Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

في الذكرى الأربعون لاستشهاد القائد البروليتاري الثوري الماركسي ــ اللينيني جبيهة رحال

Pin it!

تحل اليوم الذكرى الأربعون لاستشهاد الرفيق العامل جبيهة رحال، القائد الثوري الماركسي ــ اللينيني وشهيد الحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية ومنظمة "23 مارس"(الجناح الثوري)، ويعتبر الرفيق أول شهيد ماركسي ـــ لينيني للطبقة العاملة المغربية. سقط الرفيق شهيدا وهو يحمل علم الماركسية ـــ اللينينية الأحمر وخط الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية على طريق الاشتراكية والشيوعية.

المجد والخلود لكل شهداء الحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية.

المجد والخلود لرفيقنا الشامخ جبيهة رحال.

نبذة مختصرة عن حياة الشهيد جبيهة رحال

تاريخ الولادة : 1948                             المكان : قلعة السراغنة

                       المهنة : عامل(مركب آلات )

تاريخ الاعتقال : نونبر 1974                  السن عند الاعتقال : 26 سنة

تاريخ صدور الحكم:14 فبراير1977       الحكم الصادر : 30 سنة + سنتان

تاريخ الاستشهاد : 13 أكتوبر 1979     السن عند الاستشهاد : 31 سنة

مكان الاستشهاد: الرباط، مستشفى ابن سينا على إثر محاولة فرار من أجل الإلتحاق بالعمل الثوري "رسميا موت ناتج عن نوبة قلبية"

بعض من حياة الشهيد جبيهة رحال

من النضال الثوري إلى الاعتقال

ولد الرفيق الشهيد جبيهة رحال سنة 1948 بقلعة السراغنة (مدينة توجد على بعد 84 كلم من مدينة مراكش)، بها تلقى تعليمه الابتدائي ثم انتقل إلى سيدي رحال ليتابع دراسته بالإعدادي، وانتقل إلى مدينة الدار البيضاء ليتابع دراسته في شعبة الميكانيك بثانوية جابر بن حيان

خلال انتفاضة 23 مارس 1965 سيعتقل الرفيق جبيهة رحال لأول مرة لمدة استمرت 15 يوما، ثم كان اعتقاله لمرة ثانية سنة 1968 إثر إضراب شنه التلاميذ بالمؤسسة التي كان يدرس بها

حصل الرفيق جبيهة رحال على دبلوم تقني فالتحق سنة 1970 بمعمل " كارنو " ( معمل لصنع المعلبات بالدار البيضاء).

انخرط الشهيد مباشرة بعد ذلك في النضال العمالي حيث نسج علاقات واسعة مع العمال، وفي سنة 1973 سيتعرض لمحاولة اعتقال بمعمل " كارنو" في إطار حملة من الاعتقالات مست مناضلي الحركة الماركسية- اللينينية بالمغرب و خاصة مناضلي النقابة الوطنية للتلاميذ، و قد تعرض العديد من مسؤولي النقابة الوطنية للتلاميذ للاعتقال و استطاعت الأجهزة القمعية أن تقتحم المقر المركزي السري للنقابة الوطنية، و كان هذا المقر مكترى باسم الرفيق جبيهة رحال. و في سنة 1972 التحق الرفيق بمنظمة "23 مارس " و من داخلها سيتحمل العديد من المسؤوليات التنظيمية و النضالية، جسد من خلالها ارتباطه الوثيق بالطبقة العاملة و استماتته في الدفاع عن مصالحها، فاستطاع أن ينسج روابط متينة مع رفاقه العمال.

سيتعرض الرفيق الشهيد لاعتقال جديد في بداية نونبر 1974إثر الحملة القمعية الكبيرة التي شنها النظام الكمبرادوري ضد الحركة الماركسية – اللينينية المغربية حيث زج به إلى جانب رفاقه في درب مولاي الشريف و هو معتقل سري للنظام بالدار البيضاء، ويعد من بقايا الإرث الاستعماري بالمغرب حيث سبق للسلطات الاستعمارية أن عذبت فيه مناضلي الحركة الوطنية و خاصة مناضلي المقاومة المسلحة. و قضى الشهيد بهذا المعتقل فترة طوية تمتد من بداية نونبر 1974 إلى 16 يناير 1976 (أزيد من سنة) حيث تعرض لشتى أنواع التعذيب الجسدي و النفسي مكبل اليدين معصب العينين.

