Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

الحلقة الرابعة ـ الجزء الثاني من دراسة "مسلسل تصفية منظمة " إلى الأمام" " ـ 27 يناير 2017

Pin it!

خ1.gif

 

يستمر موقع "30 غشت" في نشر حلقات دراسة "مسلسل تصفية منظمة "إلى الأمام" “، و ننشر اليوم الحلقة الرابعة من الجزء الثاني، و هي تتضمن الفصل الخامس من القسم الثالث لهذا الجزء، و الفصل يحمل عنوان: “ الأطروحات الثمانية لخط الردة". على أن يبدأ الموقع في الأيام المقبلة، نشر حلقات الجزء الثالث من هذه الدراسة التي تتألف من أربعة أجزاء.

  

 

 

 تنبيه: سيجد القارئ مجموعة من الكلمات ملونة بالأسود وسط النص، و هي كذلك للإشارة إلى أن مكان تلك الكلمات تتواجد هوامش النص التي يكفي وضع المؤشر ( curseur) فوق الكلمة كي يظهر الهامش باللون الأسود(من دون نقر).

  

مسلسل تصفية المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام":

الأحداث، السيرورات، الأطروحات، الملابسات و النتائج

 

 

الجزء الثاني

القسم الثالث

 

الفصل الخامس : الأطروحات الثمانية لخط الردة

 

1) الأطروحة الأولى: حول نشأة "إلى الأمام" و أزمتها البنيوية

 

من خلال هذه الأطروحة، و غيرها، كما سنرى، حاول"الإصلاحيون الجدد" نزع الشرعية التاريخية عن المنظمة، لكون أزمتها حسب زعمهم، كانت، و منذ البداية، أزمة بنيوية، تعود إلى طبيعة مشروعها السياسي، و نقرأ في البيان ما يلي:

"لقد ظلت "إلى الأمام" منذ تأسيسها في صيف 1970 تعيش أزمة سياسية مستمرة، لم تستطع تجاوزها باعتبارها أزمة بنيويىة لا ترتبط فقط بالتوجهات الإديولوجية و السياسية التي سارت عليها، بل و ترتبط كذلك بوجودها كمنظمة، و بطبيعة المشروع السياسي الذي طرحته على نفسها منذ قيامها".

و لدعم تصورهم ذاك، يقدم الإصلاحيون الجدد تصورا مشوها لظروف نشأة الحملم و منظمة "إلى الأمام"، فالأمر عندهم، يتعلق بمجموعة من الطلبة بلورت آراء حول بعض المشاكل النقابية و السياسية التي كانت مطروحة داخل القطاع الطلابي، و انطلاقا من الصراع الدائر داخله، و على أرضية تلك المشاكل طرحت على نفسها "قيادة الشعب و بناء حزب ثوري و إنجاز الثورة في البلاد".

هذا إذن هو منظور هؤلاء لنشأة الحملم، حيث يتم تغييب كل الأسباب و الأبعاد الأممية و القومية و الوطنية المحددة لذلك النشوء في سنة 1970، و بعد حذف كل هذا، نجد أن الأمر يتعلق بمجموعة من الطلبة، كانوا يتحركون داخل الجامعة، ضمن مشاكل نقابية و سياسية فقرروا فجأة، أو لنقل ذات يوم، التحول إلى "قيادة الشعب و بناء حزب ثوري و إنجاز الثورة في البلاد".

الأمر كان إذن مجرد صدفة، تولد عنها حلم ثوري، إنه بحق لطرح غارق في المثالية، يناقض الحقائق التاريخية على الأرض، تلك الحقائق التي ساهمت في نشوء الحملم و منظمة "إلى الأمام"، و التي يعرفها القاصي و الداني.

انطلاقا من هذا التصور التحريفي جدا للتاريخ، قدم التحريفيون الجدد استنتاجا أساسيا شكل مرتكزا لأطروحتهم الثانية.  

 

2) الأطروحة الثانية: الحركة الماركسية ــ اللينينية و "إلى الأمام" ليست بديلا ثوريا

لقد أوصل التحليل السابق أصحابه، إلى اعتبار الحملم و"إلى الأمام"، ليست بديلا ثوريا، و مما جاء في هذا الصدد:

"و لم تبرز كتعبير شامل في إطار المجتمع ككل أو داخل طبقاته و فئاته الأساسية، و من تمة فإن طرحها المشروع المتمثل في تشكيل بديل للقوى الوطنية التقدمية، طرح مغلوط من الأساس، إذ كيف يمكن إنجاز "بديل" من العدم؟ لأن البديل لا يتحقق انطلاقا من رغبة إرادية مجردة، بل إنه تعبير عن قوانين موضوعية و عن مستوى للصراع الطبقي و السياسي... و إن طرح مهمة تشكيل "بديل" للأحزاب الوطنية التقدمية يعني أن هذه الأحزاب لم يعد لها أي دور في الصراع الطبقي و السياسي و الإديولوجي في المجتمع، أو أن هذا الأخير لم يعد يفتح لها المجال إلا لأدوار ثانوية و هامشية". انطلاقا من التحليل أعلاه، يقدم التحريفيون الجدد خلاصتهم الجديدة حول استحالة البديل الثوري و يرتبط ذلك عندهم بعنصرين :

- العنصر الأول، و يتمثل في غياب الشروط الموضوعية، و مستوى الصراع الطبقي و السياسي، الذي يسمح بنشوء هذا "البديل الثوري"، و هنا يلتحق التحريفيون الجدد، بأطروحة الأنواليين حول تقييم مرحلة 1965- 1970 و مقارنتهم إياها بمرحلة 1956-1965، حيث كان مستوى النضال الطبقي و السياسي متقدما، و هذا هراء مابعده هراء .

- أما العنصر الثاني ، فيتمثل في كون الحملم طرحت نفسها كبديل ل "للأحزاب الوطنية التقدمية"، فقد كان طرحا خاطئا، كأن تلك الأحزاب لم يعد لها أي دور في الصراع الطبقي و السياسي و الإديولوجي في المجتمع ، أو أن هذا الأخير لم يعد يفتح لها المجال إلا لأدوار ثانوية و هامشية".

لا يحتاج المرء إلى مجهود كبير، لدحض هذه الأطروحة القائمة على تشويه الحقائق و لوي عنق الأطروحة الماركسية ــ اللينينية حول الأحزاب الإصلاحية و التحريفية، باعتبارها أحزابا للبورجوازية الصغيرة و المتوسطة، و ذات خط إيديولوجي إصلاحي أو تحريفي، يحكم منظورها الاستراتيجي و التكتيكي، إضافة لمواقفها من قضايا أممية و قومية و وطنية، و ميلها الدائم إلى الكولسة و التفاوض على حساب الجماهير.

لم يكن النقد يتعلق باستمرارها من عدمه، بقدر ما كان يتمحور حول طبيعتها الطبقية و خطها الإديولوجي و طروحاتها السياسية التكتيكية و الاستراتيجية. لا يمكن، فهم طبيعة هذا الدفاع المستميت عن الأحزاب الإصلاحية، دون وضعه في سياق المواقف السابقة "للإصلاحيين الجدد"، لكن مع الفارق هذه المرة، فقد حصلت قفزة نوعية في فكر هؤلاء، ستؤدي بهم إلى اعتبار هذه القوى هي البديل، الشيء الذي لم يجرؤوا على قوله صراحة في السابق. و إمعانا في طرحهم ذاك، سيعتبرون أن الانفصال عن تلك الأحزاب كان خطأ، و هذا ما شكل أساس أطروحتهم الثالثة.

