Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

حركة العائلات والصعود إلى المواجهة

Pin it!

محاور       

- تقديم
- ميلاد حركة عائلات السجن المركزي
- أجمل الأمهات والعائلات
- النواة السرية للحركة


تقديم
سيذكر التاريخ بفخر واعتزاز ذلك الدور البطولي لعائلات المعتقلين وهن يخضن معارك العزة والكرامة دفاعا عن أبنائها وبناتها وإخوتهن وأخواتهن وأزواجهن .وسيذكر التاريخ أكثر النساء منهن اللواتي كن العمود الفقري لكل حركات العائلات التي عرفتها هاته الحقبة، نساء جئن من كل مناطق البلاد، منهن ذوي الأصول البدوية، وأخريات من أصول عمالية أو كادحة، كلهن جنبا إلى جنب مع نساء أخريات مثقفات وذوي جذور مدينية. تغلبن على الخوف والترهيب، أتين من كل فج عميق غير مكترثات ببعد المسافات وغير مباليات بالتقاليد البالية التي تمنع النساء من ولوج معترك النضال دفاعا عن الكرامة والحرية والحياة.
وفي ليل القهر والعار صرخن لتملأ زغاريدهن كل مكان واهبات الحياة رفضن الردى وجددن دورة الحياة.
كانت صيحاتهن تدخل الدفء إلى أقبية ودهاليز وغياهب سجون النظام، تشحذ الهمم وتنير طريق الأمل رغم برد الإسفلت وصمت القبور.
نصف السماء اقتحمن السماء كلها، نمرات متوثبات، استرخصن كل شيء ليقلن لا للقمع، لا للإهانة و دوس الكرامة، ليعلن نحن هنا وليسقط جدار الصمت وملعون وألف ملعون من يدخل أبنائنا السجون.
من يتجرأ اليوم على أن ينكر أن الحركة النسائية التقدمية المغربية الحالية قد ولدت من رحم هاته الحركة، ومن يستطيع اليوم تجاهل هذا الدرس الذي لقنته للنظام وأزلامه، ومن ينسى أننا جميعا تعلمنا على أيديهن حق المرأة في التحرر بعدما أن كان مبادئ وشعارات مجردة نقرؤها في الكتب، لقد ألهمت هاته الحركة الكتابات والأشعار ومن ربيعها تفتق " أدب السجون".
في ليل القهر والعار وصمت القبور، حيث كان الجلاد والديكتاتور منتشيا بدماء الشهداء، وحيث ركن الجبناء و الحشوية من المداهنين وتجار السياسة على الطلب، إلى الاصطفاف وراء النظام، خرج نساء من هذا الوطن يعلن ميلاد مغرب النضال.
تنشأ حركة العائلات عفويا بمجرد ما ينتقل المعتقلون من الكهوف السرية للنظام إلى السجون العلنية، لتبدأ معاناتهن مع الإدارات السجنية. وأمام أبواب السجون يبدأ التعارف بينهن سواء قبل إدخال الأكل أو خلال الزيارة. ومن خلال التواصل تتحول المعاناة الفردية إلى وعي جماعي بضرورة المواجهة والنضال ضد التعسفات والقوانين المجحفة لإدارة السجن. ومع الأيام تتعزز العلاقات وتنسج الصداقات ويبدأ تبادل الزيارات (استمرت الدولة الكمبرادورية بالمغرب في العمل بالقوانين المعمول بها في السجون وجلها موروث عن الحقبة الاستعمارية) (تقسيم الأحياء : الحي العصري، و الحي" الشريفي " (الأحياء هي مقابل العنابر في أدبيات السجون المشرقية)، الألبسة : الشيباني ( لباس فصل الصيف) و " الدراعة " (من الصوف الخشن وهي لباس الشتاء)، نظام التغذية, نظام العقوبات : الكاشوات و الزنازن الانعزالية و الضرب و الجلد و التعذيب، نظام الزيارات و الفسحات إضافة إلى تقسيم السجون إلى سجون مدنية و فلاحية، نظام التطبيب ...).
عموما كان السجن في الحقبة الاستعمارية يعكس التراتبية القائمة بين المغاربة (و يسمون الأهالي أي السكان الأصليون ويعتبرون مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة) و المعمرين، و بالنسبة للحقبة الاستعمارية الجديدة أصبحت تلك القوانين و التقسيمات تخدم تراتبية اجتماعية طبقية و فئوية.
فمن مجتمع الأهالي انتقل المغرب بعد 56 إلى مجتمع الرعايا.