و في يوم 16 يناير 1976 نقل الرفيق إلى السجن المدني بالدار البيضاء المعروف بسجن غبيلة ضمن مجموعة 26 ليقدم إلى محاكمة الدار البيضاء الشهيرة في 3 يناير1977 بتهمة "محاولة قلب النظام ........".

و قد صدر الحكم في حقه ب 30 سنة مع إضافة سنتين و ذلك على الساعة الثالثة صباحا من يوم 14 فبراير 1977.

- جبيهة رحال المعتقل في سجون النظام 

خلال فترة اعتقاله بالمعتقل السري السيئ الذكر " درب مولاي الشريف" بالدار البيضاء ورغم ظروف الاعتقال القاسية والوحشية و الحاطة بالكرامة الإنسانية، ظل الرفيق جبيهة رحال كعادته شامخا، متقد الفكر، ثاقب النظر و هي صفات الصقر الأساسية. كان جريئا في طرح كل الأسئلة التي يجب طرحها، و بطبيعة الحال كان أهم سؤال لديه في تلك الفترة ،هو لماذا سقطت منظمة 23 مارس و بتلك السرعة؟ ، ولما ذا لم تتحمل قيادتها مسؤولية الحفاظ عليها؟

كان همه الأساسي الوصول إلى الحقيقة، فالحقيقة كما كان يقول آنذاك دائما ثورية. و من خلال النقاشات الثنائية داخل الدرب ( و هذه شهادة للكاتب الذي قاسمه نفس الغرفة بالدرب)، بدأت تتبلور لدى الرفيق نواة فكرية و سياسية تعيد النظر في الخط السياسي الذي ساد داخل منظمة 23 مارس

كان الرفيق متميزا في علاقته بمحمد الكرفاتي (الملقب ب الشريف وحميد، عن طريق محمد الكرفاتي توصل البوليس إلى معرفة كل أعضاء قيادة 23 مارس وهو صاحب وثيقة خطة عمل التي سبق الحديث عنها في إحدى الحلقات السابقة) أحد قيادات 23 مارس بحيث لم يكن يترك أية فرصة تمر دون فضحه و تعرية حقيقته أمام المعتقلين. كان يومها يحمل سخطا كبيرا على الرجل الذي دشنت به الاعتقالات. (اعتقل محمد الكرفاتي في بداية نونبر 1974 على إثر حاجز أمني كان منصوبا ضمن حواجز كثيرة بمناسبة انعقاد أحد المؤتمرات الدولية بالدار البيضاء).

خلال فترة المعتقل السري اطلع الرفيق جبيهة على جوانب من خط و تجربة منظمة " إلى الأمام"، و بحدسه أدرك جيدا أن لا مستقبل للحركة الماركسية – اللينينية بدون وحدة المنظمتين ضمن خط ماركسي – لينيني ثوري.

و في سجن غبيلة بالدار البيضاء، الذي حل به الرفيق في يوم 16 يناير 1976، ستتبلور لديه رؤية وحدوية تنبذ كل شكل من أشكال الحلقية و تتحلى بروح وحدوية عملية و حماسية

هكذا، وفي سجن غبيلة، جسد الشهيد تلك القناعات بروح العامل الثوري التواق إلى الممارسة، و الابتعاد عن السفسطائية، و القول بكل ما يجب قوله بدون مواربة و بروح رفاقية عالية.

عندما وصل المعتقلون إلى سجن غبيلة في يناير 76، و في إطار إيجاد صيغ للتواصل بينهم ( وزعت إدارة السجن المعتقلين على شكل مجموعات صغيرة، وضعت كل واحدة منها في زنزانة وحرست على أن تظل معزولة عن بعضها ) أطلقوا اسما على كل زنزانة ( زنزانة إفريقيا ، زنزانة أمريكا ، الشمال،آسيا...). أقام الرفيق في زنزانة افريقيا و كانت تضم كلا من فؤاد الهيلالي و محمد حسان و ادريس ولد القابلة و الراحل عبد السلام المودن و عبد العالي بن شقرون و محمد الزكريتي.

