Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

الحلقة السادسة ـ الجزء الثالث من دراسة "مسلسل تصفية منظمة "إلى الأمام" " ـ 7 أبريل 2017

Pin it!

خ1.gif

بعد أن تم نشر فصول كل من القسم الأول والثاني من الجزء الثالث، يبدأ موقع 30 غشت في نشر فصول القسم الثالث لهذا الجزء من دراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية "إلى الأمام" ".

الحلقة السادسة التي يقدمها الموقع للمناضلين والقراء، في إطار الجزء الثالث لهذه الدراسة، تتضمن جزءا أولا بعنوان "دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية" من الفصل التاسع الذي يحمل عنوان: "الجوهر الحي للماركسية أو الماركسية اللاماركسية".

 

 

 تنبيه: سيجد القارئ مجموعة من الكلمات ملونة بالأسود وسط النص، و هي كذلك للإشارة إلى أن مكان تلك الكلمات تتواجد هوامش النص التي يكفي وضع المؤشر ( curseur) فوق الكلمة كي يظهر الهامش باللون الأسود(من دون نقر).

  

مسلسل تصفية المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام":

الأحداث، السيرورات، الأطروحات، الملابسات و النتائج

  

الجزء الثالث

  القسم الثالث

الفصل التاسع :

    الجوهر الحي للماركسية أو الماركسية اللاماركسية  

الجزء الأول  

دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية  

يقول الكاتب في تقديمه: "... يتم تشويه الماركسية كي يسهل انتقادها، و ذلك عبر تسطيحها و تحويلها إلى نقيضها أي إلى منظومة من المقولات منغلقة على نفسها و كاملة و منتهية، بينما تعتبر الماركسية منهجا و أطروحاتها منفتحة و قابلة للتطور باستمرار. و يتم الرجوع في هذا المجال إلى ما لقيته الماركسية من تشويه و تسطيح على يد بعض الماركسيين أنفسهم، إضافة إلى بعض أخطاء و نواقص ماركس و انجلز و لينين، الأممية الثانية، الستالينية، بعض الأطروحات "الماوية"

و خلافا لما هو أخطاء و تشويه و تسطيح يخوض الكاتب في تحديد ما أسماه بالجوهر الحي للماركسية:

"... لذلك سنكتفي بتوضيح الجوهر الحي و الثوري للماركسية منتقدين في نفس الآن الانحرافات و التشويهات التي لحقتها و النواقص و الأخطاء التي يتطلب تجاوزها القيام بالمزيد من الاجتهادات النظرية ارتباطا بتطوير الممارسة النضالية".

فالماركسية إذن، منهج و أطروحات منفتحة، تعرضت للتشويه و التسطيح على يد بعض "الماركسيين" أنفسهم، بالإضافة إلى أخطاء و نواقص ماركس و انجلز و لينين، و المشوهون هم الأممية الثانية و الستالينية و الماوية، لذلك يرى الكاتب ضرورة توضيح الجوهر الحي للماركسية.

-1- الماركسية ضد التعريفات:

يقول الكاتب:

"و وعيا منا بأن الماركسية ترفض التعريفات لأن هذه الأخيرة ترتكز على عزل العنصر الذي يتم تعريفه عن غيره من العناصر و تجميده في الزمان، و أن الماركسية تركز على العلاقات و الصيرورات (و ليس الأشياء)، فإننا سنجازف تسهيلا للعرض، بإعطاء تعريف للماركسية محاولين ما أمكن أن يكون منفتحا و "شاملا" و ساعين عند توضيحه إلى تجاوز نواقصه و علاته".

هناك صعوبة تعريف الماركسية، و في نفس الوقت هناك ضرورة إعطاء تعريف منفتح و شامل، ثم بعد توضيحه، العمل على تجاوز نواقصه و علاته.

فماهي الماركسية التي يصعب تعريفها؟

"... الماركسية هي النقد النظري و العملي للرأسمالية، و لكل أشكال الاستغلال و الاستيلاب و العسف التي تلازمها و للإديولوجيات التي تنتجها، ذلك النقد الذي ينطلق من موقع البروليتاريا و مصالحها الآنية و الاستراتيجية و يرتكز على المادية الجدلية".

