Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

الصراعات الطبقية بالمغرب و حركة 20فبراير:السياقات، التحديدات والأفق الثوري (1998 – 2012) الحلقة الرابعة

Pin it!

يقدم موقع 30 غشت الحلقة الرابعة من دراسة: "الصراعات الطبقية بالمغرب و حركة 20 فبراير: السياقات، التحديدات و الأفق الثوري ــ (1998 – 2012)" بقلم الرفيق: وليد الزرقطوني، وتضم هذه الحلقة المحاور التالية:

-V- التحالفات الاستراتيجية للنظام الكومبرادوري وتناقضاتها

1 – الإمبريالية الأمريكية ومنطقة شمال إفريقيا

2 ـ المغرب في الاستراتيجية الأمريكية

3 ـ المغرب – أمريكا و اتفاقية التبادل الحر

4- المغرب في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية

5- المغرب و أهداف الاستراتيجية الأوروبية

6 ـ الاستراتيجيات الامبريالية و تناقضاتها البينية

7 ـ بعض الملاحظات حول الاستراتيجيتين

في أسفل صفحة هذه الحلقة، يوجد رابط الحلقة بصيغة ب.د.ف. (PDF) ــ

 

الحلقة الرابعة

-V- التحالفات الاستراتيجية للنظام الكومبرادوري وتناقضاتها

1 – الإمبريالية الأمريكية ومنطقة شمال إفريقيا

تقوم الاستراتيجية الأمريكية على تدبير المصالح الأمريكية وفق إطار شمولي، يسمح في نفس الوقت بالاستفادة من كل بلد على حدة، مع إدماج الجميع في إطار استراتيجي شمولي يقحم منطقة الشرق الأوسط.

لم تكن أمريكا تولي أهمية كبيرة لمنطقة المغرب الكبير، على اعتبار أن المنطقة تخضع لتأثير المصالح الأوربية، لكن كانت هناك فترات تجدد فيها اهتمام أمريكا بالمنطقة اقتصاديا وسياسيا، فهناك على الأقل ثلاثة مراحل اهتمت فيها أمريكا بالمنطقة بشكل خاص، وهذه المراحل هي:

- الحرب العالمية الثانية.

- مرحلة تصفية الاستعمار.

- النزاع حول الصحراء الغربية حتى سنوات الثمانينات.

وهناك عاملان أساسيان أعادا مراجعة الاستراتيجية الأمريكية بشكل كبير، وهما:

- العولمة وانعكاساتها.

- أحداث 11 شتنبر.

مع نهاية سنوات التسعينات، بدأ الساسة الأمريكيون يشيرون إلى اهتمامهم المتزايد بالمنطقة، ليعلنوا اهتمامهم بظهور كيان إقليمي يعتمد على السوق كمحور مركزي، لكن مشروعهم ظل يصطدم بإشكالية الحل في الصحراء الغربية، الذي أجج الصراع بين المغرب والجزائر.

ينصب اهتمام الامبريالية الأمريكية حاليا على الجانب الاقتصادي، تحت شعار إعطاء أهمية للتنمية الاقتصادية المستدامة، و في هذا الإطار تدخل مبادرة " إزنشطات" أو التحالف الاقتصادي بين و م أ و شمال إفريقيا،  و التي تم إطلاقها سنة 1999، سيتم تسميتها لاحقا ب "البرنامج الاقتصادي الأمريكي لشمال إفريقيا "، و تقوم أهدافه المعلنة على ما تسميه بنوده، تعزيز الروابط بين و م أ و البلدان الثلاث لشمال إفريقيا ( تغير الوضع بانهيار نظام القذافي لصالح خدام أمريكا ) في مجال التجارة و الاستثمار، و خصوصا الدفع بأكبر عدد من الشركات الأمريكية للاستثمار في المنطقة، وتشجيع تقليص الحواجز الداخلية بين دول شمال افريقيا، تلك العوائق التي تفرمل التدفق العادي للتيارات التجارية بين هذه البلدان، والدعوة إلى فتح الحدود المغربية الجزائرية التي تم إغلاقها سنة 1994.

لقد أصبح هذا البرنامج الأمريكي جزءا مما يسمى بالمبادرة الشاملة للشراكة في الشرق الأوسط (BMEPI) ، حيث يذكر بأهداف أمريكا التي تدعو إلى بناء مغرب كبير، الذي ينتهي به الأمر بالتوسع نحو الشرق العربي.

وهنا مكمن الاختلاف بين الاستراتيجية الأمريكية والاستراتيجية الأوروبية، وخاصة الفرنسية، القائمة على الإدماج السياسي، في إطار ما يسمى بالتحالف الأورومتوسطي. وقد اهتمت أمريكا كثيرا بالأوضاع في الجزائر خلال التسعينات، في إطار تخوفاتها من صعود الإسلاميين في المنطقة، مما جعل العديد من الدول الأوربية و الولايات المتحدة الأمريكية ترى في المغرب سدا منيعا ضد الإسلام السياسي، بنفس الدرجة التي كان يمثلها أثناء الحرب الباردة ضد الشيوعية حيث كان يقال أن التخوف كبير من سقوط المغرب و الجزائر في أيدي الإسلاميين، و انعكاس ذلك على أوربا، وهذا كذلك مما دفع إلى الحفاظ على الوضع القائم في الصحراء بدون حل.