خلال فترة العزلة تميز الرفيق بروح عالية من الإقدام و الشجاعة والمبادرة. و من أمثلة ذلك، أنه حينما اتخذ أعضاء الزنزانة قرار إدخال راديو ترانزيستور لمتابعة الأخبار على المستوى الوطني و على مستوى المنطقة، كان جبيهة رحال هو من تحمل مسؤولية إدخاله إلى السجن (استعمل الرفيق علاقاته العمالية). أدخل المذياع مساء ونجحت العملية لكن مسؤول الحي المدعو بوشامة ( رئيس حراس الحي وكان معروفا بأساليبه الفاشية) راوده شك في الأمر فقرر صبيحة الغد استطلاع الأمر وهاجم على حين غرة زنزانة إفريقيا وقام بتفتيشها لكنه لم يجد شيئا وبدأ محاولاته الترهيبية و الاستفزازية للمعتقلين . وإذا كان البعض قد ارتبك إلا أن رفيقنا ظل صامدا لا يتزحزح

وسيشهد يوم 17 يناير 1976 هجوما عنيفا على زنزانة افريقيا قاده بوشامة بمعية مجموعة من الحراس. خلال هذا الهجوم تم اختطاف الرفيق جبيهة رحال من زنزانته وتم نقله في جو ترهيبي إلى مكان يجلد فيه المعتقلون حيث تعرض ل "الفلقة" (إحدى الوسائل المستعملة في التعذيب داخل السجون المغربية) وظل الرفيق صامدا رغم أن تعذيبه كان يتم خطئا على اعتبار أنه فؤاد الهيلالي. (لعل ذلك يعود إلى توجيه من جلادي الدرب الذين كانوا في تلك الأيام يزورون السجن باستمرار).

تحمل الرفيق حالة التعذيب التي تعرض لها في صمت وصمود لكن الرائع في الأمر هو أنه طيلة الفترة الممتدة إلى حدود استشهاده لم يسمع الكاتب منه أدنى عتب على اعتبار أنه عذب مكانه. و هنا تتبدى لنا في أجلى صورها شيمة الكبرياء وصفة الشموخ لدى صقر القلعة الأحمر الشهيد جبيهة رحال

كان الشهيد جبيهة رحال من الرفاق الذين لعبوا دورا أساسيا في معركة الشهيد عبد اللطيف زروال التي انطلقت في 14 نونبر 1976 تحت شعار "المحاكمة أو إطلاق السراح"و التي دامت 17 يوما و شاركت فيها ثلاث مجموعات من المعتقلين الموزعين على سجن غبيلة و سجن عين برجة و هم مجموعة 26 و مجموعة 79 و مجموعة 66 .

رضخ النظام لمطلب المعتقلين بتحديد موعد للمحاكمة كما اضطر إلى إطلاق سراح 105 معتقل و ذلك يوم 7 - 12- 76.

بعد هاته المعركة فكت العزلة عن المعتقلين و أصبح بالإمكان التواصل فيما بينهم. و في أجواء نضالية حماسية انطلقت نقاشات سياسية و فكرية هامة بين رفاق منظمة " إلى الأمام" و رفاق منظمة 23 مارس

وسيحتل الرفيق جبيهة رحال- وسط مجموعة 26- موقعا متميزا في ذلك النقاش، حيث وضع على المحك روحه الوحدوية البعيدة عن الحلقية. وكرس كل جهوده في خدمة بناء علاقة وحدوية مشتركة بين التنظيمين اللذان أصبحا يسيران نحو الوحدة بعدما تم الاتفاق على العديد من النقاط ذات الطابع الإيديولوجي و السياسي.