هناك سقوط متكرر في عموميات، فالماركسية عند الكاتب، تعني في العمق منتوجا لمنهج هو المادية الجدلية، أي أن المنهج يولد النظرية ← تجاهل علاقة العام بالخاص،ثم حذف العام و الكلام عن التطبيق الخلاق على الخاص، ثم استشهادات ذات صلة بموضوع المنهج و الفكر: قراءة مشوهة لتلك المقتطفات خارج السياق، بما يوحي أن لا فكر ثابث نسبيا من أفكار ماركس و انجلز و لينين، أي لا حقائق عامة للماركسية، و هذا لب التحريفية.

فما الماركسية إذن؟  

انطلاقا من تقديمه السابق يرى الكاتب:

"و على هذا الأساس، فالماركسية، في تعريفنا، ليست فقط، ما أنتجه ماركس و انجلز من فكر (و إن كانا قد وضعا حجر الزاوية للعلم الماركسي كما يطرح ذلك لينين)، و لكن هي أيضا إسهامات كل الذين تبنوا تلك المبادئ الموجهة العامة، و عملوا عبر اندماجهم في حركة البروليتاريا، في بلدانهم، على تطوير تلك المبادئ و إغنائها بفضل تطبيقها الخلاق على الواقع الملموس لمجتمعاتهم" .

هكذا، فمن الماركسية بدون فكر أو نظرية، انتقلنا إلى تعريفها كمجموع إسهامات كل الماركسيين بدون تحديد، و لا أي خيط رابط في غياب المنطق و بالسقوط في التعويم، و القفز فوق التاريخ : تاريخ الصراع الطبقي، يسقط الكاتب في خلط منهجي يؤدي به إلى الكلام عن ماركسية غير محددة تاريخيا، و يقع هذا في ظل جهل تام بجدلية المنطقي و التاريخي، و بعدم إدراك جدل التحليل و التركيب الماركسي اللينيني. هناك محاولة لتأسيس لمرجعية إي إيديلوجية جديدة، و لأجل ذلك لجأ الكاتب إلى اعتماد الاستشهادات و استعمالها خارج سياقها لتبرير ذلك، و نقرأ في العديد من الفقرات ما يلي:

"إن المنهج المادي يتحول إلى نقيضه كلما استعمل ليس كخط موجه للبحث التاريخي بل كنموذج جاهز يتم بفضله تقطيع و إعادة تقطيع الوقائع التاريخية"

"إن نظرتنا للتاريخ هي قبل كل شيء توجيه للبحث" انجلز: رسالة من انجلز إلى ب إرنست وكونراد سميث.

← من هنا، تعارض جوهر الماركسية مع الدوغمائية، و مع فكرة النموذج الجاهز الصالح لكل زمان و مكان حسب الكاتب و: "ما ينبغي استحضاره في كل لحظة، هو أن الماركسية تنطلق من تحليل الواقع كما هو".

← نصف الكلام أو نصف الحقيقة و تجاهل تام لجدلية الجوهر و الظاهرة و عمق جدلية الملموس الماركسية .

و بطبيعة الحال، يرى الكاتب نقيض ما طرحه لنا في مثال الماركسية اللينينية الستالينية، و تحول الماركسية السوفياتية إلى نموذج ميت و ما أنتج من كوارث في الاتحاد السوفياتي (الماركسية أصبحت إديولوجية الدولة + الأحزاب الشيوعية).

 

-2- ستالين و إضفاء صفة المطلق على الحلول الخاصة بالثورة الروسية أو كيف تخلص عبد الله الحريف من اللينينية

حسب الكاتب:

"يكمن خطأ ستالين، إذن في كونه أضفى صفة المطلق على الحلول الخاصة بالثورة الروسية في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين التي طرحها لينين لمشاكل الماركسية، و هو بذلك يكون قد أعطى حلولا لأزمة الماركسية لكنها تبقى حلولا شكلية" .

