Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

من أجل خط ماركسي- لينيني لحزب البروليتاريا المغربي ـ نقاش منظمتنا مع الفصيل الثالث

Pin it!

  

تقديم

بعد انطلاق الخلاف بين منظمة "إلى الأمام " و منظمة 23 مارس , و حينما كان الصراع خلال سنة 1974 قد دخل مرحلة متطورة , حيث بدأت تظهرفي الأفق,داخل منظمة " 23مارس" معالم اتجاه قريب من أطروحات " إلى الأمام " ( و هو الاتجاه الذي سيطلق عليه فيما بعد اسم " الاتجاه الإيجابي " ) كان يتبلور تدريجيا في احتكاك مع مناضلي المنظمة , انفتح النقاش مع الفصيل الثالث داخل الحركة الماركسية – اللينينية المغربية ( الفصيل المعروف ب " لنخدم الشعب " كان قد تشكل على إثر خلاف داخل منظمة "23 مارس" ) . و مما ساعد على التقارب بين المنظمة و هذا الفصيل كون الفصيل الثالث كان يخوض هو الآخر بعد انشقاقه عن منظمة "23 مارس" صراعا مريرا ضد الخط الإديولوجي و السياسي السائد داخلها , و باحتكاكه بمناضلي المنظمة أدرك الفارق القائم بين منظمة "إلى الأمام " و منظمة "23 مارس" بعد أن كان يقيم خلطا بينهما حيث لا يفرق بين الخطين السائدين داخل كل تنظيم . و بعد اتصالات أولية مع هذا التنظيم وبعد تبادل الوثائق الأساسية لكل منهما قامت قيادة فصيل " لنخدم الشعب " بمناقشة الوثائق الأمامية التي توصلت بها , مبدية مجموعة من الملاحظات و الإنتقادات و كذلك مجموعة من التساؤلات فجاء الرد الأمامي مصاغا في وثيقة هامة ستحمل عنوان " من أجل خط ماركسي – لينيني لحزب البرولتاريا المغربي " المؤرخة بتاريخ 8 مارس 1974 .

.من وجهة نظر تاريخية يمكن اعتبار هاته الوثيقة إحدى أهم الوثائق الأمامية لكونها كانت عرضا مكثفا لأهم أطروحاتها الثورية ذلك أن توفرها يسمح بتغطية النقص الحاصل عن فقدان وثائق أخرى سبق للمنظمة أن أصدرتها وخاصة فيما يتعلق بخطها التنظيمي ولهذا السبب اخترتها لتكون ضمن وثائق الحلقة الثانية من هاته السلسلة.أما كونها جاءت تكثيفا للخط العام للمنظمة فيعود لكون علاقة المنظمة بفصيل "لنخدم الشعب" كانت حديثة العهد آنذاك وكان لازما أن يتم إعطاؤه نظرة شاملة عن خطها وجوانب من تجربتها.

وطبعا لم تعنى الوثيقة بالجوانب التنظيمية فقط بل تطرقت لقضايا منهجية وسياسية واستراتيجية وحتى إديلوجية وذلك ضمن نظرة كانت تتوخى النقاش الرفاقي وتسعى إلى توفير شروط وحدة الحركة الماركسية اللينينية المغربية.وقد أعطت أهمية كبيرة لتلك الوحدة انطلاقا من التجربة المعاشة (بسلبياتها وإيجابياتها) مع منظمة "23مارس".

-1- المبادئ المنهجية لإنجاح العملية الوحدوية 

تقديم:

حددت منظمة " إلى الأمام" المهمة المركزية للوحدة فيما أسمته معضلة الخط السياسي للثورة المغربية بما يعنيه من إدماج للماركسية – اللينينية بواقع البلاد الملموس . تقول الوثيقة :

" إن المهمة المركزية في مسألة التوحيد هي بالدرجة الأولى معضلة الخط السياسي للثورة المغربية القائمة على أساس دمج الماركسية – اللينينية بواقع بلادنا الملموس ".

لقد أدركت المنظمة أن شروط انبثاق اليسار الماركسي – اللينيني و نضاله الموحد قامت على أساس خط عام مرتكز على طرح نفسه كبديل للإصلاحية و التحريفية من خلال التأكيد على مقولات ماركسية – لينينية عامة ( أهمية النظرية , الحزب , العنف , الثورة العربية ...) لكن الظروف قد تغيرت نتيجة عوامل عدة منها تطور سياسة النظام , بروز "حركة 3 مارس" , تطور ممارسات اليسار و ارتباطه بالجماهير , هاته الشعارات إذن ستصبح عاجزة على أن تشكل خطا سياسيا يجيب على مجمل القضايا الراهنة للنضال الثوري . هكذا أمام وطأة الظروف المتغيرة أصبحت مسألة الخط الثوري هي المسالة المركزية و أصبحت وحدة الحملم(الحركة الماركسية اللينينية المغربية) مرتبطة بحل معضلة الخط الثوري السديد , خط يجيب على القضايا المرحلية و البعيدة للثورة المغربية .

و لذلك جاءت دعوات منظمة " إلى الأمام " إلى الصراع الديموقراطي المنظم , و هذا ما يعلل جماهيرية الصراع الذي خاضته المنظمة ضد التيار اليميني الانتهازي لقيادة "23 مارس" التي كانت تخشى الصراع الديموقراطي المنظم و تبحث عن الإتفاقات السياسية الفوقية في ظل مفهوم خاطئ للتوحيد .

لقد كان الأمر يتعلق بانحراف يميني تمثله قيادة" 23 مارس" و نشرتها . و كان الهدف من خوض الصراع الديموقراطي الجماهيري هو القطيعة مع خط إديولوجي و سياسي يميني و ليس مع منظمة "23 مارس" كمنظمة , الشيئ الذي كان يدعو إلى التعرية و العزل الجماهيري لهذا التيار. و رغم ذلك حافظت المنظمة على الممارسة النضالية المشتركة و على العلاقات النضالية مع قواعد منظمة 23 مارس . و بذلك تم نقد الأسلوب القديم للعلاقات بين المنظمتين خصوصا و أن " إلى الأمام " أصبحت ترى أن مسألة الخط الثوري هي المسألة المركزية في عملية التوحيد .

-2- المبادئ المقترحة لإنجاح العملية الوحدوية مع فصيل "لنخدم الشعب"
بالاستفادة من تجربة الصراع مع منظمة "23 مارس" و بنية إنجاح النقاش الوحدوي مع فصيل " لنخدم الشعب "اقترحت منظمة" إلى الأمام" سبعة مبادئ لإنجاح ذلك :

-1- النقاش النزيه و الهادف و تجنب كافة الأساليب الخاطئة و الحلقية , النقاش الذي ينطلق من المفاهيم الأساسية ليصل إلى القضايا العملية .
-2- 
إشراك مجموع قواعد المنظمتين بصورة فعالة في هذا النقاش مع حق إبداء آرائها بدون التقيد بالمواقف الرسمية .

-3- احترام الالتزامات المشتركة و العمل على الحفاظ على روح الوحدة و الاتفاق و عدم اللجوء إلى الابتزاز والتزييف .

-4- الانطلاق من التجارب العملية لكل منظمة في النقاش الجاري و في تدعيم المواقف .

-5- النقد الذاتي كسلاح فعال بيد الماركسيين –اللينينيين في تجاوز الأفكار و الممارسات الخاطئة .

-6- خلق الشروط لتدعيم الممارسة المشتركة , و هذا العمل يمكن أن يتم في مجرى النقاش و ليس بعده و على أساس التحاليل السياسية المحددة و مهام محددة , و على الرفاق أن يعيروا هذه المسالة الاهتمام الكافي , إذ تسمح بتوفير مناخ نضالي و رفاقي يساهم في تطوير النقاش الديموقراطي المنظم , و يسمح بممارسة القناعات و المواقف و يخدم مهمة النضال ضد الحكم .
-7- 
ضرورة توفر برنامج متكامل للتوحيد حالما يتم القطع الشوط الأساسي في النقاش الديموقراطي المنظم , يحدد المراحل المتتالية لعملية التوحيد بشكل علمي.

-3- في النقاش بين التنظيمين: الأطروحات

منذ البدء و في قسم الملاحظات الأولية أكدت منظمة " إلى الأمام " على ضرورة الانطلاق من التحليل الطبقي و التجربة المعاشة والإبتعاد عن النقاش الذي يبقى في سماء المفاهيم المجردة . و في هذا الصدد تقول الوثيقة
"
إن النهج السديد في تحديد الخط الماركسي – اللينيني للثورة والإجابة على قضاياها النظرية و العملية يكمن بالدرجة الأولى في التحليل الطبقي السديد, و تلك هي المهمة الأولى الملقاة على عاتق الثوريين على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس القائم على دمج الحقيقة العامة للماركسية – اللينينية بواقع بلادنا".

-ا- حول قضايا بناء الحزب الماركسي – اللينيني للبرولتاريا المغربية 

انطلقت منظمة " إلى الأمام" من تحديد المهمة المركزية الحاسمة المطروحة على الماركسيين – اللينينيين المغاربة في تلك المرحلة

"إن مهمة بناء الحزب هي إذن المهمة المركزية الراهنة لكل الماركسيين – اللينينيين : فهي البوصلة التي يجب أن ترشدهم في صياغة مهامهم الأخرى.تلك هي نقطة الانطلاق الضرورية الأولى في تحديد الخط السياسي بالنسبة للماركسيين – اللنينيين المغاربة و لهذا كانت مسألة الحزب أكثر القضايا إلتهابا في الصراع الدائر , و كانت مهمة بناء الخط الثوري في المرحلة الراهنة هي بدرجة أولى مسالة الإجابة على سؤال كيف نبني الحزب الثوري الماركسي – اللينيني في شروط بلادنا الملموسة ".

قدمت منظمة " إلى الأمام أجوبتها في مجموعة من الوثائق منها " لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو " و هي الوثيقة التي جاءت كرد على مفهوم بناء الحزب في السلم تحت غطاء " التركيز على الطبقة العاملة بواسطة نشر الفكر الاشتراكي و تنظيم العمال المتقدمين " كما جاء في وثيقة" خطة عمل "التي أصدرتها منظمة 23 مارس و قد سجلت الوثيقة الأمامية وجود خلاف بين خطين و مفهومين للعالم : مفهوم بروليتاري و مفهوم بورجوازي يطمس الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ . و عليه أكدت المنظمة على ضرورة بناء الحزب الثوري من خلال الكفاح الثوري الجماهيري و رفض بنائه في السلم كما تبلور في نظرية الأطر المارسية(نسبة إلى منظمة 23 مارس) المعروفة ب "الخط الداخلي" .

و هنا تسجل الوثيقة الاتفاق الحاصل بين منظمة " إلى الأمام "و " لنخدم الشعب"حول رفض " الخط الداخلي " لمنظمة 23 مارس أو ما كان يطلق عليه بنظرية الأطر.كما تم تسجيل اتفاق على فكرة بناء الحزب كمهمة كفاحية شاقة من خلال النضال الثوري الجماهيري مما اعتبر مكسبا ثمينا في النقاش .

- و عن سؤال عن هوية الحزب و مما يتكون و ما سلاحه النظري أكدت منظمة" إلى الأمام" على الأطروحة التالية :

" هذا الحزب الثوري المنشود هو حزب البرولتاريا الطبقي , يضم الفصيل الطليعي من البرولتاريا , الفصيل المنظم و المسلح بعلم الماركسية – اللينينية , و يقود التحالف العمالي – الفلاحي و مجموع الجماهير الكادحة في جميع مراحل النضال , في الهجوم و التراجع , و قد أكدنا على النضال الدفاعي في حالة هجوم العدو المتواصل الذي ينهجه نظام الحسن – عبد الله – الدليمي في بلادنا "

و هكذا أكدت" إلى الأمام "على الدور القيادي للبرولتاريا " بواسطة بلورة و تأسيس نواة بروليتارية تشكل أساس الحزب الطبقي , و لهذا فنحن نضع مهمة بناء هذه النواة في مركز الصدارة بالنسبة للمهام الأخرى , بواسطة التركيز في الدرجة الأولى و من حيث التنظيم و الدعاية و النضال على المراكز البرولتارية الأساسية " .

و هنا يظهر الخلاف بين المنظمتين حيث " يشير رفاق " لنخدم الشعب "بوضوح إلى التركيز على الفلاحين و البادية بصفة عامة . و في مزيد من شرح الموقف الأمامي تقول الوثيقة : "ذلك هو معنى قولنا أولوية العمل داخل البرولتاريا الصناعية و المنجمية ( و لا علاقة لمسألة التركيز هنا بمسالة المدينة أو البادية إذ أن عددا من المواقع البروليتارية الأساسية جدا تقع داخل البادية كالمناجم مثلا ) , إن هذا التركيز هو مرحلة أولية ضرورية في مسيرة بناء الحزب الثوري لماذا ؟ "

الجواب :

" لأن الحزب الثوري هو حزب البروليتاريا الطبقي , هو الفصيل الطليعي المنظم من الطليعة و مسلح بالماركسية – اللينينية , و قيادة البروليتاريا ليست مسألة نظرية فقط بل هي مسألة عملية , فلا يمكن تصور الحزب الثوري بدون هوية طبقية فعلية "

" لأن البرولتاريا هي الطبقة الثورية حتى النهاية, التي يؤهلها واقعها الموضوعي لقيادة الثورة , في مرحلة النضال ضد الإمبريالية إلى النهاية و انتصار الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية و السير بها بخطى ثابتة نحو الاشتراكية " .

كذلك حسب الوثيقة لأن البروليتاريا المغربية بما تملك من تقاليد نضالية راسخة ما يقرب من40 سنة قد أظهرت جدارتها و استحقاقها لقيادة الثورة سواء في معركة التحرر الوطني ضد الاستعمار المباشر أو في النضال الوطني الديموقراطي ضد الاستعمار الجديد.

بعد هذا اوضحت الوثيقة الكيفية التي يتم بها التركيز على الطبقة العاملة من طرف منظمة " إلى الأمام" من خلال تسطير ستة محاور :
1- 
الاندماج بنضالات الطبقة العاملة العفوية و الاقتصادية و العمل على قيادتها ووضعها في اتجاه جذري .

2- التركيز على المراكز البروليتارية الأساسية التي تؤهلها شروطها الموضوعية لبلورة نواة بروليتارية صلبة .

3- القيام بالتحقيقات في أوضاع الطبقة العاملة و نضالاتها و استخراج الدروس منها.

4- دمج الماركسية – اللينينية بنضالات الطبقة العاملة و نشرها على أوسع نطاق.

5- تكوين أطر بروليتارية صلبة و محترفين ثوريين يشكلون النواة البروليتارية .
6- 
بناء اللجن العمالية كإحدى أدوات إنجاز هذه المهام .

و اعتبرت المنظمة أن بناء منظمة ماركسية – لينينية طليعية صلبة و راسخة جماهيريا أداة حاسمة في هذا المجال .

- ب- الفلاحون و قضايا بناء التحالف العمالي – الفلاحي 

تنطلق منظمة " إلى الأمام " من اعتبار الفلاحين القوى الرئيسية للثورة ( المقصود هنا الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية ) و من هنا تكتسي القضية الفلاحية أهمية قصوى , ذلك ان بناء التحالف العمالي – الفلاحي هو الشرط الضروري لقيادة البروليتاريا و لبناء الجبهة المتحدة و القيادة السياسية للثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية . و هنا تتجلى الأطروحة الأمامية من خلال طرح مهمتين لبناء الحزب الثوري و هما عملية واحدة , ذلك أن بناء التحالف العمالي – الفلاحي مسيرة واحدة يتم إنجازها في مرحلة أولى من خلال بناء النواة البروليتارية و بناء التحالف العمالي – الفلاحي . فلا يمكن حسب الوثيقة تصور تصليب النواة البروليتارية و تدعيمها خارج بناء التحالف العمالي الفلاحي و تقول الوثيقة :

"...لهذا بالضبط قلنا أن بناء الحزب الثوري البروليتاري , بناء التحالف العمالي – الفلاحي مسيرة واحدة و قمنا بشجب خط عزلة الطبقة العاملة و احتقار الطاقات الهائلة للفلاحين ".

و بالنسبة لإشكالية الوعي الطبقي , و بعد رفض النزعة العمالوية الانعزالية التي كان يطرحها التيار اليميني لمنظمة" 23 مارس" تطرح الوثيقة تصورها لذلك قائلة:

"إن الوعي البروليتاري لا يمكن أن ينشأ بعلاقة ضيقة بين الشيوعيين و الطبقة العاملة فقط , إنه لا يمكنه أن ينشأ إلا عبرربط نضالنا داخل الطبقة العاملة بنضالنا داخل الفلاحين و الشبيبة المدرسية , من أجل نقل المعرفة الحسية للطبقة العاملة النابع من ممارستها في الإنتاج إلى درجة المعرفة العقلية . و لهذا فإن حصر ارتباطات الشيوعيين بالطبقة العاملة فقط إنما هو النزعة العمالوية و الاقتصادوية بذاتها و في صورتها الحقيقية ". 