2 ـ المغرب في الاستراتيجية الأمريكية:

يحتل المغرب من خلال السياسة الخارجية الأمريكية، ركيزة أساسية للتواجد الأمريكي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خصوصا بالنسبة للأسطول السادس الأمريكي بالبحر المتوسط، وبما يسمى بمسلسل السلام في الشرق الأوسط.

بعد نهاية الحرب الباردة أخذ المغرب موقعه كحليف مهم بالنسبة لأمريكا، مكافأة له على مساهمته في حرب الخليج الأولى سنة 1991 (إرسال 2000 من الجنود المغاربة إلى السعودية).

ومن العوامل التي ساعدت على هذا الوضع الجديد، الوضع غير المستقر في الجزائر،إضافة إلى تميز الحسن الثاني بقمع الحركات الإسلامية، مما أهله ليكون أحد الوسطاء الضروريين لأمريكا.

أما العوامل الاقتصادية التي ساهمت في زيادة الاهتمام الأمريكي بالمغرب، فتتمثل في الزيادة في منسوب الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية (خصخصة كبيرة تلتقي مع أهداف الإيديولوجيا الأمريكية)، ثم هناك دعم اللوبي الصهيوني بالكونغريس الأمريكي، نتيجة ما يقوم به النظام المغربي لصالح الكيان الصهيوني (التطبيع الاقتصادي والسياسي ...). في هذا السياق تغض السياسات الأمريكية الطرف عن الخروقات التي يقوم بها النظام لحقوق الإنسان ...).

بصعود جورج بوش الابن إلى الحكم تعزز التعاون الاقتصادي والعسكري بين أمريكا والنظام، خاصة في ميدان ما يسمى ب "محاربة الإرهاب"، وقامت الدعاية الأمريكية بتقديم المغرب كنموذج للديموقراطية في العالم العربي، كمكافأة له على الخدمات التي قدمها النظام الكومبرادوري في ميدان التعذيب والاعتقال والمعلومات.

و عموما، ينصب الاهتمام الامبريالي الأمريكي بشمال إفريقيا على الجوانب العسكرية و الاقتصادية و المدنية، وتظهر الوثائق و الدراسات و الأبحاث و التصريحات و الندوات الصحفية، أن امريكا من خلال تحالفها مع دول المنطقة تعمل على تسريع "الإصلاحات البنيوية" في كل بلد لصالح القطاع الخاص، مع العمل على رفع الحواجز على الحدود بين المناطق لصالح التجارة و الاستثمار، و في هذا السياق هناك اهتمام متزايد بالبترول و الغاز الطبيعي في الجزائر و ليبيا، و في هذا السياق أيضا أصبحت أمريكا تضغط لصالح حل في الصحراء الغربية.

3 ـ المغرب – أمريكا و اتفاقية التبادل الحر:

تحكم النظرة الاستراتيجية لأمريكا نحو المغرب ثلاث استراتيجيات مندمجة فيما بينها و هي:

-1- استراتيجية شمولية، و تحمل اسم "الشرق الأوسط الكبير"، و تضم إلى جانب دول الشرق الأوسط العربية والمغاربية، الدول الإسلامية ( باكستان – أفغانستان – إيران – تركيا ) + "إسرائيل".

-2- استراتيجية إقليمية و تحمل اسم " البرنامج الاقتصادي الأمريكي لشمال إفريقيا" تضم (المغرب + الجزائر + تونس ( ليبيا مع الوضع الجديد ) ).

-3- استراتيجية محلية (خاصة بالمغرب) تمثلها اتفاقية التبادل الحر.

وسنتناول هنا، الاستراتيجية الأخيرة المتعلقة بالمغرب، والتي تم التوقيع عليها تحت اسم "اتفاقية التبادل الحر"، وتظهر هذه الاتفاقية أن الهدف المركزي للسياسة الخارجية بالمغرب، هي إيجاد حليف قوي قادر على رفع مجموعة من التحديات العالمية: مكافحة الإرهاب، إنعاش النمو الاقتصادي وإنعاش الإصلاحات الديموقراطية.

و تدور عناصر الاتفاقية على عدة محاور تؤطر النظرة الأمريكية للمغرب،  من خلال اطلاع كبير على أوضاعه الداخلية، التي تمدها به مصادر متعددة للمعلومة (أجهزة استخباراتية، أحزاب سياسية، مجتمع مدني، إعلام ...) و ليس ذلك بغريب، ما دام الحضور الأمريكي ببلادنا يقوم على اختراق أفقي و عمودي، يسمح لأمريكا من خلال الدور الجديد لسفارتها، و سفرائها المتخصصين، و المراكز التي تبنى لاستقبال ممثلي الأحزاب و المجتمع المدني و غيرها، بالإضافة إلى التمويلات السخية، التي تسمح لأمريكا بالوصول إلى مصادر المعلومة مباشرة، دون الاعتماد على أجهزة الدولة و أحزابها المغشوشة و الممخزنة فقط.