هكذا، فالخطأ الأساسي عند ستالين، يتمثل في إضفاء صفة المطلق على الحلول الخاصة بالثورة الروسية، و يعني هذا ألا حقائق عامة للثورة الروسية، و من تم ضرورة التخلص من اللينينية، فلجأ الكاتب إلى ضرب اللينينية عبر ستالين .

بعد حذف اللينينية ، فما هي الماركسية مرة أخرى؟

 

-3 - حول أخطاء الماركسية أو كيف أسقط عبد الله الحريف مفهوم التحريفية

يقول عبد الله الحريف:

"إننا نعتبر أن الماركسية التي ترتكز على العلاقة الجدلية الحية بين الذات و الموضوع تعيش دائما توترا حادا هو، في حد ذاته تعبير بالأساس على التناقضات التي يعرفها الواقع الموضوعي و الفكر الذي يحاول الإمساك بذلك الواقع و الفعل فيه".

مرة أخرى، يسقط الكاتب في العموميات، عندما يحاول تفسير الأخطاء التي أصابت الماركسية، فيسقط في نوع من التبريرية، باعتماد أسلوب النقد السوسيولوجي عندما يقول:

"على أنه نريد التنبيه هنا، إلى أن ما أصاب الماركسية من أخطاء، أيام برنشتاين و كاوتسي و ستالين و بعده ، ليس نابعا، بالأساس من إرادة و أخطاء بعض الأشخاص - رغم أهمية الدور الذي لعبوه – و لكن من إرغامات الواقع الموضوعي (ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر و انتشار الماركسية بشكل مسطح و مبسط وسط الطبقة العاملة، كما أن التقنين الستاليني للماركسية يعتبر هو أيضا، إلى حد بعيد، وليد طبيعة الواقع الموضوعي في الاتحاد السوفياتي، فضاع الفهم السائد للماركسية و اللينينية وسط الطبقة العاملة و الحزب الشيوعي السوفياتي".

خارج المنهج المادي التاريخي، و باعتماد منهج تاريخي سوسيولوجي، يتم السقوط في التبرير و التغميض .

 

-4- ماركس وإضفاء صفة المطلق على الرأسمالية التنافسية

يقول عبد الله الحريف في هذا الصدد:

"و لا بد، هنا، من الإقرار بأن ماركس الذي قدم فهما علميا لجوهر الرأسمالية و تناقضاتها العميقة التي لا تتغير مهما تغيرت أشكال الرأسمالية، لم ينج من إعلان بعض التقييمات و التنبؤات التي تجد أساسها في إضفائه صفة المطلق على الشكل الذي كانت عليه الرأسمالية في عهده (أي الرأسمالية التنافسية) و ما كانت تؤدي إليه من أزمات و انهيارات، و ما يصاحب ذلك من استغلال مكثف و تفقير للطبقة العاملة، الشيء، الذي يعتبر مصدر بعض التقييمات الكارثية، مثل الأزمة العامة و النهائية للرأسمالية".

لتأكيد أطروحته المزعومة، قام الكاتب بخلط للأوراق نتج عنه عدم التفريق بين ماركس العالم الثوري و ماركس المناضل الثوري. لقد كان على ماركس أن يدرس الرأسمالية في مرحلة محددة، و قدم أجوبة علمية في ذلك، لم يتم تجاوزها في مرحلة الامبريالية، لكن ماركس، قام بتلك الدراسة، ضمن منهج علمي، يتبنى منهج السيرورة، و يتبنى قانون التناقض، و لذلك، لدى ماركس و رفيقه انجلز إشارات حول التطور اللاحق للرأسمالية، و بالنسبة لماركس و انجلز، كانت هناك مهمة إنجاز الثورة الإشتراكية في جدول الأعمال، كلما سنحت الظروف بذلك،هذان المناضلان العظيمان، لم ينتظرا انتقال الرأسمالية إلى مرحلتها الأمبريالية، ليعلنا عن برنامج الثورة الإشتراكية. أما لينين، فقد قدم الجواب انطلاقا من ماركس، و بذلك أصبحت اللينينية، هي ماركسية عصر الأمبريالية و انتصار الثورة الإشتراكية.

