دام طرحه يقوم على التعميم.

و يتابع الكاتب تدحرجه نحو المزيد من التراجعات، و يتجلى ذلك حينما يطرح سؤالا يقول فيه: "إذا كانت السرية ضرورية فمن أجل ماذا؟

جوابا على ذلك يقول: "إن السرية ليست هدفا في حد ذاته، و إنما هي مجرد وسيلة دفاعية بهدف خوض النضال السياسي رغم القمع و رغم الاستبداد، فإذا أصبحت السرية حاجزا منافيا لإمكانية خوض هذا النضال السياسي الجماهيري، فلماذا يلزم أن نستمر في التشبث بها بشكل "أعمى" "

و بعد مروره على التجارب التي نجحت بفعل ذلك، يطرح كاتب المقالة سؤالا آخر:

"لكن و في ظروفنا المجتمعية و التاريخية الحالية هل السرية ضرورة أم لا؟ فيجيب:

"بعض المتياسرين يزعمون أن طبيعة السلطة في المغرب "تفرض بالضرورة العمل في السرية" (وردت هذه العبارة عدة مرات في مقال "الأهداف التكتيكية و البرنامج الثوري") "لكنهم لا يطرحون على أنفسهم السؤال التالي: السرية من أجل فعل ماذا؟ لنكن واقعيين و عمليين، ماذا كانت تفعل فصائل الحملم أو مخلفاتها منذ 1970 إلى حدود اليوم؟ كل ما كانت تقوم به هو الدعاية السياسية الشفوية و المكتوبة (أي توزيع بعض المناشير و بعض المنشورات السرية)، و استقطاب بعض المتعاطفين، هذا هو كل ما كانت تفعله، و هذا العمل يمكن إنجازه في العلنية، بما فيه حتى نشر تلك الأفكار الدغمائية التي يقدسها المتشبثون بالسرية".

فهل هناك حاجة حقا إلى عمل في السرية؟ لم و لن يستعمل إلا لتوزيع منشورات سرية تتكلم عن "الأزمة الاقتصادية الخانقة و عن النظام اللاشعبي" و عن "دكتاتورية البروليتاريا" و عن "التحالف بين العمال و الفلاحين" كل هذه الأفكار يمكن لأي كاتب أن ينشرها علانية بهذه الصيغ أو بصيغ أخرى على صفحات الجرائد و المجلات العلنية، فلماذا هذا الجمود العقائدي المتشبث بالعمل بالسرية؟!"

جوابا على هذا السؤال يقول الكاتب:

"إن مسألة السرية و العلنية لم تعد بالنسبة لنا مجرد قضية نظرية" "و أن هدفنا هو النيابة على الجماهير في تحقيق تحررها مثلما يريد البعض "لكن غايتنا هي مساعدة هذه الجماهير الكادحة لكي تحرر نفسها بنفسها خلال سيرورة ثورية مجتمعية و تاريخية متواصلة".

يستمر الكاتب في الضرب بمطرقته الورقية مفهوم العمل السري، و ذلك بمعالجته من زاوية العمل بالديموقراطية الداخلية، و ذلك بالنسبة له أن السرية تتنافى و الديموقراطية الداخلية، لأن العمل السياسي في السرية، بالنسبة له، يؤدي موضوعيا إلى حصر التفكير و التقرير في القمة. فهذا المنهج حسب الكاتب في العمل السياسي، كان من بين الأسباب، التي أدت إلى فشل الحملم في المغرب في تحقيق أي طموح من الطموحات التحررية... فالسرية حسب الكاتب لا تستر المعطيات و المعلومات الأمنية فقط، و لكنها تستر أيضا الأخطاء و الانحرافات السياسية للتنظيم المعني، و ربما هذه الظاهرة هي بالضبط سبب تشبت البعض بالسرية".

