Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع ــ فيكتور سيرج ــ الحلقة الخامسة (الفصل الثاني وثمانية أجزاء من الفصل الثالث)ـ

Pin it!

يقدم موقع 30 غشت الحلقة الخامسة من ترجمة كتاب "ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع"، لكاتبه "فيكتور سيرج". وهي تتضمن الفصل الثاني وثمانية أجزاء من الفصل الثالث.

 

الحلقة الخامسة 

الفصل الثاني: مشكل اللا قانونية

 

I ــــ لا تنخدع

لن تكون المعرفة بأساليب وإجراءات الشرطة ذات فائدة عالية بدون رؤية واضحة لهذه المشكلة. كان تقديس الشرعية، وسيبقى، واحدا من أبرز سمات الاشتراكية المنحرفة  في اتجاه  التعاون الطبقي، بما يعني الإيمان بإمكانية تحويل النظام الرأسمالي دون الدخول في صراع مع محظوظيه، لا يتعلق الأمر هنا بمسألة إخلاص لا يتوافق مع عقلية السياسيين، بقدر ما هو مسألة ارتشاء القادة، فهم يوجدون في مجتمع يتظاهرون بمحاربته ويوصون باحترام قواعد اللعبة فيه، أما الطبقة العاملة فلا يمكنها احترام الشرعية البورجوازية إلا بشرط تجاهل الدور الحقيقي للدولة، والخاصية المخادعة للديموقراطية، باختصار، تجاهل المبادئ الأولية للصراع الطبقي.

إذا كان العامل يعلم، أن الدولة هي حزمة من المؤسسات، تهدف إلى الدفاع عن مصالح المالكين ضد غير المالكين، بما يعني، الحفاظ على استغلال العمال،  فإن القانون الذي يفرضه الأغنياء على الفقراء، يطبق دائما بروح طبقية صارمة، وأن الإكراه – الذي يبدأ بأمر قضائي مسالم لضابط الشرطة وينتهي عند صوت المقصلة، مرورا بمعتقلات الأشغال الشاقة والسجون  المركزية – هو ممارسة ممنهجة للعنف الشرعي  ضد المستغلين (فتح الغين)، منذ الآن فصاعدا، فإنه لا يمكن أن يعتبر الشرعية إلا كواقع، الذي يجب معرفة مظاهره وتطبيقاته وفخاخه ونتائجه ومزاياه أيضا – والتي يجب، في بعض الأحيان معرفة كيفية الاستفادة منها، لكن،  والتي لا يجب أبدا أن تكون بالنسبة  لطبقتها أكثر من مجرد عقبة مادية بحتة.

هل علينا أن نبرهن على هذه الخاصية وهي معاداة البروليتاريا لكل شرعية بورجوازية؟ ربما.

في معركتنا غير المتكافئة ضد العالم القديم، يجب تكرار أبسط البراهين كل يوم. يكفي التذكير الموجز بعدد من الوقائع المعروفة جيدا.

في جميع البلدان، كان على الحركة العمالية أن تغزو نتيجة كفاح طويل لأكثر من نصف قرن، حق الائتلاف والإضراب. فلا زال هذا الحق محل نزاع في فرنسا نفسها، للموظفين وعمال شركات المرافق العامة (هذا إذا لم تكن كلها!) مثل عمال السكك الحديدية. ففي النزاعات بين الرأسمال والعمل، غالبا ما تدخل الجيش ضد العمل وليس ضد الرأسمال، وأمام المحاكم يكاد يكون من المستحيل الدفاع عن الفقراء بسبب تكاليف الإجراءات القانونية، في الواقع لا يمكن للعامل إقامة دعوى قضائية ولا دعم محاكمة – ترتبط الغالبية العظمى من الجرائم والجنح مباشرة بالبؤس وتدخل ضمن نوع من الهجمات على الممتلكات، والغالبية العظمى من نزلاء السجون هم من الفقراء –

غداة الحرب، كان هناك الاقتراع المقيد في بلجيكا، حيث كان الرأسمالي والكاهن والضابط والمحامي، كل واحد منهم يوازي أصوات عاملين أو ثلاثة عمال حسب الحالة.

في هذا الوقت الذي نكتب فيه، يتم الحديث عن استعادة حق الاقتراع في إيطاليا. إن احترام هذه الشرعية معناه الانخداع بها. إن احتقارها ليس أقل كارثية، فمزاياها بالنسبة للحركة العمالية، هي أكثر واقعية، حتى لا ننخدع.