3) الأطروحة الثالثة: حول خطأ الانفصال عن "الأحزاب الوطنية التقدمية"

جاء في باب الانفصال عن "الأحزاب الوطنية التقدمية" ما يلي: "إن الانفصال عن "الأحزاب الوطنية التقدمية" بدعوى تشكيل "بديل ثوري" مزعوم أدى من الناحية العملية إلى تشكيل تنظيمات طلابية فكرا و ممارسة، و هذا شيء منطقي و طبيعي و منسجم تماما مع واقع المجموعات التي شكلت تلك التنظيمات و ارتباطاتها السياسية و الإجتماعية".

ثم بعد ذلك يقولون:

"و كان من المستحيل على تلك المجموعات المعزولة أن تشكل بديلا للأحزاب الوطنية التقدمية داخل القطاع الطلابي نفسه رغم قابليته للتأثر السريع بالنزعات المتطرفة، فأحرى أن تطال مواقع تواجدها في القطاعات الجماهيرية الأخرى و خاصة الأساسية منها".

بالإضافة، إلى كون هذه الأطروحة تقوم بترديد أقوال أقطاب الإصلاحية و التحريفية، التي لم تستسغ عملية الانشقاق عنها، فهي أيضا تفضح جوهر أطروحة "وحدة القوى الثورية و الديموقراطية" كمعبر للتجدر وسط الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة، هكذا أصبحت مهمة التجدر داخل الجماهير الأساسية مستحيلة الإنجاز خارج ما تسميه ب "الأحزاب الوطنية التقدمية". و بطبيعة الحال، يكون موقف الانفصال خاطئا، و سببا في تشكيل تنظيمات طلابية فكرا و ممارسة يستحيل عليها تشكيل بديل ثوري لتلك الأحزاب، حتى داخل بعض القطاعات التي تتميز بقابلية التأثر السريع و يعنون هنا القطاع الطلابي... كما لو أن الحركة الطلابية، لم تعرف تطورا نوعيا في نضالها مع مجيء اليسار الثوري الماركسي ــ اللينيني، و لم يتوج ذلك بالمؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، و أن التاريخ اللاحق في هذا الصدد معروف لدى مناضلي الحركة الطلابية و الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذين لا زالوا يقاتلون في الصفوف الأمامية داخل الجامعة إلى يومنا هذا، أما إرجاع الحكم على تاريخ الحملم و منظمة "إلى الأمام" إلى وجود"خطيئة أصلية" تجرأ على ارتكباها مناضلوها المؤسسون، فحتى أقطاب التحريفية و الإصلاحية لم يستطيعوا إبداع مثل هذا الطرح،الذي لا يصمد أمام أبسط تحليل. فقد اختارت الحملم و منظمة "إلى الأمام"،حسب زعمهم، طريق العزلة و التهميش، لأنها قامت بالانفصال عن "الأحزاب الوطنية التقدمية".

لقد كان موقف الانفصال خطأ، و هو أصل "الأزمة البنيوية" لأنه أعدم العمل في المواقع الفعلية للتغيير، و يعنون بذلك "الأحزاب الوطنية التقدمية"، و في هذا السياق يقولون: "اختارت المجموعات اليسارية بما فيها مجموعة "إلى الأمام" لنفسها طريق العزلة و التهميش و الابتعاد عن المساهمة في تطوير الصراع الإديولوجي و السياسي داخل القوى التقدمية لتجاوز الأوضاع التي كانت تعيشها. هكذا ابتعدت عن المواقع الفعلية للتغيير، و طرحت إشكالا مغلوطا من أساسه، يتمثل في المراهنة عل تحقيق "بديل" مزعوم من لا شيء. و بالاعتماد فقط على الإرادة الذاتية، و بذلك وضعت نفسها في مدار مغلق، فاتجهت تبحث عن كيفية تجاوز أزمتها البنيوية في النتائج لا في الأصل، و بعناصر من ذات الأزمة نفسها، الشيء الذي لم يولد بالنسبة لها غير تضافر عوامل التفكك و الانحلال و الهامشية".

و على منوال هذا الطرح، جاء تقييم التحريفيين الجدد لمفهوم الأزمة لدى منظمة "إلى الأمام"، معتبرين إياها أزمة بنيوية، كما أن الوعي بها كان متأخرا. و نقرأ في هذا الصدد ما يلي حول الأزمة البنيوية التي كانت حسب زعمهم:

"قديمة نشأت معها و ارتبطت بالمشروع ذاته، مشروع تحويل مجموعات طلابية إلى حزب ثوري، و الانتقال من التعبير الفكري و السياسي عن فئات طلابية إلى محاولة التمثيل الطبقي و السياسي و الإديولوجي للطبقة العاملة و الفلاحين و التعبير عن مصالحهما الطبقية و إنجاز الثورة"

"و إن التساؤل حول جوهر هذا المشروع في حد ذاته، مسألة ظلت "إلى الأمام" ترفضها محاولة بذلك حصر و توجيه النقاش عن الأزمة في إطار المشروع ذاته و هذا الموقف يجسد وعيا ناقصا بالأزمة، وعيا غير ناضج يظل في حدود البحث في النتائج و لا تتجاوزها إلى البحث في الأسباب".

قبل صدور هذا الحكم بالإعدام على منظمة "إلى الأمام"، التي لا حل لأزمتها سوى العودة إلى الأحزاب الأم "الوطنية التقدمية" أو الموت النهائي،مهد التحريفيون الجدد لأطروحتهم بمجموعة من الأسئلة، من قبيل طبيعة الفكر الإديولوجي و السياسي لمنظمة "إلى الأمام"، و كذا النهاية التي وصلت إليها هذه الأخيرة، التي تطرح حسب زعمهم تساؤلات كبيرة حول أسباب الفشل في تحقيق المشروع الذي وظفت كل مجهوداتها الفكرية و السياسية من أجل تجسيده في الواقع، هل أن الأمر يتعلق بخلل أو انحراف في إطار المشروع نفسه؟ أم أن الأمر يتجاوز هذا الحد إلى جوهر المشروع نفسه الذي تشكل هذه المنظمة جزءا لا يتجزأ منه؟ و بالتالي ما هي طبيعة الأزمة التي عاشتها مع باقي المجموعات اليسارية الأخرى؟

نحن أمام ثلاثة أسئلة من صميم التصور الأصلي القائل ببنيوية أزمة الحملم ، و بالتالي محاولة البرهنة على وجود تلك "الأزمة البنيوية"، التي يدعي أصحاب هذا الطرح، أن الوعي بها كان متأخرا و غير ناضج، يبحث في النتائج و لا يبحث في الأسباب، مما يساهم في توليد الأوهام لدى المناضلين حول إمكانية تصحيح مسارها. و بطبيعة الحال، تندرج الوثيقة ضمن عملية محاربة هاته الأوهام و الدعوة إلى ماذا؟ الجواب : العودة إلى صفوف الأحزاب الوطنية التقدمية، المكان الحقيقي للتغيير، الذي لا يجب البحث فيه عن بديل. إنه بؤس التحليل، و بؤس النتائج المتولدة عنه، و بئس بديل البديل الثوري، إنها دعوة للرجوع القهقرى، عبر القفز على التاريخ و معطياته، و العجز عن تقديم البراهين عما أسموه بالأزمة البنيوية.