ثم يحاكم الباحث مفهوم العمل السري عن طريق معارضته مع أسلوب النضال السياسي الجماهيري، و يقول في هذا الصدد:

"و من السهل نسبيا على أي مناضل أن ينظم منظمة تعمل في السرية، لكنه من قبيل المستحيل أن ينظم في السرية إضرابا نقابيا أو مظاهرة احتجاجية أو حركة مطلبية جماهيرية"

"القمع السياسي هو رد فعل على النضال الثوري. فالتنظيم الذي يصون نفسه من القمع،و لكن فقط بواسطة الامتناع عن خوض أي عمل نضالي سياسي، جماهيري حقيقي، يصبح في الحقيقة فاقدا لأي مبرر لوجوده"

و البديل عند الكاتب يجيئنا على التو :

"و لكن البراعة في السياسة هي بالضبط أن تنظم نضالات جماهيرية بمنهج ذكي يتميز بكونه يمنع الأجهزة القمعية من شن القمع السياسي، أو على الأقل، يفرض عليها حصر هذا القمع في حد أدنى خفيف و متحمل، طبعا سيرد البعض هنا على هذا الطرح بأن هذا مجرد أحلام مثالية و غير ممكنة، لكن التجربة تثبت أن هذا المنهج الذكي المذكور ممكن فعلا بالمغرب، و لو أنه صعب التحقيق، و هذا المنهج الذكي الذي نقصده نجده إلى حد ما في الأمثلة النضالية التالية :

- المسألة السياسية الدعائية و التعبئة الكبيرة و المشتركة المصاحبة لطرح ملتمس الرقابة في البرلمان في أبريل و ماي 1990.

- المظاهرة الجماهيرية المشتركة في الرباط 6 جوان 1990 للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

- البلورة الجماعية و الإعلان الجماهيري الرسمي من طرف خمس جمعيات حقوقية عن "الميثاق الوطني لحقوق الإنسان" في 16 نونبر 1990.

- الإضراب العام الموحد بين نقابتي" ك د ش" و"الاتحاد العام للشغالين" في 14 دجنبر 1990..."

بعد كل هذا، يقر الكاتب بخطأ اعتماد العمل السري في السبعينات، و بالتالي لا معنى القول بأن النظام لم يتغير، و كذلك ضرورة الاستمرار في العمل السري، و يقول في هذا الصدد:

"لكننا لم نعد نعتقد أن السرية كانت ضرورية في السبعينات، و حتى إذا افترضنا أنها كانت ضرورية، فالحاصل هو أن النظام تطور و لو رغم أنفه، و حتى الشعب تطور بشكل يتجاوز إرادته..."

"و مثلا اليوم، في التسعينات بالمغرب، لم يعد بإمكان الدولة أن تشن القمع السياسي بنفس الحدة التي كانت تخوضه بها في بداية السبعينات".

ما يتناساه الكاتب ببساطة، و هو الذي يحب القيام بالمقارنات، أن مغرب التسعينات كان خاليا من أي قوة ثورية تزعج النظام، بينما كلما تجاوزت النضالات الجماهيرية مستوى معينا كان يلجأ إلى قمعها بسهولة،لأنها حركات عفوية لا تقودها أفكار أو حركات ثورية كما هو الحال بالنسبة للعديد من النضالات العمالية، كما الحال بالنسبة لانتفاضة 1990 بفاس، التي تم إقبارها بالحديد و النار.

و يقوم الكاتب بمهاجمة بعض الجماعات الصغيرة، و يضعها أمام تناقضاتها في هذا الموضوع فيقول :

"توجد بعض الجماعات الصغيرة التي استولت بشكل منافي للمبادئ و للقوانين على مخلفات متبقية من فصائل الحركة الماركسية ــ اللينينية، و بعضها يحاول استغلال الرصيد السياسي لإحدى فصائل الحركة الماركسية ــ اللينينية لأغراض ذاتية أو زعماتية، و لو أن الفضل في بناء هذا الرصيد التاريخي لا يرجع بالضرورة إليهم.

و ماذا يقول اليوم هؤلاء المتياسرون الستالينيون عن أنفسهم؟ يقولون (مثلا في وثيقة معنونة ب "الأهداف التكتيكية و البرنامج الثوري"):

"تنظيم سري متقلص من الثوريين و معزول نسبيا عن الجماهير(...) لقد طبع و ما زال يطبع إلى حد لا بأس به، ممارسة الحركة الماركسية ــ اللينينية عدم القدرة على الربط الجدلي و الملموس بين الاستراتيجية و بين العمل اليومي وسط الجماهير (...) منظمتنا تعاني من ازدواجية غريبة، فهي تطرح استراتيجية ثورية تبدو و كأنها مؤجلة إلى أمد غير مسمى. و من جهة ثانية تناضل وسط الجماهير على أساس برنامج مرحلي لا يختلف عما تطرحه القوى السياسية للمعارضة البرلمانية بما فيها حزب الاستقلال (...)، هناك حركة واسعة من المناضلين المتعاطفين مع الحركة الماركسية ــ اللينينية، و هناك تنظيمات سرية متقلصة جدا لا يمكن أن توفر تأطيرا تنظيميا لهذه الحركة".