إن الحق في الوجود والعمل القانوني بالنسبة لمنظمات البروليتاريا، يجب استعادته وتوسيعه باستمرار، ونؤكد على هذا، لأن الانحراف المعاكس لتقديس الشرعية، يتجلى أحيانا عند الثوار ذوي الميول الجيدة، من خلال نوع من الاتجاه إلى ممارسة أقل جهد في السياسة – إنه من السهل التآمر بدلا من توجيه عمل جماهيري -

بالنسبة إلى ازدراء نوع معين للعمل القانوني، يبدو لنا أنه في البلدان التي لم تنتصر فيها الرجعية عبر تمزيق الدساتير الديموقراطية السابقة، سيتعين على العمال الدفاع عن وضعهم القانوني بالعض على النواجذ، وفي بلدان أخرى عليهم النضال من أجل استعادته. في فرنسا نفسها، يجب توسيع الشرعية التي تتمتع بها الحركة العمالية، ولن يتم توسيعها إلا بالنضال. لا يزال موظفو الدولة وفئات معينة من العمال ينكرون عنهم أو يعترضون عليهم فيما يخص حق الائتلاف والإضراب، وحق التظاهر هو أقل بكثير مما هو عليه في الدول الانجلوسكسونية، وما زالت مجالس الدفاع العمالي، كما في ألمانيا والنمسا لم تفز بالشرعية والشارع.

II ــــ تجربة ما بعد الحرب : لا يجب الاستسلام للمفاجأة

لقد سبق وأن رأينا، خلال الحرب (ح ع 1) كيف أن جميع حكومات الدول المتحاربة استبدلت المؤسسات الديموقراطية بالدكتاتورية العسكرية (حالة الحصار، القمع العملي لحق الإضراب، تأجيل المجالس وتعطيلها والقدرة الكلية للجنرالات ونظام مجالس الحرب). لقد وفرت لهم الحاجات الاستثنائية للدفاع الوطني تبريرا معقولا: منذ ما بعد الحرب، ضربت الموجة الحمراء المنطلقة من روسيا أوروبا، مزقت جميع الدول الرأسمالية تقريبا - المتحاربة هذه المرة من الحرب الطبقية – المهددة من قبل الحركة العمالية ك "خرق من الورق" نصوص تشريعاتها، التي كانت مقدسة في السابق ... وصهرت دول البلطيق (فلندا، إستونيا، ليتوانيا ولاتفيا) وبولونيا ورومانيا ويوغوسلافيا، ضد الطبقة العاملة، قوانين مجرمة خالية من  أي نفاق ديموقراطي، وتستكمل بلغاريا آثار تشريعاتها المجرمة بالعنف خارج نطاق القانون، وأقنعت هنغاريا وإيطاليا وإسبانيا نفسها بإلغاء كل تشريعاتها فيما يتعلق بالعمال والفلاحين، ولأنها أكثر ثقافة وأكثر تنظيما  أقامت ألمانيا عندها، بدون اللجوء إلى قوانين استثنائية، نظاما، نقترح أن نسميه الإرهاب القضائي والبوليسي، وطبقت الولايات المتحدة الأمريكية فجأة قوانين حول "النقابية المجرمة"، التخريب و... التجسس، فآلاف العمال تم سجنهم في و.م.أ بموجب قانون التجسس، الذي تم سنه خلال الحرب ضد الرعايا الألمان، اللذين يعيشون في أمريكا، وتبقى في أوروبا فقط، الدول الإسكندنافية وإنجلترا وفرنسا وبعض الدول الصغيرة، حيث لا تزال الحركة العمالية تتمتع بمزايا الشرعية الديموقراطية. يمكننا أن نقول دون أدنى خوف من أن تكذب الأحداث قولنا، أنه في أول أزمة اجتماعية خطيرة حقا، سيتم سحب هذه الميزة على الفور وبقوة، والقرائن الدقيقة تفرض نفسها أمامنا.

في نونبر 1924، أجريت الانتخابات البريطانية ضمن حملة مناهضة للشيوعية، قدمت فيها رسالة مزيفة من زينوفييف، وزعم أنها موجهة إلى الحزب الشيوعي الإنجليزي، اعترضتها غرفة سوداء، الحجج الرئيسية.