 

4) الأطروحة الرابعة: في نقد الخط الإديولوجي لمنظمة "إلى الأمام" و البديل المزعوم

منذ انطلاق هجومه المضاد، ضد الخط الثوري لمنظمة "إلى الأمام"، قام الإتجاه الإصلاحي الجديد بمحاولاته تحت يافطة محاربة "الانتهازية اليسارية"، و لم تخل تصريحاته و كتاباته، منذ ذلك الحين، من إشارات مكرورة حول مسؤولية الخط "الانتهازي اليساري" داخل منظمة "إلى الأمام"عن الضربات التي تعرضت لها، و من تم إلقاء مسؤولية نتائجها على ذلك الاتجاه، و في صراعهم المحموم ضد خط المنظمة، الذي لم يكن يخل من بعض مظاهر هذا الانحراف، و قد أشرنا إلى ذلك سابقا، استمر الإصلاحيون الجدد في هروبهم إلى الأمام و رفضهم تحمل المسؤولية في الأخطاء التي ارتكبوها، و هم يتحملون المسؤولية القيادية، لم يستطيعوا تقديم أي تقييم شامل لخط المنظمة، بل تهربوا مرارا من المشاركة في مثل هذا التقييم، و استعملوا يافطة "الانتهازية اليسارية" للتغطية على أخطائهم و تبريرهم لعدم الصمود أمام الجلاد، و قبل ذلك أمام هجوم النظام قبل الاعتقال، قائلين: لسنا مسؤولين عما وقع، و ليست ممارساتنا هي السبب، فالمسؤولية سببها الخط و "الانتهازية اليسارية"، ذلك الجواب السهل الذي نجده عند كل الانتهازيين.

فكيف قام هؤلاء بالحكم النهائي على الخط الإديولوجي للمنظمة، باعتباره خطا انتهازيا يساريا؟

سيبحث القارئ النزيه عن مقومات هذا الطرح و تفاصيله، فلن يجد سوى الكلمات و العموميات التي تقول بأن خط "إلى الأمام" الإديولوجي هو التزام بالفكر الانتهازي اليساري، و لن نجد أحسن من هذه الفقرة للاستشهاد بها حول هذا القول :

"ليس ترديدها المتواصل (يعني هنا منظمة "إلى الأمام") لبعض الكلمات و الجمل الماركسية الرنانة إلا تجسيدا لأهم مميزات النزعة الانتهازية اليسارية التي تختار بشكل انتقائي دوغمائي ما يدعم بنيتها الفكرية و السياسية الجامدة"

هناك إذن توصيف للخط الإديولوجي لمنظمة "إلى الأمام" بالانتقائية و الدوغمائية و الإرادوية دون تقديم أبسط دليل على ذلك، من المفروض فيه أن يقوم بقراءة نقدية موضوعية لتجربة المنظمة من خلال أدبياتها و ممارساتها و نظام علاقاتها الداخلية و تجاربها المختلفة في مجال العمل الجماهيري، و كل هذا بارتباط وثيق مع الأوضاع الطبقية لمرحلة تاريخية محددة.

كل الانتهازيين و التحريفيين لم يقوموا بهذا العمل، بل تهربوا منه، إما لعجز لديهم أو لاعتماد نظرة انتقائية تساعد على دعم أطروحاتهم الجديدة،و لذلك تبقى كتاباتهم في هذا المجال عبارة عن إنشاءات لا أقل و لا أكثر، و حينما يتكلم الإصلاحيون الجدد عن أنفسهم فإنهم يقدمونها على أنهم متشبثون ب :

"النضال و المنهج المادي الجدلي و التاريخي في تحليل و فهم الواقع الملموس من أجل تغييره، بأهداف و وسائل تستجيب لمتطلبات الواقع و قوانينه الموضوعية بما يخدم اتجاه التقدم التاريخي و الاجتماعي للبلاد، بعيدا عن الأحلام الطفولية و الإسقاطات الذاتية و المثالية..." إنه حقا لمنظور غريب للمادية الجدلية (فكر و منهج الثورة) ، و المادية التاريخية (نظرية و منهج الصراع الطبقي و منظوره الثوري). لقد أصبح ماركس و انجلز و لينين، على أيدي هؤلاء، مجرد إصلاحيين يشدون في ذنب البورجوازية و الإصلاحية. لقد استخدم الإصلاحيون الجدد ماديتهم الجدلية و التاريخية لتبرير العودة إلى شرنقة الأحزاب الإصلاحية التحريفية المسماة "وطنية تقدمية".  

5) الأطروحة الخامسة: حول الشبكية و البيروقراطية و تعامل منظمة "إلى الأمام"مع تناقضاتها الداخلية

بارتباط مع أطروحة أخرى للإصلاحيين الجدد يؤكدون فيها على تأثير الإديولوجيات الإرهابية المغامرة بعد 1968 على خط المنظمة و تجربتها، و يقرون، فيما يشبه تقييما- سطحيا- بسيادة الشبكية و البيروقراطية في العلاقات الداخلية بين أطر منظمة "إلى الأمام"، و من هنا، حسب زعمهم تلك المحاولات المستمرة لدى المنظمة "لدراسة تقنيات التنظيم و السرية، و محاولة تلافي نتائج حتمية لموقف سياسي خاطئ بأساليب تقنية".

دون الدخول في نقاش معمق مع مثل هكذا أطروحة، و التي يمحي بها أصحابها بجرة قلم، كل تاريخ المنظمة في محاربة الشبكية و الخطوط الإيديولوجية التي تنبع منها. و يكفينا التذكير، بصراع الخط الثوري خلال سنة 1972 ضد الأطروحات الشبكية النخبوية الإرهابية و كذلك، صراع المنظمة ضد التصورات البلانكية، التي انتشرت مع انطلاق أحداث مارس 1973. أما دراسة تقنيات التنظيم و السرية، فقد كانت تخضع لمنظور الخط الثوري لمنظمة "إلى الأمام"، و الذي يعتمد على "خط الجماهير"، و المنظور اللينيني للحزب، و قد أتبثت التجربة أن أصحابنا، لم يدركوا كنهه في يوم من الأيام. و من باب المقارنة نحيل القارئ على وثيقة "10 أشهر من كفاح التنظيم، نقد و نقد ذاتي" الصادرة في 20 نونبر 1972، و قد مهدت هذه الوثيقة، بمنهجية دقيقة، لمشروع إعادة بناء المنظمة، بعد تجربة 1970-1972، و لم تقم بذلك من فراغ، أو حبا في البحث عن وسائل تقنية محضة معزولة عن الخط الإيديولوجي و السياسي و الاستراتيجي الذي بلورته المنظمة . و أكثر من هذا و ذاك، تم القيام بجرد لأخطاء المنظمة خلال الحقبة السابقة على صدور الوثيقة، و تمت معالجة الأخطاء بتقييم نقدي صريح و حازم، فتم استخلاص جوهرها الإيديولوجي و السياسي، مما أعطى للمنظمة دفعة جديدة في عملها الثوري، أعادت الحماس لمناضليها و أطرها الثورية، فانطلقوا يعملون من أجل إعادة بنائها، كمنظمة طليعية، صلبة و راسخة جماهيريا، و كان في مقدمة هؤلاء الرفيق الشهيد عبد اللطيف زروال، الذي دافع باستماتة عن هذا النهج ، وصل حد الاستشهاد. لقد عرفت فترة نونبر 1972- نونبر1974 أوج تطور المنظمة، الشيء الذي اضطر معه زعيم "الإصلاحيين الجدد " الاعتراف به في جريدة "الأحداث المغربية".