أما أسباب التقييمات الكارثية، و غيرها، فيعود إلى قراءات غير جدلية لكتاب الرأسمال، و عدم إدراك قوانين جديدة للرأسمالية، قام لينين باكتشافها، ثم إن ذلك له صلة بالأفكار السائدة داخل الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني يمينا، وسطا، و يسارا .  

 

-5- لينين والجوهر الحي للماركسية

كيف نظر الكاتب إلى تعامل لينين، مع ما أسماه بالجوهر الحي للماركسية؟

"هكذا استطاع لينين فعلا، و بشكل خلاق، أن يطبق الماركسية عبر إمساكه بجوهرها، و تجاوزه لبعض أطروحاتها التي لا تنطبق سوى على مرحلة الرأسمالية التنافسية، و من تمة يتضح، إذن،أن مختلف الإسهامات الرائعة للينين لم تتوقف عن نقد الأطروحات الخاطئة التي واكبت الماركسية من الداخل، تحت تأثير الاتجاهات السائدة في العديد من الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية الأوروبية ( و خاصة الحزب الألماني)، بالارتكاز على أن الماركسية ليست مقولات جامدة و إنما هي مبادئ موجهة عامة، و أن الرأسمالية تغيرت من حيث الجوهر، بينما أدى تغير الرأسمالية بالعديد من المنظرين الاشتراكيين الديموقراطيين إلى الظن بأنها يمكن أن تتغير من حيث الجوهر، في إطار سيرورة تطورية هادئة ستوصل إلى الشيوعية، مما أدى إلى انقسام الاشتراكية الديموقراطية في بداية القرن و انهيار الأممية الثانية".

لا نعلم شيئا عن هذا الجوهر الذي تشبت به لينين حسب طرح الكاتب، و ما هي الأطروحات التي تجاوزها، و هي ذات صلة بالمرحلة التنافسية للرأسمالية، ثم لا نفهم كيف انشطرت الاشتراكية الديموقراطية الأممية إلى اتجاهين، فقط لأن أحدهما ظل متشبتا بفكر المرحلة التنافسية، و الآخر اكتشف قوانين المرحلة الامبريالية، و هكذا اعتقد الاتجاه الأول بإمكانية تغيير جوهر الرأسمالية بشكل تطوري، فانحرف عن الاتجاه، و هذا ما أسقط الأممية الثانية.

إن هذا، لعمري، تبسيطية ما بعدها تبسيطية، تقفز على الحقائق التاريخية التي لا تقبل الجدال .

إن القول بأن كاوتسكي و صحبه الذين أخطأوا حسب طرح الكاتب، يعود فقط لتشبتهم بالمرحلة التنافسية عند كارل ماركس، فهذا لعمري جهل بالتاريخ، أو لم يتطرق قادة الأممية الثانية إلى مفهوم الامبريالية؟ للبرهنة على ذلك انظر كتاب كاوتسكي"الما فوق امبريالية" ،و كتاب هيلفيردينغ "الرأسمال المالي"، و هذا يثبت أن الأمر يتجاوز التفسير التبسيطي لصاحب المقال.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى، يلاحظ أن الكاتب يحاول، على امتداد المقالة برمتها، تلافي استعمال مصطلح التحريفية، و ذلك لعلاقة ذلك بمفهومه للماركسية، التي حددها بمجموع الكتابات التي تدعي لنفسها الماركسية، حتى أن ماركس و انجلز أصبحا مجرد نقطة صغيرة، أمام هذا الركام المسمى "ماركسية". و قد قام الكاتب بهذه القفزة في الهواء، فوق التاريخ، لتجنب التحديد على قاعدة المادية التاريخية، محاولا تجنب البحث في العلاقة عن تسلسل تطور الفكر الماركسي بين التاريخي و المنطقي، مما جعله يضع - في قفة واحدة- كلا من كاوتسكي و برنشتاين و لينين و ستالين و ماو تسي تونغ، فكلهم ماركسيون "و الحمد لله"، و كلهم أخطأوا و"الكمال لله"، إنه "الجوهر الحي فعلا للماركسية"، أي الماركسية اللاماركسية.  