و عندما استولى الاتجاه اليميني داخل منظمة 23 مارس على قيادة المنظمة بعد اعتقالات نونبر 1974 (خلال سنة 75 قام الاتجاه اليميني داخل منظمة 23 مارس بالخارج بعقد ندوة وطنية استولى من خلالها على قيادة المنظمة وبدأ بإصدار جريدتي "23مارس" بالخارج و"أنوال" بالداخل". دشن هذا الاتجاه قطيعة مع خط الحركة الماركسية-اللينينية المغربية....) وبعد مراسلة بعثت بها القيادة الجديدة لأعضاء المنظمة بسجن غبيلة، أعلن الشهيد جبيهة رحال قطيعته مع ذلك الاتجاه فتبعته أغلبية معتقلي المنظمة بسجن غبيلة، ليتشكل بعد ذلك الاتجاه الثوري الذي انفصل عن القيادة بالخارج، و كان الشهيد أبرز قادته.

ساهم الرفيق جبيهة رحال في كل النقاشات المهيأة للمحاكمة بحماس كبير و كان وحدويا بامتياز، الشيء الذي أظهره في المحاكمة، حينما انبرى للدفاع عن الخط الثوري للحركة الماركسية – اللينينية المغربية، و ذاد عن مبادئها بكل شراسة و انخرط في كل المعارك التي خيضت إبانها، مساهما في تهييئها و مشاركا في تنفيذها، محرضا عليها و داعيا لها و كان من الأوائل الذين ساهموا في تعبئة حركة العائلات المساندة للمعتقلين السياسيين، و لا ينسى المعتقلون الدور الذي قام به أخوه الدكتور عمر جبيهة.

عندما نقل المعتقلون إلى السجن المركزي بتاريخ 7 مارس 1977، وضع الرفيق في حي للعزلة المعروف بحي " د " إلى جانب مجموعة من الرفاق المنتمين إلى التنظيمين منهم : محمد حسان ، عبد العزيز مريد ، حسن السملالي ، إدريس بن زكري ، محمد السريفي ، عبد الفتاح الفاكيهاني و فؤاد الهيلالي .... وبعد انقضاء فترة العزلة انتقل الرفيق إلى حي" أ" إلى جانب من التحقوا به من مجموعة العزلة، و سرعان ما أعيد الاتصال بين منظمة "إلى الأمام" في السجن و الجناح الثوري لمنظمة 23 مارس بقيادة جبيهة رحال، لينطلق نقاش من جديد من أجل تطوير العلاقة بين المجموعتين في أفق الوحدة بينهما الشيئ الذي استمر إلى حدود 13 أكتوبر 1979 تاريخ استشهاده.

ظل الرفيق على خطه النضالي الثوري حتى النهاية فساهم في تهيئ كل المعارك من موقع قيادي، كما حرص بكل تفان وإخلاص على تنفيذ كل القرارات و الخلاصات، التي كانت تنبثق عن الإطار المشترك بين منظمة "إلى الأمام" و التيار الذي كان يقوده الشهيد.

خلال هاته الحقبة ساهم في كل المعارك و لعب دورا قياديا فيها مثل معركة يونيو 1977 و معركة سعيدة لمنبهي التي دامت 45 يوما و معركة القانون الأساسي للمعتقل السياسي في فبراير1978.

و على امتداد هذه الفترة تحمل الشهيد أصعب المهمات و أخطرها و اندفع إليها بتلقائية العمال، كما خدم المجموعة في تواضع كبير ينم عن احترام راسخ للعمل اليدوي الذي غالبا ما يحتقره المثقفون.

ساهم جبيهة رحال بدور بارز في رفع طوق العزلة الإعلامية عن المعتقلين وقام بدوره الكبير في تنشيط وتنسيق وتعزيز دور حركة العائلات. لقد كان حقا مناضلا حقيقيا، مبدعا و خلاقا و متفانيا في كل عمل كان يشارك فيه.

استشهاد الرفيق جبيهة رحال

في يوم 13 أكتوبر من العام 1979 ستفقد الحركة الماركسية – اللينينية المغربية واحدا من خيرة أبناء الطبقة العاملة و الشعب المغربي. كما تكبد الاتجاه الثوري داخل نفس الحركة ضربة قوية كان لها الأثر الكبير.

و قد استشهد المناضل العمالي الماركسي- اللينيني البارز جبيهة رحال خلال محاولة للهروب من المستشفى (مستشفى ابن سينا بالرباط) بغية استئناف عمله الثوري خارج السجن.