انطلاقا مما جاء أعلاه يتبين الخلاف بين المنظمتين حول لأي منهما الأولوية : الطبقة العاملة أم الفلاحون

كانت منظمة " إلى الأمام " قد رفضت جعل الفلاحين في المرتبة الأولى و هذه نقطة خلافية مع " لنخدم الشعب " وتعكس سياسة الأطر هذا المنحى خصوصا عندما يتعلق الأمر بتوزيع وانتشار هؤلاءعلى القطاعات والمناطق الذي ارتكز إلى نظرة تقوم على:

1- توجيه الطرف الرئيسي من الأطر آنذاك إلى المراكز البروليتارية الأساسية في المدن و البوادي .

2- تحديد عدد منهم للتوجه إلى العمال الزراعيين و الفلاحين في مناطق الصدام .

3- بالنسبة للفلاحين يكون العمل بخلق نقاط ارتكاز تشكل انطلاق العمل الثوري في الفلاحين و البادية عموما و بالأساس في مناطق الصدام . ( انظر مقال :" بناء الحزب الثوري , , بناء التحالف العمالي – الفلاحي , مسيرة واحدة " إلى الأمام عدد 11) 


-
ج- حول إشكالية الأطر الثورية 


جوابا على طرح " لنخدم الشعب " حول تكوين الأطر بدون إعطاء أهمية للأصل الطبقي لهاته الأطر كان الجواب الأمامي واضحا في خلافه مع الطرح الغامض " لنخدم الشعب " و ذلك بتأكيده على أهمية الأصل الطبقي كما جاء في الوثيقة :

" نحن نعتقد أن المهم و قبل كل شيئ هو الأصل الطبقي بالذات , و لهذا تشكل مهمة تكوين و تربية كوادر البروليتاريا من العمال و الفلاحين و فتح الفرص الأولى للإحتراف الثوري و التثقيف النظري أمامهم و تعزيز دورهم داخل حركتنا الماركسية – اللينينية مهمة مركزية في بناء شرط موضوعي صلب لبناء الخط الثوري السديد و قيادة الجماهير. و حتى حينما يضيف الرفاق ( أي " لنخدم الشعب" ) و "إن كان الأصل الشعبي محبذا " فإنها إضافة غير مقنعة إذ لا تضع هذا الأصل الطبقي ومهمة توفير هذا الأصل, فضلا على أنها تشير إلى " الشعبي "بدلا من التحديد الطبقي في الدرجة الأولى , و قبل الخصال, في المرحلة الراهنة من بناء الطليعة البرولتارية , ينبغي إذن العمل على بناء أطر بروليتارية صلبة من الجماهير الكادحة من الشبيبة الثورية المنحدرة من أصل عمالي أو فلاحي , أطر مكافحة أولا و ليس فقط مجدة في حفظ الدروس النظرية التي يلقيها الأساتذة على طريقة نشرة 23 مارس ".

هذه ( الأطر البرولتارية ) تندمج بأصلب المثقفين الثوريين , و تتسلح ليس فقط "بتكوين إديولوجي عام " و " خط سياسي عام " بل أن تستوعب الجوهر الخلاق للماركسية – اللينينية و لإسهامات الرفيق ماو تسي تونغ و تستوعب الخط السياسي المحدد للثورة المغربية , إن هذا الاستيعاب الجدلي و الحي لنظرية ماركس و انجلز ولينين و ماو تسي تونغ مسألة حاسمة في تكوين هذه الأطر على إجادة استعمالها في تحليل الواقع الملموس .

وبالنسبة لمصدر الأطر التي يجب إعادة تربيتها و بلترتها على قاعدة الخط الماركسي – اللينيني و خط الجماهير , فالوثيقة ترى :

"إن المصدر الأساسي للأطر في الشروط الراهنة للحركة الماركسية اللينينية هم " المثقفون الثوريون" من حركة الشبيبة المدرسية بدرجة أولى , و يشكلون الوسيلة الأولى مرحليا في عملية بناء الطليعة البرولتارية , إن الشبيبة المدرسية هي المعبر عن الوعي الحسي للجماهير الكادحة , و تشكل أداة حاسمة في نشر الماركسية اللينينية , و انحدار أوسع جماهير الشبيبة المدرسية من العمال و الفلاحين يشكل ميزة هامة في هذا المجال , و لهذا فهي تفرز المثقفين الثوريين المرتبطين عضويا بالجماهير الكادحة , لكن الأمر يقتضي بلترة سائر المثقفين الثوريين الذين يبقون بالرغم من ذلك معرضين لتأثير الإديولوجيات الرجعية و البورجوازية السائدة في المجتمع بواسطة الاندماج بنضالات الجماهير الكادحة و التشبع بخط الجماهير و بالماركسية اللينينية , ذلك هو ما نقصده بمفهوم إعادة التربية , لذلك فمهمتنا في الشبيبة المدرسية ( التلاميذ و الطلبة ) بالغة الأهمية في الظروف الراهنة من أجل بناء حزب البرولتاريا "

و ترى الوثيقة أن مهماتنا داخل الشبيبة المدرسية تخدم بناء الحزب و تتوزع تلك المهمات على ثلاثة محاور :

-1- وضع نضالات هذين القطاعين في أفق ديموقراطي وطني جذري , و على أساس شعار تعليم شعبي , عربي ,ديموقراطي و علمي ( تنتمي كلمة عربي إلى لغة المرحلة آنذاك ) و قيادة هذه النضالات تخدم تكتيكيا مهمات توسيع النضال ضد الحسن – عبد الله – الدليمي و هو ما كانت تطلق عليه منظمة إ"لى الأمام " القيام بدور المقدمة التكتيكية للحركة الجماهيرية مرحليا .
-2- 
نشر الماركسية – اللينينية بشكل واسع ,فهما يتميزان بدينامية عالية, وبقابلية عظيمة لإستيعاب الفكرالثوري, , و بهذا فهما يشكلان مركزا رئيسيا للصراع الإديولوجي و انتشار اديولوجية البروليتاريا.

-3- يشكل القطاعان ميدانا لتنشئة و تربية أطر متمرسة بالنضال بالنسبة للحركة الماركسية – اللينينية في ظل شروط ها الذاتية الراهنة .و يكتسي قطاع التلاميذ أهمية اكبر فهم يمثلون فئة من شبه البروليتاريا , و بحكم انسداد منافذ المستقبل أمامهم في ظل نظام التعليم النخبوي القائم على التبعية المطلقة للامبريالية .

-د- وحدة الحركة الماركسية اللينينية.

إعتبرت الوثيقة مهمة توحيد فصائل الحركة الماركسية اللينينية في منظمة واحدة مكافحة ,تكون نواة صلبة للحزب الثوري , مهمة مركزية حاسمة في إنجاز مجموع المهام الاخرى.

لذلك:أكدت منظمة "إلى الأمام " مرة أخرى على أطروحاتها الأساسية في مجال وحدة الماركسيين – اللينينيين المغاربة

-ا- الحلقة المركزية في إنجاز الوحدة هي :

-1- توحيد الخط الإديولوجي و السياسي و التنظيمي للحملم .

-2- اعتماد الصراع الإديولوجي الإيجابي بهدف تحقيق تلك الوحدة , على أن يكون ديموقراطيا و منظما و خاضعا لبرنامج متماسك الحلقات و منسق الخطى .
-3- 
أن يرتبط الصراع الإديولوجي الإيجابي بالممارسة المشتركة الموحدة و أن يقوم على تبادل التجارب و المؤازرة النضالية ضد العدو المشترك .
-4- 
أن يتجنب ويبتعد عن كل مساوئ الحلقية و الابتزاز .

ب- المبادئ التنظيمية لحزب البرولتاريا الثوري كاساس للمنظمة الماركسية – اللينينية الموحدة :

أهم هذه المبادئ :

-1- المركزية الديموقراطية : تقوم المركزية الديموقراطية على جدلية الطليعة و الجماهير و على توفير منظمة حديدية و موحدة الإرادة و الفكر و الممارسة , توفر مجالا للانتقاد و الابتكار , تكون متدفقة الحيوية , و كل هذا على أساس وحدة الانضباط على جميع المستويات . و لا تتوقف المركزية الديموقراطية على العلاقات الداخلية للتنظيم فقط بل تمارس المركزية الديموقراطية مع الجماهير و ذلك من خلال جدلية أخرى هي جدلية المنظمة الماركسية – اللينينية و التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية و كذلك المنظمات الجماهيرية .

-2- النقد و النقد الذاتي : يمارس النقد و النقد الذاتي داخل المنظمة و أمام الجماهير.

-3- القيادة الجماعية :تتحقق عبر ضرب كافة أشكال تسلط الفرد و المبادرات الفردية اللامسؤولة . إن هذا المبدأ يجسد مفهوم البروليتاريا العام على صعيد الممارسة التنظيمية .

-4- الانضباط البروليتاري : يمارس هذا الانضباط بصرامة بشكل موحد على كافة المستويات الدنيا و العليا .

ملحوظة :

لا تقوم هاته المبادئ و تطبيقها الصارم على فراغ بل تتطلب توفير مجموعة من الشروط بدونها تكون تلك المبادئ غير ذات معنى , و هذه الشروط هي

-1- تعزيز الطابع البروليتاري للمنظمة و بلترة الأطر .

-2- تشديد التثقيف النظري و الصراع الإديولوجي الهادف .

-3- التطبيق المتواصل للخط و انتقاده باستمرار و إغنائه .

-4- التطهير المستمر للمنظمة من كافة العناصر المنحرفة و المتفسخة و المرتدة و تجديد دمائها باستمرار .

-5- بناء التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية العلنية و السرية التي ترمي إلى تنظيم أوسع للجماهير , و تشكل هذه التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية في مجموعها تلك الأسلاك الرابطة بين المنظمة أو الحزب الطليعي و الجماهير الواسعة في مختلف الاتجاهات و مختلف الأنواع و الأشكال و تقول الوثيقة في هذا السياق
"
إن التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية (و هي التنظيمات التي تضم المناضلين التقدميين الملتفين حول المنظمة ) تشكل اداة حاسمة في قيادة نضال الجماهير و تأطيره, كما تشكل أداة حاسمة في شروط النضال السري ببلادنا في ظل النظام الاستبدادي القائم ببلادنا , و تشكل أيضا وسيلة تدعيم المنظمة الشيوعية المركزية المتقلصة العدد بالضرورة و المقتصرة على المحترفين الثوريين و الأطر الشيوعيين المتمرسين , فهي تزودها بشيوعيين جدد باستمرار متمرسين بالنضال الثوري داخل هذه التنظيمات الثورية , كما أنها تشكل شرايين المنظمة الممتدة داخل المنظمات الجماهيرية و أداة تأطيرها و أداة انغراسها في الجماهير . و على المنظمة أن تجيد الاستعمال الخلاق لكل شكل حسب الظروف الملموسة بالتركيز على هذا الشكل او ذاك في هذه المرحلة او تلك , و إدراك العلاقات و الروابط الجدلية القائمة بينها "
-
ه- في أساليب العمل الثوري و علاقتها ببناء الحزب الثوري.

إن أساليب العمل ذات ارتباط بالخط السياسي و تعكسه في الممارسة .لذلك يتوجب على المناضلين الماركسيين – اللينينيين أن يجيدوا أصول فن النضال الثوري . و لابد أن تتعدد و تتنوع هاته الأساليب حسب الظروف الملموسة و المعقدة. و تقول الوثيقة في هذا السياق :

" إن الثورة إبداع , و الشيوعي إنسان مبدع يعمل على ابتكار وسائل العمل التي تهدف إلى تحقيق الأهداف المرسومة بأكثر الطرق فائدة و أقلها تكليفا و أقصرها زمنا ".

-بصدد أسلوب الإستقطاب ومضمونه:

تنطرح هنا إحدى أدق وأعقد المهمات الثورية,كيف نستقطب ومن?وكيف تتم تربية المناضلين الجدد?

تضع الوثيقة أهم المقاييس لذلك:

-1- يجب تغليب مقاييس الكيف على الكم , و تغليب مقاييس الممارسة النضالية.

-2- التثقيف الإديولوجي و السياسي للرفاق المناضلين و تربيتهم على الصمود في وجه العدو و في وجه أنجع أساليبه حتى الآن في تحطيم المنظمات الثورية : التعذيب.

و تقول الوثيقة في هذا السياق :

" إن تربية شيوعيين عنيدين متمرسين مدركين لواجباتهم الثورية و حتمية انتصار الثورة البرولتارية , هو الضمانة الأولى لصمودهم حينما يكونون معزولين في عالم الجلادين ".

-3- عدم عزل المناضلين المحرضين عن المنظمة كما يقول بذلك مناضلو " لنخدم الشعب" لأن العزل يعني الموت السياسي , لكن هناك ضرورة إيجاد أشكال سرية ملائمة لمساهمتهم في التنظيم لأن ذلك يكسبهم حيوية .

-و- في ضرورة إيجاد خط وطني – ديموقراطي ذو صلة بطابع الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية.


إن بناء هذا الخط يرتكز على مجموعة من المقومات و هي :

دمج المصلحة الوطنية لأوسع الطبقات و الفئات الوطنية بالأهداف البعيدة للبرولتاريا .

قدرة الحملم على جر القوى الديموقراطية و دفعها إلى النضال ضد الحكم لتوسيع عزلته مما يعطي مضمونا واسعا لنضال الجماهير , و هنا لابد من التأكيد على ضرورة نقد الميولات الانتهازية اليمينية أو اليسارية .
اعتبار الثورة المغربية جزء لا يتجزأ من الثورة العربية , كما أن مهمة الحزب الثوري البروليتاري لا تنفصل لحظة عن ذلك , و تعتبر الوثيقة أن :
"
الثورة المغربية تشكل الحلقة الضعيفة للامبريالية في غرب الوطن العربي و لهذا تشكل المركز الغربي للثورة العربية "

و تتمثل مهمات الماركسيين – اللينينيين في هذا الإطارفي:

ربط كفاح الشعب المغربي بالأمة العربية في نضالها ضد الامبريالية و الصهيونية و الرجعية من أجل الاستقلال الوطني و الوحدة و الاشتراكية .
تدعيم و توسيع جبهة ثورية عربية واسعة ضد الهجمة الامبريالية – الصهيونية – الرجعية.

تمتين العلاقات السياسية و النضالية بالفصائل الماركسية اللينينية على امتداد الوطن العربي .

قيام الثورة المغربية بواجباتها الأممية في دعم الثورة العالمية على قاعدة الأممية البروليتارية مع توطيد الخط البروليتاري السديد على المستوى العالمي لمحاربة كافة أشكال التحريفية المعاصرة .

إن الروابط الأصيلة و العميقة بين الشعب المغربي و الشعب العربي في الصحراء الغربية يجعل من الضروري صياغة الاستراتيجية الثورية من اجل إنشاء المركز الغربي للثورة العربية و دمج كفاح التحرر الوطني في الصحراء الغربية بالثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية و في استراتيجية واحدة و جبهة واحدة .

إن هذه المهمة بالغة الأهمية في بناء الخط الثوري السديد للحزب الماركسي – اللينيني المغربي .

-ز- في الجبهة الثورية المتحدة : المضمون , الأهداف و الأداة السياسية للثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية .

-1- في طبيعة الثورة المغربية في مرحلتها الراهنة :

التناقض الأساسي للمرحلة التاريخية يحدد طبيعتها الشيئ الذي حددته الوثيقة كما يلي :

"إن طبيعة النظام الطبقي السائد ببلادنا يجعل من الثورة التي تختمر ببلادنا ثورة وطنية ديموقراطية شعبية , تستهدف حل التناقض الأساسي القائم بين الطبقة الكومبرادورية الحاكمة التي تضم الملاكين الكبار و البورجوازية الكومبرادورية و على رأسهم الملكية و سيدتهم الامبريالية من جهة , و الشعب بطبقاته الوطنية من جهة أخرى , و يتكون الشعب , في المرحلة التاريخية الحالية من الطبقات الوطنية التالية : البرولتاريا , الفلاحين , شبه البرولتاريا , البورجوازية الصغيرة , البورجوازية المتوسطة الوطنية .."

-2- مهام الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية :

الإطاحة بسلطة الدكتاتورية الملكية و الطبقة الكومبرادورية و الامبريالية .

إرساء سلطة ديموقراطية شعبية في إطار الجمهورية الديموقراطية الشعبية بواسطة المجالس الشعبية .

تحقيق الثورة الزراعية و تحرير اقتصاد البلاد من هيمنة الامبريالية و الاستعمار الجديد .

بناء ثقافة شعبية عربية ديموقراطية و علمية .

تهييئ الشروط اللازمة للانتقال إلى الاشتراكية .

الإسهام في انتصار الثورة العربية و العالمية .

-3- التحالفات الاستراتيجية و الجبهة الثورية المتحدة:

-تحدد الوثيقة شرطين أساسيين لقيام تحالف ثوري ووطني واسع ضروري لانتصار الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية و الشرطان هما :

-1- قيادة البرولتاريا للثورة بواسطة حزبها الثوري .

-2- بناء التحالف العمالي – الفلاحي الذي يشكل عماد الجبهة الثورية الموحدة

-الجبهة الثورية المتحدة هي اداة التحالف الاستراتيجي بين الطبقات الوطنية كطبقات و ليس مع الأحزاب البورجوازية القائمة .