الوثيقة المعنية تحمل بصمات "مشروع إعادة البناء"، المفتقد للاستراتيجية الثورية و للتكتيك الثوري، و غياب مفهوم خط الجماهير، و تناقضها الوارد في الفقرة أعلاه تلمس للتناقض، دون القدرة على إدراك جوهره، نتيجة التخبط الذي وضع فيه التحريفيون الجدد أنفسهم، و من خلالهم جيلا من المناضلين، و ذلك قبل أن يجدوا الحل التحريفي، الذي لا يختلف عن طرح كاتب المقالة، الذي و لا شك كان سباقا في الحسم في مثل هكذا أطروحة تحريفية، و قد سار على نفس النهج، رفيقه في إعادة البناء أبراهام السرفاتي.

في فقرة تحمل عنوان "لا حاجة للسرية"، "و لا حاجة للعنف"، يقول صاحب المقالة:

"لقد سبق و أن أكدنا للمولعين بالكلام عن فكرة العنف، أن الجماهير الواعية و المنظمة و المناضلة، هي أكبر و أهم قوة في المجتمع، فما الفائدة من كلام أية قوة سياسية عن احتمالات العنف، خاصة إذا كانت مهمشة عن الجماهير العريضة؟!.

بمفهومه للعمل السياسي الجماهيري المناهض للعمل السري، يقوم صاحب المقالة، بالتعبير الصريح عن تخليه عن أي منظور للثورة، سواء في جانبها السياسي أو التنظيمي (لتعارض التنظيم الثوري مع العمل السياسي الجماهيري) و حتى الاستراتيجي، لأن الجماهير المنظمة و المناضلة تكفي نفسها بنفسها دون الحاجة إلى التفكير في حسم السلطة لصالحها عن طريق العنف، و بغض النظر عن بعض الاختلافات الجزئية مع من انتقدهم من رفاقه في "إعادة البناء"، و التي تعود في مجملها إلى حسابات ذاتية، فإن صاحب المقال، قد عبر حقيقة، و بطريقته الخاصة، غير الجدلية في معالجته لمنظور العمل السري و العلني، الذي وضع بينهما سورا صينيا، علما أن الماركسيين ــ اللينينيين يحددون في تلك العلاقة، الطرف الرئيسي من الثانوي، حسب كل ظرفية سياسية و تاريخية، مدركين أن هاته الجدلية القائمة على التناقض، إنما تحل على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس، و هو وحده الكفيل بتحديد الأسلوب الرئيسي من الثانوي، عن تبنيه لنفس الأطروحات التحريفية التي ستسود الحملم و منظمة "إلى الأمام" ابتداء من الثمانينات.

 

الفصل الثامن:

الحركة الماركسية ــ اللينينية : التجربة والآفاق

حسب مقالة موقعة باسم عيسى بدوي، تحت عنوان "الحركة الماركسية ــ اللينينية: التجربة والآفاق" ، و ضمن الجزء الثاني منها الذي يحمل عنوان "تقييم تجربة اليسار الجديد في العمل السياسي"، و فيما يتعلق بالفترة الممتدة من 1970 إلى نونبر 1974، بالنسبة لبلورة التوجه الاستراتيجي العام للحركة الماركسية ــ اللينينية، يسجل الكاتب مجموعة من النقط، و يهمنا هنا آخر ما جاء في هذا الجزء:

"تبني الكفاح الجماهيري المنظم و الطويل النفس بمختلف الأشكال كاستراتيجية لإنجاز التغيير الثوري".