 

-6- ستالين و الجوهر الحي للماركسية

في محاولته الخاصة للتأسيس لمايسمى " ماركسية الجوهر الحي"، و بعد التخلص من اللينينية و مفهوم التحريفية، خص الكاتب ستالين بنقد عدائي دون أبسط مجهود للبرهنة على أقواله،و يقول في هذا الصدد:

"لقد عانت الاشتراكية، كما تمت الإشارة إلى ذلك أعلاه، من التحجر، بفعل تحويلها، أيام ستالين، إلى منظومة كاملة من القوانين النهائية لتطور العالم، ماضيا و حاضرا، و مستقبلا".

نحن هنا، أمام حكم قاطع و ناجز و دون مستندات و حجج تثبت الإدعاء،هناك ترديد لأقوال معروفة، تعزفها باستمرار المجموعات المعادية للينينية و البلشفية، و التي نهلت منها كل الحركات المناهضة للشيوعية و المدافعة عن الرأسمالية و الأمبريالية. لقد فشل الكاتب في نقده - إذا سمينا هذا نقدا- فكلما حاول نقد ستالين تجنب الحديث عن السياقات التاريخية، و تجنب الحديث عن النصوص اللينينية، و ذلك لتجنب أي نقاش حقيقي بدل إسقاطاته الجاهزة.

 

-7- ماركس والأفق الشيوعي للعصر الصناعي

في محاولة فاشلة للرد على دعاة" أن التناقض بين البورجوازية و البروليتاريا قد تم تجاوزه في ظل الرأسمالية، لأن البروليتاريا أصبحت أقلية في البلدان الرأسمالية المتطورة، و هو نفس الحال و أكثر في دول المحيط"، يقول صاحب المقالة:

"أن ماركس كان يعتبر أن البروليتاريا هي البروليتاريا الصناعية بالأساس، و يرجع ذلك في رأينا، إلى كون ماركس قد أضفى هنا، أيضا، صفة المطلق على مرحلة معينة من تطور الرأسمالية، و هي المرحلة التي كانت فيها الصناعة هي النشاط الاقتصادي و المتنامي باستمرار، بينما كانت الخدمات، في أغلبيتها الساحقة، لا تخضع مباشرة للرأسمال، بل كانت تعتبر ميدانا لنشاط فئات برجوازية صغرى"

و يخلص الكاتب إلى:

"فقد أصبحت الخدمات أكثر فأكثر ميدانا مباشرا و مزدهرا للتراكم الرأسمالي، و قد عرفت مع تطور الإعلاميات و المواصلات و تدويل الرأسمال تطورا هائلا، لذلك يكون لوسيان سيف على صواب في نظرنا، عندما يطرح أن عند ماركس أفقا شيوعيا للعصر الصناعي بينما نشهد حاليا إرهاصات "أفق شيوعي للعصر المعلوماتي" ".

لقد أراد الكاتب، أن يدافع عن الماركسية ضد القائلين بتجاوز الرأسمالية للتناقض الجوهري بين البرولتاريا و البورجوازية، و من أجل ذلك اختار أطروحة لوسيان سيف القائلة بأن ماركس قام بإضفاء صفة المطلق على المرحلة التنافسية للرأسمالية، و على البروليتاريا الصناعية لهذه المرحلة، فقد سقط ماركس، حسب هذا الزعم، في طرح جعله ينظر للشيوعية بأفق صناعي، مما جعل تصوراته متناقضة مع مرحلة جديدة من تطور الرأسمالية (مرحلة الخدمات، تطور المواصلات، تطور المعلومياتية...)، لحد كما يقول الكاتب، أن لوسيان سيف في كتابه "الشيوعية أي نفس جديد؟"، كان على صواب، عندما قال بأننا دخلنا مرحلة الشيوعية في أفق معلوماتي.

إن القول بوجود أفق شيوعي للعصر الصناعي لدى ماركس فيه مغالطة كبرى:

-1- لم يتكلم ماركس و أيضا انجلز عن تفاصيل المجتمع الشيوعي، لسبب بسيط، و هو تركهم ذلك للمستقبل،أو ما أسماه ماركس ب "طنجرات التاريخ" .