في فرنسا، في العديد من المرات طرحت قضية حل س.ج.ت، إذا تذكرنا ذلك جيدا، من الممكن أن يكون هذا الحل نفسه قد تم الإعلان عنه رسميا. ذهب السيد برياند في ذلك الوقت، لكسر إضراب السكك الحديدية، حد التعبئة – غير القانونية - ضد عمال السكك الحديدية. ولا تنتمي الكليمانصية (نسبة لكليمانصو) إلى ماض بعيد جدا، وأن بوانكريه أثناء احتلال الروهر، قد أبان عن ميل واضح إلى حد ما لتقليده. ومع ذلك، بالنسبة للحزب الثوري، أن يفاجأ بالخطر، فهذا يعني أن يختفي، بينما أن تكون مستعدا لعدم الشرعية، فهو أن تكون متأكدا من النجاة من جميع التدابير القمعية. هناك ثلاثة أمثلة ملفتة للنظر مأخوذة من التاريخ الأحدث:

1)  أن يترك حزب شيوعي كبير نفسه يؤخذ بالمفاجأة بوضعه خارج عن القانون: الحزب الشيوعي ليوغوسلافيا، حزب الجماهير، كان عدد أعضائه سنة 1920 أكثر من 120 ألف عضوا و60 نائبا في سكوبتشينا، تم حله سنة 1921 بتطبيق قانون دفاع الدولة. كانت هزيمته قوية وكاملة فاختفى من المشهد السياسي.

2) حزب شيوعي لم يفاجأ إلا نصف مفاجأة، فقد كان الحزب الشيوعي الإيطالي منذ ما قبل مجيء موسوليني إلى السلطة، مجبرا، بسبب الاضطهاد الفاشي إلى التواجد أكثر في ظل وضع شبه قانوني (إلى أكثر من شبه وجود قانوني).

كان هناك قمع وحشي – اعتقال 4000 عامل في الأسبوع الأول من فبراير 1923 – لم ينجح في أي وقت من الأوقات في تحطيم الحزب الشيوعي الإيطالي، الذي - على العكس – تقوى وتطور، منتقلا من 10 آلاف عضوا سنة 1923 إلى حوالي 30 ألف عضو في بداية 1925.

3) لم يتفاجأ حزب شيوعي كبير بأي حال من الأحوال، ففي نهاية 1923، بعد الاستعدادات الثورية في أكتوبر وانتفاضة هامبورغ، تم حل الحزب الشيوعي الألماني من قبل الجنرال فونسيكت، محروما لوقت طويل من منظمات مرنة، واصل مع ذلك وجوده الطبيعي. سيكون على الحكومة قريبا أن تتراجع على إجراء توضح بجلاء أنه بدون جدوى، وخرج الحزب الشيوعي الألماني من اللاقانونية بقوات بالكاد بدأت لكي تقطف في انتخابات 1924 أكثر من 3 مليون ونصف من الأصوات.

III ــــ حدود العمل الثوري القانوني

من جهة أخرى، فإن الشرعية القانونية في الديموقراطيات الرأسمالية الأكثر "تقدما" لها حدود، حيث لا يمكن للبروليتاريا احترامها بدون أن يحكم عليها بالفشل، فهي لا تتسامح مع الدعاية داخل الجيش التي هي ضرورة حيوية، فبدون انشقاق على الأقل جزء من الجيش فلا انتصار لثورة. إنه قانون التاريخ. في أي جيش بورجوازي، يجب على الحزب البروليتاري أن يولد ويزرع التقاليد الثورية وتكون له منظمات متفرعة ومثابرة في العمل وأكثر يقظة من العدو. إن الشرعية الأكثر ديموقراطية لن تتسامح بعد الآن مع وجود لجان العمل، حيث تكون هناك حاجة إليها على وجه التحديد: في نقاط السكك الحديدية وفي الموانئ وفي مستودعات الأسلحة وفي مراكز الطيران. إن الشرعية الأكثر ديموقراطية لن تتسامح مع الدعاية الشيوعية في المستعمرات، والدليل على ذلك اضطهاد السلطات الإنجليزية للمناضلين الهنود والمصريين، وكذلك نظام المضايقة البوليسي الذي وضعته السلطات الفرنسية في تونس، وأخيرا، ومن نافلة القول، أنه يجب إبعاد خدمات الاتصال الدولية في جميع الأوقات عن فضول "الأمن العام". لا أحد ساند بعناد أكثر من لينين في وقت تأسيس الحزب البلشفي الروسي، وفي وقت لاحق عندما تأسست الأحزاب الشيوعية الأوروبية، الحاجة إلى تنظيم ثوري غير شرعي، ولا أحد حارب التقديس النمطي للشرعية أحسن منه.

في المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديموقراطي العمالي الروسي (بروكسيل – لندن 1903)، أصبح الانقسام بين المناشفة والبلاشفة أكثر تحديدا فيما يتعلق بمسألة التنظيم غير القانوني. كانت مناقشة الفقرة 1 من النظام الأساسي فرصة لذلك. لقد أراد مارتوف، الذي سيصبح زعيم المناشفة لمدة 20 عاما، منح عضو الحزب لأي شخص قدم خدمة للحزب (تحت مراقبة الحزب)، أي في الحقيقة إلى المتعاطفين، اللذين كانوا كثيرين في الأوساط الفكرية، التي لا تسعى إلى التورط حد التعاون في العمل غير القانوني.