و بدل السير على نفس النهج الذي دشنته المنظمة في نونبر 1972، و ذلك بعد اعتقالات نونبر 1974 و يناير 1975، حيث كان أطر الاتجاه الإصلاحي الجديد، و على رأسهم المشتري بلعباس و عبد الله المنصوري، يتحكمون في دواليب قيادة المنظمة، نجدهم متأخرين في إنجاز تقييم للضربة التي تعرضت لها المنظمة، و حينما قاموا بذلك، غيبوا كل طابع إيديولوجي و سياسي في تقييمهم الصادر في "الشيوعي"، النشرة الداخلية للمنظمة، غشت 1975)، و أكدوا على الجوانب التقنية المحضة، و أعادوا إنتاج الأخطاء السابقة، إبان اعتقالات دجنبر 1975- مارس1976، و بشكل كاريكاتوري، وصل بأصحابه، بدل الدفاع المستميت عن المنظمة - وهم "القادة المبرزون"- كما فعل من قبلهم الشهيد عبد اللطيف زروال – إلى حدود الانهيار و التعامل مع العدو، و بذلك تحملوا المسؤولية التاريخية في ضرب المنظمة و القضاء عليها بالداخل، أما البيروقراطية، و إن لم تخل منها الفترات السابقة، فقد أصبحت نهجا قائما خلال فترة نونبر1974 - مارس 76. لقد حول "الإصلاحيون الجدد"، خلال هذه الحقبة، الطرح الذي جاءت به وثيقة "10 أشهر من كفاح التنظيم..."حول دور القيادة في بناء الخط السياسي للمنظمة، إلى مجرد طرح احتكاري للقيادة بالمعنى الضيق للكلمة، بل أسسوا لنهج سيستمر داخل المنظمة، حتى لدى اتجاهات أخرى (اتجاه ما سمي ب "إعادة البناء" الذي اعتمد على تصور بيروقراطي لذلك، يقوم بتقديس ما يسميه ب"القيادة"). في واقع الأمر، كانت "القيادة"خلال هاته الفترة حكرا على رفيق أو رفيقين، و ظل الآخرون مجرد منفذين، و هذا ما يفسر انهيار وحدة المنظمة سياسيا و إديولوجيا، و ظهور العديد من الانسحابات و الانهيارات و الانهزامية حتى قبل الاعتقالات، و حينما هبت رياح القمع، كانت المنظمة منخورة من الداخل، فقدمها زعماء الإصلاحيين لقمة سائغة في أيدي الأجهزة القمعية الفاشية. و في سياق أطروحاتهم حول بيروقراطية منظمة "إلى الأمام"، و كيفية تعاملها مع تناقضاتها الداخلية، حاول الإصلاحيون الجدد، قبل إعطاء أمثلة على ذلك، العودة إلى مرحلة ما قبل تأسيس المنظمة، حينما كان العديد من أعضائها المؤسسين ينتمون إلى حزب "التحرر و الاشتراكية" (الحزب الشيوعي سابقا) فقاموا في إطار طرحهم التحريفي، الذي يعتبر أن الانفصال عن "الأحزاب الوطنية و التقدمية" كان خطأ تاريخيا، بانتقاد الرفاق الذين انفصلوا عن الحزب و زعموا بأنهم بدل طرح شعار الديموقراطية داخل حزب "التحرر و الاشتراكية"، قاموا بمحاولة الاستيلاء على القيادة، و بعدما فشلوا قاموا بعملية "الانشقاق"، أي أنهم باختصار، لم يقوموا بتطوير الصراع الإديولوجي و السياسي داخل هذا الحزب من أجل تطويره.

لا يسعنا هنا، سوى التأكيد على استعمال الإصلاحيين الجدد أسلوب الأكاذيب،لأن أطروحتم و اتهامهم لا يمكن أن يستشف من أية واقعة تاريخية. فالكل يعلم أن "حزب التحرر و الاشتراكية"، كانت تحكمه علاقات مركزية بيروقراطية و مفرطة، و لا أحد يستطيع مناقشة الزعيم المبجل "علي يعتة" أبو التحريفيين المغاربة، فكل المحاولات لفرض النقاش، يتم وأدها في المهد، و يحكم على أصحابها بالتهميش، رغم كل الأخطاء الكارثية للحزب، علما أن الحزب، كان تكتلا لمجموعة من المثقفين و التقنوقراط و فاقدا لأي قاعدة جماهيرية، و رغم كل هذا، اعتبر أصحاب الوثيقة أن هذا الحزب مكان حقيقي للفعل و التغيير.

أما الأمثلة، التي يسوقها أصحاب الوثيقة، للبرهنة على صحة أطروحتهم، و التي ظل البعض يروجها و يتلذذ باجترارها، كلما طلب منهم رأي حول تجربة المنظمة، فيسارعون إلى نفتها، كما تنفت الحية سمها، فيتم الترويج لها، نعني هنا حالة المسمى "حسن بنعدي"، هذا بالنسبة للنموذج الأول.أما النموذج الثاني، فيتعلق بما يسمى حالة ريموند بنعيم، و في شأنه نقرأ ما يلي:

"و في نهاية سنة 1971، تكرر نفس التعامل مع عضو مسؤول في القيادة، عندما طرح وجهة نظر مخالفة للفكر السائد، بصدد الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي في البلاد، فتمت محاصرة وجهة نظره ، و مورس الإجهاز السياسي و التنظيمي في حقه، و انتهى الأمر بإبعاده عن المسؤولية". لننظر عن قرب، لحكاية الإجهاز السياسي و التنظيمي، الذي تعرض له "ريموند بنعيم" حسب مزاعم الإصلاحيين الجدد.

في البداية، من هو ريموند بنعيم؟

إنه أستاذ جامعي، أحد الذين ساهموا في تأسيس المنظمة، و كان عضوا في "لجنة التنسيق الوطنية"، قبل انبثاق القيادة الجديدة للمنظمة في بداية يناير 1972، تحت اسم "اللجنة الوطنية ". خلال سنتي 1971 و1972، كان له موقف سياسي، تميز أساسا برفض العمل الجماهيري، و التركيز على بناء التنظيم و تكوين الأطر خارج الأعمال الجماهيرية الدعائية أو التحريضية، و هو ما يشبه "الخط الداخلي" الذي سبق و أن برز داخل منظمة"23 مارس"،إضافة إلى هذا، كانت له مواقف إصلاحية تجاه القوى الإصلاحية، فيما يشبه نوعا من الدعم للكتلة الوطنية ("الكتلة الوطنية": تجمع للأحزاب الإصلاحية، تشكل سنة 1970، و كان يضم كلا من "حزب الاستقلال" و"حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" الذي أصبح بعد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية").