-2- إن أطروحة لوسيان سيف، المشار إليها أعلاه، تقفز عن جوهر الطرح الماركسي للشيوعية، من حيث تحديد المبادئ الأساسية ، و هذه المبادئ تظل صحيحة لأنها علمية، و لأن محرك الوصول إليها لازال قائما، و يتمثل في استمرار تناقضات الرأسمالية، التي كما يقول الكاتب نفسه،غيرت شكلها و لم تغير جوهرها. و في كل الأحوال، لم يتطرق ماركس و لا رفيقه انجلز،إلى تفاصيل هذا المجتمع الشيوعي المنشود، و تكلما أكثر عن المرحلة الإنتقالية المؤدية إليه، أو ما أسمياه بالمرحلة الأولى للشيوعية أي الإشتراكية.

-3- إن الكلام عن وجود بعد معلوماتي للشيوعية في الظروف الراهنة، يستدعي تدقيقات ضرورية على مستوى المبادئ و المفاهيم العامة، و هو ما تجاهله الكاتب، حينما لم يناقش أثر المعلوميات على بناء المجتمع الشيوعي، و هل يمكن الإكتفاء بالمعلوميات فقط من أجل رسم معالم مجتمع المستقبل، المجتمع الشيوعي؟ لقد كان لوسيان سيف، أحد فلاسفة الحزب الشيوعي الفرنسي الغارق في التحريفية، معجبا أي إعجاب بميخائيل غورباتشوف (كان غوربتشوف معجبا بما يسميه"الإشتراكية على الطريقة السويدية")، و تحت تأثير شعارات و كتابات هذا الأخير، كتب كتابه المشار إليه أعلاه، و نعلم جيدا المآل الذي عرفه غورباتشوف كعدو للإشتراكية، و يعلم الجميع أي منقلب انقلب إليه الحزب الشيوعي التحريفي الفرنسي.

-4- إن اعتماد نص لوسيان سيف، هو غطاء نظري للقفز عن المفهوم اللينيني للإمبريالية،و حصر للنقاش في المرحلة الماركسية، بما يخدم الخط الإيديلوجي التحريفي للكاتب المسمى "ماركسية الجوهر الحي"، و في نفس الوقت رفض للينينية، أي ماركسية عصر الأمبريالية و الثورات الإشتراكية.

إن التطرق لمفهوم البروليتاريا كمفهوم إشكالي يثير عدة تساؤلات :

لم ينج مفهوم البروليتاريا لدى ماركس هو الآخر، من إسقاطات و لوي للعنق، ثم اختزال الطرح الماركسي في "البروليتاريا الصناعية"، لتسهيل تمرير أطروحة أننا في عصر "الخدمات" القطاع المنتج الجديد، و من تم تعويم المفهوم الماركسي للطبقة العاملة و البروليتاريا. إن اقتناص ما تجود به السوسيولوجيا البورجوازية، و استخدامه عشوائيا لإبراز أطروحات دون غيرها، هو قمة الإنتقائية.

ليس هدفنا هنا مناقشة الموضوع، فقط نريد الإشارة إلى أن التطرق لمفهوم البروليتاريا كمفهوم إشكالي، يثير عدة أسئلة، لا يمكن الحسم فيها دون العودة إلى كتابات ماركس، و خاصة كتاب الرأسمال، لقد تكلم ماركس و انجلز عن البروليتاريا و عن الطبقة العاملة كمفهومان، تارة مترادفان، و تارة أخرى مختلفان، و هذا موضوع آخر. كما يستعمل ماركس في كتابه "الرأسمال"، بالنسبة لتحديد مفهوم الطبقة العاملة، مفهومين أساسيين هما "العمل المنتج" و"العمل غير المنتج"، ثم لا يجب الإكتفاء ببعض الأرقام أو الإحصاءات حول ما يدعى بتقلص أعداد الطبقة العاملة، و هي إحصاءات لا تعتمد على مفاهيم علمية دقيقة للتأكد من ذلك، ثم إن الرأسمالية نظام اقتصادي عالمي، و الطبقة العاملة طبقة اجتماعية مرتبطة بذلك، و هو أمر يقلب كل المفاهيم الإصلاحية و التحريفية حول الطبقة العاملة.

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.