دافع لينين بحزم وبدون مساومة عن فكرة على أن من يريد الانتماء إلى الحزب، عليه أن "يشارك في العمل في إحدى منظماته" (غير القانونية). لقد بدت هذه المناقشة كما لو أنها مجرد مماحكة حول التفاصيل، لكن لينين كان على حق إلى حد كبير، نحن لسنا نصف ثوريين أو ثلث ثوريين. يجب على حزب الثورة أن يستخدم بالتأكيد، كل المساعدات، ومع ذلك، لا يمكنه الاكتفاء، من جهة أعضائه بتعاطف واسع، سري، لفظي وغير نشط (لا يمكن أن يكون راضيا عن التعاطف الغامض والسري واللفظي غير النشط من أعضائه)، أولئك اللذين لا يوافقون على المخاطرة لصالح الطبقة العاملة بوضعيتهم المادية المميزة، يجب ألا يسمح لهم بممارسة تأثير كبير داخله. لقد كان الموقف من عدم الشرعية بالنسبة للينين، المحك المستخدم لتمييز الثوريين الحقيقيين عن الآخرين.

VI ــــ الشرطة الخاصة

هناك عامل آخر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أيضا، وهو وجود شرطة خاصة خارجة عن القانون، قادرة على مد البورجوازية بأسلحة إضافية ممتازة. خلال الصراع العالمي تم صنع أجهزة مخابرات "العمل الفرنسي" بنجاح، كان ذا تأثير على مزودي كليمانصو بنصائح الحرب. نحن نعلم أن ماريوس بلاتو كان على رأس الشرطة الخاصة ل "الأنتي فرانس". من جهة أخرى كرس أحدهم يسمى م. جان ماكس نفسه كجامع "دفاتر الأنتي فرانس" للتجسس على الحركات الطليعية. من المحتمل جدا أن تكون للتشكيلات الرجعية المستوحاة من العصبة (فاشيو) الإيطالية جميعها مصالح للتجسس وشرطة، وفي ألمانيا، تركزت القوات الحيوية للرجعية منذ نزع السلاح الرسمي للبلاد في منظمات أكثر من نصف سرية. لقد فهمت الرجعية أنه حتى بالنسبة للأحزاب المساندة من طرف الدول، فإن السرية مصدر ثمين. ضد البروليتاريا، فمن نافلة القول، أن كل هذه المنظمات تتولى بشكل أو بآخر مهام قوة الشرطة الخفية، وفي إيطاليا، لا يكتفي الحزب الفاشي بشرطة الدولة، فله مصالح التجسس ومكافحة التجسس الخاصة به، لقد نشر مخبريه وعملائه السريين واستفزازييه وأتباعه في كل مكان، وكانت هذه المافيا البوليسية والإرهابية هي التي "صفت" ماتييوتي بعد آخرين كثيرين ...

في الولايات المتحدة الأمريكية، كان تورط الشرطة الخاصة في نزاعات العمل والرأسمال قد بلغ مدى مخيفا، فقد كانت مكاتب المحققين الخاصين المشهورين، تزود طواعية الرأسماليين بمخبرين سريين استفزازيين ذوي خبرة، وقناصين جيدين وحراس ومراقبين و"مناضلين نقابيين" فاسدين حسب الرغبة، فلدى شركة بنكيرتوف وبوريس وتييل 100 مكتب وحوالي 10 آلاف فرع يوظفون كما يقال 135 ألف شخصا يزيد إيرادهم الشهري عن 65 مليون دولار، لقد أسسوا التجسس الصناعي والتجسس في المصنع وفي ورشة العمل و ورشة البناء وفي المكتب، يعني، في كل مكان يعمل فيه المأجورون (العمال)، لقد خلقت نوعا من العامل المخبر، وقد كان هناك نظام مماثل يعمل في جامعات ومدارس الديموقراطية العظيمة التي غناها والت ويتمان ...

V ــــ خلاصات

دعونا نلخص:

لقد علمتنا دراسة آلية الأوخرانا أن الهدف المباشر للشرطة هو أن تعرف أكثر بكثير من أن تقمع، أن تعرف من أجل أن تقمع في الوقت المحدد وإلى الحد المطلوب، إن لم يكن بشكل كامل. أمام هذا العدو المتسلط والقوي والمتخفي، فإن حزبا عماليا يفتقر لتنظيم سري، حزب لا يخفي شيئا، يجعل المرء يفكر في رجل منزوع السلاح، بدون مأوى، وتحت رحمة بندقية بيد مسلح محصن جدا.