يقوم الاهتمام الأمريكي كما هو الحال بالنسبة للأوربي بالمغرب، على الحديث دائما عن ما يسمى بالاستقرار، سواء السياسي أو الاقتصادي، و على قاعدة ذلك، ينظر للوضع الاجتماعي، و إلى الفئات الاجتماعية، من منظور فئات ذات وضع خطير (خطير على المصالح القائمة)، و لا يخرج عن ذلك المنظور السياسي نفسه المرتبط بالاجتماعي و الاقتصادي، و لذلك تقوم أمريكا و المؤسسات الدولية للرأسمالية العالمية، بإملاء ما يجب فعله أو تركه، ضاربة كل مفهوم للسيادة، الذي يدعيه النظام الكومبرادوري، ولا تعدو مشاريع النظام الكومبرادوري مثل N D H ( المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ) أن تكون إلا أجوبة على هذه الإملاءات من تلميذ يحاول أن يكون نجيبا، وتراهن أمريكا على النظام الحالي لتطبيق إملاءاتها و مشاريعها، و بعد تشخيص للأوضاع و ترتيبها، تقدم أمريكا مقترحاتها ووصفاتها للنظام الكومبرادوري كي يعمل على تطبيقها و على أحسن وجه، حيث تشترط عليه تطبيق ثلاثة محاور، و هي :

- إقامة البنيات التحتية الضرورية.

- ا لعمل على استقرار السياسة الماكرواقتصادية.

- انفتاح النظام السياسي.

* لكن هناك ثلاثة معيقات تؤدي إلى نفور و تهميش السكان، خاصة الشباب، و من هنا الدعوة إلى تحقيق ثلاث محاور:

- الولوج إلى التعليم.

- البطالة.

- نقص في إمكانية المشاركة السياسية.

* اللامساواة الاقتصادية و التهميش السياسي، التي تولد الشك و اللامبالاة و الغضب ضد الحكومة، و في نفس السياق المذكور أعلاه جاءت تصريحات usaid ( الوكالة من أجل التنمية الدولية للولايات المتحدة الأمريكية )، التي كشفت أن ضعف الإنتاجية الزراعية و ثقل القوانين التجارية يفرمل النمو الاقتصادي.

إضافة إلى ما جاء به البنك الدولي حول القوانين المتعلقة بالملكية الخاصة (الأرض و غيرها)، و البيئة المحيطة بالشركات، و التي تدعو إلى الاهتمام بها. و تظهر هذه الاهتمامات مدى ما يطبخ للفلاحة بالمغرب عبر ما يسمى بمخطط "المغرب الأخضر"، حيث تسليم الأراضي إلى الشركات متعددة الاستيطان، و حيث يتم الاستعداد للقضاء على الملكيات الصغيرة، و بلترة و تهجير الملاكين من الفلاحين المتوسطين و الصغار.

أما على المستوى السياسي، فتدعو هذه المؤسسات، بارتباط وثيق مع الاستراتيجية الأمريكية، إلى ما تسميه بالإصلاحات السياسية الضرورية بالمغرب، بعد تشخيصها لمجموعة من الأوضاع ( ضعف المشاركة في انتخابات 2007، ضعف الأحزاب السياسية ، النفور السياسي للشباب ...) و خاصة المسألة البرلمانية، و النظام القضائي،  اللذان يستدعيان إصلاحات مؤسساتية، حتى يسهل محاربة الرشوة، و هو ما عبر النظام على استعداده لتحقيقه، كما تمثل "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، التعبير الأكثر وضوحا للاستجابة لهذه المطالب، من خلال مجموعة من المحاور، التي تمثل أهدافها ( التي سبق ذكرها، كتعزيز الديموقراطية، الحكامة الجيدة، دعم الأنشطة المدرة للدخل ....)

و من اللافت للنظر، الاهتمام المتزايد بالشباب المغاربة من طرف الاستراتيجية الأمريكية، التي ترى في الشباب عنصر اللااستقرار الداخلي، نظرا لتفشي البطالة و النقص في المشاركة السياسية، و هكذا بالنسبة لأمريكا، فهاته الفئات التي تشكل خطرا لابد من توفير فرص اقتصادية و سياسية و تربوية لها، و لذلك ترى و م أ الحلول البديلة التالية:

- التقليص من نفور الشباب من السياسة ومن التهميش، بالاعتماد على توفير التعليم الأساسي، و نزع الشرعية عن إيديولوجية الإرهاب، و تطوير اليد العاملة (لا تختلف هذه المطالب عن الجوهر الأساسي لميثاق التربية و التكوين).

- التقليص من الفقر و الزيادة في النمو الاقتصادي، بسن سياسة ملائمة للأعمال و التجارة و الاستثمار (تطوير إنتاجية القطاع الخاص)، و نفس الشيء بالنسبة للقطاع الزراعي بالتركيز على الإنتاجية.

- تحسين فعالية الحكامة الديموقراطية، عبر تطوير الحكامة المحلية و المشاركة المواطنة و إصلاح النظام القضائي و نظام الأحزاب.