في تحليل الوثيقة يعرف مسار الأحزاب الإصلاحية تحولا يتسم ب :

اتجاه نحو تقلص نفوذها الجماهيري و السياسي حتى داخل طبقاتها نفسها .

تحولها تدريجيا من أحزاب جماهيرية تمثل طبقاتها سياسيا و تنظيميا إلى تجمعات فئوية من المحترفين السياسيين .

عموما هذا الوضع هو نتاج الصراع الطبقي الدائر في البلاد . فشرط نمو الطبقة الكمبرادورية و نظامها السياسي هو تفكيك الأحزاب السياسية الجماهيرية للبورجوازية الوطنية و تحويلها إلى فئات من السياسيين المحترفين و العمل على دمجهم في إطار النظام نفسه بأسلوب الإرهاب و الحوار و المناورة .و هذه هي استراتيجية النظام التي تدعمها الامبريالية .
-3-
برنامج الجبهة الثورية المتحدة:

يقوم برنامج الجبهة على بندين أساسيين أولهما مسالة السلطة و ثانيهما مسألة العنف الثوري . و يتفرع عن هذين البندين ضرورة التوفر على برنامج وطني ديموقراطي يهدف إلى بناء سلطة وطنية ديموقراطية شعبية .
بالنسبة للعلاقات داخل الجبهة الثورية المتحدة فأسلوب التعامل و العلاقات يقوم على مبدأ: وحدة –نقد –وحدة و ذلك لمواجهة ميولات التذبذب و المساومة و الإصلاحية القائمة موضوعيا في صفوف حلفاء البروليتاريا و الفلاحين الفقراء مما يعني النقد و تحقيق الوحدة على أساس البرنامج السياسي الذي يكون من المطلوب صيانته و تجذيره باستمرار .

-4- قواعد الجبهة :

تمثل التنظيمات الجماهيرية الثورية القاعدة الرئيسية لبناء الجبهة حيث تتم لقاءات الأطراف المكونة لها على قاعدة هاته التنظيمات .

أما " لجان نضال الشعب " أو " اللجان الثورية " فهي الوسائل الرئيسية لبناء الجبهة ‘ و هي كذلك وسيلة تمرن الجماهير على ممارسة السلطة .

-ح- التحليل السياسي للفترة و التحالف التكتيكي : الجبهة الواسعة المعارضة للحكم.

بالنسبة للتحليل السياسي تستعيد الوثيقة تحليل الفترة الذي قدمته " نحو تهييئ شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية " و من المعلوم أن هاته الأخيرة تحيين لوثيقة "الوضع الراهن و المهام العاجلة للحملم" . الجديد هنا هو تقديم تصور أولي لمفهوم الجبهة الواسعة المعارضة للحكم "كتحالف تكتيكي هدفه عزل الحكم . تقول الوثيقة :

" إن من مهمة الثوريين الماركسيين اللينينيين التقاط و استيعاب كافة أشكال و إمكانيات المعارضة و الاحتجاج و التناقضات لمصلحة عزل النظام القائم لأقصى حد , و صياغة الخطط و الشعارات السياسية و الأشكال التنظيميةلأجل ذلك "

بالإستفادة من التجربة الفيتنامية تستعمل الوثيقة في تحديدها للعدو مفهوم " العدو الأكثر شراسة " الذي يجب توجيه الضربة الرئيسية من خلال عزله و هذا تحدده الوثيقة ب " طغمة الحسن – عبد الله – الدليمي " و تدخل الامبريالية في مفهوم العدو الأكثر شراسة .

بعد سبعة أشهر ستعمل وثيقة " الخطة التكتيكية المشتركة " ( صدرت بالعدد 3 من نشرة " الوحدة "أكتوبر 1974 ) بتنسيق مع قيادة 23 مارس على إعادة طرح نفس التصور تقريبا لمفهوم " الجبهة الواسعة لمعارضة الحكم " .

لم يترك القمع الذي تم تسليطه على الحملم خريف 1974 الفرصة لمناقشة الموضوع سواء داخل كل تنظيم أو فيما بينهما . و سيعود للظهور في خريف 1976 داخل السجن و سيصبح فيما بعد إحدى محاور الخلاف داخل منظمة " إلى الأمام " نفسها .

-ط- حول إشكالية العنف الثوري .

أعادت الوثيقة طرح إشكالية العنف الثوري من منظور منظمة " إلى الأمام " مع بعض التدقيقات الجديدة و التي تأثرت بالنقاش مع الفصيل الثالث . فإذا كانت الحركة الماركسية – اللينينية المغربية قد عرفت طرحين أساسيين فيما يخص الاستراتيجية الثورية :

الطرح الأول القائل بالانتفاضة الشاملة .

الطرح الثاني القائل بحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد . الحوار مع الفصيل الثالث قد كشف عن وجود تصور ثالث يقول بما كان يسميه هذا الفصيل ب" المبادرة الثاقبة و العمليات ذات صدى " مما طرح السؤال في حوار الفصيلين :

هل يعتبر إطلاق الكفاح المسلح المهمة المباشرة أمام الماركسيين – اللينينيين المغاربة ؟ و ما هي مهماتهم في هذا المجال ؟

-في الجواب على هذا الطرح الذي يجعل من مهمة إطلاق الكفاح المسلح مهمة مباشرة ( كان الفصيل الثالث يقول بإمكان مجموعة ثورية أن تقوم بعمليات مسلحة , معتبرين أن تلك العمليات ذات صدى , بما يعني أنها تقوم بعمل دعائي مسلح ) ,وقد ذكرت الوثيقة بالأطروحات الأساسية لمنظمة " إلى الأمام " فيما يتعلق بإشكالية العنف الثوري . هكذا فإن الطرح الاستراتيجي للمنظمة يقوم على جدلية العمل السياسي و العمل المسلح في جميع المراحل مما يعني أن الجيش المسلح للثورة يتهيكل على أساس الجيش السياسي للثورة .

تاريخيا رفضت منظمة " إلى الأمام " استراتيجية الانتفاضة الشاملة كنهج في العنف الثوري الجماهيري بما تعنيه من استيلاء على السلطة بضربة واحدة و مرة واحدة بالاعتماد على القوة البروليتارية و تحالف الفلاحين و الجنود الثوريين كما وقع في التجربة الروسية الشيئ الذي لا يعني أن ثورة أكتوبر لا تتمتع بحقيقة كونية و تقول الوثيقة في هذا الصدد أي لتوضيح معنى كونية ثورة أكتوبر الذي لا يمكن اختزاله في أسلوب حسم السلطة:

" أنها ( تعني ثورة أكتوبر )فتحت عصرا جديدا في تاريخ البشرية هو عصر انتصار الاشتراكية و اندحار الامبريالية . و ليس ذلك هو الأسس التي جعلت من كلمة اللينينية تضاف إلى الماركسية و لكنها أضيفت إليها لأنها شكلت مرحلة جديدة تمام الجدة في الماركسية لقد شكلت : " ماركسية عصر الامبريالية و الثورة البروليتارية " "

كان الطرح الاستراتيجي لمنظمة " إلى الأمام " يقوم على تبني استراتيجية حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد لحسم مسألة السلطة بما يعني أنها حربا فلاحية بقيادة البروليتاريا و حزبها الثوري . ( البروليتاريا القوة القائدة للثورة , الفلاحون القوى الرئيسية للثورة ) من هذا المنطلق يكون الاستيلاء على السلطة تدريجيا و على مراحل عبر صراع طويل الأمد تتغير فيه موازين القوى تدريجيا عبر مراكمة عوامل الانتصار النهائي على مراحل في ظروف الهجوم الرجعي الامبريالي الشامل.

و في هذا السياق أعادت الوثيقة طرح مضامين استراتيجية القواعد الحمراء المتحركة كما جاءت في الوثائق الأساسية للمنظمة ( انظر " مسودة حول الاستراتيجية الثورية "و الوضع الراهن و المهام العاجلة للحملم " ).
لكن الوثيقة لم تتوقف عند هذا الحد . و بالاعتماد على التحليل المحين ل " نحو تهيئ شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية"(وثيقة سننشرها قريبا ضمن هذه الحلقة) قامت بتطوير مفهوم العنف الدفاعي للجماهير و بذلك لم تفصل بين المرحلتين الاستراتيجيتين لنمو الحركة الجماهيرية ( المرحلة الدفاعية و المرحلة الهجومية ) فيما يخص استعمال العنف الثوري الجماهيري . و قد جاء في الوثيقة ما يلي :

و نحن نعتقد أن الكفاح المسلح كأعلى أشكال العنف الثوري ليست مهمة مباشرة . فإذا كان العنف الثوري يشكل مهمة نضالية دائمة في أغلب الظروف ينبغي على الثوريين القيام به و قيادته كلما نضجت شروطه خلال المعارك الجماهيرية و تطوير أشكاله البدائية الأولى ( مظاهرات عنيفة , احتلال المعامل و الضيعات و المدارس , احتجاز الباطرونات و عملاء السلطة الأشرار ...) فإن خوض الكفاح المسلح كأرقى أشكال العنف الثوري لا تزال ظروفه غير مناسبة و لا يكفي في هذا المجال ترديد الشروط الموضوعية العامة للبلاد , بل ينبغي معالجة المسألة من زاوية الشروط السياسية و التنظيمية التي يتطلبها إطلاق الكفاح المسلح و السير به في طريق سديد نحو حرب الشعب الظافرة "

كما قلنا أعلاه فالوثيقة تستلهم تطويرها لمفهوم العنف الدفاعي الجماهيري التي ساقتها وثيقة " نحو تهيئ شروط ..." فالطابع الرئيسي للحركة الجماهيرية هو العفوية ( نضالاتها مطلبية مشتتة ) و نموها لا يسير في خط مستقيم ( انعراجات و انكسارات ...).

إن طابع المرحلة الأولى من هذا النمو دفاعي و من مهام الحملم :

-تهيئ شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية كإحدى الحلقات الوسيطة من أجل تغيير موازين القوى تدريجيا و تعميق أزمة النظام و الانتقال إلى المرحلة الهجومية شرط توفر قيادة ثورية متماسكة ..."
ذلك البناء (أي بناء القيادة الثورية) المرتبط بتوفير نواة بروليتارية و بكسب مواقع سياسية و تنظيمية داخل مناطق الصدام لتكثيف الدعاية الثورية , لبناء منظمة ماركسية – لينينية واحدة , لتدعيم و تمتين وحدة القوى الديموقراطية من أجل عزل الحكم و خلق شروط بناء الجبهة المتحدة و بالتهيئء العسكري العملي …

هذا بالنسبة للطرح الاستراتيجي العام , لكن هل يجب الانتظار حتى تتوفر هذه الشروط لإدماج العنف الثوري بأشكاله الأولى بالكفاح المسلح ؟ 
تجيب الوثيقة كما يلي :

" و لا تنفصل هذه المهمات عن مهمة إدماج العنف الثوري بأشكاله الأولى بالكفاح الجماهيري حسب درجة كفاحيتها و مستوى تنظيمها من أجل تنمية إدراكها الثوري بمسالة العنف , و خلق الشروط المناسبة للانتقال إلى الكفاح المسلح الذي يجسد وعيها الثوري و طاقاتها الملموسة , و ينبغي لهذه المهمة أن تصب في النضال من أجل بناء الطليعة البروليتارية لا أن يجهضها وان يوفر لها الأرضية الموضوعية لا ان يسد في وجهها سبل التبلور " .

 

من أجل خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي

* * * * * *

نقاش منظمتنا مع الفصيل الثالث

8 مارس 1974

 

أيها الرفاق،

إن مسألة فتح النقاش الديمقراطي المنظم بيننا مكسب ثمين على طريق توحيد جميع الماركسيين اللينينيين المخلصين ببلادنا، في منظمة كفاحية واحدة تشكل النواة الصلبة لحزب البروليتاريا الماركسي اللينيني. و قد أظهرت التجربة الطويلة في هذا المجال، بما لا يقبل الشك، أن وضع قضايا الخلاف الإيديولوجي و السياسي بصورة أولى على بساط النقاش الديمقراطي المنظم، هو السبيل السديد لإنجاز وحدة سديمية لامبدئية. إن المهمة المركزية في مسألة التوحيد هي بالدرجة الأولى معضلة الخط السياسي للثورة المغربية، القائم على أساس دمج الماركسية اللينينية بواقع بلادنا الملموس.

إن هذا النهج السديد في مسألة التوحيد، يتطلب من كافة فصائل الحركة الماركسية اللينينية، الانخراط في الصراع الهادف إلى بلورة الخط الثوري السديد، و دعمه و تطويره باضطراد، و دحض الخطوط الخاطئة، فالصراع الديمقراطي المنظم سلاح إيجابي فعال بيد الماركسيين اللينينيين الحقيقيين، لبلورة الخط السديد و دحض الخط الخاطئ، و شتى أشكال الانتهازية (اليمينية و"اليسارية").

لقد كانت الممارسات المشتركة لليسار الماركسي اللينيني ونضاله الموحد، قبل انطلاق الصراع بصورته الحالية، قائم على أساس خط عام، يرتكز بالدرجة الأولى على طرح نفسه كبديل للإصلاحية التحريفية، من خلال نقدهم، و التأكيد على مقولات الماركسية اللينينية عامة (أهمية النظرية، الحزب، العنف، الثورة العربية، إلخ...)

و قد خاض اليسار الماركسي اللينيني بشكل موحد، نضالا ضاريا ضد الإصلاحية و التحريفية، وحصل على انتصارات هامة. لكن حالما تغيرت الظروف ببلادنا (تطور سياسة النظام، حركة 3 مارس، تطور ممارسات اليسار و ارتباطاته بالجماهير...) أصبحت شعاراته عامة، عاجزة على أن تشكل خطا سياسيا يجيب بشكل مباشر على مجمل القضايا الراهنة للنضال الثوري. لقد أصبحت مسألة الخط الثوري هي المسألة المركزية، و أصبحت مسألة وحدة الحركة الماركسية اللينينية، رهينة بحل معضلة الخط الثوري السديد الذي يجيب على القضايا المرحلية الملحة و البعيدة للثورة.

إن هذه مسألة طبيعية بالنسبة لأية حركة ثورية أو حزب ثوري، لكن شريطة أن يتم حلها بالصراع الإيديولوجي و السياسي الديمقراطي المنظم، الهادف إلى الوصول إلى وحدة جديدة أكثر صلابة، تقدم الإجابة النظرية و العملية على المسائل التي أصبحت مطروحة بشكل ملح، و التي لم تعد تتطلب التأجيل. لكن الممارسات الانتهازية اليمينية لقيادة منظمة "23 مارس"، قد دفعتنا إلى طرح هذا الصراع جماهيريا، بحكم انتهازيتها اليمينية التي تخشى الصراع الديمقراطي المنظم، و بواسطة هذا الصراع الديمقراطي المنظم و الجماهيري، نعمل على إيصال الصراع إلى مداه، و هي عملية رهينة بعدة شروط، فالخلافات كانت دائما قائمة بيننا، و كانت تظهر و تختفي تحت ضغط تسارع الأحداث، و بحكم التصور الخاطئ لمهمة التوحيد، بالإضافة إلى الممارسات الانتهازية اليمينية، التي تحاول دائما إخفاء قضايا الخلاف الإيديولوجي و السياسي، والبحث عن الاتفاقات السياسية اللامبدئية بأي ثمن. كل ذلك كان يحول دون إيصال الصراع إلى مداه، إن هذه العملية تخضع بدرجة أولى لتطور بلورة الخط السديد، الذي يسمح بشكل أدق بكشف الخط الخاطئ، و التقدم خطوة خطوة في الكشف عند الانحراف اليميني الذي تمثله نشرة "23 مارس"، و تعرية هويته الإيديولوجية و عزله جماهيريا كخط، إن هذه المسيرة مستمرة، و هي ستنتهي حتما بانتصار و توطد الخط البروليتاري السديد.

و في هذا الإطار، يتوجب علينا تحديد مضمون القطيعة بشكل أدق مع الانحراف اليميني في المرحلة الراهنة (إذ قد يتوجب علينا النضال ضد الانحراف الانتهازي "اليساري" الذي ينشأ دائما كنتاج للأول). إن القطيعة هي قطيعة مع خط إيديولوجي و سياسي يميني تمثله نشرة "23 مارس"، إننا لا نصارع منظمة "23 مارس" كمنظمة، بل نصارع انحرافا انتهازيا يمينيا بالغ الخطورة على تطور الحركة الماركسية اللينينية الناشئة، نحو بناء خط الثورة المغربية، و السير بمهامها نحو الإنجاز. و هدف هذا الصراع أن يساعد جماهير المناضلين المخلصين (و حتى عدد من الأطر القيادية) في منظمة "23 مارس" على تجاوز الانحراف اليميني، و التشبع بالخط الماركسي اللينيني السديد، و هم بالتأكيد غفيرون داخل منظمة "23 مارس"، و مخلصون يطمحون لخدمة الثورة المغربية و وحدة الحركة الماركسية اللينينية، لكن متأثرين بالانحراف اليميني، بحكم قدرته على "التجلبب" بالمظهر الثوري، و بحكم الضعف الإيديولوجي العام، و مستوى الممارسة حاليا، مما يسمح له بمجال للمناورة أكثر. إن شعارنا ينبغي أن يكون تجاه هؤلاء المناضلين هو : الوحدة مع نقد الخط الخاطئ و نزع المساحيق عنه، إنه يهدف إلى محاربة "الداء بهدف إنقاذ المريض"، و عزل أولئك الذين يتعذر تصحيحهم، و العمل على أن يتقلص من ينتظرهم السقوط في مزبلة التاريخ، إلى مجرد استفتاءات.