إن جدية العمل الثوري، لا يمكن أن تتلاءم مع بيت من زجاج، يجب على حزب الثورة أن ينظم نفسه بطريقة يفلت منها قدر الإمكان من مراقبة العدو، بطريقة ترمي إلى إبعاد أنشطته الأكثر أهمية عنه – بطريقة، بحيث في البلدان التي ما زالت ديموقراطية، ألا تكون تحت رحمة انقلاب على يمين البورجوازية، أو إعلان حرب وبطريقة يتم فيها غرس عادات عند رفاقنا تتفق مع هذه الضرورات.

الفصل الثالث

* نصائح بسيطة للمناضل

يصف البلاشفة الكبار أنفسهم طواعية بأنهم "ثوار محترفون". بالنسبة لجميع العمال الحقيقيين، المساهمين في التغيير الاجتماعي، فإن هذه التسمية ملائمة تماما، إن هذا التصور يستثني من النشاط الثوري حركة الهواة والرياضة [...] إنه يضع المناضل بشكل لا رجعة فيه في عالم العمل، حيث لا توجد مسألة "مواقف" أو استعمال، بهذا القدر أو ذاك من الأهمية الترفيه ولا المتعة الأخلاقية والروحية لإعلان الآراء "المتقدمة".

 تملأ المهنة (أو الوظيفة) معظم حياة أولئك اللذين يعملون، إنهم يعرفون أنه أمر جدي، يعتمد عليه الخبز اليومي، إنهم يعرفون أيضا، بشكل أو آخر عن وعي، أن الحياة الاجتماعية بأكملها ومستقبل الناس بأكمله يعتمد عليها.

يتطلب الاحتراف الثوري تعلما طويلا، ومعرفة فنية بحثة وحب المهام، كما يتطلب فهم القضية، والغايات والوسائل. هذا، وكما هو في أغلب الحالات، إذا ما تداخلت الممارسة – من أجل العيش – مع مهنة أخرى، فالممارسة هي التي تملأ الحياة، والاخرى مجرد ملحق.

لقد استطاعت الثورة الروسية أن تنتصر، لأن 25 سنة من العمل السياسي شكل لها فرقا قوية من الثوريين المحترفين، مستعدين لإنجاز عمل خارق وجبار.

يجب أن تكون هذه التجربة، وهذه الحقيقة في ذهن أي ثوري جدير بهذا الاسم باستمرار، في التعقيد الحالي للحرب الطبقية، يستغرق الأمر سنوات من الجهود والمشقات والدراسات والإعداد الواعي لتكوين مناضل.

كل عامل تحركه رغبة ألا يكون داخل الجماهير المستغلة عابرا غير ذي أهمية، ولكن لخدمة طبقته والعيش حياة أرقى، من خلال المشاركة في تغيير المجتمع، يجب أن يسعى جاهدا لأن يكون – على قدر الإمكان مهما كان ضعيفا – هو أيضا محترف ثوري ...

وفي العمل داخل الحزب والنقابة أو الجماعة، يجب عليه – على وجه الخصوص - هذا ما يشغلنا اليوم – أن يكون أكثر حذرا تجاه المراقبة البوليسية، حتى وإن كانت غير مرئية، حتى غير مؤذية، كما يبدو في فترات الهدوء، وذلك لأجل إحباطها.

إن التوصيات التالية، يمكن أن تساعد على ذلك، إنها لا تشكل بالتأكيد قانونا كاملا للسرية ولا حتى للحذر الثوري، فلا توجد هناك أي وصفة مثيرة. هذه مجرد قواعد أولية، سيكون الحس السليم كافيا لاقتراحها، وإن كانت التجارب تشير – لسوء الحظ – أنه ليس من غير الضروري إدراجها، فلطالما كان تهور الثوار هو أفضل مساعد للشرطة.

1) المراقبة (التعقب واقتفاء الأثر)

إن اقتفاء الأثر وتتبع المناضل، هي أساس كل المراقبات، وغالبا ما يكون من السهل دائما خداع المراقب، ويجب ألا يعتبر كل مناضل نفسه باستمرار أنه مراقب، كما لا يجب من حيث المبدأ أبدا، التوقف عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

لتجنب المراقبة في المدن الكبرى التي تكون فيها حركة المرور كثيفة، حيث تتنوع وسائل المواصلات، فنجاح المراقبين يرجع حصرا إلى عدم الاحتياط المدان للرفاق.