لقد وهب رحال حياته لتستمر شعلة النضال و المقاومة للنظام الكمبرادوري متقدة، تنير درب اليسار الثوري. هكذا سقط الصقر الأحمر في خندق النضال شامخا في صمود و عزة و كبرياء ليلتحق بقافلة شهداء الحرية بأبطالها و ملاحمها الخالدة. لقد أدى مهمته التاريخية مبدعا في العطاء ووهب روحه بكل سخاء، سخاء الثوريين العظام.

جبيهة رحال المناضل الوحدوي

يقول جبيهة رحال في أحد نصوصه:

"إني أستخلص من هذا أن على الحركة الماركسية-اللينينية من أجل تجاوز ضعفها و حتى تصبح مؤهلة للمهام الثورية العظيمة ، و لو نسبيا، أن تعمل عاجلا على سد الثغرات السياسية التي علقت بتجربتها، و أن تقدم بشجاعة على إجراء عمليات وحدوية ضرورية للخروج عاجلا من وضع التشتت الذي تعيشه ، و أن تضع خطة لوحدة الحركة الماركسية –اللينينية نحو طريق بناء الحزب البروليتاري."

"إن العملية الوحدوية التي ننشدها حاليا و باستعجال، أرى الشروط متوفرة لها سياسيا و فكريا و تنظيميا، هي بين منظمة 23 مارس – أي مجموعات من 23 مارس تتفق على ذلك و بين منظمة "إلى الأمام" و هي عملية أولى ضرورية نحو الوحدة الشاملة لكل الماركسيين- اللينينيين المغاربة

إن وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة ليست إرادية، إنها صراع سياسي و فكري و مسيرة نضالية. إن هذه الوحدة الشاملة لا يمكن تصورها إلا على أساس خط سديد جماهيري، و على أساس إدراك صحيح للمنهج الماركسي –اللينيني و المبادئ الماركسية – اللينينية و معرفتها، أي إدراك خصائص البلاد و المجتمع و تاريخه و واقعه الملموس و ذلك باستعمال المنهج الماركسي –اللينيني و القوانين الماركسية اللينينية لحل التناقضات في المجتمع . إن هذه الوحدة تتطلب إدراك خصائص المرحلة الثورية و تناقضاتها و خصائص كل فصيل من فصائل الحركة الماركسية- اللينينية ."

ملحق: وثيقة للشهيد جبيهة رحال

نقدم هنا إحدى آخر ما كتبه الشهيد من نصوص داخل السجن. إنها وثيقة تاريخية تثبت الروح الوحدوية للشهيد الذي كان مدافعا شرسا عن ضرورة الوحدة بين منظمة " إلى الأمام" و التيار الثوري لمنظمة "23 مارس".

الوثيقة

العملية الوحدوية بين منظمة 23 مارس و"إلى الأمام" جزء من وحدة الحركة الماركسية -اللينينية الشاملة

تقديم:

الوثيقة التي بين أيدينا ، لم تكن أصلا مهيأة للنشر. كتبها رفيقنا الشهيد جبيهة رحال في ظروف خاصة و ذات قيمة تاريخية، لأنها تحتوي على أفكار و مواقف تؤرخ لمستوى النقاش الرفاقي الوحدوي الذي وصلت إليه مجموعة من مناضلي "23 مارس" و منظمة "إلى الأمام".