ميلاد حركة عائلات السجن المركزي


كانت تجربة معتقلي الحملم (الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية) لسنة 72 هي أول تجربة ساهمت في خلق حركة للعائلات متضامنة مع المعتقلين السياسيين، قامت بأدوار مهمة في الدفاع عن المعتقلين و حقوقهم و مطالبهم و ضد تعسفات الإدارات السجنية، و ستنتقل هذه التجربة إلى مجموعة معتقلي 74 و 75 و 76.
قبل الانتقال إلى السجن المركزي مساء يوم 7مارس 1977، كان معتقلو مجموعة 139 (أي المعتقلون الذين قدموا إلى محاكمة الدارالبيضاء في يناير 1977) يقيمون بسجني غبيلة وعين برجة وموزعين على ثلاث مجموعات ( اثنان هما مجموعة 26 ومجموعة 79 ويقيمان بسجن غبيلة، أما الثالثة التي كانت موزعة على مجموعتين : مج 61 و مج 66 وأصبحت مجموعة واحدة بعد إطلاق سراح 105 معتقل على إثر إضراب نونبر1976، فقد كانت تقيم بسجن عين برجة).
في البداية، كانت العائلات تتجمع على حسب الانتماء السجني لأبنائها وبناتها (غبيلا، عين برجة). لكن ما إن انطلقت محاكمة الدار البيضاء في 3 يناير 1977 حتى توحدت المجموعات المختلفة للعائلات في مواجهة المشاكل الجماعية المتولدة عن المحاكمة والتي كانت العائلات تتابع أطوارها بحضور مكثف.
وحين قرر البوليس بمباركة من هيئة المحكمة إعادة النظر في هذا الحضور إلى القاعة بتقليص عدده بالنسبة لكل عائلة (واحد عن كل عائلة)، ثار غضب العائلات وخرجت إلى الشارع في تظاهرة احتجاجية ضد هذا القرار، فقامت الأجهزة القمعية باعتقالها وقضت ليلة بكاملها وصبيحة اليوم الموالي بإحدى الكوميساريات قبل إطلاق سراحها. كانت هاته الخطوة النضالية الأولى، وما تبعها من قمع, بمثابة تعميد للحركة سيساهم في نزع الخوف و الاستعداد للنضال دفاعا عن الأبناء والبنات والأزواج.
و تدريجيا توحدت المجموعة وتشكلت طلائعها النسائية لتنصهر فيما سمي فيما بعد ب "حركة عائلات السجن المركزي" بعد نقل المعتقلين السياسيين إلى السجن المركزي يوم 7 مارس 1977. كما اندمجت مجموعة من النساء اللواتي كن ينتمين إلى حركة عائلات 72 بالحركة ومنهن خديجة لمنبهي ولطيفة القندوسي وأخريات.
و للإشارة فإلى جانب المحامين الذين تعبئوا للدفاع عن المجموعة خلال محاكمة يناير 77، لعبت العائلات دورا أساسيا في دعم المعتقلين السياسيين . وقد كانت العائلات تستقبل مداخلات وردود المعتقلين السياسيين على تعسفات هيئة المحكمة بالزغاريد التي كانت تملأ جنبات القاعة حماسا، مذكية بذلك روح المقاومة والمواجهة لدى المعتقلين.
واندمجت العائلات بالمعتقلين خلال حادثة فرار السيئ الذكر أحمد أفزاز (رئيس المحكمة) ونفس الشيء عندما أصدرت المحكمة أحكامها الجائرة، وقام المعتقلون يرددون الأناشيد الثورية معلنين استعدادهم لمواصلة النضال، فمن" قلب السجون ينبع الثوار...."و"لنا يا رفاق لقاء غدا..." كانتا من الأناشيد التي تم ترديدها طويلا خلال فجر ذلك اليوم المشهود حين أصدر النظام الكمبرادوري عبر محاكمة صورية وقضاة كراكيز أحكامه الجائرة التي تجاوزت العديد من القرون.
بعد ترحيل المعتقلين إلى السجن المركزي وتقسيمهم إلى مجموعات وإدخال مجموعة منهم حي العزلة (حي