إن أبسط القواعد هي:

-لا تذهب مباشرة إلى وجهتك، قم بإجراء التفاف عبر شارع به حركة مرور قليلة، للتأكد من عدم تتبعك (السير وراءك)، في حالة الشك، قم بالرجوع من حيث أتيت (عد أدراجك). استعمل وسيلة نقل وغيرها.

-ليس من الصعب "زرع" مراقبين في مدينة صغيرة، لكن ترصدهم يفقد جزءا كبيرا من قيمته عندما يصبح واضحا – كن حذرا من الصورة المسبقة "للعميل في زي البورجوازي"، فله في كثير من الأحيان سحنة مميزة إلى حد ما، لكن المراقبين الجيدين يعرفون كيف يتكيفون مع تنوع مهامهم، يمكن أن يكون أحد المارة العاديين، عامل ببذلة، بائع متجول، سائق، وجندي من ضباط الشرطة. توقع استعمال النساء والشباب والأطفال في المراقبات. نحن نعلم بتعميم من الشرطة الروسية، يوصى بتعيين أطفال المدارس في المهام التي لن يكملها العملاء دون ملاحظتهم.   - الحذر أيضا من العادة المزعجة، المتمثلة في رؤية أي مار على أنه مخبر.

2) المراسلات والملاحظات (الإشارات)

اكتب أقل قدر ممكن، ومن الأفضل لا تكتب، لا تدون ملاحظات حول مواضيع حساسة: من الأفضل أحيانا نسيان أشياء معينة بدلا من تدوينها ... وتحقيقا لهذه الغاية، تدرب على تذكر العناوين، خاصة أرقام الشوارع، باستخدام منشطات الذاكرة.

* استعمال المفكرة (دفتر الملاحظات)

 إذا لزم الأمر، قم بتدوين ملاحظات غير مفهومة لأي شخص آخر غير نفسك، كل واحد يخترع أساليب اختصاراته (الصيغ المختصرة)، قم بقلب الأرقام وتبديلها بالحروف (24 تعني 42، 1 تعني ج، ج تعني 1، الخ... قم بإعطاء الأسماء للشوارع والأماكن وما إلى ذلك بنفسك لتقليل فرص الخطأ، استخدم تجميع الأفكار، مثلا (زنقة لونوار تصبح لونيغرو) زنقة لوبيك تصبح قنفذ أو دبوس وما إلى ذلك ...).

- بالنسبة للرسائل:

في المراسلات، ضع في اعتبارك وجود الغرفة السوداء، قل الحد الأدنى لما يجب قوله، في حدود ما يمكن أن يفهمه سوى المرسل إليه فقط، لا تذكر طرفا ثالثا دون داع، تذكر أن الاسم الشخصي أحسن من الاسم العائلي، وحرف أول - اتفاقي خاصة - أحسن من الاسم الشخصي كاملا.

* تنويع التحديدات المتفق عليها

 احذر من جميع التفاصيل (المكان، الوظيفة، التاريخ، الصفة (الشخصية) الخ. تعرف على كيفية استخدام الحيل حتى بدون موافقة مسبقة، والتي يجب أن تكون دائما بسيطة للغاية وتتفيه المعلومة. لا تقل مثلا "تم القبض على الرفيق بيير" ولكن "العم بيتر أصيب بالمرض فجأة ...).

بالإمكان تلقى المراسلات عند طرف ثالث.

 يجب إخفاء الرسائل بعناية، لا تعتبر أختام الشمع ضمانة مطلقة، وجعلها رقيقة جدا، فالأغلظ منها أسهل في الإزالة، والعملية الجيدة إلى حد ما هي خياطة الرسالة على ظرف الظهر، وتغطية الخيط بختم أنيق من الشمع.

لا تنس أبدا: "أعطني ثلاثة أسطر من خط يد شخص وسأشنقه" تعبير عن بديهية مألوفة للبوليس جميعه.

3) السلوك العام

- احذر من الهواتف، فلا شيء أسهل من مراقبتها، فالمحادثة الهاتفية عبر جهازين المتاحين للجمهور (المقاهي، الأجهزة الأوتوماتيكية ومحطات القطار) لديها عدد أقل من العيوب. حدد موعدا عبر الهاتف فقط بالمصطلحات الاتفاقية (المتفق عليها).

- يجب معرفة المواقع جيدا، وقم بدراستها، وإذا لزم الأمر قم بذلك مسبقا على خريطة، احفظ المنازل والممرات والأماكن العامة (المحطات (القطار) والمتاحف والمقاهي والمتاجر الكبرى) التي تتوفر على الجيد من المخارج.