و في هذا السياق، و عبر نظرة تهدف إلى التدخل الشامل و المباشر، تتعهد، بل و تعمل و م أ على ما تسميه بتعزيز المجتمع المدني، و الأحزاب السياسية، و الجماعات المحلية، و إنعاش اللامركزية، و تدعي اهتمامها أكثر بالشباب و النساء والفقراء، و النضال ضد الرشوة، و إطلاق الإصلاحات القضائية و القانونية لضمان حكم المواطنين، و في هذا السياق، تعمل على تشجيع المنافسة السياسية (الأحزاب السياسية و المجتمع المدني) .

و أهم ما يميز المشروع الأمريكي في خطوطه العريضة، هو تعزيز الأمن و الاستقرار للنظام الكومبرادوري، دعما و استقرارا للمصالح الأمريكية بالبلاد، و من أجل ذلك يقوم هدف أمريكا، أي الحليف الاستراتيجي للنظام الكومبرادوري على توفير الشروط و الإمكانيات، لتعزيز الأمن و الاستقرار، استعدادا للتحديات، وطنيا، إقليميا و دوليا، و يحقق هذا الهدف عن طريق إصلاحات خاصة و دعم التحديث المستمر للقوات العسكرية و القطاع الأمني، وعلى قاعدة ذلك، تكون أولوية الأولويات عند أميركا، "محاربة الإرهاب" كما تدعي، و في هذا السياق، هناك عمل خاص مع الشباب، باعتباره عنصر تشويش، من خلال تطوير المشاركة الكاملة للمواطنين، خاصة الشباب و الفقراء في النشاط الاقتصادي و السياسي .

لقد بسطنا هنا، مجموعة من المحاور السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، التي تعلن الامبريالية الأمريكية أنها تعمل عليها، و في حقيقة الأمر هي إملاءات تمليها على النظام الكومبرادوري، و يقوم النظام بتطبيقها، و الترويج لها، باعتباره همزة وصل و قناة انتقال ضمن البنية الامبريالوكومبرادورية، و بطبيعة الحال، نجد في المطالب الامبريالية الأمريكية تجاه المغرب كل أشكال الصلصات و المكونات، التي يتغذى منها "المشهد السياسي" و الإعلامي، الذي يقدمها كفتح مبين في مجال السياسية و الاقتصاد و الاستراتيجية، و تنعت الخطابات في هذا المجال بأنها تاريخية، و الملفت للنظر أن بعض الفئات المناضلة تسقط ضحية لهذا التضليل، و تعتبر نفسها منخرطة في معارضة جذرية للنظام دون وعي نقدي لما تدعيه، و ليس المجال هنا لمناقشة ترهات الامبريالية حول ما تسميه ب "التنمية المستدامة" و الاهتمام بالشباب و العطالة و الفقر و محاربة الريع و الرشوة و محارة الإرهاب، و يكفي القول بأنها هي راعية كل هذا و ذاك، و من أجله تلعب دور "الدركي العالمي" و تقوم بإشعال الحروب، و الاستيلاء على موارد الشعوب و نهبها و تفقيرها، و كل هذا و ذاك باسم الحرية و الديموقراطية و حقوق الإنسان على الطريقة الأمريكية، التي أصبحت مهزلة بكل المقاييس .

4- المغرب في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية :

يقوم التحالف الاستراتيجي العسكري بين النظام الكومبرادوري و الامبريالية الأمريكية على علاقات مباشرة (قواعد عسكرية، تسهيلات عسكرية، خدمات، استخبارات، و تجارة أسلحة...)، و غير مباشرة، عن طريق خدمة أهداف الحلف الأطلسي، وفي هذا السياق، و لإعطاء فكرة عن الحلف الأطلسي، فإن مجمل إنفاقه العسكري لسنة 2007 قد بلغ 1335 مليار دولار، أي ما يمثل 70% من نفقات التسلح العالمية، و يمد الحلف شبكته العنكبوتية على العالم، و ذلك بهدف حماية المصالح الرأسمالية الامبريالية على حساب الشعوب، و السلام و البيئة، و المقصود من ذلك، فرض تحكم الشركات متعددة الاستيطان الأمريكية و الألمانية و الإنجليزية على الأسواق، و قوى العمل الرخيصة و المواد الأولية الاستراتيجية : بترول، غاز طبيعي ...

+ الموقع الاستراتيجي للمغرب

من الضروري الإشارة إلى الموقع الاستراتيجي للمغرب، و ليس الهدف هنا الوقوف عند الوجود الأمريكي بالمغرب في فترة الستينات و السبعينات ( الوجود العسكري عبر قواعد عسكرية في القنيطرة و مناطق أخرى + التعاون العسكري ...)، بقدر ما يهمنا هذا التواجد في العشرين سنة الأخيرة :

- "الحوار المتوسطي" و سياسة الحلف الأطلسي الجديدة:

لقد أطلق الحلف الأطلسي سنة 1994 ما سمي ب " الحوار المتوسطي" ضمن إطار تعاون بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط - الحلف الأطلسي، حيث سيصبح المغرب ضمن الأعضاء الخمس الأوائل إلى جانب مصر،"إسرائيل"، موريطانيا و تونس، و انضمت الأردن سنة 1995 و الجزائر سنة 2000 .