لقد انطلق النقاش داخل مجموعة 26 بعد انتقالها من درب مولاي الشريف يوم 16 يناير 1976، و لم يتطور إلا بعدما فكت العزلة عن المناضلين إثر إضراب عن الطعام للمطالبة بالمحاكمة. و عند انطلاق النقاش كانت إشكالات كبيرة تهيمن على الجو العام السائد داخل المجموعة. فعلى المستوى العام كانت مهمة تهيئ المحاكمة في جدول الأعمال. كما خلقت ندوة باريس سنة 75 انقساما واضحا بين القيادة الجديدة لمنظمة 23 مارس و الأغلبية الساحقة من مناضليها. و أنتج هذا الوضع أزمة قيادة داخل منظمة 23 مارس، و كان لذلك اثر كبير على النقاشات الوحدوية بين منظمة "إلى الأمام" و مناضلي الاتجاه الرافض للقيادة الجديدة و أطروحاتها. و في جو رفاقي حار، انطلق النقاش من وثيقة " الخطة التكتيكية المشتركة" التي تم تبنيها كأرضية مشتركة" يمكن تطويرها. وبالفعل تطور النقاش وتمخضت عنه وثائق جديدة نذكر منها وثيقة "لنستعد" و الأرضية المعروفة ب 13 نقطة ووثائق أخرى تعالج قضايا النضال الديمقراطي و التحالفات و الإستراتيجية الثورية و المسألة الأمازيغية ... و كانت النقاشات غنية طورت الأفكار و الرؤى، في جو كان فيه التهييئ للمحاكمة حاضرا بقوة.
لقد أثمر هذا العمل إطارا تنظيميا وحدويا ذا صلاحيات هامة، انصهرت في بوتقته التطورات الفكرية و السياسية. و انعكس ذلك على باقي المجموعات التي كانت تتواجد داخل نفس السجن أو خارجه، و بعد محاكمة يناير فبراير 1977، و في ظروف قمعية قاسية تم نقل المجموعات إلى السجن المركزي بالقنيطرة حيث ستبدأ مرحلة جديدة من القمع و التعسفات و العزلة خبر جحيمها المعتقلون و عائلاتهم.

و في السجن المركزي تجمع المعتقلون المنتمون إلى المجموعات الثلاث (مجموعة 26، مجموعة 79، مجموعة عين برجة ). و لم يتوقف النقاش الوحدوي و العمل المشترك للرفاق رغم المستجدات (انضمام مجموعات جديدة) بل عرف وتيرة جديدة ساهمت في الحفاظ على وحدة المجموعة و صمودها. و أثمر هذا المجهود معارك كبرى خاض غمارها مناضلو السجن المركزي ( إضراب 45 يوما ، إضراب فبراير 78 المطالب بسن القانون الأساسي للمعتقل السياسي و غيرها من الإضرابات و الاعتصامات و مظاهرات عائلات المعتقلين) .

تلك هي الأجواء العامة التي أطرت هذه النقاشات الوحدوية بين مناضلي "إلى الأمام" و الجناح الثوري داخل منظمة 23 مارس و الذي كان الشهيد جبيهة رحال من أبرز قادته.

الوثيقة

الأسس التنظيمية ل " العملية الوحدوية"

ليس خاف على أحد التطورات السياسية في البلاد خصوصا بعد 74، و ما تشكله مسألة الصحراء من منعطف تاريخي لمنطقة الغرب العربي حيث أن الصراع الذي اندلع في المنطقة فتح آفاقا للقوى الثورية و التقدمية لأقطار المنطقة للالتفاف حول جبهة نضالية واسعة ضد لإمبريالية و الرجعية في الأقطار الثلاث ، كما أن تورط النظام في حرب خاسرة زاد من حدة أزمته السياسية و الاقتصادية و العسكرية .هذا فتح إمكانية جدية لتحالف القوى التقدمية المحلية تحت برنامج نضالي ديموقراطي من أجل عزل النواة الفاشية و انتزاع مكتسبات ديموقراطية فعلية. إن الشروط متوفرة لتدقيق شعار عزل "النواة الفاشية"و لف جماهير العمال و الفلاحين و الشباب التقدمي حوله نظرا لاشتداد وطأة القهر و النهب و الاستغلال و القمع على الجماهير الواسعة من الطبقات الكادحة و الفقيرة و المتعلمة، و نظرا كذلك لتورط القيادات اليمينية للأحزاب الإصلاحية البرجوازية و البرجوازية الصغيرة و احتداد تناقضاتها مع قواعدها المناضلة الشريفة. قلت نظرا لتورط هذه القيادات اليمينية بجانب النظام حيث عبرت بذلك عن مزيد من إفلاسها و عدائها لمصالح الطبقات الكادحة.

إن هذا كله يطرح على الحركة الماركسية-اللينينية المغربية مهاما عظيمة و ملحة تتطلب خطا سياسيا سديدا و واضحا تكتيكيا و استراتيجيا، و توفير الأداة له أي تنظيما صلبا راسخا جماهيريا له أطر مخلصة صلبة و دينامية قادرة على القيادة و المبادرة .