-   في مكان عام بالقطار، في موعد خاص، خذ بعين الاعتبار إمكانات المراقبة، ولهذا الغرض في حالة الإضاءة، حاول أن ترى جيدا ولا ترى جيدا، ومن المعقول عند الجلوس، أن تكون باتجاه الشمس بشكل أفضل، ترى أحسن ولا تكون مرئيا، وليس معقولا أن تعرض نفسك أمام النافذة.

4) بين الرفاق

ضع كمبدأ، أنه في العمل غير القانوني، لا يجب على المناضل أن يعرف إلا ما هو صالح لمعرفته، وأنه من الخطر في كثير من الأحيان معرفة أو تقاسم معرفة وأكثر: كلما كانت المعرفة بعمل أقل، كلما وفر الأمن وفرص النجاح.

احذر من الاهتمام بالأسرار، ومعرفة كيفية التزام الصمت، فالتزام الصمت هو واجب تجاه الحزب وتجاه الثورة.

يجب معرفة كيفية تجاهل ما لا يجب أن يعرفه المرء طواعية. من الخطأ، الذي يمكن أن يصبح خطيرا أن تستأمن صديقا حميما أو زوجا أو رفيقا الأكثر أمانا سر الحزب، الذي ليس من الضروري أن يعرفه، يكون في بعض الأحيان ضرر تجاههم، لأننا مسؤولين عما نعرفه، ويمكن أن تكون هذه المسؤولية ثقيلة.

لا تصدم أو تنزعج من صمت الرفيق، إنها ليست دلالة على انعدام الثقة، بل على احترام أخوي والوعي – الذي يجب أن يكون مشتركا - بالواجب الثوري.

5) في حالة الاعتقال

حافظ بشكل مطلق على برودة أعصابك، ولا تسمح لنفسك بتخويفك أو استفزازك. لا تجيب على أي استنطاق بدون أن تكون معضدا بمحام، وقبل التحدث معه، والذي يجب أن يكون رفيقا من الحزب، أو، إذا تعذر ذلك، دون التفكير في الأمر بعناية. لقد كانت جميع الصحف الثورية الروسية، تحمل في السابق هذه التوصية الثابتة بخط عريض:

"أيها الرفاق لا تقدموا أدلة! لا تقولوا شيئا!"، من حيث المبدأ لا تقل شيئا، وأن تبرر سلوكك أمر خطير، فنحن في أيدي مهنيين (محترفين) قادرين على الاستفادة من أدنى كلمة، فأي "تفسير" يوفر لهم توثيقا غنيا.

إن الكذب أمر خطير للغاية، فمن الصعب بناء نظام بدون عيوب واضحة للغاية، يكون من المستحيل الارتجال، لا تحاول اللعب في النهاية، فعدم تكافؤ القوى كبير جدا.

يكتب ذوي السوابق على جدران السجون هذه التوصية القوية، التي يمكن للثوري أن يستفيد منها:

"لا تعترف أبدا!"

 عندما تنكر، تنكر بشكل لا يتزعزع، واعلم أن الخصم قادر على كل شيء. لا تندهش أو تفاجأ من: "نحن نعرف كل شيء!" فهذا غير صحيح أبدا، إنه كليشيه وقح يستخدمه البوليس وجميع قضاة التحقيق لجميع المتهمين. لا ترتعب من التهديد القديم: "سيكلفك غاليا"، يمكن بالفعل للاعترافات والتفسيرات الخرقاء والسقوط في المصيدة ولحظات الذعر، أن تكلف غاليا، لكن مهما كانت حالة المتهم، فلا يمكن لدفاع صارم ومغلق، الذي يكون بكثير من الصمت وقليل من الإنكار والتأكيدات إلا أن تعمل على تحسينه. لا تصدق ذلك – إنها حجة كلاسيكية - إذا قيل لك: "نحن نعرف كل شيء عن طريق صديقك كذا وكذا"، لا تصدق ذلك، حتى وإن حاولوا إثبات لك ذلك، من خلال بعض الأدلة التي تم جمعها بذكاء، من السهل على العدو أن يتظاهر بأن لديه معرفة شاملة بالأشياء.

حتى وإن كان أحدهم قد قال: "قال كل شيء" فلن يكون ذلك إلا سببا آخر لمضاعفة الحذر، حافظ على هدوئك، ولا تظهر أنك تفاجأت، ومرة أخرى: لا تقل شيئا.

 لا تقم بتوقيع مستند دون قراءته بعناية وفهم واضح، وعند أدنى شك، ارفض التوقيع. إذا كان الاتهام مبنيا على التزوير – وهو أمر شائع - فلا تكن ساخطا: بل دعه يدفن نفسه قبل تدميره. لا تفعل شيئا آخر دون مساعدة المحامي، الذي يجب أن يكون رفيقا.