ويقضي هذا "الحوار المتوسطي" بتنظيم مناورات عسكرية مشتركة، و دورات تكوين ينظمها الحلف لضباط تلك البلدان، و يشارك بنشاط في برامجه، مستعملا قواته المسلحة (عمل الجنود المغاربة سنة 2002 في كوسوفو و البوسنة) إضافة إلى تقديم المساعدة للعملية البحرية للحلف الأطلسي المسماة active endeavour المخصصة لرصد و مراقبة الملاحة بالبحر المتوسط، و ردع الأنشطة البحرية به، و يشارك فيه المغرب بعدما وقع سفير المغرب ببلجيكا على النصوص الرسمية لتلك المساهمة مع jaap de hoop scheffer الأمين العام للحلف الأطلسي، بينما وقع الأميرال المغربي محمد برادة لوزي و قائد عملية active endeavour اتفاقا يدقق مساهمة المغرب في المهام البحرية ضد الإرهاب (رسو البواخر والفرقطات ).

- إعلان مسؤولي الحلف الأطلسي أنهم سيقيمون مركز معلومات و توثيق بالمغرب فريدا من نوعه في العالم العربي، سيساعد في نظرهم على اتخاذ القرار فيما يخص الأنشطة التي تريد بلدان المنطقة القيام بها مع الحلف الأطلسي في مجال الأمن.

- يوم 23 أكتوبر 2009 قرر الحلف الأطلسي و المغرب توسيع التعاون في مضمار محاربة الإرهاب في إطار الحوار المتوسطي.

- في 25 يناير 2010 يقوم الأمين العام المنتدب للحلف الأطلسي بزيارة للمغرب، حيث سيلتقي عددا من كبار مسؤولي الحكومة المكلفين بالتعاون بين الحلف الأطلسي و المغرب، كما التقى وزير الداخلية الطيب الشرقاوي و الجنرال بناني المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، و الكاتب العام لوزارة الخارجية، و عدد من أبرز البرلمانيين المنتمين للأحزاب السياسية الرئيسية.

- في يناير 2010 نظم الحلف الأطلسي و المغرب ندوة حول "الحوار المتوسطي و مفهوم الاستراتيجية الجديد"، حيث سيشيد الأمين العام المنتدب للحلف الأطلسي بما سماه "المستوى الممتاز للعلاقات بين الحلف و المغرب"، و أشار إلى أن الطرفين بلغا "مستوى تعاون إيجابي جدا في مجال التشاور السياسي و التعاون العملي"، و يتعلق الأمر حسب قوله، بالتكوين في معهد الدفاع التابع للحلف الأطلسي في روما، أوبير أمرغو في ألمانيا، و بمحاربة الإرهاب و تدبير الأزمات.

تشهد كل هذه التحركات على الأنشطة المكثفة التي تعرفها العلاقات بين النظام الكومبرادوري و الامبريالية الأمريكية و حلفها الأطلسي،  بل إن أمريكا تعتبر المغرب شريكا لا غنى عنه في محاربة ما يسمى بالإرهاب العالمي،  نظرا للموقع الجغرافي و الارتباط بالمنطقة العربية،  مما يؤهله لأن يكون طرفا مهما للسياسة الأمريكية في هذه المنطقة.

لذلك لا تخلو الأجندة الأمريكية من مناورات عسكرية مشتركة مثال : مناورات "الأسد الإفريقي"، التي ابتدأت نهاية سنة 1990 في بنجرير، و التي تجرى سنويا، و وقد جرت سنة 2010 (شهر يونيو) في مناطق طنطان و أكادير وتارودانت و القنيطرة، وجرت مناورات 2007 للمارينز في طنطان التي كانت مصحوبة ببعثة إنسانية "لصالح السكان"، آخرها كان سنة 2012 ، صاحبتها مجموعة من الحوادث أثارت غضب السكان، والهدف المعلن هو التدرب على محاربة الإرهاب، و كان الأمر مرفوقا بتحسين صورة الجنود الأمريكيين لدى السكان تحت غطاء محاربة الإرهاب .

تعزز أمريكا وجودها بإفريقيا، و عيا منها بتبعيتها للمواد الأولية الاستراتيجية (لأمريكا عدد من الاتفاقيات السياسية و العسكرية مع عدد من بلدان إفريقيا المنتجة للنفط).

ومن مظاهر التأثير الأمريكي المتواجد ببلادنا، نجد المساهمات المتعددة للمغرب في المخططات الأمريكية، التي تحاك ضد الشعوب، مثال على ذلك حضوره يومي 23 و 24 مارس 2004 إلى جانب دول إفريقية : تونس، الجزائر، موريطانيا، مالي، تشاد، النيجر، السينغال، لأول مرة لاجتماع سري بمقر القيادة الأمريكية في شتوتغارت بألمانيا، حول التعاون العسكري في محاربة الإرهاب في منطقة الساحل ( بين المنطقة المغاربية و المناطق النفطية للشمال و تلك التي في خليج غينيا ) إضافة إلى إعلان إدارة بوش الابن عن تنظيم مبادرة الرد على الأزمات الإفريقية إلى "أكوتا" (african contingency operations training assistance)، و مهمتها بعد التمويه بالمساعدة الإنسانية و حفظ السلام، التدريب الهجومي لوحدات المشاة النظامية، ووحدات صغيرة على نمط القوات الخاصة، و كذلك على المحيط المعادي،  وبالإضافة إلى "أكوتا" يشارك 44 بلدا إفريقيا في برنامج خاص بالضباط،  و اسمه "البرنامج الدولي للتكوين في المجالات العسكرية"، و تخرج منه سنة 2002 : 1500 ضابط ، و تتعدد اهتمامات أمريكا بإفريقيا، بحيث يصبح الاختراق شموليا :