هذا هو الرجل ،الذي أصبح زعماء الإصلاحيين الجدد يعتدون به، فهل تم الإجهاز عليه سياسيا و تنظيميا كما زعم هؤلاء؟ لوضع القارئ في السياق الصحيح للأمور ، نذكر ببعض المعطيات لتقريب الصورة الحقيقية عن مجريات الأمور.

عندما تأسست منظمة "إلى الأمام"في غشت 1970، كان من بين أعضائها مجموعة من التكنوقراط و المهندسين، و بعض الأساتذة الجامعين، و ليس المشكل في كون هؤلاء يزاولون هذه المهن، بل لكونهم تمرسوا داخل "حزب التحرر و الاشتراكية" الحزب التحريفي، و اكتسبوا بذلك سلوكا و عادات و منظورا للنضال، يتماشى و العقلية البورجوازية الصغيرة، النخبوية و المتعالية، ساعد على ترسخها لديهم، نمط عيش بورجوازي، البعض منهم كان يسكن فيلات أو شقق في الأحياء "الراقية"، بصالوناتها و كراسيها ذات أنماط رفيعة، و كان يلف هؤلاء أسلوب تخاطب يعتمد الفرنسية الباريسية، يقرؤون و يكتبون بها ككل نخبة تحس بتفوقها و تميزها.

عندما بدأت المنظمة نشاطها السياسي و الجماهيري و التنظيمي، التحق بصفوفها العديد من مناضلي الطبقات الكادحة. و كان أول احتكاك بين الطرفين، قد فجر صراعا حول اللغة، ذلك أن مجموعة من الوثائق كانت تكتب باللغة الفرنسية، و كان الأولون من المدافعين عن ذلك، بينما وجد الطرف الثاني في ذلك إهانة للغة العربية و"للغة الشعب"، فدارت أول معركة بين الطرفين في هذا الموضوع، انتهت بفرض الطرف الثاني لكتابة الوثائق باللغة العربية. أما المعركة الثانية، التي بدأت تتبلور ابتداءا من سنة 1971، فقد كانت نتيجة لتهرب هؤلاء البورجوازيين الصغار، من تحمل مسؤولياتهم السياسية و التنظيمية، فيما يتعلق بكل الأعمال التي كانت تقوم بها المنظمة، و في مقدمتها المساهمة في توزيع المناشير في الأحياء الشعبية أو العمالية، مما كان يطرح عدة أسئلة عن مدى انتمائهم للمنظمة، و مدى تجسيدهم لمبادئها.

و لما أطلق زعيم هؤلاء الإصلاحيين الأوائل العنان، لأطروحاته حول بناء التنظيم خارج النضالات الجماهيرية، ازدادت حدة الصراع بين الطرف الأول و الثاني، و عند الإعداد للندوة الوطنية للمنظمة، و التي انعقدت في 31 دجنبر 1971 و فاتح يناير 1972، انعقدت مجموعة من الندوات المحلية للفروع استعدادا للندوة، و لأن هذا الاتجاه، كان يتمركز أساسا بمدينة الرباط، فقد عرفت الندوة المحلية و قبلها اجتماعات الخلايا، صراعا حادا ضد هذا الاتجاه، و عندما انعقدت الندوة الوطنية في التاريخ أعلاه، ساند أغلبية الرفاق الاتجاه الثوري الذي بدأ يتبلور منذ ذلك الوقت. و شكلت الندوة الوطنية بالفعل، أولى انتصارات الخط الثوري، الذي فتح مسارا جديدا توج بصدور وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم ..." و ذلك في 20 نونبر1972. و عندما وصلت الندوة الوطنية في جدول أعمالها إلى نقطة انتخاب اللجنة الوطنية للمنظمة، لم يترشح "ريموند بنعيم"، و لم يضغط عليه أحد من أجل ذلك، و لم يتم الإجهاز عليه، كما لم يمنع من إبداء رأيه كما يدعي أصحابنا، و في الأخير انتخبت الندوة الوطنية الرفيق فؤاد الهيلالي ممثلا لفرع الرباط داخلها.

و ما لم يشر إليه "مدعو الإجهاز"هو ادعاء "ريموند بنعيم" بعد الندوة الوطنية، تمثيليته للفرع داخل اللجنة الوطنية، مما أنتج صراعا قويا داخل اللجنة المحلية للفرع، سيكشف عن وجود أعمال تكتلية لبنعيم وجماعته ضد الممثل الجديد للفرع داخل اللجنة الوطنية، مما أدى إلى انشطار داخل الفرع ستعاني منه المنطقة إلى حدود 1973. و عندما هبت رياح الاعتقالات في يناير 1972، و استمرت إلى حدود ماي 1972، بدأت الحالة النفسية لريموند بنعيم تهتز، كما تعبر عن ذلك بعض الممارسات لديه التي كانت ترى البوليس في كل مكان (فوبيا البوليس أو فليكومنيا)، لحد أن بعض الاجتماعات يتم توقيفها نتيجة إحساسه بأن البوليس يحاصر المكان، و بعد التأكد من ادعاءاته، يتبين أن الرجل كان مصابا برعب شديد من البوليس، و عندما اشتد القمع على المنظمة، تدهورت الحالة المعنوية للرفيق لتصل حد تهديد المنظمة بإفشاء أسرارها، إذا تم اعتقاله، و بالتالي و في نوع من الابتزاز، اشترط على المنظمة إخراجه خارج البلاد. و بطبيعة الحال استطاع الرجل أن يفر خارج البلاد، و بذلك انتهت حكاية "الإجهاز" على هذا الرجل، الذي اتخذه زعماء الإصلاحيين الجدد دليلا على كيفية حل التناقضات داخل منظمة "إلى الأمام"، فبئس الإدعاء و بئس المدعي.

و في سياق عرضهم حول الانفجارات و الصراعات التي عرفتها المنظمة بعد الاعتقالات، و التي يردونها إلى تزايد العزلة و القمع، و أثرهما كعوامل حاسمة في انفجار الخلافات العميقة داخل "إلى الأمام"، و بروز اتجاهين رئيسيين، و هما حسب طرح الإصلاحيين الجدد:

- اتجاه أول، يرى ضرورة إعادة النظر في مجمل الفكر الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي ل"إلى الأمام" و المجموعات اليسارية، منطلقا من التجربة، و معتمدا عليها كممارسة أبرزت الطريق المسدود، الذي سلكته تلك المجموعة (اتجاه عدد قليل من المناضلين).

- اتجاه ثاني، كان يرى أن الخط السياسي صحيح تماما، و أن التصفية السياسية و التنظيمية التي تعرضت لها المنظمة شيء عابر و مرتبط بأخطاء فردية، و بذلك اعتبر هذا الإتجاه، أن الخط السياسي بريء و اجتهد لتطويره بنفس الطريقة السابقة.

يقوم "الإصلاحيون الجدد " بمجموعة من المغالطات، لإعطاء دعم لموقفهم. أولا، إن إعادة النظر في مجمل الفكر الإديولوجي و السياسي، تمت بشكل واضح بعد صدور بيانهم الشهير، فهل كان هؤلاء يخفون مواقفهم قبل ذلك لضرورات تكتيكية أم العكس؟ كل ما نستطيع قوله بشكل مؤكد، هو أن مراجعتهم الشاملة، لم تقدم بشكل كامل و واضح، إلا عند صدور "بيان من داخل السجن...". و بطبيعة الحال كان هذا تحت ضغط تأثير الصراع بين الاتجاه الثوري و الاتجاه الإصلاحي، خاصة، بعد صدور قرارات 12 نونبر1979.