6) أمام البوليس والقضاة

لا تستسلم لنزعة غرستها التربية المثالية البورجوازية لتأسيس "الحقيقة" أو إعادة تأسيسها، فلا توجد حقيقة مشتركة في الصراع الاجتماعي بين الطبقات المستغلة والطبقات المستغلة. لا توجد حقيقة – لا صغيرة ولا كبيرة - غير شخصية، عليا تحلق فوق الحرب الطبقية. بالنسبة للطبقة الغنية، فالحقيقة هي حقها: في الاستغلال والنهب وسن القوانين، ومطاردة أولئك اللذين يريدون مستقبلا أفضل، لضرب، بلا رحمة حاملي وعي طبقة البروليتاريا. إن الحقيقة عندها تسميها الكذبة المفيدة، حقيقة علمية كما يقول سوسيولوجيوها، أبدية الملكية الخاصة (الملغاة من طرف السوفيات).

إن الحقيقة القانونية، هذه الكذبة الشنيعة: مساواة الفقراء والأغنياء أمام القانون، الحقيقة الرسمية، حياد العدالة، سلاح طبقة ضد الآخرين. حقيقتهم ليست حقيقتنا.

 أمام قضاة الطبقة البورجوازية، فالمناضل غير ملزم بتقديم أي حساب عن أفعال، ولا احترام لما سمي حقيقة (حقيقة مزعومة)، إن الإكراه هو ما أتى به أمامهم، إنه يتعرض للعنف، ويجب أن يكون همه الوحيد هنا أيضا خدمة الطبقة العاملة، فلأجلها يمكن أن يتكلم مما يجعله في قفص الاتهام، متهما (بكسر الهاء) لا متهما (بفتح الهاء)، ومن أجلها يجب أن يعرف كيف يصمت، أو الدفاع عن النفس بشكل مفيد لاستعادة حرية التصرف. نحن مدينون بالحقيقة إلى إخواننا ورفاقنا، لطبقتنا ولحزبنا.

 أمام القضاة أو الشرطة، لا تنسوا أبدا أنهم خدام الأغنياء والمسؤولين عن المهام البغيضة:

* إذا كانوا الأقوى، فإننا مع ذلك، نحن اللذين دون تحفظ، لنا الحق ضدهم.

* إذا كانوا يدافعون بخنوع عن نظام ظالم وضار ومدان حتى من محكمة التاريخ، فنحن نعمل من أجل القضية الكبرى الوحيدة في هذا الوقت: لتغيير العالم عن طريق تحرير العمل.

7) الإبداع وحضور البديهة

يتطلب تطبيق هذه القواعد صفة، يجب أن يسعى جميع المناضلين إلى زراعتها: إنها: الإبداع: ... رفيق يذهب إلى منزل خاضع للمراقبة إلى شقة تقع في الطابق الرابع، بمجرد أن صعد الدرج، تبعه ثلاثة من السادة بسحنة شاحبة إلى هناك، ذاهبون إلى نفس المكان، فعلى الرفيق أن يتوقف في الطابق الثاني ويقرع باب الطبيب ويستفسر عن ساعات الاستشارة. المراقبون (الشرطة) مروا.

إذا كان الثوري مطاردا في أحد شوارع بتروغراد، وعلى وشك أن يمسك به الجمهور، يرجع فجأة إلى عتبة باب ثم يلوح بجسم أسود في قبضته، ويصرخ "احذروا القنبلة!" فيتحرك المطاردون إلى الوراء، ويختفي المطارد في الممر، وإذا كان للمنزل مخرجان، يهرب، والقنبلة لم تكن إلا قبعته ملفوفة ككرة!

في بلد تحظر فيه جميع الأدبيات الشيوعية، يدخل بائع الكتب مذكرات جون روكفلر: "كيف أصبحت مليارديرا"، ابتداء من الصفحة الرابعة، يوجد نص لينين: "على طريق الانتفاضة".

8) أقصى التوصيات

الحذر من هوس المؤامرات ومن التظاهر بالاطلاع والمعرفة، والمظاهر الغامضة والتهويل من أشياء بسيطة، ومن المواقف "التآمرية".

 إن أعظم فضيلة لدى الثوري هي البساطة وحتى ازدراء الظهور بمظهر ... "ثوري"، وقبل كل شيء تآمري.

 

ترجمة أحمد الشرقاوي

 

الحلقة الخامسة بصيغة PDF ـ اضغط على صورة الغلاف أسفله

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.