في سنة 1999 قامت و م أ بتأسيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، و هو فرع للجامعة الوطنية للدفاع التابعة للبانتاغون،بالأهداف التالية :

1- إعطاء تعليم للأطر العسكرية رفيعة المستوى .

2- إعطاء تعليم رفيع المستوى للقادة المدنيين من قبيل المسؤولين السياسيين و الجمعويين و رؤساء المقاولات .

و غني عن الكلام، القرار الذي أعلن عنه جورش بوش الابن سنة 2007، بإحداث مركز القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا المسمى "أفريكوم"، بغاية مزعومة، و هي دعم قادة البلدان الإفريقية، بضمان الأمن و الاستقرار، و في الواقع هي مكان للقيادة الأوروبية و للقيادة الوسطى ( مصر، القرن الإفريقي، الشرق الأوسط و آسيا الوسطى ) و لقيادة المحيط الهادئ.

و في هذا السياق كثر الحديث عن استقبال المغرب لمقر القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا، التي يدور التنافس عليها بين المغرب و الجزائر، و ستصبح نقطة المرور الملزمة للعلاقة بين إفريقيا و الولايات المتحدة الأمريكية.

عموما يمكن إيجاز الاستراتيجية الأمريكية في إفريقيا في محورين أساسيين :

ـ التعطش اللامحدود لموارد الطاقة و غيرها من المواد الاستراتيجية.

ـ التأمين العسكري لطرق الاتصال، لاسيما ضمان وصول المواد الأولية لو م أ .

إن خدمة المصالح الاقتصادية و السياسية يمر أولا عبر تواجد عسكري،  و هذا دور قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، و يبلغ عدد القوات الأمريكية حاليا 30 ألف جندي، و تكثف أنشطتها باستمرار، حيث تتم العديد من المناورات العسكرية من الرباط إلى نجامينا و الجزائر و نواكشوط وباماكو و أوغادوغو.

5- المغرب و أهداف الاستراتيجية الأوروبية

وقع المغرب مع الاتحاد الأوروبي اتفاق الشراكة سنة 1996، الذي سيدخل حيز التطبيق سنة 2000 ، و ينتمي هذا الاتفاق إلى إطار أوسع، و هو "مسار برشلونة 1995"، كإطار عام للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، أمنيا، و تطوير السياسات الاجتماعية.

و تستهدف استراتيجية الشراكة للاتحاد الأوربي مع المغرب تحقيق الأهداف المعلنة التالية:

- العصرنة الاقتصادية .

- الدعم المؤسساتي .

- الحكامة الجيدة و حقوق الإنسان .

- حماية البيئة.

( ملاحظة : الدولة و المجتمع المدني يستفيدان من ذلك )

هذه الأهداف مرتبطة بفترة 2007-2013 .

و تدعي الدولة الكومبرادورية أنه خلال السنوات الأخيرة، اتبعت سياسة عامة تعتمد ثلاث عمليات متميزة و تكاملية :

-1- اتباع تطور تدريجي نحو نظام ديموقراطي و دولة الحق و القانون، شبيه بشركائها الأوروبيين ( فشل تام )، إعطاء المغرب وضعية البلد الشريك في الديموقراطية ؟؟ !!

-2- تحقيق نمو قار و قوي قادر على خلق مناصب شغل كما و كيفا ( فشل تام )، انظر الحصيلة الاقتصادية لعشر سنوات للحكم.

- 3- تعزيز التماسك الاجتماعي و الحد من الفقر و من العجز الاجتماعي، و مساعدة الأشخاص الأكثر فقرا، و من هنا الحاجة إلى تحسين المردودية الماكرواقتصادية، و التسريع بالإصلاحات المؤسساتية، و عصرنة القطاع الصناعي، و سياسات اجتماعية فعالة و عادلة ((فشل تام ) ( انظر المراتب التي يحتلها المغرب في كل المجالات) .

خلاصة : فشل ثلاثي

المغرب و برنامج ميدا :( تم تبنيه في يوليوز 1996 )

و هو الأداة المالية للشراكة الأورومتوسطية، و يمس كل القطاعات الأساسية، مثل المالية، الماء، النقل، الصحة، التربية، الوظيفة العمومية، الجمارك، البيئة، العدالة.

بالنسبة للمواد المخصصة للميزانيات المتعلقة بميدا : بالنسبة لسنوات 1995 -1999 : 3 مليار و 400 مليون أورو .

و بالنسبة لسنوات 2000- 2006 : 5 مليار و 400 مليون أورو .