بالنسبة للتيارات أو التوجهات التي ظهرت داخل الحملم، يقول الكاتب:

"إن اليسار الجديد ــــ رغم ما يلتقي حوله من أطروحات و مواقف ــــ ظل منذ تأسيسه يتكون من ثلاثة توجهات متباينة، توجه ماركسي ثوري أو شيوعي و توجه ديموقراطي جذري و توجه عفوي ... و إذا كان التوجه السائد في الأصل هو التوجه الماركسي الثوري فمع تراكم فشلات اليسار الجديد من جهة و مع ما عرفه العالم من انهيار الاشتراكيات البيروقراطية في الاتحاد السوفياتي و أوروبا الشرقية من جهة أخرى، أصبح الاتجاه السائد تدريجيا هو الاتجاه الديموقراطي الجذري مع ما لهذه الصيغة من حمولات مختلفة من فترة لأخرى و من تموجات في المضمون".

و فيما يخص فشل اليسار الجديد في بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة، يرى الكاتب تفسيرها في العناصر التالية:

"- تركيز المجهودات على الشبيبة التعليمية انطلاقا من المفهوم الدخيل الذي اعتبر هذه الأخيرة كطليعة تكتيكية، و هو ما يجد تفسيره بدوره في أطروحة "الثورة على الأبواب" السائدة عند نشأة الحركة الماركسية ــ اللينينية و التي كانت تقتضي تنظيم الفئات الأكثر حركية في المجتمع المتمثلة آنذاك في الطلبة و التلاميذ بدل تنظيم الطبقة العاملة القوة القيادية للتغيير الثوري.

- غياب خطة عملية للتجذر داخل الطبقة العاملة و هو ما كان يقتضي نهج خطة واقعية للعمل وسط الاتحاد المغربي للشغل النقابة العمالية الكبرى المؤطرة لأقوى و أبرز النضالات العمالية، خطة مبنية على العمل النقابي القاعدي مع تجنب الدخول في الصراعات المباشرة و الفوقية ذات الطابع السياسي مع الأجهزة القيادية للنقابة.

- غياب خطة لاستقطاب الطلائع العمالية المناضلة للعمل السياسي التقدمي و الثوري لاحقا و هو ما كان يفرض حل إشكالية العمل السري غير الشرعي و العمل الشرعي. إنه من الصعب جدا إلحاق العامل الطليعي في المجال النقابي بالعمل السياسي الثوري داخل تنظيم سري مغلق كما كان الشأن بالنسبة لتنظيمات اليسار الجديد، بينما يمكن إلحاق نفس العامل بالعمل السياسي التقدمي داخل تنظيم أو إطار سياسي شرعي يعمل و لو نسبيا على خدمة المطامح التحررية للطبقة العاملة".

◄ يفسر الكاتب فشل بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة بمفهوم "الطليعة التكتيكية" الذي يربطه بدوره بأطروحة "الثورة على الأبواب".

◄ يتكلم الكاتب هنا عن التجربة العامة، و الحال أن مفهوم "الثورة على الأبواب" لصيق بتجربة 1970 – 1972، و هكذا يقوم بسحب ظاهرة جزئية محددة زمنيا على تجربة في شموليتها، علما أن ذلك تم نقده في سياق نقد شامل لخط العفوية بالنسبة لمنظمة "إلى الأمام".

◄ إنه قمة التعسف على التاريخ و تجاهل الحقائق التاريخية.

أما الكلام عن غياب خطة عملية للتجذر داخل الطبقة العاملة سواء تعلق الأمر بالعمل النقابي أو غيره، فهذا مرة أخرى تجني على الحقيقة التاريخية، فعناصر هاته الخطة تواجدت سواء لدى منظمة "23 مارس"، أو خطة العمل التي كان يتوفر عليها فصيل "لنخدم الشعب"، و نفس الشيء، يمكن قوله عن غياب خطة لاستقطاب الطلائع العمالية المناضلة للعمل السياسي التقدمي و الثوري، بالنسبة لهذا الموضوع و سابقه، تشكل وثائق منظمة "إلى الأمام" الداخلية منها و الجماهيرية، خاصة بعد سنة1972، تفنيدا لهذا الطرح و تأكيدا لوجود تصورات للتجذر وسط الطبقة العاملة.

إن المشكل لا يكمن في هذا الأمر، أي في غياب هذه الخطة أو تلك، بل في علاقة هذه الخطة و هذا التصور بدور القيادة في تجسيد ذلك و جدولته و برمجته، ثم البحث في طبيعة المعيقات على مستوى الخط التنظيمي و السياسي و الاستراتيجي و التكتيكي.