لهذا، فإن مسألة الممارسة المشتركة و الحفاظ على العلاقات النضالية و المتينة مع قواعد منظمة "23 مارس"، و البحث بصورة دائمة على تمتين هذه العلاقات، و جرها لساحة النضال، هي خطة سديدة بالنسبة للماركسيين اللينينيين، في الكشف عن الخط الانتهازي اليميني، الذي لا يطرح نفسه عاريا، و يملك قدرة كبيرة على طلاء وجهه بالمساحيق، إبرازه عبر الممارسة، و طرح البديل عبر الممارسة. كما أنه يساعدنا على تجميع قوى جديدة للنضال ضد الحكم المتعفن القائم. إن الصراع المحتدم حاليا داخل منظمة "23 مارس"، و الذي يتجه ضد الانتهازية اليمينية، إنما يؤكد صحة هذا الاختيار، و يفرض علينا دعم و مساندة المبادرات الإيجابية المتقدمة و الوحدوية داخل منظمة "23 مارس" مهما كانت حدودها الحالية.

إن النقاش الحالي بين منظمتينا، ينبغي أن يشكل تجربة نموذجية في تنظيم النقاش الديمقراطي المنظم، من أجل التوحيد، ينبغي أن يشكل تجربة بديلة لكل التجارب الوحدوية السابقة، التي انتهت بحكم تصورها الخاطئ لمسألة التوحيد إلى الفشل، النقاش الديمقراطي المنظم، الذي يهدف إلى حل معضلة الخط السياسي أولا، عبر تدعيم الممارسات المشتركة و النضال الموحد.

إن الأسلوب السديد لنجاح هذه التجربة، ينبغي أن يرتكز إلى المبادئ التالية:

 

1. النقاش النزيه والهادف ،وتجنب كافة الأساليب الخاطئة و الحلقية، النقاش الذي ينطلق من المفاهيم الأساسية ليصل إلى القضايا العملية.

2. إشراك مجموع قواعد المنظمتين بصورة فعالة في هذا النقاش، مع حق إبداء آرائها بدون التقيد بالمواقف الرسمية.

3. احترام الالتزامات المشتركة، و العمل على الحفاظ على روح الوحدة و الاتفاق، و عدم اللجوء إلى الابتزاز و التزييف.

4. الانطلاق من التجارب العملية لكل منظمة في النقاش الجاري و في تدعيم المواقف.

5. النقد الذاتي كسلاح فعال في يد الماركسيين اللينينيين في تجاوز الأفكار و الممارسات الخاطئة.

6. خلق الشروط لتدعيم الممارسة المشتركة، و هذا العمل يمكن أن يتم في مجرى النقاش و ليس بعده، على أساس التحاليل السياسية الموحدة و مهام محددة، و على الرفاق أن يعيروا هذه المسألة الاهتمام الكافي، إذ تسمح بتوفير مناخ نضالي و رفاقي يساهم في تطوير النقاش الديمقراطي المنظم، و يسمح بممارسة القناعات و المواقف، و يخدم مهمة النضال ضد الحكم.

7. ضرورة توفر برنامج متكامل للتوحيد، حالما يتم قطع الشوط الأساسي في النقاش الديمقراطي المنظم، يحدد المراحل المتتالية لعملية التوحيد بشكل علمي.

و في هذا الصدد، نحيي مبادرتكم في انتقاد بعض وثائقنا، و نعتبرها خطوة إيجابية أولى في هذا الاتجاه، من حيث الأسلوب و المنهج، و قد قمنا مباشرة بتوزيع وجهة نظركم داخل عموم منظمتنا، و يقوم رفاقنا بمناقشتها حاليا. و رغم عدم انتهاء النقاش فيها، فإننا نقدم لكم جوابنا هذا من أجل دفع النقاش خطوة إلى الأمام، مبرزين بصورة موجزة بعض القضايا الرئيسية في خط الثورة المغربية (التوحيد، الحزب، العنف، الجبهة المتحدة) و بعض المسائل الأخرى المتفرعة عنها. و في صياغة هذا الرد الأول، أدمجنا الجواب على استفسارات الرفاق و لو بصورة غير مباشرة، أحيانا بالرد على الملاحظات و بعرض وجهة نظرنا. في سياق واحد، و أعدنا صياغة بعض موضوعاتنا الرئيسية، التي قد لا تكون واضحة بالشكل المطلوب (خاصة في وثيقة "حول الاستراتيجية الثورية"). و ندعوكم في هذا الصدد إلى دراسة جريدتنا المركزية "إلى الأمام"، و كراساتنا، و باقي نشراتنا الجماهيرية، مما قد يسمح بالاطلاع على وجهة نظرنا، و نأمل أن يبادلنا الرفاق جريدتهم و منشوراتهم، مما قد يسمح لنا بالمزيد من تفهم وجهة نظر الرفاق و مناقشتها، كما ندعو الرفاق إلى المزيد من إعطاء الأهمية الكبيرة لمسألة تدعيم الممارسة النضالية المشتركة بين منظمتينا، كعامل كبير الأهمية في تقديم وحدة الماركسيين اللينينيين ببلادنا.

 

ملاحظات أولية

لا بد قبل مناقشة القضايا التي يثيرها الرفاق في وثيقتهم، من إثارة بعض الملاحظات المنهجية، و لو بشكل مقتضب، لكي يكون نقاشا مثمرا وبناء.

1. في الوقت الذي نسجل فيه الأسلوب السديد الذي اتبعه الرفاق في مناقشة وثائقنا، سواء فيما يخص تلخيص وجهة نظرنا و طرح الاستفسارات، أو فيما يخص طرح وجهة نظرهم، لا نتفق مع انتقادهم للطبيعة "الجوابية" لنصوصنا (و الحقيقة فإن نصين من بين الثلاثة التي ناقشها الرفاق، هما اللذان يتضمنان جوابا على "23 مارس" ، أما نص "حول الاستراتيجية الثورية" فإنه لا يحمل جوابا على أي أحد). فنحن نعتقد أن الجواب على الانحراف الانتهازي اليميني بصورة دائمة مهمة ضرورية، ذلك أن الصراع يتطلب طرح الخط البديل من خلال نقد الخطوط الانتهازية و دحضها دون تردد أو تنازل، و عدم القيام بذلك، يترك مجال المناورة للانتهازية، و علينا أن لا ننسى الدروس الثمينة للماركسية اللينينية في الصراع ضد الانتهازية بمختلف ألوانها، من أجل دحضها و إبراز الخط البروليتاري على أنقاضها.

2. إن النهج السديد في تحديد الخط الماركسي اللينيني للثورة، و الإجابة على قضاياها النظرية و العملية، يكمن بالدرجة الأولى في التحليل الطبقي السديد، و تلك هي المهمة الأولى الملقاة على عاتق الثوريين، على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس، القائم على دمج الحقيقة العامة للماركسية اللينينية بواقع بلادنا، لهذا فإن أية موضوعة في الخط الذي نقترحه، ينبغي أن نستلهم التحليل الطبقي العلمي لبلادنا في طرحنا، هنا تكمن مسألة جوهرية في الإجابة على القضايا المطروحة، من أجل صياغة الخط الماركسي اللينيني للثورة المغربية و تقديم النقاش بصورة مضطردة نحو أهدافه العظيمة.

3. إن إثارة القضايا بشكل مجرد فقط، دون ربطها بالواقع الملموس في بلادنا، و بالتجربة المعاشة لكل طرف، لا يسمح بتطور إيجابي للنقاش، إذ يظل النقاش في سماء المفاهيم المجردة، دون أن يستند إلى التجربة المحددة التي تثبت صحة هذا الرأي أو ذاك، ويكمن هنا أسلوب فعال في حسم التناقضات القائمة بين المواقف بالاستناد إلى التجربة المعاشة.

الحزب

1. تشكل مهمة بناء حزب البروليتاريا الماركسي اللينيني المهمة المركزية الحاسمة المطروحة على الماركسيين اللينينيين في المرحلة الراهنة، من أجل قيادة النضال الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين و الجماهير الكادحة و القوى الوطنية، لدك الحكم القائم و سيدته الإمبريالية. إن مهمة بناء الحزب هي إذن المهمة المركزية الراهنة لكل الماركسيين اللينينيين : فهي البوصلة التي يجب أن ترشدهم في صياغة مهامهم الأخرى. تلك هي نقطة الانطلاق الضرورية الأولى في تحديد الخط السياسي بالنسبة للماركسيين اللينينيين المغاربة، ولهذا كانت مسألة الحزب أكثر القضايا التهابا في الصراع الدائر، و كانت مهمة مسألة بناء الخط الثوري في المرحلة الراهنة، هي بدرجة أولى مسألة الإجابة على سؤال كيف نبني الحزب الثوري الماركسي اللينيني المغربي في شروط بلادنا الملموسة؟

2. إن مقال "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو" قد جاء ليرد على ذلك الجواب ،الذي يقدمه الانحراف اليميني: "بناء الحزب في السلم" في ظروف نظام استبدادي إرهابي، و ذلك تحت غطاء "التركيز على الطبقة العاملة" بواسطة "نشر الفكر الاشتراكي و تنظيم العمال المتقدمين". إن الخط الذي عبر عنه المقال : بناء الحزب تحت نيران العدو من خلال الكفاح الثوري الجماهيري، يستمد أساسه من المفهوم البروليتاري للعالم، الذي يشير بوضوح إلى أن الجماهير هي صانعة التاريخ عبر صراعها الطبقي، بينما تؤكد نظرية "بناء الحزب في السلم" و نظرية "الأطر" المفهوم البورجوازي للعالم، الذي يطمس الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ.

هذا الاتفاق الهام بيننا حول رفض "نظرية الأطر و بناء الحزب تحت السلم" (أو كما يسميها الرفاق "الخط الداخلي" و نحن نتبنى هذا التعبير من أحد الوجوه) و التشبث بمهمة بناء الحزب كمهمة كفاحية شاقة، من خلال النضال الثوري الجماهيري و تحت نيران العدو، حزب مكافح متشبع بخط الجماهير، هذا الاتفاق هو مكسب ثمين جدا.

لقد قمنا بانتقاد خط "نظرية الأطر" دائما، لكنه لم يكن بالنسبة لنا خطرا فعليا حقيقيا، طالما أن رفاق منظمة "ب" مارسوا معنا النضال الجماهيري منذ لقائنا الأول، و تحت تأثير المد الجماهيري 70 – 72، و لكن حالما جاءت الظروف لانكشاف "نظرية الأطر" و "الخط الداخلي" بالنسبة لنا، قمنا بدحضه منذ اللحظة الأولى بدون تردد.

هذا الحزب الثوري المنشود هو حزب البروليتاريا الطبقي، يضم الفصيل الطليعي من البروليتاريا، الفصيل المنظم و المسلح بعلم الماركسية اللينينية، و يقود التحالف العمالي- الفلاحي و مجموع الجماهير الكادحة في جميع مراحل النضال، في الهجوم و التراجع، و قد أكدنا على النضال الدفاعي في حالة هجوم العدو المتواصل، الذي ينهجه نظام الحسن-عبد الله- الدليمي ببلادنا، لأن الانحراف اليميني يقوم بتنظير انكماش الثوريين في حلقات التكوين النظري، في حالة هجوم العدو و تراجع الجماهير الغير منظم، إن على الحزب الثوري أن يحتفظ بارتباطه بالجماهير في جميع مراحل النضال و في أحلك الشروط وأشدها قسوة، و أن يكون هيأة الأركان العامة التي تقود العمليات الحربية لجيشها، و لا تنفصل عنه لحظة، مهما كان هذا الجيش صغيرا، و مهما كانت الظروف التي يقاتل فيها.

3. إن المهمة في بناء الحزب هي بالذات مسألة هويته الطبقية، مسألة التأكيد على الدور القيادي للبروليتاريا، بواسطة بلورة و تأسيس نواة بروليتارية تشكل أساس الحزب الطبقي، و لهذا فنحن نضع مهمة بناء هذه النواة في مركز الصدارة بالنسبة للمهام الأخرى، بواسطة التركيز في الدرجة الأولى، من حيث التنظيم و الدعاية والنضال على المراكز البروليتارية الأساسية، و هذا فرق واضح بيننا، إذ يشير الرفاق بوضوح إلى "التركيز على الفلاحين و البادية بصفة عامة". ذلك هو معنى قولنا "أولوية العمل داخل البروليتاريا الصناعية و المنجمية" (و لا علاقة لمسألة التركيز هنا بمسألة المدينة أو البادية إذ أن عددا من المواقع البروليتارية الأساسية جدا تقع داخل البادية كالمناجم مثلا)، إن هذا التركيز هو مرحلة أولية ضرورية في مسيرة بناء الحزب الثوري، لماذا ؟

- لأن الحزب الثوري هو حزب البروليتاريا الطبقي، هو الفصيل الطليعي المنظم من البروليتاريا و مسلح بالماركسية اللينينية، و قيادة البروليتاريا ليست مسألة نظرية فقط، بل هي مسألة عملية، فلا يمكن تصور الحزب الثوري بدون هوية طبقية فعلية.

- لأن البروليتاريا هي الطبقة الثورية حتى النهاية، التي يؤهلها واقعها الموضوعي لقيادة الثورة، في مرحلة الإمبريالية، إلى النهاية وانتصار الثورة الوطنية- الديمقراطية- الشعبية، و السير بها بخطى ثابتة نحو الاشتراكية.

- لأن البروليتاريا المغربية بما تملك من تقاليد نضالية راسخة ما يقرب من أربعين سنة، قد أظهرت جدارتها و استحقاقها لقيادة الثورة، سواء في معركة التحرر الوطني ضد الاستعمار المباشر أو في النضال الوطني الديمقراطي ضد الاستعمار الجديد.

لقد كانت طبقتنا العاملة بدخولها حلبة النضال الوطني، و هي لا تزال حديثة العهد جدا، و بانبثاقها من الفلاحين الذين قاوموا الغزو الاستعماري ببطولة، قد ألهبته بقوة جبارة، و كانت مقاومة الفلاحين التي توقفت في مرحلتها الأولى سنة 1934، قد انتقلت إلى المدينة بفعل نهوض الطبقة العاملة و استيقاظ فئات البورجوازية الوطنية، و بدخول الطبقة العاملة النضال الوطني بصورة فعالة، فقد اكتسب طابعا جذريا (1945 – 1955)، و لم يكن بمقدور النضال الوطني أن يلتهب و يشتد إلا بفعل دخول الطبقة العاملة التي نمت قوتها بسرعة، و تعاظم نفوذها السياسي، و نما و تجذر بذلك أيضا نضال الفلاحين الوطني (جيش التحرير)، و إذا كانت البرجوازية الوطنية و الملكية قد اغتصبت قيادة النضال الوطني، فذلك ليس إلا لأن الخط التحريفي الانتهازي للحزب "الشيوعي" المغربي، قد مكن البورجوازية الوطنية من الاحتفاظ بالطبقة العاملة تحت وصايتها و منعها من إمساك قيادة الثورة الوطنية و السير بها في أفق ديمقراطي جذري. و حين نما و تطور الصراع من جديد ضد النظام الاستعماري الجديد،كانت نضالات العمال في سنة 1963 هي شرارة النهوض الجماهيري الجديد.

4. كيف يتم التركيز حاليا ؟

- بالاندماج بنضالات الطبقة العاملة العفوية و الاقتصادية والعمل على قيادتها، و وضعها في اتجاه جذري.

- بالتركيز على المراكز البروليتارية الأساسية التي تؤهلها شروطها الموضوعية لبلورة نواة البروليتارية صلبة.

- بالقيام بالتحقيقات في أوضاع الطبقة العاملة و نضالاتها، و استخراج الدروس منها.

- بدمج الماركسية اللينينية بنضالات الطبقة العاملة و نشرها على أوسع نطاق.

- بتكوين أطر البروليتارية صلبة و محترفين ثوريين يشكلون النواة البروليتارية.

- بناء اللجان العمالية كإحدى أدوات إنجاز هذه المهام.

و يشكل بناء منظمة ماركسية لينينية طليعية صلبة و راسخة جماهيريا، أداة حاسمة في هذا المجال.