لقد أصبح المغرب أهم مستفيد من برنامج ميدا بالتزامات تمثل مليار و 472 مليون دولار بالنسبة لفترة 1995-2006 و منها 660 مليون دولار: ميدا 1 ( 95-99) و 812 مليون دولار : ميدا 2 ( 2000- 2006 ) لتمويل القطاعات التي تمت الإشارة إليها سابقا.

طبعا تختلف مصالح الدول الأوروبية الداعمة للاتفاق حسب مواقعها بالمغرب، وحسب اهتماماتها و طبيعة اقتصادها، و تمثل فرنسا الشريك و المانح الرئيسي، و تمثل الأولويات القطاعية بالنسبة لها ما يلي: عصرنة القطاع العمومي، تطوير القطاع الخاص، التكوين المهني، التنمية الاجتماعية و البنيات التحتية.

6 ـ الاستراتيجيات الامبريالية و تناقضاتها البينية

تتنازع الدول المغاربية استراتجيتان :

ـ الأولى أوروبية :

و تعتمد هذه المنطقة كمنطلق لتوسيع نفوذها (فرنسا أساسا و إيطاليا ثانويا ( ليبيا ))، و يعتبر الأوروبيون المنطقة عموما امتدادا جغرافيا، بالإضافة إلى الامتداد التاريخي الاستعماري.

- هناك تخوف من احتمال فقدان مركزها في سلم القوى الدولية خاصة فرنسا.

- تأثر مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، نتيجة الزحف الأمريكي و دخول خط المنافسة على المنطقة.

- إقامة شراكة بين الاتحاد الأوربي و البلدان المتوسطية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ( الأفرو أسيوية):

- سياسية و أمنية : محاربة الحركات السياسية المعارضة للمصالح الأوربية لجعل المنطقة منطقة سلام و استقرار.

- اقتصادية – مالية : إقامة منطقة تجارة حرة.

- اجتماعية – ثقافية : الدفع بالمجتمع المدني و إشراكه في إدارة شؤون البلاد.

هناك تحولات ستؤثر على مستقبل إطار برشلونة : ( تناقضات الامبريالية : الأوروبية فيما بينها و الأوروبية الأمريكية ) الصعود الأمريكي كقوة عسكرية و اقتصادية مهيمنة بعد الحرب الباردة و خاصة بعد 11 شتنبر 2001 ، تراجع عملية السلام بالشرق الأوسط و ارتفاع حدة التوتر بين الشركاء المتوسطيين، بما هو تهديد لاستراتيجية مسار برشلونة الذي يطغى عليه الشق الاقتصادي على حساب السياسي.

و للخروج من الأزمة، جاء اقتراح ما يسمى بالاتحاد من أجل المتوسط ( سياسة إحياء العظام و هي رميم ) ترجع أولى إرهاصاته للحملة الانتخابية لساركوزي ( 7 فبراير 2007 بتولوز ) حيث تحدث عن عزمه وضع منطقة المتوسط على طريقة إعادة التوزيع (مركزا على مفهوم التنمية المشتركة ) ( طنجة 22 أكتوبر 2008 تم الإعلان عن مشروعه الرامي إلى بناء الاتحاد من أجل المتوسط ) ( لقاء روما 20 دجنبر 2008، نداء روما للاتحاد من أجل المتوسط، و جاء رد فعل ألمانيا، الذي رأت فيه الطموح الريادي الذي تريد أن تلعبه فرنسا باسم الاتحاد الأوروبي و داخله، فتم لقاء ألماني – فرنسي لتعديل المبادرة لتصبح : عملية برشلونة : الاتحاد من أجل المتوسط كامتداد و تعميق لمسار برشلونة.

ـ الثانية أمريكية

بدأت الاستراتيجية الأمريكية تتشكل ملامحها أواخر القرن العشرين، عبر مشروع شراكة أمريكية – مغاربية تقوم على التبادل الحر.

بالنسبة للتصورات الأمريكية للمنطقة فالمنطقة بحرية : خمس التجارة الدولية أي 20% و يبحر فيه باستمرار الأسطول السادس الأمريكي .

و تعمل الرؤية الأمريكية على تحجيم الدور الأوروبي في المنطقة المتوسطية برفضها المنطق الكلاسيكي للنفوذ، و تتلخص الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، في مجموعة من المبادرات المعلنة لصالح دول المغرب الكبير ككل، أو كل دولة على حدة (و قد مر بنا ذكر مشروع الشراكة المغربية الأمريكية "إزنشتات".

بالنسبة لأمريكا، تمثل المنطقة المغاربية سوقا قوامها 85 مليون نسمة، تتوفر على يد عاملة غير مكلفة، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي، و قربها من أوروبا، مما يجعلها أرضية للإنتاج الموجه للتصدير، ثم إن افريقيا بالنسبة لأمريكا ما زالت قارة خاما،  و من هذا المنظور ستكون واجهة استثمارية للقرن 21، لكن هذه التصورات تعترضها مجموعة من الحواجز، كمشكل الصحراء، و الخلاف الجزائري – المغربي،  و عدم انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية.