D) ثار غضب العائلات فقمن بتنظيم الاحتجاج و طلبن مقابلة مدير السجن المركزي. و أمام تعنت الإدارة توجهن إلى إدارة السجون بالرباط وقمن بوقفة احتجاجية وطالبن بمقابلة المدير العام للإدارة. هكذا دشنت العائلات وخاصة النساء منهن معركة السجن المركزي التي بدأت منذ وصول المعتقلين يوم 7 مارس، 1977ومنذ ذلك الحين لم تتخلف العائلات عن أي معركة خاضها المعتقلون السياسيون داخل السجن المركزي. 
شكلت الحركة وخاصة فصيلتها النسائية الدرع الأساسي الذي دعم معركة نونبر 1977 البطولية (إضراب عن الطعام دام 45 يوما سقطت فيه الرفيقة سعيدة لمنبهي شهيدة يوم 11دجنبر 1977). و ما أن اندلعت هاته الأخيرة حتى تحركت العائلات ولم يعد شغلها الشاغل سوى انقاد أبنائها وإبقائهم على قيد الحياة ودعم مطالبهم العادلة حتى النهاية.
و لم يزد تعنت النظام وزبانيته العائلات إلا إصرارا على النضال، فكبرت حركتهن لتصبح إحدى أكبر حركات أسر المعتقلين السياسيين في مغرب "الرعايا" الذي جاء على أنقاض مغرب "الأهالي" الذي أقامه الاستعمار الفرنسي في المغرب. و ليس غريبا كما قلنا أعلاه أن يكون قانون السجون الجاري به العمل من صنع الاستعمار الفرنسي، الذي كان هو من بنى أشهر السجون المغربية ومنها أكبرها على الإطلاق بل حتى على المستوى الإفريقي ونعني به السجن المركزي بالقنيطرة الذي كانت الأجيال التي دخلته تقول عنه "الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود"، و تعد السنوات فيه بالأيام فقط نظرا لطول المدد التي يقضيها المعتقلون هناك، فيقال مثلا الصيف والصيف يساوي 8 أيام وصيف آخر 15 يوما. السجن عبارة عن مدينة قمعية مصغرة تضم العديد من الأحياء والمعامل التي يتم فيها استغلال السجناء مقابل بضع دراهم وتستفيد إدارة السجون من المبيعات التي تعرضها في المعارض الكبرى من خلال مداخيل هامة.
خلال معركة نونبر 1977 تنوعت الأشكال النضالية لحركة العائلات واغتنت كثيرا بالتجارب الميدانية، فمن زيارة المحامين و الاحتجاج أمام إدارة السجون ووزارة العدل ودخول الكليات والبحث عن دعم الحركة الطلابية ومساندة الجمعيات ودخول مقرات الأحزاب (بعضها كان يرفض استقبالها) والقيام بالإعتصامات كما وقع في مقر الأمم المتحدة بالرباط ومسجد السنة حيث تم إخراجهن بالقوة، إلى المشاركة في المظاهرات والمسيرات (مسيرات فاتح ماي) والتجمعات حاملات صور المعتقلين والمعتقلات كما كان يحصل في تجمعات الحركة الطلابية حيث تلقى كلمات العائلات والمعتقلين. كما نظمن لقاءات بالمنازل والكليات تخليدا لذكرى الشهداء. في كل المعارك والمسيرات واللقاءات حملن صور المعتقلين وطالبن بإطلاق سراحهم.
لقد كانت حركة العائلات هي الداعم الرئيسي للمعتقلين السياسيين بكل السجون وهي الحصن الحصين للدفاع عن المكتسبات التي حققوها بنضالهم ودماء شهدائهم.وخلال كل هذا وذاك أبدعت الحركة أشكالا نضالية دخلت تاريخ مغرب النضال، وستبقى مستمرة إلى أن يسقط مغرب القمع و الاستغلال و الاضطهاد.على الأجيال الجديدة أن تتذكر دائما أن هاته الحركة أبدعت أسلوب الاعتصام (كما حصل في مقر الأمم المتحدة بالرباط وبمقرات الأحزاب و بأماكن أخرى) وكانت وراء العديد من الأمسيات الشعرية والغنائية التي أنتجت العديد من الشعراء والفنانين الملتزمين بقضايا شعبهم.(مثال زريقة وسعيد المغربي....).