هل الحركة الماركسية- اللينينية المغربية حاليا في مستوى هذه المهام العظيمة ؟ هل في الحركة الماركسية-اللينينية المغربية مثل هذا التنظيم المطلوب ؟ 

بالتأكيد إن الحركة الماركسية –اللينينية متخلفة عن هذه المهام.

إن الضربات التي تلقتها الحركة الماركسية-اللينينية أضعفت قواها و أنهكتها و جعلتها في وضع لا تحسد عليه . سياسيا بينت الضربات المتلاحقة كيف عجزت الحركة الماركسية-اللينينية على التصدي للقمع عبر الالتحام بالجماهير و التجدر في طبقتها الثورية حتى تجعل منها البحر الذي يحمي السمكة .

إني أستخلص من هذا أن على الحركة الماركسية-اللينينية من أجل تجاوز ضعفها و حتى تصبح مؤهلة للمهام الثورية العظيمة ، و لو نسبيا أن تعمل عاجلا على سد الثغرات السياسية التي علقت بتجربتها ، وأن تقدم بشجاعة على إجراء عمليات وحدوية ضرورية للخروج عاجلا من وضع التشتت الذي تعيشه ، و أن تضع خطة لوحدة الحركة الماركسية –اللينينية نحو طريق بناء الحزب البرولتاري .

ما هي وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة نحو بناء الحزب الثوري ؟

إن وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة ليست إرادية ، إنها صراع سياسي و فكري و مسيرة نضالية . إن هذه الوحدة الشاملة لا يمكن تصورها إلا على أساس خط سديد جماهيري ، و على أساس إدراك صحيح للمنهج الماركسي –اللينيني و المبادئ الماركسية – اللينينية و معرفتها ، أي إدراك خصائص البلاد و المجتمع و تاريخه و واقعه الملموس و ذلك باستعمال المنهج الماركسي –اللينيني و القوانين الماركسية اللينينية لحل التناقضات في المجتمع . إن هذه الوحدة تتطلب إدراك خصائص المرحلة الثورية و تناقضاتها و خصائص كل فصيل  من فصائل الحركة الماركسية- اللينينية.

إن العملية الوحدوية التي ننشدها حاليا و باستعجال أرى الشروط متوفرة لها سياسيا و فكريا و تنظيميا ، هي بين منظمة 23 مارس – ( أي مجموعات من 23 مارس تتفق على ذلك ) و بين منظمة "إلى الأمام" و هي عملية أولى ضرورية نحو الوحدة الشاملة لكل الماركسيين- اللينينيين المغاربة

الحقائق الموضوعية الموجودة 

هنا أريد أن أسجل حقائق واقعية لا يمكن تجاهلها

- إن "إلى الأمام" تتميز بواقعها كتنظيم مستقل له خطه السياسي التكتيكي و الإستراتيجي عبر في الملموس عن صحته في اتجاهه العام، رغم بعض النواقص في التجربة الماضية. هذا التنظيم له قواعده و قيادته رغم النقص و التشتت الذي لا زال يعاني منه في الداخل، له أطره التي عبرت الممارسة على أنهم نسبيا ثوريين قادرين.

- إن منظمة 23 مارس تفتقر إلى خط سياسي شامل أو على الأقل متطور و متماسك رغم بعض المواقف الإيجابية و قضايا عامة حول الإستراتيجية. فنتيجة عمق الضربة أصبحت 23 مارس عبارة عن مجموعات مشتتة تنظيميا و سياسيا، كما أنه من الصعب انتظار بروز نواة قيادية صلبة و ثورية كتنظيم "إلى الأمام" نظرا لغياب الأطر القيادية، حاليا على الأقل. إن الكلام عن عدم بناء التنظيمات بشكل مستقل باعتباره يؤجل العملية الوحدوية و يقفز على المهام العاجلة، كلام لا يجوز تطبيقه على تنظيم موجود كواقع و مهيكل ك "إلى الأمام" و هو كلام لا يجوز إلا في حق 23 مارس لان واقعها مختلف

لهذا فالخلاصة التي أستخلصها هي أن "العملية الوحدوية" المطروحة هي بين "إلى الأمام" كتنظيم و 23 مارس كمجموعات أو تنظيم له خصوصياته .