5. إن للفلاحين قوة ثورية جبارة، فهم يشكلون القوى الرئيسية للثورة، و فقط باكتساب الطبقة العاملة للجماهير الغفيرة من الفلاحين يمكنها أن تصير قوة لا تقهر، و لهذا يشكل التحالف العمالي الفلاحي الشرط الضروري لقيادة البروليتاريا، فبدون ضم القوة الهائلة للفلاحين إليها، ستظل قيادة البروليتاريا محرومة من إحدى أهم أسلحتها الفعالة في النضال الشاق نحو أهدافها البعيدة، كما أن الجبهة المتحدة لا يمكن قيامها إلا بقدرة الطبقة العاملة على بناء التحالف العمالي الفلاحي تحت القيادة الوحيدة و المباشرة لحزبها الثوري.

و لهذا فإن مهمة بناء الحزب الثوري لا تنتهي عند مجرد بناء نواة البروليتارية، بل تشمل مهمة بناء التحالف العمالي الفلاحي، و لهذا يشكلان عملية واحدة، بل إن تصليب هذه النواة و تدعيمها لا يمكن تصوره خارج بناء هذا التحالف.

و بالرغم من أن الفلاحين يشكلون قوة ثورية جبارة، و يختزنون طاقات ثورية هائلة، و بالرغم من أنهم وطنيون بلا حدود، و ثوريون بلا حدود، فإنهم بدون قيادة البروليتاريا يظلون أسيري البرجوازية و يعجزون عن حل معضلتهم، إن قيادة البروليتاريا هي التي تجعل منهم بالذات قوة جبارة، فهي تمنحهم الأسلحة التي تنقصهم، تمنحهم الاستراتيجية السديدة و ترسم لهم الطريق الثوري، و تمنحهم القيادة الحكيمة، و تسير بالفئات الفقيرة و المعدمة منهم في الطريق الاشتراكي، و تجعل منهم جيش حرب الشعب الذي لا يقهر.

و لهذا بالضبط قلنا أن بناء الحزب الثوري البروليتاري، بناء التحالف العمالي الفلاحي مسيرة واحدة، و قمنا بشجب خط عزلة الطبقة العاملة و احتقار الطاقات الهائلة للفلاحين، هذا الخط الذي يشكل وجها آخر لخط "نظرية الأطر"، و"بناء الحزب في السلم"، و كلما نجحت النواة البروليتارية في بناء هذا التحالف بشكل مبكر، كلما استطاعت أن تضمن الإسراع بعملية بناء الحزب و ضمان القيادة الفعلية للثورة.

6. إن مهمة بناء الحزب لا تنحصر إذن في بناء "نواة عمالية"، كما ينظر السادة الأساتذة في "23 مارس" لمسألة الحزب، إن النواة البروليتارية إذ تتهيكل كمهمة نضالية عبر الاندماج بكفاح الطبقة العاملة، لا يمكنها أن تتقوى إلا عبر بناء أسس التحالف العمالي الفلاحي، و هو عمل لا ينفصل عن باقي المهام النضالية في بناء الحزب : بناء منظمة ماركسية لينينية واحدة، دمج الماركسية اللينينية بالواقع الملموس و بناء نظرية ثورية، بناء خط ديمقراطي وطني ... إلخ كما سنحددها فيما بعد.

إن هذا التحديد ضروري لكي نضع مسألة أولوية العمل داخل البروليتاريا الصناعية و المنجمية في إطارها الصحيح. إن الوعي البروليتاري لا يمكنه أن ينشأ بعلاقة ضيقة بين الشيوعيين و الطبقة العاملة فقط، إنه لا يمكنه أن ينشأ إلا عبر ربط نضالنا داخل الطبقة العاملة بنضالنا داخل الفلاحين و الشبيبة المدرسية، من أجل نقل المعرفة الحسية للطبقة العاملة، النابع من ممارستها في الإنتاج إلى درجة المعرفة العقلية. و لهذا فإن حصر ارتباطات الشيوعيين بالطبقة العاملة فقط، إنما هو "النزعة العمالوية" و "الاقتصادية" بذاتها و في صورتها الحقيقية.

7. لكننا لا نضع مهمة التركيز على الفلاحين في المرتبة الأولى، إن الطرف الأساسي من الأطر نعمل على توجيهه حاليا إلى المراكز البروليتارية الأساسية (في المدن أو البوادي) و نحدد عددا منهم للتوجه إلى العمال الزراعيين و الفلاحين في مناطق الصدام، و حالما يتم تقديم بناء نواة بروليتارية صلبة، سيتم انتقال القوى الأساسية داخل الفلاحين من أجل تقديم مسيرة بناء حزب البروليتاريا، و قيادة النضال الثوري للفلاحين، ففي هذا الانتقال إلى الفلاحين يكمن مستقبل بناء حزب البروليتاريا و انتصار الثورة. (دون نسيان جدلية المدن و البوادي التي يفرضها واقع بلادنا الملموس، إذ تشكل المدن قوة لا بأس بها بشريا و اقتصاديا و سياسيا، فالدار البيضاء وحدها تمثل أكثر من 10 % من سكان المغرب، و تزيد هذه القوة حسب الإحصائيات الأخيرة بحكم سياسة نظام السماسرة و المعمرين الجدد في البادية).

8. إن عملنا حاليا داخل الفلاحين، يهدف إلى خلق نقاط ارتكاز تشكل انطلاق العمل الثوري في الفلاحين و في البادية عموما. و تحديدا ينبغي أن يتم بناؤها داخل مناطق الصدام، إذ لا يمكن الاكتفاء بشعار العمل داخل الفلاحين بصورة عامة، فالفلاحون يتشكلون من فئات متعددة و يتوزعون على مساحات واسعة ويشكلون أكثر من 70 % من السكان. لهذا ينبغي تركيز نضالنا في مراحله الأولى على مناطق الصدام، أو البعض منها، و قد أبرزنا في وثيقة "الوضع الراهن و المهام العاجلة للحركة الماركسية اللينينية المغربية" أهمية مناطق الصدام هذه، و أعطينا الوسائل الأولى لانطلاق العمل داخلها، كما أشرنا إليها بصورة مركزة في وثيقة "حول الاستراتيجية الثورية"، و أبرزناها بصورة تحليلية أوسع في مقال "إلى الأمام" عدد 11 "بناء الحزب الثوري، بناء التحالف العمالي الفلاحي مسيرة واحدة".

إن انطلاق العمل داخل مناطق الصدام، حسب إمكانياتنا الحالية يكتسي أهمية كبيرة، في ظل تطور شروط الصراع الطبقي ببلادنا و احتداده، و من أجل تضييق الفارق الكبير بين مستوى الحركة الماركسية اللينينية و مستوى الحركة الجماهيرية المتقدم.

9. لقد رأينا أن المهمة الأولى في المرحلة الراهنة، هي بناء نواة البروليتارية، و هذا يعني تحديد الهوية الطبقية للحركة الماركسية اللينينية، و توفير أسس التحالف العمالي الفلاحي، إن هذه المسألة لا تكتسي أهمية بالغة في سياق بناء حزب البروليتاريا فقط، بل في تصليب الحركة الماركسية اللينينية و توفير إحدى الشروط الموضوعية لعدم انزلاقها عن الخط البروليتاري السديد، لأنها بذلك سترتكز إلى الطبقة التي يجعلها واقعها الموضوعي الطبقة الثورية حتى النهاية، و إلى أقرب أصدقائها الثوريين (الفلاحين)، الذين تؤهلهم شروطهم الموضوعية للسير معها وفق الطريق الثوري نحو الاشتراكية. و لهذا لا نتفق إطلاقا مع موضوعة الرفاق في سياسة الأطر "إن المهم ليس الأصل الطبقي"، نحن نعتقد أن المهم أولا وقبل كل شيء هو الأصل الطبقي بالذات، و لهذا تشكل مهمة تكوين و تربية كوادر البروليتاريا من العمال و من الفلاحين، و فتح الفرص الأولى للاحتراف الثوري و التثقيف النظري أمامهم، و تعزيز دورهم داخل حركتنا الماركسية اللينينية مهمة مركزية في بناء شرط موضوعي صلب، لبناء الخط الثوري السديد و قيادة الجماهير.

و حتى حينما يضيف الرفاق، "و إن كان الأصل الشعبي محبذا" فإنها إضافة غير مقنعة، إذ لا تضع هذا الأصل الطبقي، و مهمة توفير هذا الأصل – فضلا على أنها تشير إلى "الشعبي" بدلا من التحديد الطبقي في الدرجة الأولى، و قبل الخصال، في المرحلة الراهنة من بناء الطليعة البروليتارية، ينبغي إذن العمل على بناء أطر البروليتاريا صلبة من الجماهير الكادحة، من الشبيبة الثورية المنحدرة من أصل عمالي أو فلاحي، أطر مكافحة أولا، و ليس فقط مجدة في حفظ الدروس النظرية التي يلقيها "الأساتذة" على طريقة نشرة "23 مارس".

هذه الأطر تندمج بأصلب المثقفين الثوريين، و تتسلح ليس فقط "بتكوين إيديولوجي عام" و "خط سياسي عام"، بل أن تستوعب الجوهر الخلاق للماركسية اللينينية، و لإسهامات الرفيق ماو تسي تونغ ، و تستوعب الخط السياسي المحدد للثورة المغربية، إن هذا الاستيعاب الجدلي و الحي لنظرية ماركس و إنجلز و لينين و ماو تسي تونغ، مسألة حاسمة في تكوين هذه الأطر، على أساس إجادة استعمالها في تحليل الواقع الملموس.

10. إن المصدر الأساسي للأطر في الشروط الراهنة للحركة الماركسية اللينينية هم المثقفون الثوريون، من حركة الشبيبة المدرسية بدرجة أولى، و يشكلون الوسيلة الأولى مرحليا في عملية بناء الطليعة البروليتارية، إن الشبيبة المدرسية هي المعبر عن الوعي الحسي للجماهير الكادحة، و تشكل أداة حاسمة في نشر الماركسية اللينينية، و انحدار أوسع جماهير الشبيبة المدرسية من العمال و الفلاحين، يشكل ميزة هامة في هذا المجال، و لهذا فهي تفرز المثقفين الثوريين المرتبطين عضويا بالجماهير الكادحة. لكن الأمر يقتدي بلترة سائر المثقفين الثوريين، الذين يبقون بالرغم من ذلك معرضين لتأثير الإيديولوجيات الرجعية و البرجوازية السائدة في المجتمع، بواسطة الاندماج بنضالات الجماهير الكادحة، و التشبع بخط الجماهير و بالماركسية اللينينية، ذلك هو ما نقصده بمفهوم إعادة التربية.

إن دور المثقفين الثوريين لازال كبيرا، لكنه بغية عدم السقوط في النخبوية و التحريفية، ينبغي عليهم الانخراط في الممارسة مع الجماهير الكادحة والتعلم منها، من أجل التخلص من رواسب المعرفة الرجعية و البرجوازية، و التربية التي يتلقونها في مجتمع الاستعمار الجديد، و ينبغي إعادة تربيتهم في سياق نضالهم من أجل بلورة الطليعة البروليتارية، ذلك أن المربي هو نفسه في حاجة إلى التربية.

11. لذلك فإن مهمتنا في الشبيبة المدرسية قطاع الطلبة و التلاميذ بالغة الأهمية في الظروف الراهنة، من أجل بناء حزب البروليتاريا، و مهماتنا في هذين القطاعين تخدم بناء الحزب، و هي تتوزع بين المهمات الرئيسية:

ــ وضع نضالات هذين القطاعين في أفق ديمقراطي وطني جذري، و على أساس شعار تعليم شعبي عربي ديمقراطي و علمي. و قيادة هذه النضالات تخدم تكتيكيا مهمات توسيع النضال ضد الحسن –عبدالله – الدليمي، و هو ما نطلق عليه القيام بدور مقدمة تكتيكية للحركة الجماهيرية مرحليا.

ــ نشر الماركسية اللينينية بشكل واسع، فهما يتميزان بدينامية فكرية عالية، و بقابلية عظيمة لاستيعاب الفكر الثوري، و بهذا فهما يشكلان مركزا رئيسيا للصراع الإيديولوجي و انتشار إيديولوجية البروليتاريا.

ــ تشكلان ميدانا لتنشئة و تربية أطر متمرسة بالنضال بالنسبة للحركة الماركسية اللينينية في ظل شروطها الذاتية الراهنة.

و يكتسي قطاع التلاميذ أهمية أكبر، فهم يمثلون فئة من شبه البروليتاريا، و بحكم انسداد منافذ المستقبل أمامهم، في ظل نظام التعليم النخبوي القائم على التبعية المطلقة للإمبريالية.

12. تشكل مهمة توحيد الماركسيين اللينينيين في منظمة مكافحة واحدة تكون نواة صلبة للحزب الثوري، مهمة مركزية حاسمة في إنجاز مجموع المهام الأخرى، و قد أشرنا في البداية إلى الخطوط العريضة لإنجاز هذه المهمة العظيمة. و الحلقة المركزية في إنجازها، هي توحيد الخط الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي للحركة الماركسية اللينينية المغربية، بواسطة الصراع الإيديولوجي الإيجابي، على أن يكون هادفا للوحدة، و أن يكون ديمقراطيا و منظما خاضع لبرنامج متماسك الحلقات و منسق الخطى، و أن يرتبط بالممارسة المشتركة الموحدة، و يتبادل التجارب و المؤازرة النضالية ضد العدو المشترك، و أن يتجنب كل مساوئ الحلقية و الابتزاز ... إلخ ... و بهذا الصدد نستفسر عما لاحظناه في العددين اللذين تسلمناهما من جريدة الرفاق (العدد الأول و الثاني من "وحدة العمال و الفلاحين") حيث نقرأ تحت اسم الجريدة على الصفحة الأولى : لسان الحركة الماركسية اللينينية المغربية" هذه مسألة خطيرة جدا و نحن لا ندري ما إذا كانت لا تزال تكتب في جريدة أو جرائد الرفاق أم لا، و حرصا على تدعيم المسيرة الإيجابية للنقاش فإننا نحتفظ بموقفنا حتى نتوصل بتوضيح من الرفاق.

في مسألة التوحيد توجد بيننا اتفاقات باستثناء ما أشرنا إليه، بالإضافة إلى عدم إعطاء الرفاق الأهمية البالغة لمسألة بناء علاقات نضالية مشتركة، على أساس رؤية موحدة للوضع السياسي في كل مرحلة و للمهام التي يتطلبها، إن ذلك سيشكل وسيلة أساسية لتحقيق المزيد من التقارب الإيديولوجي و السياسي وممارسة القناعات الموحدة و تدعيمها، و تمتين جبهة النضال ضد الحكم الرجعي، و لهذا ندعو الرفاق إلى إعطاء هذه المسألة أهميتها البالغة، و ذلك ما ننهجه حتى مع رفاق "23 مارس"، لمصلحة النضال ضد الانحراف اليميني ذاته وتصفيته.

إن بناء منظمة ماركسية لينينية موحدة وصلبة يشكل الهدف الأساسي للتوحيد، على أساس خط بروليتاري سديد، و ستشكل هذه المنظمة النواة الصلبة للحزب الثوري، و هي التي ستقوم بالمهام التي سطرناها من أجل بناء الحزب قيادة نضالات الجماهير المتصاعدة ضد حكم الحسن – عبدالله – الدليمي و الإمبريالية، لأنها ستصهر إرادة الماركسيين اللينينيين و ترص وحدتهم الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية بصورة لا توفرها حالة التشتت.

13. نسطر بعض المبادئ التنظيمية لحزب البروليتاريا الثوري، و التي ينبغي أن تقوم عليها المنظمة الماركسية اللينينية الموحدة:

ــ المركزية الديمقراطية : القائمة على جدلية الطليعة و الجماهير، و توفير منظمة حديدية و موحدة الإرادة و الفكر و الممارسة، و تفتح مجال الانتقاد و الابتكار، و متدفقة الحيوية، على أساس وحدة الانضباط على جميع المستويات، و ينبغي ممارسة المركزية الديمقراطية مع الجماهير، و ذلك من خلال جدلية المنظمة و التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية.

ــ النقد والنقد الذاتي داخل المنظمة و أمام الجماهير.

ــ القيادة الجماعية : عبر ضرب كافة أشكال تسلط الفرد و المبادرات الفردية اللامسؤولة، إن هذا المبدأ يجسد مفهوم البروليتاريا العام على صعيد الممارسة التنظيمية.

ــ الانضباط البروليتاري الصارم و الموحد على كافة المستويات.

يتطلب تطبيق هذه المبادئ الشروط التالية :

ــ تعزيز الطابع البروليتاري للمنظمة و بلترة الأطر.

ــ تسديد التثقيف النظري و الصراع الإيديولوجي الهادف

ــ التطبيق المتواصل لخطها و انتقاده و إنمائه

ــ التطهير المستمر للمنظمة من كافة العناصر المنحرفة و المتفسخة و المرتدة و تجديد دمائها باستمرار.