بعد 11 شتنبر 2001 تقوم أمريكا بصياغة إطار جديد أوسع، و أقر على الاستجابة لانشغالاتها : "استراتيجية الشرق الأوسط الكبير"، وهو مشروع موجه نحو فضاء جغرافي يجمع كل بلدان العالم العربي + باكستان، أفغانستان، إيران ، تركيا و"إسرائيل" ( هنا يمكن فهم الدور الذي تقوم به قطر الآن كعراب للمشروع الاستراتيجي الأمريكي، و استعمالها للحركات الإسلامية الإخوانية المسماة معتدلة )، مصطلح فصل على مقاس الأهداف الاستراتيجية، التي تسعى أمريكا إلى تحقيقها من خلال مشروع يتضمن ما تسميه :

- تشجيع الديموقراطية و الحكم الرشيد.

- بناء مجتمع المعرفة.

- توسيع الفرص الاقتصادية.

أما بالنسبة لاتفاقية التبادل الحر بين المغرب و أمريكا التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير 2006 فقد تمت الإشارة إليها في نقطة سابقة.

7 ـ بعض الملاحظات حول الاستراتيجيتين :

1) يصعب الحديث عن استراتيجية واضحة للنظام من داخل الصراع القائم بين استراتيجية الامبرياليتين الأمريكية و الأوروبية ( بقيادة فرنسا في حالة المناطق المتوسطية ) و على الخصوص منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، لذا فالنظام لم يكن مهيئا آنذاك للتحولات التي عرفها العالم في تلك الفترة ( بروز الهيمنة العسكرية و الاقتصادية الأمريكية على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي )، و يمكن القول الآن، بعد لعبة التناوب المخزني، و دخول الحاكم الجديد على الخط، بدأ العمل على رسم استراتيجية للنظام بناء على ما وضعته الامبرياليتين من خطط و تقارير، أقواها إلى حدود اللحظة، الخطة الأمريكية، بحكم توجهها نحو التحكم في عصب الدولة ( الأجهزة العسكرية و الاستخباراتية للتصدي للإرهاب، مع الدفع بالمغرب لتهيئ الأرضية السياسية و الاقتصادية الكفيلة باستمرارية النظام، كضامن وحيد للمصالح الاستراتيجية الأمريكية بالبلاد، و يقوم التغلغل الأمريكي على اختراق عمودي و أفقي للأجهزة و الطبقات و الفئات و الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني.

في هذا السياق، ليس غريبا أن نجد كل المصطلحات و الشعارات التي يرفعها النظام في خطاباته و ترددها أجهزته الإيديولوجية، منصوص عليها حرفيا في تلك التقارير و الاتفاقات، كالحكامة الرشيدة، التنمية المستدامة، دولة الحق و القانون، إصلاح القضاء، محاربة الفساد، الفئات الوسطى ...) كما أن ما سمي بالأوراش الكبرى هو استجابة لتلك الاتفاقيات، التي يؤكد النظام انخراطه و التزامه التام بمشروع الامبرياليتين.

2) يمكن التطرق لاستراتيجية النظام القائم على مستويين :

- مستوى الصراع بين الامبرياليتين.

- مستوى الصراع بين أقطابه داخل الكتلة الطبقية السائدة، بين قطب مدعم أمريكيا، و هو الأكثر رجعية، يمثله عثمان بن جلون و الضباط السامون في الجيش، و قطب يبحث عن منفذ لتلبية حاجيات الرأسمال الأوروبي الفرنسي خصوصا، تحت شعار " تحديث الدولة و عصرنتها"، و يمثله عالي الهمة. (لا يجب هنا الخلط مع الفكرة الخاطئة القائلة بصراع القوى المحافظة و قوى التحديث، فمطلب تحديث الدولة و عصرنتها هو مطلب فرنسي –اسباني للعمل على إدماج المغرب مستقبلا في مشاريعهم الأوروبية).

فالملاحظ أن النظام لم يحسم بعد، والصراع ما زال مستمرا، و لم يحسم بعد في خياره أمام صراع الامبرياليتين، وإن سار مسافة مهمة تجاه الامبريالية الأوروبية، لأن حسمه في هذا الإطار رهين بمدى قدرته على تحييد الطرف الآخر (الطرف الذي تقوى في عهد الأب: الأجهزة).

إذن هناك تذبذب النظام بين القطبين داخل الكتلة الطبقية السائدة.

و الملاحظ اقتصاديا، أن هناك تقارب بين بن جلون و أونا، و لا نعتقد بوجود شرائح تدعم الإصلاحات، فهل النظام خارج القطبين ؟ هذا غير صحيح، فهو يمثل اقتصاديا و سياسيا الشرائح الأكثر ارتباطا بالإمبريالية، و هناك تأثير الجيش ومراكز القوى داخل الجيش و الدولة في عملية الحسم، و هذا ما يفسر الجمود الذي عاشه المغرب سياسيا خلال العشر سنوات قبل خطاب 9 مارس 2011، و جاء الدعم للمصالح الأوروبية عن طريق اليسار الإصلاحي، الذي تماهى مع مجموعة من المطالب الأوربية كمطلب إسقاط الفساد و دمقرطة الدولة.

9 ــ 4 ــ 2019

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.