لقد كان مجموعة من الرفاق يدركون جوهر أطروحاتهم، لكن أصحاب هذا الرأي كانوا يتلونون كالحرباء، و يقدمون آراءهم كما لو أنها قضايا تمس التكتيك السياسي، و بعض الجوانب التنظيمية، و قد كان توقيت المحاكمة، و المواقف التي يجب التعبير عنها من داخلها، مثار أول خلاف مع هؤلاء الإصلاحيين الجدد، و قد تعرضنا سابقا لحيثيات موقف هؤلاء، خلال الإعداد لمعركة الشهيد عبد اللطيف زروال في نونبر 1976. ما يهمنا هنا، هو ادعائهم بأن الاتجاه الذي سارت عليه المحاكمة، كان مفروضا من طرف الاتجاه الثاني على أغلبية المناضلين. يقول أصحاب هذا الطرح :

"و التوجه الفكري العام الذي سار عليه أصحاب الاتجاه الثاني، و حاولوا فرضه على مجموع المعتقلين في نفس القضية من خلال فرض التعجيل بالمحاكمة، لهذه الاعتبارات رفض أصحاب الاتجاه الأول إضراب نونبر 1976 الذي كان شعاره "المحاكمة أو إطلاق السراح"، و لقد طرح أصحاب الاتجاه الثاني ضرورة الدفاع في المحكمة عن نظرية "الثورة في الغرب العربي" التي تجعل من الصحراء نقطة مركزية في برنامج "إلى الأمام" و الدفاع كذلك عن الجمهورية الصحراوية. إلا أن أصحاب الاتجاه الأول رفضوا هذا الموقف جملة و تفصيلا، معتبرين أن ما يجب التركيز عليه هو المشاكل الداخلية للبلاد، لكن الموقف بشكل عام حسم في قاعة المحكمة لصالح التركيز على مسألة الصحراء، الأمر الذي سمح بإنزال أحكام جائرة بالغة القسوة على المناضلين المعتقلين."

بالنسبة لنظرية "الثورة في الغرب العربي"، ليس صحيحا أن بلورتها جاءت نتيجة لتقييم شامل للتجربة. فكل ما في الأمر، كان هناك تفاعل مع مستجدات الوضع السياسي في الصحراء و نتائجه على المغرب، انطلاقا من الخط السياسي و الاستراتيجي للمنظمة، علما أن عناصر هذه النظرية ظلت حاضرة في قلب خطها دون أن يتم نقدها يوما أو التخلي عنها، و عند صدور الوثيقة المعنية، لم يكن الرفاق في مجموعة 26 على دراية بمعطيات واقع المنظمة بعد اعتقالات نونبر 1974 و يناير 1975، وصولا إلى اعتقالات دجنبر 1975 – مارس 1976، و هذا في حد ذاته كافي لتكذيب ما جاء في طرح الإصلاحيين الجدد. هناك دائما تشويه للحقائق، و لوي لعنقها، من أجل اتهام المنظمة بممارسة أساليب إرهابية فاشية قمعية داخل صفوفها و في المجتمع.

أما فيما يخص سياق المحاكمة (محاكمة يناير- فبراير 77)، هناك قفز مقصود عند هؤلاء، عن الابتزاز و المساومة التي تعرض لها المعتقلون السياسيون، على يد محامي الأحزاب "الوطنية التقدمية"، خاصة محاميو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذين توجوا موقفهم برفض الدفاع عن المعتقلين السياسيين في المحاكمة، بعدما رفض هؤلاء تغيير مواقفهم السياسية. و بالنسبة للقطيعة السياسية و التنظيمية، التي يقول أصحاب هذا الرأي أنها تمت سنة1976، فهذا مجرد كذب على التاريخ ،لأنها لم تتم إلا بعد نهاية يونيو 1979.

عموما، فقد سحبوا تشويهاتهم على كل شيء، فحينما انفجر الصراع حول الموقف من المحاكمة، كان هؤلاء فاقدين لكل شرعية أمام القواعد التي تبرأت منهم، نظرا لانهيار مجموعة منهم أمام التعذيب، و قامت بإفشاء أسرار التنظيم الذي كانوا مؤتمنين عليه، و قد زاد على ذلك تصريح زعمائهم أمام قاضي التحقيق، و رهانهم على الخروج من السجن بمجرد تقديم تنازلات للنظام، الشيء الذي كان يوزعه "المحامون الاتحاديون"، يمينا و شمالا، كمكافأة عن مواقفهم المتخاذلة (اتخذ حزب الاتحاد الاشتراكي موقفا غير مسبوق، دفاعا عن وحدته الوطنية مع النظام و مسلسله الديموقراطي، و مغربه الجديد، اتجاه المعتقلين السياسيين برفض محاميه الدفاع عنهم).

أما شعار المحاكمة، و مواقف اليمين الإصلاحي الجديد منها، فقد كانت قائمة على رهان الخروج من السجن، أو على الأقل تخفيف الأحكام، و الانخراط في سياسة الإجماع الوطني حول النظام و الأحزاب الإصلاحية، و كانت ترى كلها ضرورة الانخراط في ذلك، و بذلك أسس الإصلاحيون الجدد، لخط في المحاكمات السياسية الذي يمكن أن نطلق عليه خط " افلت بجلدك"، خلافا للموقف المبدئي للحركة الشيوعية العالمية.  

 

6) الأطروحة السادسة: حول إشكالية الارتباط الجماهيري و عجز "إلى الأمام" عن ذلك

يرى أصحاب الوثيقة أن جذور "إلى الأمام" تلاميذية و طلابية، و هي أساس القاعدة الاجتماعية لسيادة النظرة الطفولية للعمل السياسي بمظاهرها المختلفة، و يتجلى ذلك حسب زعمهم في :

- منطق الرفض لكل شئ من منطلق التمرد على المجتمع (العدمية).

- اختصار التناقضات في تناقض واحد، يفصل بين طرفيه الموقف من التغيير الفوري.

- مسألة العمل السري و العلني و الحكم على إفلاس الأحزاب الإصلاحية من خلال ذلك.

- السرية من المبادئ الرئيسية في العمل الثوري، و فاصل بين الإصلاحي و الثوري.

- الموقف من النقابات: دعوة لتجاوزها و تكوين نقابات سرية: حالة"الوداديات" و تأسيس "النقابة الوطنية للتلاميذ"، و حالة أوطم بعدالحظر و رفع شعار بناء نقابة طلابية سرية، و الدعوة إلى تشكيل اللجان العمالية السرية.

 

كل هذه التمظهرات حسب زعم الإصلاحيين الجدد ، ليست سوى انعكاسا لنظرة طفولية للعمل السياسي و التأثر بالإديولوجيات المغامرة الإرهابية لما بعد ماي 1968.