14. إن مهمة بناء الحزب و بناء نواته : المنظمة الماركسية اللينينية الموحدة، تتطلب العمل بصورة متواصلة على بناء تنظيمات ثورية شبه جماهيرية مرتبطة بها، ثم المنظمات الجماهيرية العلنية و السرية التي ترمي على تنظيم أوسع الجماهير، و تشكل في مجموعها الأسلاك الرابطة بين المنظمة أو الحزب الطليعي و الجماهير الواسعة في مختلف الاتجاهات، و من مختلف الأنواع و الأشكال. إن التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية (و هي التنظيمات التي تضم المناضلين المتقدمين الملتفين حول المنظمة) تشكل أداة حاسمة في قيادة نضال الجماهير و تأطيره، كما تشكل أداة حاسمة في شروط النضال السري ببلادنا، في ظل النظام الاستبدادي القائم ببلادنا، و تشكل أيضا وسيلة تدعيم المنظمة الشيوعية المركزية، المتقلصة العدد بالضرورة، و المقتصرة على المحترفين الثوريين و الأطر الشيوعيين المتمرسين، فهي تزودها بشيوعيين جدد باستمرار، متمرسين بالنضال الثوري داخل هذه التنظيمات الثورية، كما أنها تشكل شرايين المنظمة الممتدة داخل المنظمات الجماهيرية، و أداة تأطيرها وأداة انغراسها في الجماهيرية. و على المنظمة أن تجيد الاستعمال الخلاق لكل شكل، حسب الظروف الملموسة، بالتركيز على هذا الشكل أو ذاك، في هذه المرحلة أو تلك، و إدراك العلاقات و الروابط الجدلية القائمة بينها.

15. بالنسبة لمسألة الجريدة، ذات الأهمية البالغة في بناء الحزب، فإن الاتفاق حاصل بيننا في هذه المسألة حول دورها. و قد سجلنا ملاحظاتكم البناءة حول الكلمة التي كانت تطبع على غلاف جريدتنا المركزية "إلى الأمام" : "ساعدوا على نشر الفكر الثوري بتسليم هذه النشرة إلى رفاقكم و معارفكم"، و هذا راجع إلى الإهمال، فقد كانت موجودة على غلاف "إلى الأمام" قبل أن ينسحب منها منظور الانحراف اليميني، في إطار المفهوم السائد لدور "إلى الأمام" في تلك المرحلة، و أهمل وجودها بعد ذلك. لكننا لا نعتقد أن أسلوب العمل بها لا يجعل منها أمرا مفيدا، فنحن نعمل على أن تتم دراستها بشكل جماعي، و هي تنحصر في تنظيماتنا الثورية شبه الجماهيرية، و تشكل أداة لحمها و تمسكها، بالإضافة إلى منظمتنا ذاتها. و لا ننفي أن رفاقنا مرتكبون أخطاء متعددة في هذا المجال، لكننا نعمل على محاربتها بشكل مستمر و تصحيحها، و نحن نحرز نتائج طيبة في هذا المجال، و لا يزال أمامنا قطع أشواط عديدة من أجل أداء دورها المنظم بصورة فعالة. و ستكون انتقادات الرفاق في هذا المجال عاملا فعالا، من أجل تصحيح العمل بها، و لهذا فإن تبادل الجرائد و لو على نطاق ضيق، سيسمح بتبادل التجارب و الانتقادات و تحسين العمل بها باستمرار. أما عن كثرة المواضيع النظرية، فذلك لا نتركه في بعض أعداد "إلى الأمام"، و هذا راجع لسببين :

1/ يتوصل بالجريدة المناضلون الملتزمون في إطار تنظيماتنا شبه الجماهيرية بالإضافة إلى الرفاق، و لهذا فهي تلعب دورا موجها و منظما بالغ الأهمية.

2/ الصراع الدائر، مما يفرض مهمة التوضيح النظري و إبراز الخط السياسي السديد، كمهمة ملحة و دائمة في المرحلة الراهنة.

و نتفق مع المبادئ التي حددها الرفاق للجريدة، إلا أننا نستنتج أيضا أن هناك مبالغة متشددة في سريتها، مما قد يقلص دورها المنظم و الدعائي و في الصراع الدائر حاليا، كما أننا لا نعلم عن ممارسة الرفاق بها من الناحية العملية.

16. تكتسي مسألة أساليب العمل أهمية بالغة في بناء الحزب، إذ ينبغي على الطليعة أن تجيد أصول فن النضال الثوري، خاصة في شروط بلادنا، و هي مرتبطة بمسألة الخط و تعكسه في الممارسة، فلنجاح خططنا السياسية لا يكفي أن تكون سديدة، بل أن نجد لها الأساليب و الوسائل الملائمة لتطبيقها، و لا يتعلق الأمر هنا بتقنين أساليب جامدة، بل هي تتنوع و تتعدد حسب الظروف الملموسة و المعقدة، إن الثورة إبداع، و الشيوعي إنسان مبدع، يعمل على ابتكار وسائل العمل التي تهدف إلى تحقيق الأهداف المرسومة بأكثر الطرق فائدة، و أقلها تكليفا، و أقصرها زمنا. و بهذا الصدد نتفق مع الرفاق في مسألة الاستقطاب من أجل سد منابع الخطر، نلخص موقفنا في هذا الاتجاه : تغليب مقاييس الكيف على الكم، و تغليب مقاييس الممارسة النضالية. كذلك الأمر فيما يتعلق بالوثائق و أسلوب العمل بها، ما عدا ملاحظتنا حول مسألة الجريدة التي نخشى أن يكمن التشدد في سريتها على حساب دورها المنظم و الدعائي. لا نتفق أيضا مع الرفاق فيما يتعلق بعزل الرفاق المحرضين عن المنظمة، فهذا قد يكون على حساب تقدمهم السياسي و مساهمتهم في حياة المنظمة، إن عزل الرفاق عن المنظمة يؤدي إلى موتهم سياسيا. لهذا ينبغي العمل على توفير الأشكال السرية الملائمة لمساهمتهم مساهمة مباشرة و فعالة في نشاط المنظمة الداخلي، الذي يكسب الرفاق حيوية كبيرة. و نحن إذ نعمل على الإتقان البالغ لأساليب العمل، لا ننسى التثقيف الإيديولوجي و السياسي للرفاق المناضلين و تربيتهم على الصمود في وجه العدو، و في وجه أنجع أساليبه حتى الآن، في تحطيم المنظمات الثورية : التعذيب. إن تربية شيوعيين عنيدين و متمرسين مدركين لواجباتهم الثورية و لحتمية انتصار الثورة البروليتارية، هو الضمانة الأولى لصمودهم حينما يكونون معزولين في عالم الجلادين. و في هذا الصدد بالذات، أحرزت المنظمة نتائج عظيمة. فمنذ ماي 1972 تعرضنا لمحاولة ضرب المنظمة مرات متعددة، و لم يتوصل العدو إلى أي نتائج في هذا المجال، بفضل صمود رفاقنا البطولي في وجه أقسى أنواع التعذيب.

17. لا تنفصل مهمة بناء الحزب عن ضرورة نهج خط وطني – ديمقراطي، يستجيب لطابع الثورة في المرحلة الراهنة، و يدمج المصلحة الوطنية لأوسع الطبقات و الفئات الوطنية بالأهداف البعيدة للبروليتاريا. ذلك أن قدرة الحركة الماركسية اللينينية على جر القوى الديمقراطية إليها، و دفعها إلى النضال ضد الحكم المتعفن، و توسيع عزلته، سيعطي مضمونا واسعا لنضال الجماهير، و ترتبط هذه المهمة جدليا بمهمة انتقاد ميولاتها الانتهازية اليمينية في التعامل مع الحكم، و تشطيب هيمنة أيديولوجيتها البرجوازية على الجماهير الكادحة، و انتقاد ميولاتها اليسارية المتطرفة (البصريين). و سنعود لهذه المسألة في معرض نقاشنا لمسألة الجبهة المتحدة.

18. إن عملية صياغة خط ماركسي لينيني سديد للثورة المغربية، و بناء الحزب الثوري البروليتاري، لا تنفصل لحظة عن مهمة اعتبار الثورة المغربية جزءا لا يتجزء من الثورة العربية، و تكتسي الثورة المغربية أهمية بالغة في هذا المجال. فبحكم اشتداد الصراع الطبقي ببلادنا، و بحكم استراتيجية الإمبريالية بالمنطقة. فإن الثورة المغربية تشكل الحلقة الضعيفة للإمبريالية في غرب الوطن العربي، و لهذا تشكل المركز الغربي للثورة العربية، مما يضع على الماركسيين اللينينيين المغاربة مهمات جسيمة في هذا المجال. إن مهماتنا بهذا الصدد تتمحور في :

ــ ربط كفاح الشعب المغربي بالأمة العربية في نضالها ضد الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية، من أجل الاستقلال الوطني و الديمقراطية و الوحدة و الاشتراكية. و وضع ذلك في مهمات الدعاية الثورية لفضح مناورات نظام الحسن – عبد الله – الدليمي في هذا المجال.

ــ تدعيم و توسيع جبهة ثورية عربية واسعة ضد الهجمة الإمبريالية-الصهيونية-الرجعية.

ــ تمتين علاقاتنا السياسية و النضالية بالفصائل الماركسية اللينينية على امتداد الوطن العربي، و العمل على بلورة خط نضالي عام على الصعيد القومي يوحد بينها، و يضع في حسابه بذات الوقت، الخصائص المميزة لكل نظام على الصعيد القطري. و بهذا الطريق بالذات، ستسهم الثورة المغربية بواجباتها الأممية في دعم الثورة العالمية، على قاعدة الأممية البروليتارية، و توطيد الخط البروليتاري السديد على المستوى العالمي، و محاربة كافة أشكال التحريفية المعاصرة.

إن الروابط الأصيلة و العميقة بين الشعب المغربي و الشعب العربي في الصحراء الغربية، يجعل من الضروري في صياغة الاستراتيجية الثورية، من أجل إنشاء المركز الغربي للثورة العربية، دمج كفاح التحرر الوطني في الصحراء الغربية بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، في استراتيجية واحدة و جبهة واحدة. إن هذه المهمة بالغة الأهمية في بناء الخط الثوري السديد للحزب الماركسي اللينيني المغربي.

الجبهة الثورية المتحدة

1. إن طبيعة النظام الطبقي السائد ببلادنا، يجعل من الثورة التي تختمر ببلادنا ثورة وطنية ديمقراطية شعبية، تستهدف حل التناقض الأساسي القائم بين الطبقة الكمبرادورية الحاكمة، التي تضم الملاكين الكبار و البرجوازية الكمبرادورية، و على رأسهم الملكية و سيدتهم الإمبريالية من جهة، و الشعب بطبقاته الوطنية من جهة أخرى، و يتكون الشعب في المرحلة التاريخية الحالية من الطبقات الوطنية التالية : البروليتاريا، الفلاحون، شبه البروليتاريا، البرجوازية الصغيرة، البرجوازية المتوسطة الوطنية.

و تستهدف الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية تحقيق المهمات التالية :

ــ الإطاحة بسلطة الدكتاتورية الملكية و الطبقة الكمبرادورية و الإمبريالية، و إرساء دكتاتورية ديمقراطية شعبية، في إطار الجمهورية الديمقراطية الشعبية، بواسطة المجالس الشعبية.

ــ تحقيق الثورة الزراعية، و تحرير اقتصادنا من هيمنة الإمبريالية و الاستعمار الجديد.

ــ بناء ثقافة شعبية عربية ديمقراطية و علمية.

ــ تهيئ جميع الشروط للانتقال إلى الاشتراكية.

ــ الإسهام في انتصار الثورة العربية و العالمية.

و يتم انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، بواسطة حرب الشعب الطويلة الأمد.

و من أجل انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، فإن على البروليتاريا أن تقوم ببناء تحالف أوسع الطبقات و الفئات الوطنية ذات المصلحة في هذه الثورة، من أجل عزل العدو الرئيسي و تركيز جميع القوى عليه للإطاحة به.

2. إن الشرطان الأساسيان لقيام التحالف الثوري و الوطني الواسع، و انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية هما : قيادة البروليتاريا بواسطة حزبها، و بناء التحالف العمالي- الفلاحي، و لا سيما الفلاحين الفقراء و المعدمين، الحليف الموثوق به بالنسبة للبروليتاريا.

3. إن الأداة السياسية و التنظيمية لتحالف الطبقات و الفئات الوطنية و سائر العناصر المعادية لسيطرة العصابة الكمبرادورية-الإمبريالية، هي الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية، أو الجبهة الثورية المتحدة بقيادة الحزب الثوري. و هذه الجبهة ترتكز في برنامجها على بندين أساسيين : مسألة السلطة، و مسألة العنف الثوري للإطاحة بالنظام القائم، فلا ينحصر قيام الجبهة على أساس النضال العسكري فقط، بل ينبغي أن يشمل برنامجا وطنيا ديمقراطيا، كما حددنا خطوطه العريضة، و على أساس سلطة وطنية ديمقراطية شعبية. فالاتفاق حول النضال العسكري بذاته غير كاف، فقد تلجأ فئات من العدو نفسه لحل التناقضات بينها إلى النضال العسكري، دون أن تكون مؤهلة للانخراط في الجبهة. ينبغي إذن، إعطاء الأهمية الكاملة لمسألة برنامج الجبهة و خطها السياسي.

4. إن مبدأ الوحدة مع النقد، هو الأسلوب الذي ينبغي أن يسود العلاقات بين أطراف الجبهة، الصراع الإيديولوجي و النقد ضد التذبذب و ميولات المساومة و الإصلاحية القائمة موضوعيا في صفوف حلفاء البروليتاريا و الفلاحين الفقراء. و الوحدة على أساس البرنامج السياسي و صيانته و تجذيره باستمرار. و الشرطان الحاسمان لسيادة التوجيه البروليتاري، هما : قيادة الحزب الثوري، و التحالف المتين بين العمال و الفلاحين.

5. نحن نؤكد أن هذا التحالف في واقع بلادنا الملموس، سيتم بصورة رئيسية بين الطبقات الوطنية كطبقات، و ليست عبر الأحزاب البرجوازية الحالية، لأن هذه الأحزاب تسير نحو تقلص نفوذها الجماهيري و السياسي حتى داخل طبقاتها نفسها، و تتحول تدريجيا من أحزاب جماهيرية تمثل طبقاتها سياسيا و تنظيميا، إلى تجمعات فئوية من المحترفين السياسيين. إن هذا يفرضه واقع تطور الصراع الطبقي ببلادنا، حيث كان الشرط الضروري لنمو الطبقة الكمبرادورية و على رأسها الملكية، هو تفكيكها للأحزاب السياسية الجماهيرية للبرجوازية الوطنية، و تحويلها إلى فئات من السياسيين المحترفين، و العمل على دمجهم في إطار النظام نفسه، بواسطة الأسلوب المزدوج الذي درج الحكم على التعامل به معهم : الإرهاب المستمر من جهة، و الحوار و المناورة من جهة أخرى. و لهذه الاستراتيجية المدعمة من طرف الإمبريالية أساسها الاقتصادي أيضا.

إننا لا ننفي إطلاقا أن هذه الأحزاب تمثل طبقاتها من الناحية السياسية، فكل موقف سياسي في المجتمع هو موقف طبقي، ينتمي لطبقة ما، لكن تمثيلها لهذه الطبقات كقوى فاعلة في الصراع الطبقي، و من موقع مصالحها الطبقية المعادية للإمبريالية يتقلص تدريجيا، و تمثل أكثر ميولاتها اليمينية و مصالحها الفئوية كمحترفين سياسيين، ما يجعلها بصورتها الحالية، غير مؤهلة للانخراط في الجبهة الثورية المتحدة. و لا ننفي تواجد أجنحة و عناصر جذرية داخل هذه الأحزاب، و قد أبرزنا دائما أن نمو نضالات العمال و الفلاحين و القوى الثورية، سيؤدي بتمايز هذه الأجنحة الجذرية و بروزها بشكل مستقل، لكن هذه الفئات الموجودة داخل هذه الأحزاب الموجودة محدودة، و لا ينبغي لنا أن نبالغ في قيمتها و أن نضخم من أهميتها، إننا لا نسد باب الجبهة في وجه جميع هذه الفصائل و العناصر الجذرية داخل هذه الأحزاب و خارجها، ذلك أن من مصلحة البروليتاريا و حلفائها الثوريين أن تضم هذه الجبهة أوسع الطبقات و الفئات، و العناصر الوطنية المعادية للإمبريالية و لطغمة الحسن-عبد الله-الدليمي. بل تقوم إحدى مهماتها الأساسية في هذا الاتجاه، إلى دفع هذه الأجنحة و العناصر الجذرية إلى التعبير عن نفسها بشكل مستقل، و دفعها للانخراط في الجبهة الثورية المتحدة. بل يجب أن نعمل على مد جسور التحالف الوطني الواسع، للاستفادة حتى من تناقضات العدو، و عزل العدو الأكثر شراسة في كل مرحلة (و هو في المرحلة الراهنة طغمة الحسن-عبد الله-الدليمي و الإمبريالية) تمهيدا للإطاحة به.

6. ما هي بالملموس هذه القوى الديمقراطية و فصائلها الجذرية حتى نستطيع أن نلمس إمكانياتها و حدودها ؟

حزب الاستقلال : حزب البرجوازية المتوسطة، يمثل ميلها السياسي لإصلاح النظام الحالي، و يضم حزب الاستقلال أيضا عناصر هامشية من الطبقة الكمبرادورية، و لا نعتقد أن حزب الاستقلال سيقبل يوما الانخراط في جبهة ثورية، تطرح مسألة السلطة بواسطة النضال العسكري، لكننا لا ننفي إمكانية تطور بعض العناصر الشابة المتنوعة في حزب الاستقلال.