- أجمل الأمهات والعائلات:


من الزوجات: نجية عبابو، مليكة الزهراوي، حليمة، ليسيل ديما، خديجة لمنبهي، جوسلين اللعبي، لطيفة القندوسي.
من الأخوات: الضاوية، فاطمة لعريش، خديجة لعريش.أخوات لحسن بركات، خديجة نوضة..............
من الأمهات: مي فاطمة (أم حسن السملالي التي حولت بيتها إلى ملتقى للعائلات)، مي عيشة (اسمها الكامل: عائشة توفيق وكانت إحدى النساء الأكثر جرأة)، مي باشا ( أم عبد الله زعزاع)، أم لحسن بركات، أم  لحرش الصديق، ثريا السقاط............
من الشباب: عبد الهادي الزايدي.....
من الإخوة: عمر جبيهة وهو طبيب قدم الكثير للمعتقلين وللعائلات وكان نموذجا للطبيب المرتبط بقضايا شعبه ومثالا للنزاهة والتواضع. وعبد الهادي الزيدي ( أخ ادريس الزيدي) الذي كان من العناصر الطليعية في حركة العائلات.
من الآباء: أحمد السريفي المعروف بخاي حمد (حسب النطق الطنجاوي) رجل لا تغادر الابتسامة محياه وكان مولعا بنقل الأخبار السياسية من الإذاعات الدولية....... 


النواة السرية للحركة


ككل حركة اجتماعية أو احتجاجية، كانت الحركة تعرف مستويات مختلفة من الوعي والممارسة النضالية. فكان طبيعيا أن تبرز من داخلها عناصر طليعية وأخرى مشاركة أو متعاطفة.
وفي معمعان النضال شكلت "إلى الأمام" لجنة تضم مجموعة من الطليعيات اللواتي كن يقمن بأدوار ومهام مختلفة . و كانت هاته المجموعة تتشكل من خديجة لعريش (التي أنجزت الكثير من المهام التي كانت تتطلب شجاعة نادرة) وليسيل ديما ونجية عبابو وعبد الهادي الزيدي وفاطمة لعريش ....
من داخل السجن قامت اللجنة القيادية للمنظمة بتنسيق العمل مع هاته النواة في ظروف بالغة التعقيد اتسمت بالالتزام بالسرية حفاظا على أمن النواة وأمن المنظمة. كما كان يتم التنسيق مع رفاق"23مارس" التيار الثوري ورفاق "لنخدم الشعب".
ومن الرفاق الذين تحملوا مسؤوليات في هذا المجال من داخل اللجنة القيادية: ادريس بن زكري، فؤاد الهيلالي، ادريس الزايدي، أحمد ايت بناصر. ومن خارج اللجنة عبد الله زعزاع، ادريس بويسف الركاب وآخرون.

 

 

فؤاد الهيلالي

2013 غشت 

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.