هكذا إذن تختزل تجربة المنظمة و معها الحملم، و لدعم ذلك تم تقديم خلاصات و أحكام جاهزة دون أبسط تحليل، و بعزل الموضوعات عن سياقها، و عدم طرحها بارتباط مع الزمان و المكان، و ذلك لتسهيل لوي عنق الحقائق و الالتفاف عليها، فمثلا، حين الحديث عن موضوعة الدعوة لتجاوز النقابات، نجد كشكولا قد تجمع لخدمة الموضوعة، فالدعوة لتشكيل"اللجان العمالية السرية"، من الناحية التاريخية، قد انبثقت سنة 1971 في سياق خط العفوية الذي تم تجاوزه بعد صدور تقرير 20نونبر 1972، و قبل ذلك، كان رفاق المنظمة يشتغلون داخل "الاتحاد المغربي للشغل" و استمر هذا الحال إلى حدود 1976، أما إذا كانت أخطاء، فهي لا علاقة لها بهذا الموقف المزعوم. و بالنسبة لفكرة بناء نقابة طلابية سرية، فقد جاءت على إثر حل النظام الكمبرادوري لنقابة "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " في يناير1973، و ما كانت تعنيه، فهو بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كنقابة سرية، و ليس تجاوزا لها، بحكم ظروف القمع الشرس، و قد كانت هناك أمثلة كثيرة للحركة الثورية عبر العالم، أما الادعاء بتجاوز أوطم، فهذا أمر لا يستند على أي مستند، بل مجرد كذبة أخرى من جملة أكاذيب الإصلاحيين الجدد. و نفس الحال، ينطبق عل "النقابة الوطنية للتلاميذ"، لأنها جاءت كتتويج لنضالات الحركة التلاميذية، التي كانت تطالب بالحق النقابي، و قد تم تأسيسها في 22 أبريل 1972، و"الوداديات" المتحدث عنها، التي كانت أصلا تابعة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، قد تم حلها في منتصف الستينات، و هي إطارات محدودة ترتبط بشكل ضيق بالمؤسسة الثانوية، و لا ترتقي إلى مستوى ترجمة الحق النقابي الوطني للحركة التلاميذية.

يمكن مناقشة مسألة هل كان بالإمكان الدمج بين الشكلين و الإطارين لتطوير العمل داخل الحركة التلاميذية، لكن لا يمكن القفز على الطبيعة الوطنية و التقدمية لنضال الحركة التلاميذية،كما كان عليه الحال في تلك الفترة، و النقابة الوطنية للتلاميذ هي مثال، على عكس ما يدعي أصحاب الورقة، و ليس تجاوزا للعمل النقابي الذي لم يكن موجود أصلا، بقدر ما كان تأسيسا له. إن الطبيعة الاختزالية للموضوعات الأخرى في كذا موقف من كذا قضية، و بطريقة تقريرية، دون دعم ذلك بمواقف و وثائق يمكن الاعتماد عليها في النقاش يستدعي منا الرد و التوضيح، و نحيل القارئ على وثائق المنظمة المنشورة سابقا.

 

7) الأطروحة السابعة: حول الموقف من الأحزاب الوطنية التقدمية و من البرلمانية و الإصلاح

يرى الإصلاحيون الجدد، فيما يتعلق ب"الأحزاب الوطنية التقدمية، أن مناهضة الحزبية و التحزب و الابتعاد عن الأحزاب الوطنية التقدمية، بل و الابتعاد عن السياسة و السياسيين، سمة طبعت خط و تجربة المنظمة، و من هنا تنظيرها للعفوية و الفوضوية و المغامرة، و يحاولون تفسير ذلك بما يلي :

"من خلال تحديدها للتناقضات و الموقف منها : من ينتمي للشعب و من ينتمي إلى صفوف أعداء التقدم يقع الخلط، فيتم السقوط في صب الماء في طاحونة المواقف الرجعية (الخيانة و التمثيلية الطبقية و محترفي السياسة)، الموقف من الأحزاب امتداد للموقف من النظام السياسي (عبارة عن كمشة حاكمة) تستمد وجودها من خدمة الامبريالية، و لا يمثل مصالح طبقية كطبقة أو طبقات اجتماعية، والبورجوازية الصغيرة، و المتوسطة، لا وجود لمن يعبر عن مصالحها الطبقية بين الأحزاب السياسية".

إن جدلية التناقضات، التي برزت بين الحملم و منظمة "إلى الأمام" من جهة، و القوى الإصلاحية من جهة أخرى، تعود في طبيعتها الأولى، إلى صراع بين توجهين و خطين و منظورين للصراع السياسي بالمغرب، و كان من الطبيعي، أن يحتد هذا الصراع بين الإتجاهين، بحكم أن الحملم، كانت تحمل مشروع بديل ثوري، ثم هناك تأثر الصراع بين الطرفين، بظروف الصراعات الطبقية حسب المراحل و الظرفيات، و لكن في كل الأحوال، لم تكن الحملم، و أيضا منظمة "إلى الأمام"، تضع هذه الأحزاب، و إن كانت تهاجم قياداتها الانتهازية المتواطئة مع النظام الكمبرادوري، في موقع النظام و التناقض الرئيسي، و لأدل على ذلك، كونها قد دعت في كل الفترات، إلى تنسيق النضال معها، من خلال صيغ جبهوية، هذا علما أنه في الفترة الممتدة من نونبر1974 إلى مارس 1976، كان أقطاب الاتجاه الإصلاحي الجديد، يغازلون هذه الأحزاب، و في وقت كانت فيه تلك الأحزاب تبث حملاتها المسعورة و العدائية ضد المنظمة، و هذا يثبث مرة أخرى فشل التحاليل الأحادية، التي لا ترى الواقع، إلا من جانب واحد. و الواقع يقول أن الوحدة مع هذه القوى كانت شبه مستحيلة أو منعدمة. أما ما تمثله هذه الأحزاب من تعبيرات سياسية طبقية، فيمكن العودة إلى مجموعة من وثائق منظمة"إلى الأمام" منها "الوضع الراهن..." و "من أجل خط ماركسي ــ لينيني...".

و بالنسبة للموقف من النظام، و اعتباره "كمشة حاكمة"، فقد يكون هذا صحيحا بالنسبة لوثيقة "سقطت الأقنعة ..." التي صدرت سنة 1970، حين اعتبرت الطبقة الحاكمة مجرد "أوليغارشية " أي كفئة قليلة دون قاعدة طبقية، لكن مواقف المنظمة منذ ذلك التاريخ تطورت كثيرا، و لمزيد من الاطلاع، يمكن الإشارة إلى وثيقتي "حول تناقضات العدو و الأفق الثوري بالمغرب" و "المهام العاجلة للحركة الماركسية..." و كلها تكذب هذا الطرح.

بطبيعة الحال، كان الإصلاحيون الجدد، مزهوون ببعض التحركات النسبية التي عرفتها هذه الأحزاب في فترة 1978– 1979، إثر النضالات الجماهيرية التي خاضتها قطاعات واسعة من الطبقة العاملة و البورجوازية الصغيرة. و ما كان عليهم سوى التعبير عن غبطتهم و انتصارهم لها، و يقولون في هذا الصدد:

"و بقيت الأحزاب الوطنية التي ازداد تأثيرها السياسي و ارتباطها النضالي بالجماهير، رغم القمع الذي ظلت تعاني منه، و لقد تكلف الواقع نفسه بإبراز مثالية و ذاتية مواقف مجموعة "إلى الأمام" من الأحزاب."