اتحاد عبد الله إبراهيم : الوجه السياسي للبيروقراطية النقابية، يمثل تجمعا سياسيا يمينيا داخل البرجوازية الوطنية، و ترتبط مصالحه بمصالح الجهاز النقابي البيروقراطي المرتبط بجهاز الدولة، فهو يشكل فئة معادية لنمو البروليتاريا كطبقة ثورية مستقلة، و لهذا فإن من مهمات بناء حزب البروليتاريا بالنسبة للماركسيين اللينينيين، هي إزاحة هيمنة هذه الفئة على الطبقة العاملة المغربية. و قد برز موقفها المعادي لأي نضال جذري، حين وقفت صفا واحدا مع الطبقة الحاكمة حين انطلاق حركة 3 مارس 1973.

جماعة علي يعته : و هي فئة معزولة جدا، و ذيلية إلى أقصى حد لهذه القوى السياسية، و لا نعتقد أن هذه الجماعة ستنهج طريقا جذريا على الأقل في المدى المتوسط.

اتحاد بوعبيد : و هي فئة سياسية تعبر عن اتجاه البرجوازية الصغيرة الإصلاحي، و تشكل في ذات الوقت الواجهة السياسية لجناح البصري، و هي مؤهلة لتأييد الجبهة الثورية و الانخراط فيها. و يتطلب الأمر نضالا إيديولوجيا و سياسيا عديدا ضد ميلها الإصلاحي.

جناح البصري : هو الفئة التي تعبر عن الميل الديمقراطي الثوري داخل البرجوازية الصغيرة، و اتجاهها البلانكي في الاستيلاء على السلطة، و هي أكثر القوى السياسية استعدادا من الناحية الموضوعية، للانضمام كطرف فعال في الجبهة الثورية، لكن لا ينبغي أن نعتبر أن جناح البصري، زائد الحركة الماركسية اللينينية يشكل الجبهة الثورية المتحدة، إن هذا إنما يقفز عن طبقات وطنية و عناصر مستقلة لا يمثلها هذا الجناح، و لا الحركة الماركسية اللينينية، ستشكل أطرافا فعالة في الجبهة.

في هذا الصدد نرشح اتجاها آخر قد يتطور في ظل نمو الشروط الموضوعية للصراع الطبقي داخل الجيش، هو اتجاه الضباط الوطنيين، هذا احتمال فقط، إذ أن بروزه رهين بمدى قدرة الطليعة البروليتارية على التقاط النزعة الوطنية التي تنمو داخل الجيش، في إطار عمل سياسي منظم، و دفعها إلى جانب الثورة الشعبية.

7. إن جناح البصري إذن هو أكثر هذه القوى السياسية حاليا استعدادا للانخراط في جبهة ثورية متحدة، إلا أن خطه السياسي الراهن و ممارسته الراهنة لا يكفيان، لكننا نعتقد أن توفر عدة شروط سيساعده على التطور في اتجاه ديمقراطي وطني جذري، يؤهله للانخراط كطرف فعال في الجبهة، على أنقاض اندحار خطه البلانكي البرجوازي الصغير، فلا يكفي في هذا المجال كشرط للانخراط في الجبهة كما أبرزنا سابقا حمل السلاح فقط. إن النهج الحالي الذي ينهجه، لا يسمح له بأن يشكل طرفا فعالا في الجبهة، و من سمات هذا النهج السلبية :

ــ الأسلوب التآمري (يصل به لحد التحالف مع أوفقير) بدلا من العنف الجماهيري.

ــ برنامج إصلاحي لا يصل إلى مستوى البرنامج الوطني- الديمقراطي الجذري الذي حددنا بعض بنوده سابقا.

ــ التأثير السلبي الذي تتركه ممارسته على الجماهير.

ــ معاداته المتطرفة للشيوعية.

إن النضال من أجل إبراز الخط الثوري السديد، و توسيع التأثير السياسي للحركة الماركسية اللينينية كطليعة، يتطلب نضالا إيديولوجيا و سياسيا ضد هذا النهج. و لهذا فهو إذ يشكل القوة السياسية التي تملك الإمكانيات للانضمام إلى الجبهة، تتطلب بذات الوقت و بصورة جدلية نضالا إيديولوجيا و سياسيا ضد نهجه السلبي، بهدف دفعه في الاتجاه الوطني الديمقراطي الجذري الذي يساهم في صهر إرادة الشعب في الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا. إن تنمية و تقوية دور الحركة الماركسية اللينينية و قدرتها على السير قدما في بناء حزب البروليتاريا الثوري في ظل الشروط الموضوعية لنمو الحركة الجماهيرية، سيشكل عاملا أساسيا في ذلك، و تفتقد الحركة الماركسية اللينينية اليوم كثيرا من المقومات للقيام بذلك، و منها التشتت، إذ لا ترقى العلاقات بين فصائلها على المستوى الجبهوي ذاته.

لهذا فنحن إذ ننمي علاقاتنا و نعمل على توطيد برنامج سياسي مشترك و نضال موحد مع الاتجاه الديمقراطي الثوري (جناح البصري) منذ الآن و سائر الأجنحة الأخرى، ليس من أجل بناء جبهة في المدى القريب، بل من أجل بناء أوسع جبهة معارضة للحكم في جميع مراحل النضال، في نفس الوقت الذي نخضع خطه البلانكي للنقد بشكل متواصل، و على أساس التهيئ لقيام الشروط الحقيقية لجبهة ثورية متحدة مكافحة، من أجل انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية. بل إننا لا نلغي الدور الإيجابي ذاته للقوى الديمقراطية الإصلاحية، لكن ليس من أجل جبهة متحدة، بل في اتجاه تنمية جميع مظاهر المعارضة لنظام الحسن- عبد الله - الدليمي. ذلك أن من مهمة الثوريين الماركسيين اللينينيين، التقاط و استيعاب كافة أشكال و إمكانيات المعارضة و الاحتجاج و التناقضات، لمصلحة عزل النظام القائم لأقصى حد، و صياغة الخطط و الشعارات السياسية و الأشكال التنظيمية لأجل ذلك.

هذا هو مضمون عمل الماركسيين اللينينيين في هذا المجال، و ليسميه الرفاق "أشكال أولية من الجبهة"، فنحن نضع له كهدف مباشر، خدمة الحلقة المركزية من مهام الماركسيين اللينينيين : بناء الحزب البروليتاري الماركسي اللينيني، ثم هدف الجبهة المتحدة و عزل النظام القائم كأهداف غير مباشرة.

8. يلح الرفاق على أن "الأشكال الأولية للجبهة" ناضجة داخل الحركة الطلابية، و نفهم من السياق أنه لا ينبغي تغليب طابع الصراع على الوحدة، لقد أبرزنا موقفنا من هذه المسألة على صفحات "إلى الأمام" (عدد 14). لقد كانت المهمة الرئيسية بالنسبة للتيار الماركسي اللينيني على طول السنتين الأوليتين من عمله داخل الحركة الطلابية (من المؤتمر 14 إلى المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب) هو بلورة نفسه كتيار جماهيري مستقل، و إحرازه على قيادة الحركة الطلابية ، و هذا كان يضعه مباشرة أمام الصراع المستميت للإصلاحية للإبقاء على هيمنتها. و قد كان تغليب طابع الصراع على طابع الوحدة اختيارا ضروريا لا مفر منه يتجاوز النوايا الطيبة للماركسييين الينينيين، دون أن نعفي مسؤوليتنا من بعض الأخطاء في هذا الصدد (بالرغم من أنها ليست خطأ رئيسيا، فهي ليست إلا انعكاسا للأسلوب الذي كنا ننهجه في علاقتنا بالجماهير الطلابية). و نحن نعتقد اليوم أن بإمكان التيار الماركسي اللينيني و قد غدا تيارا جماهيريا فعلا، و محرزا على قيادة الحركة الطلابية، أن يعمل على تغليب طابع الوحدة دون نسيان الصراع. إن تغليب أحد الطرفين (الصراع أو الوحدة) إنما يخضع في نظرنا لكل مرحلة و المهمات التي تتطلبها، و هو يخضع في نظرنا حاليا، لمسألة إنضاج قيادة الماركسيين الينينيين لمصلحة بناء الحزب الثوري البروليتاري. و قد طرحنا برنامجا ديمقراطيا (و ليس جبهويا) بهذا الصدد في إطار أ.و.ط.م ، سيعمل على تعزيز وحدة جميع القوى الديمقراطية، و سيوفر الشروط لرصها في وحدة متماسكة كهدف مباشر لمصلحة هدف بناء الجبهة المتحدة حين نضج شروط قيامها.

9. إن رؤيتنا لبناء الجبهة الثورية، التي تجسد التحالف الثوري و الوطني الواسع للطبقات و الفصائل و العناصر الوطنية، سيجعل من التنظيمات الجماهيرية الثورية القاعدة الرئيسية لبناء الجبهة، بالإضافة إلى لقاءات الأطراف الثورية و على أساس قاعدة هذه التنظيمات الثورية الجماهيري. و لهذا فقد أشرنا إلى أن لجان نضال الشعب أو اللجان الثورية ستشكل وسيلة رئيسية في بناء الجبهة، و هي تختلف إطلاقا عن التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية أو الجماهيرية التابعة للحزب التي أشرنا إليها سابقا. هذه اللجان تعمل على تنظيم أوسع الجماهير و في مجموع الطبقات، بمساهمة كافة الفصائل الوطنية و تعبئتها في النضال الوطني الديمقراطي كتنظيم قاعدي للجبهة، و ستشكل أيضا وسيلة لتمرين الجماهير على ممارسة السلطة الثورية ضد أعداء الشعب.

العنف الثوري

1. لقد أشرنا بوضوح إلى أن الطريق الثوري ببلادنا هو العنف الثوري الجماهيري في شكل حرب التحرير الشعبية، إن هذا الاختيار السديد يفرضه التحليل السديد لواقعنا الوطني و الظروف الدولية المحيطة به، و قد أشرنا إلى هذا التحليل بصورة موجزة في وثيقة "حول الاستراتيجية الثورية" و طورناه في عدد من التحاليل الأخرى و على صفحات "إلى الأمام".

2. لقد طرح الرفاق أشكالا غير مطروحة إطلاقا، حينما أكدنا أن النموذج البلشفي في الاستيلاء على السلطة في أكتوبر 1917 غير سديد بالنسبة لنا كطريق للثورة، لقد كنا نقصد بذلك شكلا محددا من العنف الثوري الجماهيري في الاستيلاء على السلطة في ظروف ملموسة. و حينما أكد الرفاق بأنها حرب بمعنى مجابهة مسلحة، و شعبية بمعنى قام بها الشعب و طبعها بخصاله، فإنما هو في نظرنا تأكيد مجاني محض، فلا مجال هنا لإقحام المضمون اللغوي للكلمات، و إنما المقصود هنا بالضبط تحديد الأسلوب الذي ينبغي أن تتبعه الثورة المغربية في الظفر بالسلطة الثورية بواسطة العنف الثوري الجماهيري، كمبدأ ماركسي لينيني ثابت، و توطيدها بناء على تحديد خصائصها الملموسة.

إننا نفهم من الخصائص المميزة للنموذج البلشفي في نهج العنف الجماهيري (الانتفاضة الشاملة) هو : الاستيلاء على السلطة بضربة واحدة، و مرة واحدة، بالاعتماد على قوى البروليتاريا و تحالف الفلاحين و الجنود الثوريين، في ظروف الصراع الإمبريالي الدائر، بهذا المعنى المحدد للنموذج البلشفي نقول إن هذا الأسلوب المحدد الذي نهجته الثورة في روسيا لا يستجيب لواقعنا الملموس. و نقول بالمقابل أن أسلوب حرب التحرير الشعبية كأحد أساليب العنف الثوري الجماهيري، من حيث أنها حرب فلاحية بقيادة البروليتاريا و حزبها الطليعي، الفلاحون هم قواها الرئيسية، من حيث أنها لا تهدف إلى الاستيلاء على السلطة مرة واحدة في مجموع البلاد، بل تحرز عليه تدريجيا و على مراحل، و ليس بضربة واحدة بل عبر صراع طويل الأمد، يتم فيه تغيير موازين القوى تدريجيا، و مراكمة عوامل الانتصار النهائي على مراحل، في ظروف الهجوم الإمبريالي والرجعي الشامل. إن هذا الأسلوب قد تطور و اغتنى بكفاحات الشعوب المقهورة، و في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة (و بلدنا ينتمي إلى هذه البلدان) و كانت أبرز نماذجه : الثورة الصينية و الفيتنامية و الكورية. و قد قام الرفيق ماو تسي تونغ بصياغة نظرية حرب الشعب و أغناها الرفاق الفيتناميون بصفة خاصة، و هي تغتني على الدوام بتجارب جديدة. هذه الخصائص تستجيب لشروط بلادنا ملموسا، و تفرض علينا اختيار أسلوب حرب التحرير الشعبية كطريق للثورة.

 

هل يعني هذا إقبار الحقيقة الكونية لثورة أكتوبر؟

لا مجال لطرح هذه المسألة هنا،إن ثورة أكتوبر العظيمة ليست كونية لمجرد أنها طبقت أسلوبا خاصا في الاستيلاء على السلطة بوسيلة العنف الثوري الجماهيري في شكل الانتفاضة الشاملة، و إنما تتعدى الأهمية العالمية لثورة أكتوبر هذا النطاق الضيق، في أنها فتحت عصرا جديدا في تاريخ البشرية هو عصر انتصار الاشتراكية و اندحار الإمبريالية، و ليس ذلك أيضا هو الأسس التي جعلت من كلمة اللينينية تضاف إلى الماركسية، و لكنها أضيفت إليها لأنها شكلت مرحلة جديدة تمام الجدة في الماركسية، لقد شكلت : "ماركسية عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية".

لذلك، فنحن نسد الآفاق في وجه النموذج البشري في الاستيلاء على السلطة بالنسبة للثورة العالمية، و الشعوب المضطهدة، و لا يمكن لأي ماركسي لينيني أن يزعم ذلك، فضلا عن أنه ليس من مهمتنا أن ننظر للآخرين الأساليب التي ينبغي عليهم أن ينتهجوها في استعمال العنف الثوري الجماهيري داخل بلدانهم.

أما أساليب الكفاح المسلح التي تنهج الإرهاب البرجوازي الصغير كأسلوب رئيسي، و التي طبقت في عدد من البلدان و انتهت إلى طريق مسدود، فنحن لا نرفضها لأنها أسلوب لا يناسب شروط بلادنا الملموسة فقط، و لكن لأنها أسلوب خاطئ، ينطلق من مفاهيم تعارض المفهوم البروليتاري للعالم، الذي يؤكد أن الجماهير هي صانعة التاريخ، و أنها لكي تتحرر، ما عليها إلا أن تأخذ قضيتها بيدها.

3. إن هذا الاختيار الاستراتيجي بالنسبة لشعبنا : حرب الشعب الطويلة الأمد، يتطلب رسم الطريق السديد الذي يصل منه كفاح الجماهير الثوري إلى حرب الشعب الشاملة في الظفر النهائي بالسلطة الثورية، و الذي هو في نفس الوقت استراتيجية الطليعة الثورية. إن صياغة هذه الاستراتيجية الثورية السديدة تكتسي أهمية بالغة في قيادة العملية الثورية و بناء الطليعة البروليتارية، و لكن ينبغي التأكيد منذ البداية أن هذه الاستراتيجية ينبغي أن تقوم على جدلية العمل السياسي و العمل المسلح، في جميع المراحل، هذه الجدلية تفرضها ممارسة الجماهير ذاتها، فإذا كان قيام جيش مسلح يخدم مصالح العمال و الفلاحين و الشعب، و تحت قيادة حزب البروليتاريا و الجبهة المتحدة يشكل الضمانة الأكيدة لانتصار الثورة، فإن العمل المسلح لا يمكنه أن ينمو إلا في غمار العمل السياسي الجماهيري، و الجيش المسلح لا يمكن أن يتهيكل و ينمو إلا على أساس الجيش السياسي للثورة، و كلما كان بإمكان الطليعة أن تتنظم أشد التنظيم، و توسع إلى أوسع مدى جيشها السياسي، كلما كان بإمكان الجيش المسلح أن يتهيكل و ينمو ويتطور ويتسع باستمرار، و أن يحرز الانتصارات تلو الانتصارات.

هذه الحقيقة التي يؤكدها أكثر من قرن و ربع من الكفاح المرير للبروليتاريا العالمية و الشعوب المضطهدة، ينبغي دائما وضعها في اعتبارنا حين معالجة مسألة العنف الثوري و الاستراتيجية الثورية.

4. هل يعتبر إطلاق الكفاح المسلح المهمة المباشرة أمام الماركسيين اللينينيين المغاربة ؟ و ما هي مهماتهم في هذا المجال ؟ يشكل الجواب على هذين السؤالين مهمة جوهرية في صياغة الخط الماركسي اللينيني للثورة المغربية.