و في مجال تقييم العمل السري و العلني، يتحدث الكاتب عن تمجيد العمل السري أو تقديسه كمنهج، و تغييب العمل الشرعي، و من تمة يراجع الموقف الذي أدى إلى إنشاء النقابة الوطنية للتلاميذ، بدل الاكتفاء بالوداديات، ثم يطربنا بمعزوفة "إن عدم ضبط جدلية العمل السري و العمل الشرعي قد أدى إلى أخطاء كبيرة لليسار الجديد و عرقلة إمكانية تجذره وسط الجماهير و خاصة منها الجماهير العمالية" و يرى كذلك:

◄ أن نفس المنطق أدى إلى تفضيل اللجوء إلى الإعلام السري و لو كان 90% من مضمونه ذو محتوى قابل للتداول في نشرة أو جريدة شرعية مخصصة لهذه الغاية.

◄ يكتفي الكاتب بعموميات، أدت به إلى رفض تجربة "النقابة الوطنية للتلاميذ"، و نفس الشيء بالنسبة لتحمل المسؤولية القيادية في المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، و الاعتقاد، بأن مضمون الإعلام السري (90% منه)، كان بالإمكان أن يصدر في نشرة أو جريدة شرعية.

◄ إن هذه، إحدى أوهام الكاتب الذي لم يعش هذه التجربة على الأرض، خاصة منذ ماي 1972(تاريخ اعتقاله)، بمعنى وجود و وقوع انفصام لديه مع الواقع.

فيما يخص موقف اليسار من الإصلاحية، يرى صاحب المقالة التقييمية، أن شعار "لا إصلاح لا رجعية قيادة ثورية" لعب دورا سلبيا، من حيث أنه كان يضع قوى الرجعية الحاكمة و المسؤولة عن الأوضاع في نفس المستوى مع القوى الإصلاحية المعارضة...

"و قد لعب هذا الشعار دورا معرقلا للعمل المشترك المطلوب بل و ضروري أحيانا بين مناضلي اليسار الجديد و مناضلي القوى الإصلاحية وسط التنظيمات الجماهيرية من اجل تحقيق المطالب المباشرة ذات الطابع الإصلاحي بالضرورة، كما ان هذا الشعار قد أدى إلى مفهوم مغلوط لجدلية الثورة و الإصلاح"

◄ لاشك أن لدى الحملم أخطاء في هذا المجال، لكن دون وضع الأمور في سياقها الصحيح، يتم الوقوع من طرف الكاتب في عكس ما أراد نقده، أي بالضبط عدم إدراك جوهر جدلية الإصلاح و الثورة، و اليوم يمكن القول أن أصحاب هذا الطرح أصبحوا مع الإصلاح لكن بدون ثورة.

إن شعار "لا إصلاح لا رجعية قيادة ثورية" شعار استراتيجي، كان يهدف إلى تكثيف ضرورة القيادة الثورية، المتجسدة في الحزب الثوري الماركسي ــ اللينيني. و للشعار شقان، أولهما استراتيجي دعائي يهدف إلى الدعاية للخط الثوري داخل الحركة الجماهيرية، ثانيهما تكتيكي يهدف إلى التعبئة و التحريض لقيادة الحركة الجماهيرية، على مستوى تحقيق مطالبها الآنية، و هنا الخلط لدى صاحب "جدلية الإصلاح و الثورة"، بين كون طرح تلك المطالب من طرف القوى الإصلاحية يختلف تكتيكيا، بعدما اختلف استراتيجيا مع أهداف الحركة الجماهيرية الثورية، من حيث أساليب النضال أو التنظيم و الدعاية و التحريض و العلاقة مع الجماهير (فوقية، بيروقراطية، كولسه) و التعاون مع النظام، و أسلوب الحركة الثورية المختلف جذريا مع ذلك. قد يلتقي الطرفان تكتيكيا و مؤقتا، لكن الصراع لا يتوقف من أجل هيمنة هذا الخط او ذاك داخل الحركة الجماهيرية

◄ بدون هذا الفهم تكون هناك ذيلية للقوى الإصلاحية، أو سقوط في اليسراوية، وهما وجهان لعملة واحدة.

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.