إن هذا الطرح، شكل أحد الأسس التي انبنت عليها نظرية "وحدة القوى الثورية و الديموقراطية من أجل إسقاط النظام"، و قد سبق أن عالجنا طبيعة الأوهام التي استندت عليها هذه الأطروحة .أما بصدد الموقف من البرلمانية و الإصلاح، يسجل أصحاب البيان، من خلال التأكيد على وجود موقف الرفض من البرلمان و من الديموقراطية البرلمانية لدى منظمة "إلى الأمام"، أنه لديها أطروحة تقول أن الجماهير ترفضها بشكل واعي، و مشاركة الجماهير مجرد ديماغوجية و الدافع لها هو القمع، و هناك أيضا نقد للأحزاب "الوطنية و التقدمية" المشاركة فيها، باعتبارها ذيلية للحكم و خادمة للمخططات الرجعية.

"و تلك- حسب زعمهم- هي الخلفية الإديولوجية و السياسية التي تستند عليها "إلى الأمام" لوصف القوى الوطنية التقدمية في البلاد بالإصلاحية".

إن مواقف منظمة "إلى الأمام" تاريخيا، فيما يخص الموقف من البرلمان و الطريق البرلماني، كانت تنتج عن تحاليل معمقة لواقع السياسات الطبقية للنظام، و ليس بناءا على أحاسيس و مشاعر في هاته الفترة أو تلك، و يكفي أن هاته القوى الإصلاحية نفسها قد انضمت إلى الجوقة، بعدما أصبح الجميع يتحدث "عن سنوات الرصاص" و "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" و عن سنوات الدكتاتورية التي عرفها المغرب في هذه الفترات، و يكفي النظر إلى حصيلة هذه الأحزاب في العمل البرلماني و المشاركة في الحكومات، للتدليل على خطإ تلك التجارب و نتائجها السلبية على الشعب المغربي، و صواب الأطروحات الثورية للحملم و منظمة "إلى الأمام"، و حتى بعض المفاهيم التي حاول الإصلاحيون الجدد استغلالها، من قبيل "محترفي السياسة"، فيكفي النظر إلى ما آلت إليه هذه الأحزاب، و استخراج تلك التحولات البنيوية التي عرفتها، و أدت إلى بروز أنوية من داخلها مرتبطة بالنظام الكمبرادوري.

8) الأطروحة الثامنة: حول فترات تطور "إلى الأمام": الانتعاش، العزلة و النهاية

عندما يحاول الإصلاحيون الجدد تقديم نظرتهم التقييمية لتاريخ منظمة "إلى الأمام"، يسقطون في التخبط و العشوائية، و يثبتون غياب أي تحليل منهجي لديهم، قائم على المنظور المادي الجدلي و التاريخي، و هو ما يفضح هجومهم على المنظمة، عن طريق فبركة الأكاذيب و اختلاق المزاعم، و تحديد الفترات و المراحل بشكل تعسفي، و عزل الأشياء عن سياقها، و عن بعضها البعض، حتى تسهل عملية الخلط و زرع الالتباس و إشاعة الأوهام و نشر الأضاليل. هكذا نقرأ بالنسبة لفترة الانتعاش التي حددها أصحاب البيان:

"فترة أولى 70- 72: عرفت نوعا من الازدهار يجد أسسه و أسبابه الموضوعية في الأوضاع التي عرفتها الجامعة و الثانويات و التي تميزت بإضرابات طويلة و مظاهرات..."، و أدى هذا الواقع حسب أصحاب البيان إلى نشوء المجموعات اليسارية "التي أثرت بدورها في هذا الواقع عن طريق نشر الفكر المتطرف و المغامر وسط شباب المدارس و الكليات...".

إنها بالفعل، نفس الأطروحات التي كان يروج لها النظام، وحزب "التحرر و الاشتراكية" الحزب التحريفي، و كذلك القوى الإصلاحية، مما يعني أن أصحاب البيان، أصبحوا ينطلقون من نظرة عدائية للحملم و لمنظمة "إلى الأمام". أما الفترة الثانية (فترة العزلة) و تمتد حسب زعمهم من نهاية 72 إلى 77، و هي كما يعتبرونها فترة التقهقر و العزلة و التهميش داخل الشبيبة نفسها، و الأسباب حسب زاعميها، تكمن في المواقف المتطرفة ل "إلى الأمام" و "23 مارس"، و كمثال على ذلك رفض الوداديات و الدعوة لاستمرار الإضراب و مقاطعة الامتحانات و تأسيس النقابة الوطنية للتلاميذ، و المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب... و ذلك إبان نضالات 70 -71 ، ثم قضية الصحراء و ما نتج عنها من ضربات في 74و 75 و76 و77.

الملاحظة الأولى، التي تستدعي الانتباه، تتجلى في كون الأسباب المعتمدة تعود كلها إلى الفترة السابقة على نهاية 72، و ذلك لدعم أطروحتهم حول فترة نهاية1972- 1977، و هذا قمة التخبط و العشوائية، و غياب المنطق الداخلي للأشياء، حيث تدعم عناصر الانتعاش فترة التراجع و الانكماش، فأي منطق هذا؟ أما إقامة فترة، تمتد من نهاية 1972 إلى حدود 1977، فهو لا يخضع لمنطق تطور سيرورة المنظمة تاريخيا، و يكفي أن زعيم الإصلاحيين الجدد ، قد صرح في استجواب له لجريدة "الاتحاد الاشتراكي"، أن المنظمة عاشت أوج تطورها في فترة نونبر1972- نونبر 1974، و قد استفاض في الكلام عن قواعدها الشبيبية و العمالية، بل تواجدها أيضا وسط الفلاحين، فهل كان هذا فقدانا للذاكرة؟أم أن زعيم الإصلاحيين الجدد قد استفاق من غفوته في لحظة، ثم بعد ذلك لاذ بالصمت.

أما عن الفترة الثالثة، فترة النهاية فيقول البيان:

"و مع بداية سنة 1977، لم يبق ل "إلى الأمام" أي تواجد سياسي كمنظمة و غابت عمليا من الساحة الوطنية، و بعد1977، عرفت منظمة "إلى الأمام"صراعات سياسية قوية، أدت بها إلى نهايتها الطبيعية: التشتت التنظيمي و السياسي و الإديولوجي".

إن هذا القفز فوق الحواجز، لم يمنع زعيمي التيار الإصلاحي الجديد، من السقوط في مستنقع الردة و الانهزامية، على امتداد بيانهما الشهير، الذي من خلال تبيانه لمظاهر الأزمة، و تقييم الأحداث، سقط في منظور القوى الرجعية، فاتخذ التقييم منحى جعله يكون قرار إحالة، بل حكم عليهما بالارتداد عن خط الحملم و الحركة الثورية المغربية، و ما توزيع بيانهم داخل الجامعة و في مجموعة من المدن، و استعماله ضد القواعد المناضلة داخل أحزاب القوى الإصلاحية، إلا دليلا قاطعا على خروجهم من صفوف الحركة الثورية المغربية.

هكذا انتقل أصحاب البيان من موقع الإصلاح إلى موقع الردة، و كان هذا الشكل الأول للتحريفية الذي ظهر داخل منظمة "إلى الأمام"، و انتهى في فبراير 1980.    

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.