يجيب الرفاق بوضوح : "الظروف مناسبة جدا، و إلى حد " الشعور بالتعطل"، و نحن نعتقد أن الكفاح المسلح كأعلى أشكال العنف الثوري ليس مهمة مباشرة، فإذا كان العنف الثوري يشكل مهمة نضالية دائمة في أغلب الظروف، ينبغي على الثوريين القيام به و قيادته كلما نضجت شروطه خلال المعارك الجماهيرية، و تطوير أشكاله البدائية الأولى (مظاهرات عنيفة، احتلال المعامل و الضيعات و المدارس، احتجاز الباطرونات و عملاء السلطة الأشرار ... إلخ) فإن خوض الكفاح المسلح كأرقى أشكال العنف الثوري لا تزال ظروفه غير مناسبة، و لا يكفي في هذا المجال ترديد الشروط الموضوعية العامة في البلاد، التي هي لمصلحة الثورة بصورة عامة، بل ينبغي معالجة المسألة من زاوية الشروط السياسية و التنظيمية التي يتطلبها إطلاق الكفاح المسلح، و السير به في طريق سديد نحو حرب الشعب الظافرة.

حقا إن الحركة الجماهيرية متقدمة، لكن علينا في نفس الوقت أن نحدد حدود هذا التقدم و نواقصه، حتى لا نسقط في تقييم ذاتي للحركة الجماهيرية. لقد حددت منظمتنا بصورة سديدة اتجاه المرحلة التاريخية الراهنة من تطور الصراع الطبقي ببلادنا ، بأنه طابع اشتداد أزمة النظام و تناقضاته و نمو الحركة الجماهيرية، و أبرزت في تحليلها الشروط الموضوعية لهذا النمو في نضالات الحركة الجماهيرية، و حددت طابعه الرئيسي : العفوية، و نتائج ذلك أنها لا تزال مطلبية في سياقها العام و مشتتة، و أبرزت بالمقابل بأنه بسبب من هذه العفوية، فإن هذا النمو لا يسير في خط مستقيم، و أنه يتعرض لكثير من الانعراجات و الانكسارات وللتأثير البرجوازي الصغير(الإصلاحي و البلانكي)، و حددت طابع المرحلة الأولى من هذا النمو بأنه الطابع الدفاعي، إذ يمارس الحكم هجوما رجعيا شاملا مجهضا كل مكتسبات الحركة الجماهيرية في مراحل نضالها السابقة، و تحاول الجماهير الدفاع عنها في حدود وسائلها النضالية الراهنة. و لهذا وضعت منظمتنا كشعار سديد للثوريين في تحديد مهامهم المرحلية تجاه هذا النمو : "تهيئ شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية"، كإحدى الحلقات الوسيطة من أجل تغيير موازين القوى تدريجيا، و تعميق أزمة النظام و الانتقال إلى المرحلة الهجومية، و أبرزت منظمتنا كذلك ان هذا التهيئ والانتقال إلى المرحلة التالية، لا يأتي إلا عبر قيادة ثورية متماسكة، سيمكنها في ظل شروط موضوعية مناسبة، أن تنمو و تتطور و تقود الجماهير في الطريق الثوري.

و لهذا صاغت مهام الماركسيين اللينينيين في هذا الاتجاه، من أجل بناء هذه القيادة، و توفير نواة بروليتارية، و كسب مواقع سياسية وتنظيمية داخل مناطق الصدام، بتكثيف الدعاية الثورية، ببناء منظمة ماركسية لينينية واحدة، بتدعيم و تمتين وحدة القوى الديمقراطية من أجل عزل الحكم، و خلق شروط بناء الجبهة المتحدة، بالتهيئ العسكري العملي ...

و فقط بإنجاز هذه المهمات، يمكن أن تكون الظروف مناسبة فعلا، و أن تكون هناك حركة جماهيرية متقدمة، و نعني بمتقدمة أنها موضوعة في سياق ثوري جذري، و بقيادة ثورية متماسكة، و قادرة على تفجير أزمة الحكم و تعميقها باستمرار. و لا تنفصل هذه المهمات عن مهمة إدماج العنف الثوري بأشكاله الأولى، بالكفاح الجماهيري حسب درجة كفاحيتها و مستوى تنظيمها، من أجل تنمية إدراكها الثوري بمسألة العنف، و خلق الشروط المناسبة للانتقال إلى الكفاح المسلح الذي يجسد وعيها الثوري و طاقاتها الملموسة، و ينبغي لهذه المهمة أن تصب في النضال من أجل بناء الطليعة البروليتارية لا أن يجهضها، و أن يوفر لها الأرضية الموضوعية لا أن يسد في وجهها سبل التبلور.

و بهذا الصدد فإن حركة 3 مارس، في ظل غياب الدعاية الثورية المكثفة للماركسيين اللينينيين و تأثيرهم السياسي الجماهيري قد لعبت دورا سلبيا بما لا يقاس، فبدلا من أن تقلص التأثير الإصلاحي ساهمت في تعميق السلبية و الانتظارية لدى الحركة الجماهيرية كما تثبت ذلك الممارسة العملية لمناضلينا.

5. و لا تنفصل هذه المهام التي تخلق الشروط الفعلية المناسبة لإطلاق الكفاح المسلح المنظم، عن مهمة صياغة خط استراتيجي فيما يخص مسألة الكفاح المسلح، يحدد مهماتنا للانتقال إلى هذا الشكل و تطويره إلى حرب الشعب، وذلك في إطار استراتيجية ثورية شاملة. إننا لا ندعو كما تفعل "23 مارس" التي تكن احتقارا عميقا للاستراتيجية و الاستراتيجيين إلى تأجيل هذه المسألة، إن غياب الاستراتيجية الثورية هي سمة مميزة للانتهازية اليمينية، و غياب الخطط الفعلية، و الحلقات الوسيطة لإنجازها، سمة مميزة للصبيانية اليسارية. لهذا ينبغي وضع استراتيجية ثورية فيما يتعلق بمسألة العنف الثوري، و الكفاح المسلح، يحدد الطريق الذي ينبغي أن تنهجه الطليعة الثورية في تفجير الكفاح المسلح، من أشكاله الأولى إلى مراحله العليا نحو الاستيلاء على السلطة الثورية، وأن تحدد مهامها على ضوئها. و تحديد هذه الاستراتيجية ليس مسألة "تصورية"، بمعنى أنها نابعة من تأمل فكري على أساس تصورات مجردة، و لكن بقدر ما هي محاولة لتحليل ملموس لمجرى الوقائع الملموسة أمامنا، و محاولة تحديد تجاهها العام، و من تمة صياغة خطة عامة تحدد على ضوئها مهامنا المرحلية و البعيدة، إن الماركسيين اللينينيين ليسوا عرافين، و إنما ينبغي عليهم أن يشيروا إلى الاتجاه العام للأحداث، انطلاقا من التحليل الملموس للواقع الملموس، و يبقى سير هذا الاتجاه العام رهين بتفاعل تناقضات الواقع، و تدخلهم كعامل ذاتي حاسم. و معرفة تحديد هذا الاتجاه العام، الذي "ستمر به الأشياء مسبقا" مسألة ضرورية بالنسبة للقيادة الثورية، شريطة أن يكون قائما على أساس تحليل مادي جدلي لتناقضات الواقع، و طبيعة الصراع بينها ،و موازين القوى المختلفة، التي يمكنها ترجيح كفة هذا الاتجاه أو ذاك. إن مفهومنا للقواعد الحمراء المتحركة، ليس إذن مسألة "تصورية"، بقدر ما هو التحديد الذي يرسمه لتطور اتجاه نمو حرب الشعب الظافرة في مرحلتها الأولى ببلادنا، و قد أعطينا عددا من العناصر المهمة في واقع بلادنا الملموس التي تفيد بها، و نعيد هنا تحديد الاتجاه العام لاستراتيجية القواعد الحمراء المتحركة و بعض منطلقاتها الأساسية.

6. إن الانطلاقة الحاسمة تكمن في البادية، و من الفلاحين بالذات و من الثورة الزراعية. و سيتحتم على الطليعة الماركسية اللينينية –كما أبرزنا سابقا- في مرحلة لاحقة، أن تنتقل من مرحلة توزع قواها بين مراكز البروليتاريا و مناطق الصدام، إلى تمركز قواها الرئيسية في مناطق الصدام و الفلاحين (قواها الرئيسية فقط إذ ينبغي عليها أن تحتفظ بقيادة النضال الثوري في المدن، التي تشكل في بلادنا ثقلا ديموغرافيا و اقتصاديا و سياسيا لا بأس به).

إن العمل السياسي و التنظيمي داخل مناطق الصدام، ينبغي أن يقودنا بصورة رئيسية إلى شن انتفاضات منسقة للفلاحين.

هذا هو المنطلق، لكن الاكتفاء بهذا الهدف في انطلاق حرب الشعب يبدو بدون أفق، و هذا هو النقص الأساسي في المبادرة الثاقبة التي تكلم عنها الرفاق، إذ لم يحدد الرفاق طبيعتها و أهدافها و مهامها، و ما هي الآفاق التي تفتحها لانطلاق حرب التحرير الشعبية، و قد رأينا أن على الاستراتيجية الثورية أن تحدد لنا كيف نصل من كفاح الجماهير العنيف بأشكاله الأولى، إلى حرب الشعب الشاملة.

7. هذه الانتفاضة الفلاحية المنسقة المسلحة ينبغي :

ــ أن يتم تنظيمها في مناطق الصدام، يتحدد اختيارها حسب شروط نضالية و عسكرية دقيقة، و أن يتم منها اختيار تلك التي تشكل أضعف الحلقات في سياسة النظام و تمركز قواته، و أن يتم اختيار هذه الانتفاضات الفلاحية المنسقة في الظرف السياسي المناسب و اللحظة المناسبة، و هذا شرط أساسي.

ــ أن يتم تطبيق البرنامج الثوري خلال هذه الانتفاضات، (برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية) الذي يفتح الأفق الثوري أمام الجماهير (الاستيلاء على الأرض، تصفية الملاكين الكبار الأكثر شراسة و عملائهم الأشرار، تسليح الفلاحين، تنظيم الكتائب الأولى للجيش الأحمر و إنشاء الميليشيات ...).

ــ أن ترتبط هذه الانتفاضات بنمو كفاح الجماهير في المدن، إذ أن ذلك سيمكن من توزيع قوات العدو، و من تأطير للطاقات العالية لجماهير المدن (البروليتاريا، شبه البروليتاريا، البرجوازية الصغيرة ...). و قد نشأت المقاومة المسلحة في المدن إبان معركة التحرير الوطني، بتنسيق مع ظهور جيش التحرير في البادية، و تطورت الانتفاضات الكبيرة في المدن التي ساهمت في ذلك (ديسمبر 1952 بالبيضاء، غشت 53، انتفاضة فاس في 54 ذات الأهمية الكبيرة التي أدت عمليا إلى تحرير المدينة القديمة من قوات الاحتلال لعدة أيام).

ــ أن تضع لها الطليعة البروليتارية كهدف رئيسي، نشوء الأنوية الأولى للجيش الأحمر (أو الكتائب الأولى أو الفيالق الأولى ...إلخ، المهم هو الأنوية الأولى للجيش الأحمر) و ستكون هذه الأنوية الأولى على شكل قوات الأنصار. إن هذه الانتفاضات ستؤدي إلى انطلاق حرب الأنصار، بشكل رئيسي داخل البادية.

8. ينبغي لهذه الانتفاضات الفلاحية المنسقة أن تعتمد في استمرارها على تسلسلها و اتساعها إلى عدة مناطق، و تعميق نضالات الجماهير العنيفة، و تنمية حرب الأنصار وارتباطها بتنمية نضالات المدن، و تكسير جهاز العدو القمعي في المدينة، و ذلك بحكم نشأتها في مرحلة أولى، و بحكم وجود نظام مركزي قادر على التدخل السريع رغم تداعي جهازه (تجربة البصريين أثبتت ذلك) يعتمد في حل تناقضاته على حسمها بشكل سريع (بواسطة الانقلاب العسكري) و ذلك هو الذي سيحقق استمرارها وانطلاق حرب الأنصار و اشتعال لهيب حرب الشعب الظافرة.

ذلك هو معنى القواعد الحمراء المتحركة، و من الأكيد أن العدو سيتمكن من قمع العديد من الانتفاضات و إجهاض العديد من المكتسبات في المرحلة الأولى بحكم الشروط التي ذكرناها، و هذا أمر لا مفر منه، لكن القدرة على التطبيق الخلاق لاستراتيجية و تكتيك حرب الأنصار في المرحلة الأولى، سيمكن من تنمية انتفاضات الفلاحين المنسقة، و نضالات المدن، و الانتقال إلى مرحلة أعلى في حرب الشعب، نحو تأسيس مناطق محررة دائمة بارتباط وثيق بمعركة التحرر الوطني بالصحراء الغربية.

9. ذلك هو مضمون وأهداف القواعد الحمراء المتحركة كمرحلة أولى في مسيرة حرب الشعب، و هي استراتيجية ترتكز على بلورة الطاقات الملموسة و الخلاقة للجماهير الكادحة، و لهذا فقد رفضنا منذ البدء اختيار تكتيك "حرب العصابات المتنقلة"، إن رفضنا هذا ينصب على اختيار استراتيجي في مسألة العنف الثوري و الاستيلاء على السلطة بمعزل عن صراع الجماهير الطبقي، و قد سمينا هذا الاختيار "حرب العصابات المتنقلة" وهو الاختيار الذي تنهجه بعض المجموعات الثورية في أمريكا اللاتينية والتي يسميها البعض"نظرية الفوكو، و قد قمنا بنقد هذه النظرية في دراسة "مختلف أشكال العنف الثوري". و بطبيعة الحال لا يمكن للثوريين أن يرفضوا حرب العصابات المتنقلة و حتى الإرهاب، لكن أن يظل مجرد تكتيك في استراتيجية ثورية شاملة تعتمد على قوة الجماهير، هي استراتيجية حرب الشعب التي لا تقهر.

10. إن تطبيق هذه الاستراتيجية يتطلب تهييئا عسكريا منظما، و بالدرجة الأولى أطر عسكرية قيادية، فقد اعتبرنا دائما أن مهمة التهيئ العسكري ليست مسألة مؤجلة حتى "نضج الشروط"، بل اعتبرناها إحدى مهام الحركة الماركسية اللينينية الراهنة التي لا تقبل التأجيل، و ربطناها بمهمة بناء منظمة ماركسية لينينية واحدة طليعية صلبة و راسخة جماهيريا، ذات خط ثوري سديد، و وضعنا في مركز هذا التهيئ، وضع خط عسكري للثورة المغربية، ينبع من التطبيق الخلاق للماركسية اللينينية على واقعنا الملموس، وحددنا كمهام في هذا المجال، إنشاء مدرسة عسكرية تعمل على بلورة هذا الخط و تنشئة الأطر العسكرية القيادية، و هذه الأطر العسكرية هي التي أسميناها أنوية مسلحة ضرورية لقيادة و تنظيم انتفاضات الفلاحين المنسقة، و هي أيضا و بصورة جدلية أنوية الجيش المغربي الأحمر الأولى و قيادته.

تلك كانت بعض الخطوط العريضة لمساهمة منظمتنا في بناء الخط الماركسي اللينيني السديد للثورة المغربية، الضروري لقيام وحدة الماركسيين اللينينيين المتينة كمهمة تاريخية عظيمة، على أساس دمج الحقيقة العامة للماركسية اللينينية بواقع ثورتنا الملموس، يمكن للرفاق أن يوسعوا اطلاعهم عليها بدراسة جريدتنا المركزية و مختلف نشراتنا و كراساتنا.

إن هذا النقاش الجاري بيننا هو مكسب هام جدا، و أن السير بهذا النهج السديد الذي يتبعه حاليا نقاشنا و صيانته، بتطويره باضطراد، سيشكل في حد ذاته انتصارا هاما للحركة الماركسية اللينينية، و انتصارا للخط الثوري السديد.

و قد قمنا في صياغة هذه المساهمة بتلخيص وجهة نظرنا في عدد من القضايا الرئيسية و تجنبنا عددا آخر منها، أو أثرناها بصورة جانبية، رغم أنها ذات وزن كبير في تحديد الخط الماركسي اللينيني للثورة المغربية، معتبرين أن تقدما بهذا الصدد في هذه القضايا التي أثارها انطلاق نقاشنا، سيصل بنا إلى طرح القضايا الأخرى، و سيضع أسس الممارسة النضالية الموحدة، متقدمين هكذا بالتدريج نحو صياغة خط موحد.إن الاستمرار في هذا النهج و ضمان المساهمة الفعالة الإيجابية لجميع الماركسيين اللينينيين المخلصين من جميع المنظمات دون استثناء، سيمكننا من السير قدما في بلورة خط الثورة المغربية، و بناء وحدة الحركة الماركسية اللينينية المغربية، التي يتطلبها الوضع الراهن كخطوة ضرورية أولى في بناء حزب البروليتاريا الماركسي اللينيني.

 

عاشت وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة

عاش حزب البروليتاريا الماركسي اللينيني

 

 

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.