بعد هذا أريد أن أطرح على المناضلين سؤالين مهمين في نظري و صريحين :

-الأول: هل في مقدور المجموعات الحالية أو تنظيم 23 مارس أن تتطور و تصبح تنظيما بروليتاريا على الأقل في السنوات القليلة القادمة ؟ أي هل مطروح علينا بناء 23 مارس من جديد بشكل مستقل ؟

- السؤال الثاني: نحن رفاق 23 مارس ما هي طريقنا إلى الثورة بشكل إيجابي و راهن ؟

إن الإجابة عن هذين السؤالين ستوضح لنا الأهداف العاجلة و الطريق الصائبة التي علينا سلوكها، إننا في علاقتنا مع إلى " الأمام" حققنا مكتسبات مهمة على الأقل على المستوى السياسي نظرا لتطابق أهدافنا و وجهات نظرنا في القضايا الأساسية و تقاربها في القضايا الأخرى.

و أجيب على السؤال الأول ، إنه في نظري يكاد يكون من المستحيل التحول من مجموعات أو كتنظيم له خصوصياته إلى تنظيم صامد و راسخ جماهيريا في الأمد المتوسط ، و من هنا الجواب على السؤال الأول ،هو أن طريقنا الصحيح لخدمة الثورة إيجابيا و راهنا هو تعزيز صفوف تنظيم الحركة الماركسية – اللينينية بكل إمكانياتنا و طاقاتنا حتى تتآلف الجهود لتجاوز الضعف الحاصل على مستوى الحركة الماركسية- اللينينية ، و هذه العملية ليست عملية إدماج محض دون نقاش أو صراع خصوصا فيما يتعلق بالتجربة الماضية و أخطائها .

و إن هذه العملية الوحدوية ( أو سميها ما شئت) تتطلب أولا الدخول في إنجاز برنامج حد أدنى حول القضايا الأساسية، سنفتح حولها نقاشا و صراعا و إقناعا و اقتناعا كتمهيد لبرنامج عملي تنظيمي تدريجي مع استكمال الخط السياسي الشامل خلال المسيرة الوحدوية القصيرة إذا أمكن من خلال تقييم تجربتي 23 مارس و "إلى الأمام".

و لمزيد من التدقيق أقترح الخطوات التالية لهذه العملية الوحدوية :

1) تحديد و الدخول في إنجاز برنامج حد أدنى يتضمن القضايا الأساسية للثورة . سنناقش : الثورة الديمقراطية الشعبية ، المسألة الوطنية ، الحزب ، النظرية الماركسية – اللينينية ، التحالف العمالي – الفلاحي ، العنف الثوري ، طبيعة النظام ، الصمود ( و من المطلوب تعميم هذا على جميع مجموعات 23 مارس).

2) على أساس ما سبق، تحديد و الدخول في إنجاز برنامج عملي تنظيمي يتضمن تعميم الإطارات المشتركة و العمل المشترك في قطاعات التواجد مع ضمان وحدة التوجيه و وحدة الدعاية و التحريض.

3) الدخول في تقييم شامل لتجربة 23 مارس و "إلى الأمام" لاستكمال قضايا الخط السياسي من دروس التجربة.

4) تعميم القانون الداخلي للتنظيم الواحد و الخضوع للقيادة الواحدة، و تحديد الإطارات التنظيمية على أساس المستويات انسجاما مع الخط السياسي الواحد.

5) تدعيم العمل الوحدوي مع باقي الفصائل الماركسية –اللينينية المغربية إذا كانت موجودة.

ملاحظة:

إن مفهوم جمع شتات "23 مارس" هو جمع سياسي بالأساس، أي أنه علينا قبل كل شيء تعميم و توحيد أطروحاتنا السياسية و الفكرية، أما جمع المجموعات في مجموعة واحدة فهو رهين أولا باتفاقاتها السياسية و الفكرية على أطروحاتنا.

و ثانيا هل الشروط التنظيمية متوفرة لهذا الجمع ( مثلا نواة قيادية صلبة نسبيا قادرة على ضمان التوجيه في إطار البرنامج الوحدوي.)


بقلم جبيهة رحال 

 

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.